المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الثَّالِثُ: الإجَاْزَةُ قوله: 440 - ثُمَّ الإِجَازَةُ تَلىِ السَّمَاعَا … وَنُوِّعَتْ لِتِسْعَةٍ - مفتاح السعيدية في شرح الألفية الحديثية

[ابن عمار المالكي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌شكر وعرفان

- ‌مقدمة الدراسة والتحقيق

- ‌اسمه ونسبه ولقبه وكنيته ومذهبه:

- ‌مولده ونشأته وطلبه للعلم:

- ‌مشايخه:

- ‌تدريسه وأعماله:

- ‌رحلاته:

- ‌مصنفاته:

- ‌علومه وأوصافه:

- ‌وفاته:

- ‌نظمه:

- ‌المبحث الثانيمنهج المصنف في كتابه

- ‌المبحث الثالث

- ‌الإضافة التي نقدمها بنشر هذا الكتاب

- ‌المبحث الرابعرموز المصنف

- ‌المبحث الخامسإثبات نسبة الكتاب إلى مصنفه

- ‌المبحث السادستسمية الكتاب

- ‌صور من النسخة الخطية

- ‌أقسام الحديث

- ‌أَصَحُّ كُتُبِ الْحَدِيْثِ

- ‌الصَّحِيْحُ الزَّائِدُ عَلَى الصَّحِيْحَيْنِ

- ‌الْمُسْتَخْرَجَاتُ

- ‌مَرَاتِبُ الصَّحِيْحِ

- ‌حُكْمُ الصَّحِيْحَيْنِ والتَّعْلِيْق

- ‌نَقْلُ الْحَدِيْثِ مِنَ الكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ

- ‌القِسْمُ الثَّانِي: الْحَسَنُ [

- ‌القِسْمُ الثَّالِثُ: الضَّعِيْفُ

- ‌الْمَرْفُوْعُ

- ‌الْمُسْنَدُ

- ‌الْمُتَّصِلُ وَالْمَوْصُوْلُ

- ‌الْمَوْقُوْفُ

- ‌الْمَقْطُوْعُ

- ‌فُرُوْعٌ

- ‌الْمُرْسَلُ

- ‌الْمُنْقَطِعُ وَالْمُعْضَلُ

- ‌الْعَنْعَنَةُ

- ‌تَعَارُضُ الْوَصْلِ وَالإِرْسَالِ، أَو الرَّفْعِ وَالوَقْفِ

- ‌التَّدْلِيْسُ

- ‌الشَّاذُّ

- ‌الْمُنْكَرُ

- ‌الاعْتِبَارُ وَالْمُتَابَعَاتُ وَالشَّوَاهِدُ

- ‌زِيَادَةُ الثِّقَاتِ

- ‌الأَفْرَادُ

- ‌الْمُعَلَّلُ

- ‌الْمُضْطَرِبُ

- ‌الْمُدْرَجُ

- ‌الْمَوْضُوْعُ

- ‌الْمَقْلُوْبُ

- ‌تنبيهات

- ‌مَعْرِفَةُ مَنْ تُقْبَلُ رُوَايَتُهُ وَمَنْ تُرَدُّ

- ‌مَرَاتِبُ التَّعْدِيْلِ

- ‌مَرَاتِبُ الجَرْح

- ‌مَتَى يَصحُّ تَحَمُّلُ الْحَدِيْثِ أوْ يُسْتَحَبُّ

- ‌أَقْسَامُ التَّحَمُّلِ، وأوَّلُهَا: سَمَاعُ لَفْظِ الشَّيْخِ

- ‌الثَّاْنِي: القِرَاءَةُ عَلَى الشَّيْخِ

- ‌تَفْرِيْعَاتٌ

- ‌الثَّالِثُ: الإجَاْزَةُ

- ‌لَفْظُ الإِجَازَةِ وَشَرْطُهَا

- ‌الرَّاْبِعُ: الْمُنَاوَلَةُ

- ‌كَيْفَ يَقُوْلُ مَنْ رَوَى بِالمُنَاولَةِ وَالإِجَاْزَةِ

- ‌الْخَامِسُ: الْمُكَاتَبَةُ

- ‌السَّادِسُ: إِعْلَامُ الشَّيْخِ

- ‌السَّابِعُ: الوَصِيَّةُ بالكِتَابِ

- ‌الثَّامِنُ: الوِجَادَةُ

- ‌كِتَابَةُ الْحَدِيْثِ وضَبْطُهُ

- ‌الفصل الأول:

- ‌الْمُقَابَلَةُ

- ‌تَخْرِيْجُ السَّاقِطِ

- ‌التَّصْحِيْحُ والتَّمْرِيْضُ، وَهو التَّضْبِيْبُ

- ‌الكَشْطُ والْمَحْوُ والضَّرْبُ

- ‌العَمَلُ في اخْتِلَافِ الرُّوَايَاتِ

- ‌الإِشَارَةُ بالرَّمْزِ

- ‌مَعْرِفَةُ الصَّحَابَةِ

- ‌مَعْرِفَةُ التَّابِعِينَ

- ‌رِوَايةُ الأَكَابِرِ عَنِ الأَصاغِرِ

- ‌رِوَايَةُ الأَقْرَانِ

- ‌الأُخْوَةُ والأَخَوَاتُ

- ‌رِوَايَةُ الآبَاءِ عَنِ الأبْنَاءِ وَعَكْسُهُ

- ‌السَّابِقُ واللَاّحِقُ

- ‌مَنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَاّ رَاوٍ وَاحِدٌ

- ‌مَنْ ذُكِرَ بِنُعُوتٍ مُتَعَدِّدةٍ

- ‌أَفْرَادُ العَلَمِ

- ‌الأَسْمَاءُ والكُنَى

- ‌الأَلْقَابُ

- ‌الْمُؤْتَلِفُ والمُخْتَلِفُ

- ‌المتفق والمفترق

- ‌تلخيص المتشابه

- ‌المشتبه المقلوب

- ‌من نُسِبَ إلى غير أبيه

- ‌المنسوبون إلى خلاف الظاهر

- ‌المبهمات

- ‌تأريخ الرواة والوفيات

- ‌معرفة الثقات والضعفاء

- ‌معرفة من اختلط من الثقات

- ‌طبقات الرواة

- ‌الموالي من العلماء والرواة

- ‌أوطان الرواة وبلدانهم

الفصل: ‌ ‌الثَّالِثُ: الإجَاْزَةُ قوله: 440 - ثُمَّ الإِجَازَةُ تَلىِ السَّمَاعَا … وَنُوِّعَتْ لِتِسْعَةٍ

