الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُرْسَلُ
قوله:
120 -
مَرْفُوعُ تَابعٍ عَلى المَشهُوْرِ
…
مُرْسَلٌ أو قَيِّدْهُ بِالكَبِيْر
121 -
أوْ سَقْطُ رَاوٍ مِنْهُ ذُوْ أقْوَالِ
…
وَالأوَّلُ الأكْثَرُ في استِعْمَال
الشرح: المرسل في حَدِّه أقوال:
أحدها: أنه ما رفعه التابعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم كبيراً كان التابعي كعبيد الله بن عدي بن الخيار، وابن المسيب، ومثلهما، أو صغيراً كالزهري، وأبي حازمٍ، ومثلهما، وهذا هو المشهور.
وقوله: «أو قيده» (خ) هذا هو القول الثاني، وهو ما رفعه التابعي الكبير إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فهو مرسل باتفاقٍ، بخلاف مراسيل صغار التابعين فمنقطعة لا مرسلة على هذا القول.
تنبيه: وجعل ابن الصلاح من الصغار الزهري، وقوله (1): «إنه لم يَلْقَ من الصحابة إلا واحداً أو اثنين، رَدَّهُ (ن) فإنه لقي اثني عشر صحابياً فأكثر: ابن عمر، وأنس، وسهل، وربيعة بن عِبَاد -بكسر العين، وتخفيف الموحدة-، [25 - ب] وعبد الله بن جعفر، والسائب بن يزيد، وسُنَين أبو جَميلة، وعبد
(1) أي: ابن الصلاح.
الله بن عامرٍ، وأبو الطفيل، ومحمود بن الربيع، والمسور، وعبد الرحمن بن أزهر، انتهى.
وقوله: «أو سقط راوٍ» (خ) هذا هو القول الثالث، وهو: ما سقط راوٍ من إسناده فأكثر، من أي موضع كان، وعليه فاتحد المرسل والمنقطع.
قلت: فقوله: «ذو أقوال» خبر عن قوله «مرسل» انتهى.
وقوله: «والأول» (خ)، يعني أن أكثر ما يوصف بالإرسال من حيث الاستعمال القول الأول، وقطع الحاكم وغيره من المحدثين بخصوصه بالتابعين.
وقوله:
122 -
وَاحتَجَّ (مَاِلِكٌ) كَذا (النُّعْمَانُ)
…
وَتَابِعُوْهُمَا بِهِ وَدَانُوْا
الشرح: يعني أن مالكاً وأبا حنيفة وأتباعهما ذهبوا إلى الاحتجاج بالمرسل والتدين به، وهو معنى قوله:«ودانوا» .
قلت: والنعمان هو أبو حنيفة بن ثابت الإمام العالم العامل الخواف من الله تعالى.
قال الشافعي رضي الله عنه: قيل لمالك رضي الله عنه: هل رأيت أبا حنيفة؟ فقال: نعم رأيت رجلاً لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهباً لقام بحجته.
ونبهت على ذلك خشية أن يلتبس بأبي حنيفة النعمان صاحب المعز وقاضيه، وكان مالكي المذهب ثم انتقل إلى مذهب الإمامية، وصنف
[26 - أ] كتاب «ابتداء الدعوة» للعبيديين، وكتاب «اختلاف الفقهاء» ينتصر فيه لأهل البيت رضي الله عنهم.
وقوله:
123 -
وَرَدَّهُ جَمَاهِرُ النُّقَّادِ؛
…
لِلجَهْلِ بِالسَّاقِطِ في الإسْنَاد
124 -
وَصَاحِبُ التَّمهيدِ عَنهُمْ نَقَلَهْ
…
وَ (مُسْلِمٌ) صَدْرَ الكِتَابِ أصَّلَهْ
الشرح: يعني أن صاحب «التمهيد» ابن عبد البر حَكَى في مقدمته عن جماعة من أصحاب الحديث عدم الاحتجاج به، وكذا نص مسلمٌ في أول «صحيحه» ، قائلاً:«المرسل في أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحُجَّة» ، انتهى.
وقوله: «أَصَّله» قَصَد به الرد على ابن الصلاح، حيث أطلق نقله عن مسلم، ومسلمٌ إنما ذكره في أثناء كلام خصمه الذي رد عليه اشتراط ثبوت اللقاء فقال:«فإن قال: قُلْتُه .. » إلى آخر كلامه.
وقوله: «للجهل» (خ) اللام تتعلق بقوله «وَرَدَّهُ» يعني أن الجماهير رَدُّوا المرسل لما كان في شرط الحديث الصحيح ثقة رجاله، والمرسل سقط منه رجل جُهِلَ حالُه، فَعُدِم معرفةُ بعض رواته.
وقوله:
125 -
لَكِنْ إذا صَحَّ لَنَا مَخْرَجُهُ
…
بمُسْنَدٍ أو مُرْسَلٍ يُخْرِجُهُ
126 -
مَنْ لَيْسَ يَرْوِي عَنْ رِجَالِ الأوَّلِ
…
نَقْبَلْهُ، قُلْتُ: الشَّيْخُ لَمْ يُفَصِّل
الشرح: يعني أن المرسل يُحتج به إذا أُسند من وجه آخر، أو [26 - ب] أرسله من أخذ العلم عن غير رجال المرسِل الأول.
وقوله: «نقبْله» قال (ن)(1): مجزوم جواباً للشرط على مذهب الأخفش والكوفيين كقول الشاعر:
إذا تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ فاصْبِر لَهَا
…
وإذا تُصِبْك خَصَاصَةٌ فَتَجَمَّل
قلت: لا أعرف هذا النحوي (2) ونصوص مشاهير النحويين أن ذلك لا يكون إلا في الشعر، وظاهر كلام ابن مالكِ بأَخَرةٍ في نص «التسهيل» أنه يجوز الجزم بها في قليل من الكلام، ولا يختص بالشعر، وهو ظاهر كلام ابنه في الشرح لهذا الموطن انتهى.