‌الثَّالِثُ: الإجَاْزَةُ

قوله:

440 -

ثُمَّ الإِجَازَةُ تَلىِ السَّمَاعَا

وَنُوِّعَتْ لِتِسْعَةٍ أَنْوَاعَا

441 -

ارْفَعُهَا بِحَيْثُ لَا مُنَاولَهْ

تَعْيِيْنُهُ الْمُجَازَ وَالْمُجْازَ لَهْ

442 -

وَبَعْضُهُمْ حَكَى اتِّفَاقَهُمْ عَلَى

جَوَازِ ذَا، وَذَهَبَ (الْبَاجِيْ) إِلَى

443 -

نَفْي الْخِلَافِ مُطْلَقَاً، وَهْوَ غَلَطْ

قال: وَالاخْتِلَافُ فِي الْعَمَلِ قَطْ [89 - ب]

444 -

وَرَدَّهُ الشَّيْخُ بأَِنْ للشَّافِعِي

قَوْلَانِ فِيْهَا ثُمَّ بَعْضُ تَابِعي

445 -

مَذْهَبِهِ (الْقَاضِي حُسَيْنٌ) مَنَعَا

وَصَاحِبُ (الْحَاوي) بِهِ قَدْ قَطَعَا

446 -

قَالَا كَشُعْبَةٍ وَلَو جَازَتْ إِذَنْ

لَبَطْلَتْ رِحْلَةُ طُلَاّبِ السُّنَنْ

447 -

وَعَنْ (أبي الشَّيْخِ) مَعَ (الْحَرْبِيِّ)

إِبْطَالُهَا كَذَاكَ (لِلسِّجْزِيِّ)

448 -

لَكِنْ عَلى جَوَازِهَا اسْتَقَرَّا

عَمَلُهُمْ، وَالأَكْثَرُوْنَ طُرَّا

449 -

قَالُوا بِهِ، كَذَا وُجُوْبُ الْعَمَلِ

بِهَا، وَقِيْلَ: لَا كَحُكْمِ الْمُرْسَل

الشرح: هذا الطريق الثالث من أقسام التحمُّل والأخذ: الإجازة المجرَّدة، وهي دون السماع.

وقوله: «ونُوِّعَت» (خ) يعني أنها على تسعة أنواعٍ، أرفعها وأعلاها إجازة

ص: 244

معين لمعين، كأجزتُكَ البخاري مثلاً، أو أجزتُ فلاناً جميع ما اشتملت عليه فهرستي، ونحو ذلك، فهذا أعلى أنواع الإجازة المجرَّدة عن المناولة.

فقوله: «تعيينُه» مرفوعٌ على الخبر لقوله: «أرفعُهَا» . وقوله: «المُجَاز» هو بضم الميم منصوبٌ بـ «تعيينه» ، وكذا «المجاز له» .

وقوله: «وبعضُهُم» (خ) يعني أن عياضاً حكى عن بعضهم الاتفاق على جواز الرواية بالإجازة.

وقوله: «وذَهَبَ» (خ) يعني أن الباجي نقل الاتفاق مطلقاً عن السلف والخلف، وادعى فيها الإجماع، ولم يُفَصِّل.

وقوله: «والاختلاف» (خ) يعني أن الباجي قَصَرَ الخلاف على العمل بها فقط، لا على جواز الرواية [90 - أ] بها.

قلت: «والبَاجِي» بالباء الموحدة، وبعده ألف، فجيمٌ، نسبةً إلى باجَة مدينة بالأندلس، وهو أبو الوليد سليمان بن خَلف المالكي الحافظ الأديب الفقيه الشاعر المتكلم، رحل إلى المشرق، وسمع بمكة من أبي ذر الهروي، وبالعراق من جماعة أبي الطيب الطبري رئيس الشافعية، وأبي إسحاق الشيرازي، ودرس الكلام بالموصل على أبي جعفر السمناني عاماً كاملاً، فأقام بالمشرق نحو ثلاثة عشر عاماً ثم رجع إلى الأندلس، فدرس وألَّف ونزل بسرقسطة على فقرٍ متقعٍ (1)، وخمول، وكان يكتب الشروط، ثم توسل إلى السلطان وعرفه وأقبل الناس عليه فكان يقول متعجباً من حاله: عجباً للناس

(1) كذا، ولعل صوابها: مدقع.

ص: 245

كأنهم لم يعلموا أني من أهل العلم، فلما عرفني السلطان ونهض بي أقبلوا عليَّ، يَحِقُّ لكل عالمٍ أن يتعرف بالسلطان.

ولي القضاء في بعض الثغور بالأندلس ثم تضرَكَهُ، ومِنْ شعره:

إذا كنت أعلمُ علماً يقيناً

بأن جميع حياتي كساعه

فلِمَ لا أكون ضنيناً بها

واجعلها في صلاح وطاعه

وقوله: «وهو غلط» يعني أن الباجي غُلِّطَ في ذلك، كما نص ابن الصلاح، وخالفه جماعاتٌ من المحدثين والفقهاء والأصوليين، فمنعوا الرواية بها، وهو إحدى الروايتين عن الشافعي، وقطع به من أصحابه [90 - ب] القاضيان حسين والماوردي، وعزاه في «الحاوي» إلى مذهب الشافعي، وقالا جميعاً كما قال شعبة: لو جازت الإجازة لبطلت الرحلة. وأَبْطَلَهَا من المحدثين: إبراهيم الحربي، وأبو الشيخ، والسِّجْزي، والدَّبَّاس أبو طاهر من الحنفية، والخُجَنْدي أبو بكر محمد من الشافعية، وحكاه الآمدي عن أبي حنيفة وأبي يوسف.

وقوله: «لكن» (خ) يعني أن الذي استقرَّ عليه العمل، وقال به الجماهير من المحدثين وغيرهم: القول بجواز الإجازة، والرواية بها، ووجوب العمل بالمروي بها، خلافاً لبعض الظاهرية ومَنْ تابعهم فمنع العمل بها كالحديث المرسل، وأبطله ابن الصلاح.

فقوله: «ولو جازت إذن» ، قلت:«إذن» بالنون مرسومة، هو مذهب المبرِّد والأكثرين، وفيها خلافٌ أشرنا إليه في كتابنا «الكافي المُغْنِى في شرح المغني» نفع الله تعالى به.

ص: 246

قال أبو حيان: ووجد بخط الشيخ بهاء الدين بن النحاس رحمه الله تعالى ما نصه: وجدتُ بخط عالي بن عثمان بن جني: حكى أبو جعفر النَّحَّاس قال: سمعت علي بن سليمان يقول: سمعت أبا العباس محمد بن يزيد يقول: أشتهي أن أكوي يَدَ مَنْ كَتَبَ «إذَن» بالألف؛ لأنها مثل «أن» و «لن» ، ولا يدخل التنوين في الحروف. انتهى.

وقوله: «لبطلت رحلة» . قلت: الرحلة بكسر الراء: الارتحال [91 - أ].

وقوله: «وعن أبي الشيخ» قلت هو بفتح الشين المعجمة، وإسكان المثناة تحته، وبعده خاء معجمة، وهو الإمام عبد الله بن محمد الأصبهاني.

وقوله: «مع الحربي» هو إبراهيم.

وقوله: «كذاك للسِّجْزي» . قلت: هو بكسر السين المهملة، وإسكان الجيم، وبعده زاي، نسبةً إلى سجستان على غير قياسٍ، وهو أبو نصر الوائلي.

وقوله: «طُرًّا» قلت: هو بضم الطَّاء، وتشديد الراء المهملتين، أي: جميعاً.

وقوله:

450 -

وَالثَّانِ: أَنْ يُعَيِّنَ الْمُجَازَ لَهْ

دُوْنَ الْمُجَازِ، وَهْوَ أَيْضَاً قَبِلَهْ

451 -

جُمْهُوْرُهُمْ رِوَايَةً وَعَمَلَا

وَالْخُلْفُ أَقْوَى فِيْهِ مِمَّا قَدْ خَلَا

الشرح: هذا النوع الثاني من أنواع الإجازة، وهو أن يُعَين الشخص المجاز له دون الكتاب المجاز، فيقول: أجزت لك جميع مسموعاتي، أو مروياتي، ونحوه.

ص: 247

والجمهور على جواز الرواية بها، ووجوب العمل، ولكن الخُلْف في هذا النوع أقوى منه في النوع الأول.

وقوله:

452 -

وَالثَّالِثُ: التَّعْمِيْمُ فِي الْمُجَازِ

لَهُ، وَقَدْ مَالَ إِلى الْجَوَاز

453 -

مُطْلَقَاً (الْخَطِيْبُ)(وَابْنُ مَنْدَهْ)

ثُمَّ (أبو الْعَلَاءِ) أَيْضَاً بَعْدَهْ

454 -

وَجَازَ لِلْمَوْجُوْدِ عِنْدَ (الطَّبَرِيْ)

وَالشَّيْخُ لِلإِْبْطَالِ مَالَ فَاحْذَر

الشرح: النوع الثالث من أنواع الإجازة إجازة العموم: كقولك: أجزتُ المسلمين، أو لمن أَدْرَكَ زماني، ونحوه.

واختلفوا في هذه [91 - ب]: فَجَوَّزَهَا الخطيبُ مطلقاً، وفَعَلَه ابنُ منده أبو عبد الله فقال: أجزتُ لمن قال: لا إله إلا الله. وحكى الحازمي عَمَّن أدركه من الحُفَّاظ كأبي العلاء الحسن بن أحمد العَطَّار الهَمْدَاني وغيره أنهم كانوا يميلون إلى الجواز.

وقوله: «وجاز» (خ) يعني: أن الطَّبَري أبا الطَّيِّب جَوَّزَهَا لجميع المسلمين مَنْ كان منهم موجوداً عند الإجازة.

وقوله: «والشيخ» (خ) يعني ابن الصلاح قال: لم نَرَ ولم نسمع عن أحدٍ ممن يُقْتَدَى به استعمل هذه الإجازة فروى بها، ولا عن الشِّرْذِمَة المتأخرة الذين سَوَّغُوها، والإجازة في أصلها ضعفٌ، وتزداد بهذا التوسع والاسترسال ضعفاً كثيراً لا ينبغي احتماله.