وقوله: «قلت» (خ)، يعني أن من الزوائد على الشيخ ابن الصلاح الاعتراض عليه لما حكى كلام الشافعي رضي الله تعالى عنه فأطلق القول عن الشافعي أنه يقبل مطلق المرسل إذا تأكد بما ذَكَره، والشافعي إنما يقبل مراسيل كبار التابعين إذا تأكدت مع وجود الشرطين المذكورين في النظم كما نص عليه الشافعي في «الرسالة» ، وروى كلام الشافعي كذلك الخطيب في «الكفاية» ، والبيهقي في «المدخل» بإسناديْهِما الصَّحِيْحَيْن إليه، تَحَصَّل منه أن الشافعي يقبل مراسيل كبار التابعين إذا انضم إليها ما يؤكدها سواءً كان مرسل ابن المسيب أو غيره.
(1)(1/ 208).
(2)
كذا، ولعل مقصوده أنه لا يعرف نسبة هذا الكلام للأخفش، وإلا فالأخفش إمامٌ لغوي شهير.
قال البيهقي: وقد ذكرنا مراسيل لابن المسيب لم يقل بها الشافعي حين لم ينضم إليها ما يؤكدها [27 - أ]، ومراسيل لغيره قال بها حين انضم إليها ما يؤكدها.
وأما قول القفال المروزي في «شرح التلخيص» قال الشافعي في «الرهن الصغير» : «مرسل ابن المسيب عندنا حجة» فمحمول على ما قاله البيهقي.
وقوله:
127 -
و (الشَّافِعِيُّ) بِالكِبَارِ قَيَّدَا
…
وَمَنْ رَوَى عَنِ الثِّقاتِ أبَدَا
128 -
وَمَنْ إذا شَارَكَ أهْلَ الحِفْظِ
…
وَافَقَهُمْ إلاّ بِنَقْصِ لَفْظ
الشرح: يعني كما قررنا أن الشافعي ما أطلق كما أطلق الشيخ بل قصد ما قررناه.
وقوله: «ومن روى» (ح) يعني: ومن روى ما أرسله عن الثقات، أو من روى مطلقاً عن الثقات المراسيل وغيرها، وعبارة الشافعي تحتمل ذلك، ويبقى النظر في أيهما أرجح حملاً لكلام (ن) على أرجح محملي كلام الشافعي.
وقوله: «ومن إذا» (خ) يعني: أن الشافعي قَيَّدَ في لفظه قبول المرسل بأن يكون إذا سَمَّى من روى عنه لم يُسم مجهولاً ولا مرغوباً عن الرواية عنه، ويكون إذا شرك أحداً من الحفاظ في حديثه لم يخالفه، فإن خالفه بأن وجد حديثه أنقص كانت في هذه دلائل على صحة مخرج حديثه، قال: ومتى خالف ما وصفت أضَرَّ بحديثه حتى لا يسع أحداً قبول مرسله، إلى آخر كلام الشافعي رضي الله عنه.
وقوله:
129 -
فَإنْ يُقَلْ: فَالمُسْنَدُ المُعْتَمَدُ
…
فَقُلْ: دَلِيْلانِ بِهِ يُعْتَضَدُ [27 - ب]
الشرح: يعني إن قيل: المرسل إذا أسند من وجه آخر قُبِل والاعتماد على كونه مسنداً ولا حاجة للإرسال.
فيُجَاب بأن المسند وسيلةٌ للإرسال، ومُصَحِّحٌ له، فصارا دليلين يُرَجَّح بهما عند معارضة (1) دليلٍ واحد، والضمير المجرور بالياء يعود إلى «المُسْنَد» .
وقوله:
130 -
وَرَسَمُوا مُنْقَطِعاً عَنْ رَجُلِ
…
وَفي الأصُوْلِ نَعْتُهُ: بِالمُرْسَل
الشرح: يعني أنه إذا جاء إسنادٌ عن رجلٍ، أو عن شيخ، ونحوه، فهل هو منقطع أو مرسل؟ فقال الحاكم: منقطع لا مرسل. وكذا قال ابن القطان في كتاب «البيان» .
وقال إمام الحرمين في «البرهان» : مرسل، قال وكذلك كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم التي لم يُسَم حاملها. وكذا نص صاحب «المحصول» أنه مرسل. فهذا معنى قوله «وفي الأصول» ، أي أصول الفقه.
وحكى (ن)(2) عن غير واحد من أهل الحديث أنه متصل في إسناده مجهول، قال: وحكاه الرشيدُ العَطَّار في «الغُرَر المجموعة» عن الأكثرين،
(1) في الأصل: المعارضة. خطأ.
(2)
(1/ 213).
واختاره شيخنا الحافظ أبو سعيد العلائي في كتاب «جامع التحصيل» . انتهى.
وقوله:
131 -
أمَّا الَّذِي أرْسَلَهُ الصَّحَابِيْ
…
فَحُكمُهُ الوَصْلُ عَلى الصَّوَابِ [28 - أ]
الشرح: يعني أن مراسيل الصحابة حكمها حكم الموصول، ولم يذكر ابن الصلاح خلافاً في مرسل الصحابي.
قال (ن)(1): ولم يذكر ابن الصلاح خلافاً في مرسل الصحابي، وفي بعض كتب الأصول للحنفية أنه لا خلاف في الاحتجاج به، وتعقبه قائلاً عن الإسفراييني أبي إسحاق:«إنه لا يحتج به» .
(1)(1/ 213).