ص: 248

قال ابن جماعة: وفيما قاله نظر. وجَّهَهُ شيخُنا (ن) فقال (1): أجازها جماعة منهم أبو الفضل بن خيرون البغدادي، والقاضي ابن رُشد من كبار علماء المذهب عند المالكية، والسِّلَفي، ورجحه ابنُ الحاجب، وصححه النووي من زياداته في «الروضة» قال: وأفردها بالتصنيف (2) على حروف المعجم لكثرتهم الحافظُ أبو جعفر محمد بن أبي البدر الكاتب البغدادي، وحَدَّثَ بها ابنُ خيرٍ الحافظ الأشبيلي، وبأخَرَةٍ الدمياطي بإجازته العامة من المؤيد الطوسي.

وسمع بها من الحفاظ: المزي، والذهبي، والبرزالي أبو محمد على الركن الطَّاووسي بإجازته العامة من الصيدلاني أبي جعفر وغيره.

قال (3): وقرأتُ بها عدة أجزاء [92 - أ] على الوجيه عبد الرحمن العوفي بإجازته العامة من عبد اللطيف بن القُبَّيْطي وآخرين من البغداديين والمصريين، وفي النفس من ذلك شيءٌ، وأنا أتوقفُ عن الرواية بها، وأهل الحديث يقولون: إذا كتبتَ فَقَمِّش، وإذا حدثتَ ففتش. انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

وقوله:

455 -

وَمَا يَعُمُّ مَعَ وَصْفِ حَصْرِ

كَالْعُلَمَا يَوْمَئِذٍ بِالثَّغْر

456 -

فَإِنَّهُ إِلى الْجَوَازِ أَقْرَبُ

قُلْتُ (عِيَاضٌ) قالَ: لَسْتُ أَحْسِبُ

(1)(1/ 419).

(2)

أي: جمع من أجاز هذه الإجازة العامة في تصنيف مستقل.

(3)

أي الناظم في شرحه (1/ 420).

ص: 249

457 -

فِي ذَا اخْتِلَافَاً بَيْنَهُمْ مِمَّنْ يَرَى

إِجَازَةً لِكَوْنِهِ مُنْحَصِرَا

الشرح: يعني أن الإجازة العامة إذا قُيِّدَت بوصفٍ حاصرٍ فهذا إلى الجواز أقرب. كقوله: «أجزتُ لمن هو الآن من طَلَبَةِ العِلْم ببلدِ كَذَا، ولمَنْ قرأ علي قبل هذا» .

قال عياض: فما أحسبهم اختلفوا في جوازه ممن تصح عنده الإجازة، ولا رأيت منعه لأحدٍ؛ لأنه محصورٌ موصوفٌ، كقوله: لأولاد فلان، أو أخوة فلان.

وقوله:

458 -

وَالرَّابعُ: الْجَهْلُ بِمَنْ أُجِيْزَ لَهْ

أو مَا أُجِيْزَ كَأَجَزْتُ أَزْفَلَهْ

459 -

بَعْضَ سَمَاَعاِتي، كَذَا إِنْ سَمَّى

كِتَاباً أو شَخْصَاً وَقَدْ تَسَمَّى

460 -

بِهِ سِوَاهُ ثُمَّ لَمَّا يَتَّضِحْ

مُرَادُهُ مِنْ ذَاكَ فَهْوَ لَا يَصِحْ

461 -

أَمَّا الْمُسَمَّوْنَ مَعَ الْبَيَانِ

فَلَا يَضُرُّ الْجَهْلُ بِالأَعْيَان

462 -

وَتَنْبَغِي الصِّحَّةُ إِنْ جَمَلَهُمْ

مِنْ غَيْرِ عَدٍّ وَتَصَفُّحٍ لَهُمْ [92 - ب]

الشرح: النَّوْع الرابع من أنْوَاع الإجازة: الإجازة للمجهول أو بالمجهول، فالأول أن يقول أجزتُ لجماعةٍ من الناس مسموعاتي، والثاني: أجزتُ لك بعض مسموعاتي.

وقوله: «كأجزتُ» (خ) جَمَعَ في مثال واحد الجهل فيهما.

و «الأزفلة» بفتح الهمزة، وإسكان الزاي، وفتح الفاء، وبعده لامٌ مفتوحة، فهاء تأنيث: الجماعة من الناس، ومنه إن عائشة أَرْسَلَت إلى أزفلة من الناس،

ص: 250

في قصة خطبة عائشة في فضل أبيها.

وقوله: «كذا» (خ) من أمثلة هذا النوع أن يُسَمِّى شخصاً تسمى به غير واحد ذلك الوقت: كأجزت لمحمد بن خالدٍ الدمشقي، أو يُسمي كتاباً: كأجزتُ فلاناً كتاب «السُّنن» وهو يروي عِدَّة كتب تُعْرَف بالسُّنن ولم يَتَّضِح مراده في المسألتين، فهذه إجازة باطلة لا فائدة فيها.

وقوله: «أما المُسَمُّون» (خ) يعني إذا اتضح مرادَه بقرينة بأن قيل له: أجزتَ لمحمد بن خالد بن علي بن محمود الدمشقي؟ -مثلاً بحيث لا يلتبس-، فقال: أجزتُ لمحمد بن خالد الدمشقي. أو قيل له: أجزتَ لي رواية «السُّنَن» لأبي داود؟ فقال: أجزتُ لك روايةً السُّنَن. فالظاهر صحتها.

وكذا إذا سَمَّى الشيخ المسئول منه المجاز له مع البيان المزيل للاشتباه، إلا أن الشيخ لا يعرف المسئول له بل يجهل عينه، فلا يَضُرُّ ذلك والإجازة صحيحة.

وقوله: «وتنبغي» (خ) يعني أنه إذا سئل الشيخ الإجازة لجماعةٍ مسمَّين [93 - أ] مع البيان في الاستدعاء جرياً للعادة، فأجاز لهم من غير معرفة بهم، ولم يعرف عددهم، ولا تصفح أسماءهم واحداً واحداً، فينبغي الصحة، كما يَصِحُّ سماعُ مَنْ سمع منه على هذا الوصف.

وقوله:

463 -

وَالْخَامِسُ: التَّعْلِيْقُ فِي الإِجَازَهْ

بِمَنْ يَشَاؤُهَا الذَّيِ أَجَازَهْ

464 -

أو غَيْرُهُ مُعَيَّنَاً، وَالأُولَى

أَكْثَرُ جَهْلاً، وَأَجَازَ الْكُلَاّ

ص: 251

465 -

مَعاً (أبو يَعْلَى) الإِمَامُ الْحَنْبَلِيْ

مَعَ (ابْنِ عَمْرُوْسٍ) وَقَالَا: يَنْجَلِي

466 -

الْجَهْلُ إِذْ يَشَاؤُهَا، وَالظَّاهِرُ

بُطْلَانُهَا أَفْتَى بِذَاك (طَاهِرُ)

467 -

قُلْتُ: وَجَدْتُ (ابنَ أبي خَيْثَمَةِ)

أَجَازَ كَالَّثانِيَةِ الْمْبُهَمَة

468 -

وَإِنْ يَقُلْ: مَنْ شَاءَ يَرْوِي قَرُبَا

وَنَحْوَهُ (الأَزْدِي) مُجِيْزَاً كَتَبَا

469 -

أَمَّا: أَجَزْتُ لِفُلَانٍ إِنْ يُرِدْ

فَالأَظْهَرُ الأَقْوَى الْجَوَازُ فَاعْتَمِدْ

الشرح: هذا النوع الخامس من أنواع الإجازة: الإجازة المعلقة بالمشيئة والتعليق قد يكون مع إبهام المجاز أو تعيينه، وقد يُعَلَّق بمشيئة المجاز أو بمشيئة غيره معيناً، وقد يكون لنفس الإجازة، وقد يكون للرواية بالإجازة.

فأما تعلقها بمشيئة المجاز مبهماً كأن يقول: من شاء أن أجيز له فقد أجزت له.

وأما تعليقها بمشيئة غير المجاز فإن كان المعلق بمشيئته مبهماً فهذه باطلة قطعاً، نحو: أجزتُ لمن شاء بعض الناس أن يروي عني. وإن [93 - ب] كان معيناً كقوله: من شاء فلانٌ أن أجيز له فقد أجزته.

وقوله: «والأولى» (خ) يعني: أن التعليق بمشيئة المجاز مبهماً أكثر في الجهل من التعليق بمشيئة غير المجاز معيناً.

وقوله: «وأجاز» (خ) يعني: من ذَكَرَ أجاز هذا النوع بأسره؛ لأن الجهالة ترتفع بالمشيئة.

وأبو يعلى هذا هو الإمام محمد بن الحسين بن الفراء.

ص: 252

وابن عَمْرُوس بفتح العين المهملة، وإسكان الميم، وبعده راء مهملة مضمومة، فواوٌ ساكنةٌ، فسين مهملة، وهو أبو الفضل محمد بن عبيد الله بن عَمْرُوس المالكي، حدث عن المخلص وغيره، وكان إماماً في المذهب، ومتقدِّماً في علم الكلام على مذهب الأشعري، وقُبِلَت شهادته، انتهى.

وقوله: «والظاهر» (خ) قال ابن الصلاح: والظاهر أنه لا يَصِحُّ، وبذاك أفتى القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري لما سأله الخطيب عن ذلك، وعلل بأنه إجازةٌ لمجهول، كقوله: أجزت لبعض الناس.

وقوله: «قلت» (خ) هذا من الزيادة على ابن الصلاح، وهو أن جماعة من أئمة الحديث المتقدمين والمتأخرين استعملوا هذا، ومن المتقدمين: أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة زُهير بن حرب صاحب ابن معين، وصاحب «التاريخ» فقال ابن الوَزَّان الإمام أبو الحسين محمد: ألفيتُ بِخَطِّ ابن أبي خيثمة: قد أجزتُ لأبي زكريا يحيى بن مسلمة أن يروي [94 - أ] عني ما أَحَبَّ من كتاب «التاريخ» الذي سمعه مِنِّي أبو محمد القاسم بن الأصبغ، ومحمد بن عبد الأعلى، كما سمعاه مِنِّي، فأذنت له في ذلك، ولمن أحب من أصحابه، فإن أحب أن تكون الإجازة لأحدٍ بعد هذا فأنا أجزتُ له ذلك بكتابي هذا، وكتب أحمد بن أبي خيثمة بيده في شوال من سنة ست وسبعين ومائتين.

وقوله: «وإن يقل» (خ) يعني: إذا كان المعلَّق هو الرواية، كقوله: أجزت لمن شاء الرواية عني أن يروي عني.

وقوله: «قَرُبَا» بضم الراء، معناه: قَرُب من التصريح بما يقتضيه الإطلاق والحكاية للحال، لا أنه تعليقٌ حقيقةً، وبَنى على هذا ابن الصلاح إجازة:

ص: 253

بعتك هذا بكذا إن شئت. فيقول: قبلت.

وفَرَّقَ بينهما (ن) بتعيين المبتاع هنا، بخلافه في الإجازة، فإنه مبهمٌ ووِزَان الفرع في الإجازة أن يقول: أجزتُ لك أن تروي عني إن شئت الرواية عني، بخلاف المثال الذي ذكره، فالتعليق وإن لم يضره فالجهالة تبطله.

وقوله: «الأزدي» (خ) يعني أنه وُجِدَ بخط أبي الفتح الأزدي: أجزتُ رواية ذلك لجميع من أَحَبَّ أن يروي عني ذلك.

وقوله: «أما أجزت» (خ) يعني أن تعليق الرواية مع التصريح بالمجاز له وتعيينه كقوله: أجزتُ لك كذا وكذا إن شئت روايته عني، أو أجزت لك إن شئت أن تروي [94 - ب] عني، ونحو ذلك، فالأظهر الأقوى جوازه.

فقوله: «إن يُرِد» أي: الرواية، لقوله قبل «من شاء يروي» .

قال (ن)(1): ويجوز أن يُراد الأمران، أي: إن أراد الرواية أو الإجازة.

وقوله:

470 -

وَالسَّادِسُ: الإِذْنُ لِمَعْدُوْمٍ تَبَعْ

كَقَوْلِهِ: أَجَزْتُ لِفُلَانِ مَعْ

471 -

أَوْلَادِهِ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهْ

حَيْثُ أَتَوْا أَوْ خَصَّصَ الْمَعْدُوْمَ بِهْ

472 -

وَهْوَ أَوْهَى، وَأَجَازَ الأَوَّلَا

(ابْنُ أبي دَاوُدَ) وَهْوَ مُثِّلَا

473 -

بِالْوَقْفِ، لَكِنْ (أَبَا الطَّيِّبِ) رَدْ

كِلَيْهِمَا وَهْوَ الصَّحِيْحُ الْمُعْتَمَدْ

(1)(1/ 425).

ص: 254

474 -

كَذَا أبو نَصْرٍ. وَجَازَ مُطْلَقَا

عِنْدَ الْخَطِيْبِ وَبِهِ قَدْ سُبِقَا

475 -

مِنِ ابْنِ عُمْرُوْسٍ مَعَ الْفَرَّاءِ

وَقَدْ رَأَى الْحُكْمَ عَلى اسْتِوَاء

476 -

فِي الْوَقْفِ في صِحَّتِهِ مَنْ تَبِعَا

أَبَا حَنِيْفَةَ وَمَالِكَاً مَعَا

الشرح: النوع السادس من أنواع الإجازة: الإجازة للمعدوم، وهي على قسمين:

الأول: كقوله: أجزتُ لمن يولد لفلانٍ، أو لفلان، ولولده، وعقبِهِ ما تناسلوا، ونحوه. وفَعَلَهُ أبو بكر عبد الله بن أبي داود و [قد] (1) سُئل الإجازة فقال: أجزت لك، ولأولادك، ولحبل الحبلة. يعني الذين لم يولدوا بعد.

وقوله: «أو خَصَّص» (خ) هذا القسم الثاني من قسمي هذا النوع، وهو: أن يخصَّص المعدوم بالإجازة من غير عطفٍ عل موجودٍ، كقوله: أجزت لمن يولد لفلان. وهو [95 - أ] أضعف من الأول، والأول أقرب إلى الجواز، وشُبِّه بالوقف على المعدوم، وأجازه الشافعية في الأول دون الثاني.

وقوله: «لكن» (خ) يعني أن الطبري فيما حكاه الخطيب عنه مَنَعَ صحة الإجازة للمعدوم مطلقاً.

وقوله: «كذا أبو نصرٍ» يعني أن ابن الصَّبَّاغ بَيَّنَ بطلانها.

وقوله: «وجاز مُطلقاً» (خ) يعني أن الخطيب أجازها مطلقاً، وحكاه عن أبي يعلى، وابن عمروس.

(1) زيادة من المصدر.

ص: 255

قال القاضي عياض: وعليه مُعْظَم الشيوخ المتأخرين، وبه استمر عَمَلُهم بعدُ شرقاً وغرباً.

وقوله: «وقد» (خ) يعني أن الخطيب حكى عن مالك وأبي حنيفة جواز الوقف على المعدوم وإن لم يكن أصله موجوداً حال الإيقاف، كأن يقول: وقفت هذا على من يولد لفلان، وإن لم يكن وَقَفَهُ على فلان.

وقوله:

477 -

وَالسَّاِبعُ: الإِذْنُ لِغَيْرِ أَهْلِ

لِلأَخْذِ عَنْهُ كَافِرٍ أو طِفْل

478 -

غَيْرِ مُمَيِزٍ وَذَا الأَخِيْرُ

رَأَى (أبو الطَّيِّبِ) وَالْجُمْهُوْرُ

479 -

وَلَمْ أَجِدْ فِي كَافِرٍ نَقْلاً، بَلَى

بِحَضْرَةِ (الْمِزِّيِّ) تَتْرَا فُعِلا

480 -

وَلَمْ أَجِدْ فِي الْحَمْلِ أَيْضَاً نَقْلَا

وَهْوَ مِنَ الْمَعْدُوْمِ أولَى فِعْلَا

481 -

وَ (لِلْخَطِيْبِ) لَمْ أَجِدْ مَنْ فَعَلَهْ

قُلْتُ: رَأَيْتُ بَعْضَهُمْ قَدْ سَأَلَهْ

482 -

مَعْ أبويْهِ فَأَجَازَ، وَلَعَلْ

مَا اصَّفَّحَ الأَسماءَ فِيْهَا إِذْ فَعَلْ

483 -

وَيَنْبَغِي الْبِنَا عَلى مَا ذَكَرُوْا

هَلْ يُعْلَمُ الْحَمْلُ؟ وَهَذَا أَظْهَرُ [95 - ب]

الشرح: هذا النوع السابع من أنواع الإجازة: الإجازة لمن ليس بأهل حين الإجازة للأداء والأخذ عنه.

وقوله: «كافرٍ» (خ) لم يذكر ابن الصلاح إلا الصبي، وزاد (ن) هنا الكافر.

فأما الصبي فلا يخلو إما أن يكون مميزاً أولاً، فإن كان فالإجازة صحيحة كسماعه، وإن كان الثاني فاختُلِف فيه، فذهب الجمهور والطبري أبو الطيب

ص: 256

إلى الجواز، وحكى الخطيب عن بعض الشافعية المنع.

وقوله: «ولم أجد في كافر» (خ) يعني: أن الإجازة للكافر لم نَجِد فيها نقلاً وإن صَحَّ سماعه، إلا أن شخصاً (1) من الأطباء بدمشق ممن رأيته بدمشق ولم أسمع عليه يقال له: محمد بن عبد السيد بن الدَّيَّان، سمع الحديث في حال يهوديته على أبي عبد الله محمد بن عبد المؤمن الصوري، وكتب اسمه في طَبَقَة السماع مع السامعين، وأجاز ابن عبد المؤمن لمن سمع وهو من جملتهم، وكان السماع والإجازة بحضور الحافظ المزي أبي الحجاج يوسف، وبعض السماع بقراءته وذلك في غير ما جزء، فلولا أن المزي يرى جواز ذلك ما أَقَرَّ عليه، ثُمَّ هدى الله اليهودي للإسلام، وحدث، وسمع منه أصحابنا.

وقوله: «لغير أهل» يدخل تحته الإجازة للمجنون وهي صحيحة، وللفاسق وللمبتدع والظاهر جوازها.

وقوله: «ولم أجد في الحمل» (خ) يعني: أن (ن) رحمه الله تعالى قال (2): لم أجد أيضاً [96 - أ] نقلاً في الإجازة للحَمْل غير أن الخطيب قال: لم نَرَهُم أجازوا لمن لم يكن مولوداً في الحال. ولم يتعرض لكونه إذا وقع يصح أو لا.

وقوله: «وهو» (خ) يعني: أنه أولى بالصحة من المعدوم، والخطيب يرى صحتها للمعدوم.

(1) هذا من كلام الناظم في شرحه (1/ 429).

(2)

(1/ 429).

ص: 257

وقوله: «قلت» يعني أن (ن) قال (1): رأيت بعض شيوخنا المتأخرين سُئل الإجازة لحملٍ بعد ذكر أبويه قبله وجماعة معهم، فأجاز فيها، وهو الحافظ أبو سعيد العلائي.

وقوله: «ولعل» (خ) يعني أَنَّ من عَمَّمَ الإجازة للحمل وغيره أعلم وأحفظ وأتقن، إلا أنه يُقال: لعله ما اصَّفَّح أسماء الإجازة حتى يعلم هل فيها حمل أم لا، فقد جوزوا الإجازة ولو لم يتصفح الشيخ المجيز أسماء الجماعة المسئول لهم الإجازة.

وقوله: «وينبغي» يعني أنه ينبغي بناء الحكم في الإجازة للحمل على الخلاف في أن الحمل هل يُعْلَم أم لا، فإن قلنا: لا يُعْلَم، فكالإجازة للمعدوم، وفيه الخلاف، وإن قلنا: يُعْلَم، وهو الأصح -قال (2): كما صَحَّحَهُ الرَّافعي- صَحَّت الإجازة.

قال: ومعنى «يُعْلَم» أن يُعامل معاملة المعلوم، قال (3): وإلا فقد قال إمام الحرمين: لا خلاف أنه لا يُعْلَم، وجزم به الرافعي.

وقوله: «وهذا أظهر» ، يعني: أن الحمل يُعْلَم.

وقوله:

484 -

وَالثَّامِنُ: الإِذْنُ بِمَا سَيَحْمِلُهْ

الشَّيْخُ، وَالصَّحِيْحُ أَنَّا نُبْطِلُهْ

(1)(1/ 429).

(2)

(1/ 430).

(3)

(1/ 430).

ص: 258

485 -

وبعضُ عَصْرِيِّ عِيَاضٍ بَذَلَهْ

وَ (ابْنُ مُغِيْثٍ) لَمْ يُجِبْ مَنْ سَأَلَهْ [96 - ب]

486 -

وَإِنْ يَقُلْ: أَجَزْتُهُ مَا صَحَّ لَهْ

أو سَيَصِحُّ، فَصَحِيْحٌ عَمِلَهْ

487 -

(الدَّارَقُطْنِيُّ) وَسِواهُ أوحَذَفْ

يَصِحُّ جَازَ الكُلُّ حَيْثُمَا عَرَفْ

الشرح: النوع الثامن من أنواع الإجازة: إجازة ما سيحمله (1) المجيز مما لم يسمعه قبل ذلك ولم يتحمله، فيرويه المجاز له بعد أن يتحمله المجيز.

وقوله: «وبعض» (خ) يعني أن عياضاً قال في «الإلماع» : لم نر مَنْ تَكَلَّم عليه من المشايخ، ورأيت بعضَ المتأخرين والعَصْرِيين يصنعونه، إلا أني قرأت في «فهرست أبي مروان عبد الملك بن زيادة الله الطُّبْنِي» قال: كنت عند القاضي بقرطبة أبي الوليد يونس بن مغيث، فجاءه إنسانٌ فسألَهُ الإجازة له بجميع ما رواه إلى تاريخها، وما يرويه بعد، فلم يُجبه إلى ذلك، فَغَضِبَ السائلُ، فنظر إليَّ يونس، فقلت له: يا هذا يعطيك ما لم يأخذ؟ هذا محال. فقال يونس: هذا جوابي. قال عياض: وهذا هو الصحيح.

فقوله: «وابن مُغيث» قلت: هو بضم الميم، وكسر الغين المعجمة، وبعده ياء مثناة تحت ساكنة، فثاء مثلثة، هو مَنْ ذُكِر: قاضي الجماعة بقرطبة، وصاحب الصلاة والخطبة بجامعها، ويُعرف بابن الصفار، كَتَبَ إليه من المشرق الدارقطني وجماعة، وهو من أهل العلم بالحديث والفقه، كثير الرواية، وافر الخط من عِلْم اللغة والعربية، صَحِبَ الصَّالحين، من تَوَاليفه كتاب «التسلِّي عن [97 - أ] الدنيا بتأمل خبر الآخرة» ، رحمه الله، ونفع بعلومه.

(1) في الأصل: يستحمله. وما أثبتناه من المصدر.

ص: 259

والخلاف في ذلك مبني على أن الإجازة هل الإخبار بالمجاز جملةً أو إذنٌ؟ فعلى الأول لا يَصِحُّ إذ لا يُخْبِر بما ليس عنده، وعلى الثاني فمبني على الإذن في الوكالة بما لم يملكه الآذنُ بعد.

قال (ن)(1): وأجازه بعض الشافعية، والصحيح البطلان، قال: وصوبه النووي.

وقوله: «وإن يَقُل» (خ) يعني إذا قال: أجزتُ له ما صَحَّ ويَصِحُّ عنده من مسموعاتي فصحيحة، وفعله الدارقطني وغيره.

وقوله: «أو حَذَف يصح» (خ) يعني أنه لو قال له: أجزتُ ما صح عنده من مسموعاتي، ولم يَقُل:«ويَصِحُّ» فله الرواية.

وقوله: «جاز الكل» أي: ما عُرِفَ حالة الأداء أنه سماعه.

وقوله: «بَذْلَهُ» هو بذال معجمة، أي: أعطاه لمن سأله.

وقوله:

488 -

وَالتَّاسِعُ: الإِذْنُ بِمَا أُجِيْزَا

لِشَيْخِهِ، فَقِيْلَ: لَنْ يَجُوْزَا

489 -

وَرُدَّ، وَالصَّحِيْحُ: الاعْتِمَادُ

عَلَيْهِ قَدْ جَوَّزَهُ النُّقَّاْدُ

490 -

أبو نُعَيْمٍ، وَكَذَا ابْنُ عُقْدَهْ

وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَنَصْرٌ بَعْدَهْ

491 -

وَالَى ثَلَاثَاً بإِجَازَةٍ وَقَدْ

رَأَيْتُ مَنْ وَالَى بِخَمْسٍ يُعْتَمَدْ

(1)(1/ 432).

ص: 260

492 -

وَيَنْبَغِي تَأَمُّلُ الإِجازَهْ

فحيثُ شَيْخُ شَيْخِهِ أَجَاْزَهْ

493 -

بَلِفْظِ مَا صَحَّ لَدَيْهِ لَمْ يُخَطْ

مَا صَحَّ عِنْدَ شَيْخِهِ مِنْهُ فَقَطْ

الشرح: النوع التاسع من أنواع الإجازة: إجازة المُجَاز مثل: أجزتُ [97 - ب] لك مجازاتي ونحوه، فَمَنَعَ جوازه الحافظُ أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي من شيوخ ابن الجوزي، وصَنَّفَ جزءاً في منع ذلك، وحكاه الحافظ أبو علي البَرَدَاني بفتح الموحدة، والدال المهملة، وبعده ألف، فنون، عن بعض منتحلي الحديث وما سَمَّاه.

وقوله: «ورُد» (خ) يعني القول بالمنع، والصحيح المعتمد عليه جوازه، وقطع به الدارقطني، وأبو نعيم، وابن عُقدة، وفعله الحاكم في «تاريخه» .

وقوله: «ونَصْرٌ» (خ) هو بالرفع مبتدأ خبره «والى» أي بين ثلاث أجايز. ويجوز عطف «ونصرٌ» على «الدارقطني» .

وقوله: «وقد رأيت» (خ) يعني أن (ن) قال (1): رأيتُ في كلام غير واحد من الأئمة وأهل الحديث الزيادة على ثلاث أجايز، فرووا بأربع أجايز متواليةٍ، وبخمس. وروى الحلبي عبد الكريم في «تاريخ مصر» عن عبد الغني بن سعيد الأزدي: خَمْسِ أجايز متوالية في عِدَّة مواضع.

وقوله: «وينبغي» (خ) يعني أنه ينبغي لمن يَرْوي بالإجازة عن الإجازة أن يتأمَّل كيفيةَ إجازة شيخ شيخه لشيخه ومقتضاها، حتى لا يروي بها ما لم يندرج تحتها، فربما قَيَّدَهَا بعضهم بما صَحَّ عند المجاز، أو بما سمعه المجيز

(1)(1/ 434).

ص: 261

فقط، أو بما حَدَّث من مسموعاته، أو غير ذلك.

وكان ابنُ دقيق العيد لا يجيز رواية سماعه، بل يُقيده بما حدث به من مسموعاته.

قال (ن)(1): هكذا [98 - أ] رأيته بخطه في عِدَّة إجازات، ولم أر له إجازةً تشمل مسموعه، و [ذلك](2) أنه كان يَشُكُّ في بعض سماعاته فلم يُحَدِّث به، ولم يجزه، وهو سماعه على ابن المُقَيَّر فَمن حَدَّثَ عنه بإجازته منه بشيء مما حَدَّثَ به من مسمُوعاته فهو غير صحيح.

وقوله: «وابن عُقدة» .

قلت: هو بضم العين المهملة، وإسكان القاف، وبعده دال مهملة، فهاء تأنيث، هو أبو العباس، يشتبه بعكب بن عُبْدَة بالباء الموحدة بدل القاف أحد شهود علي يوم الحكمين، انتهى.

وقوله: «ونصر» . قلت: بفتح النون، وإسكان الصاد المهملة، هو الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي، قال محمد بن طاهر: سمعته ببيت المقدس يروي بالإجازة عن الإجازة، وربما تابع بين ثلاث منها.

(1) 1/ 436).

(2)

زيادة من المصدر.

ص: 262