الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
30 - بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي الطَّاعُونِ
(باب: ما يذكر في الطاعون) هو بثر مؤلم جدًّا يخرج غالبا في الإباط مع لهب واسوداد حواليه وخفقان القلب والقيء، وقال الجوهري: هو الموت من الوباء، وصاحب "القاموس": هو الوباء؛ وقال ابن شيبان: هو مادة سُميه تحدث ورمًا قتالًا يحدث في المواضع الرخوة والمغابن من البدن، وأغلب ما يكون تحت الإبط أو خلف الإذن أو عند الأرنبة، قال: والوباء: فساد جوهر الهواء الذي هو مادة الروح ومدده؛ وظاهره: أن بين الطاعون والوباء تغاير، أو أن الطاعون أخص وظاهر كلام "القاموس" أن بينهما ترادفًا وموافقة وظاهر قول ابن سينا: أن كلًّا منهما يطلق على الآخر، والحق ما أفاده شيخنا: إن الطاعون أخصّ من الوباء؛ لأنه طعن الجن، والوباء بالمد والقصر: المرض العام لخبر "الصحيحين": عن أبي هريرة: "على أبواب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال"(1) مع خبرهما عن عائشة قالت: قدمنا المدينة وهي أوبأ أرض الله .. الحديث، وفيه: قول بلال: اللهم العن شيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، وأمية بن خلف كما أخرجونا من أرضنا إلى أرض الوباء (2)، فلو كان الطاعون هو الوباء لتعارض الخبران، وهذا لا ينافي إطلاق أحدهما على الآخر مجازًا (3) كما يعلم مما يأتي.
(1) سبق برقم (1880) كتاب: فضائل المدينة، باب: لا يدخل الدجال المدينة.
و"صحيح مسلم"(1379) كتاب: الحج، باب: صيانة المدينة من دخول الطاعون والدجال إليها.
(2)
سبق برقم (1889) كتاب: فضائل المدينة، باب: كراهية أن تعرى المدينة.
و"صحيح مسلم"(1376) كتاب: الحج، باب: الترغيب في سكنى المدينة.
(3)
انظر: "الفتح" 10/ 180.
5728 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: أَخْبَرَنِي حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، قَال: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ، قَال: سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، يُحَدِّثُ سَعْدًا، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:"إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوهَا، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا مِنْهَا" فَقُلْتُ: أَنْتَ سَمِعْتَهُ يُحَدِّثُ سَعْدًا، وَلَا يُنْكِرُهُ؟ قَال: نَعَمْ؟.
[انظر: 3473 - مسلم: 2218 - فتح 10/ 178]
(يحدث سعدًا) أي: ابن أبي وقاص. (فقلت: أنت سمعته يحدث سعدًا) أي: قال حبيب: قلت لإبراهيم: أنت سمعته، أي: أسامة يحدث سعدًا، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
5729 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الخَطَّابِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه، خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِسَرْغَ لَقِيَهُ أُمَرَاءُ الأَجْنَادِ، أَبُوعُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ وَأَصْحَابُهُ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ الوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِأَرْضِ الشَّأْمِ. قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقَال عُمَرُ: ادْعُ لِي المُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ، فَدَعَاهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّأْمِ، فَاخْتَلَفُوا، فَقَال بَعْضُهُمْ: قَدْ خَرَجْتَ لِأَمْرٍ، وَلَا نَرَى أَنْ تَرْجِعَ عَنْهُ، وَقَال بَعْضُهُمْ: مَعَكَ بَقِيَّةُ النَّاسِ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَا نَرَى أَنْ تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الوَبَاءِ، فَقَال: ارْتَفِعُوا عَنِّي، ثُمَّ قَال: ادْعُوا لِي الأَنْصَارَ، فَدَعَوْتُهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ، فَسَلَكُوا سَبِيلَ المُهَاجِرِينَ، وَاخْتَلَفُوا كَاخْتِلافِهِمْ، فَقَال: ارْتَفِعُوا عَنِّي، ثُمَّ قَال: ادْعُ لِي مَنْ كَانَ هَا هُنَا مِنْ مَشْيَخَةِ قُرَيْشٍ مِنْ مُهَاجِرَةِ الفَتْحِ، فَدَعَوْتُهُمْ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ مِنْهُمْ عَلَيْهِ رَجُلانِ، فَقَالُوا: نَرَى أَنْ تَرْجِعَ بِالنَّاسِ وَلَا تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الوَبَاءِ، فَنَادَى عُمَرُ فِي النَّاسِ: إِنِّي مُصَبِّحٌ عَلَى ظَهْرٍ فَأَصْبِحُوا عَلَيْهِ. قَال أَبُوعُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ: أَفِرَارًا مِنْ قَدَرِ اللَّهِ؟ فَقَال عُمَرُ: لَوْ غَيْرُكَ قَالهَا يَا أَبَا عُبَيْدَةَ؟ نَعَمْ نَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ إِلَى قَدَرِ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ إِبِلٌ هَبَطَتْ وَادِيًا لَهُ عُدْوَتَانِ، إِحْدَاهُمَا خَصِبَةٌ، وَالأُخْرَى جَدْبَةٌ، أَلَيْسَ إِنْ رَعَيْتَ الخَصْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ؟ وَإِنْ
رَعَيْتَ الجَدْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ؟ قَال: فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ - وَكَانَ مُتَغَيِّبًا فِي بَعْضِ حَاجَتِهِ - فَقَال: إِنَّ عِنْدِي فِي هَذَا عِلْمًا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ" قَال: فَحَمِدَ اللَّهَ عُمَرُ ثُمَّ انْصَرَفَ.
[5730، 6973 - مسلم: 2219 - فتح 10/ 179]
(حتى إذا كان بسرغ) بفتح المهملة وسكون الراء وبمعجمة: قرية بوادي تبوك قريبة من الشام (1).
(فأخبروه أن الوباء) يعني: الطاعون. (من مشيخة قريش) بكسر المعجمة وسكون التحتية، قال بعضهم: أو بسكون المعجمة وفتح التحتية، وعلى التقديرين هو جمع شيخ. (من مهاجرة الفتح) بضم الميم وفتح الجيم، أي: الذين هاجروا إلى المدينة عام الفتح. (إني مصبح) بفتح الصاد وكسر الباء المشددة أي: مسافر في الصباح. (وعلى ظهر) أي: على ظهر الدابة راجعًا إلى المدينة. (فأصبحوا) راكبين. (عليه) أي: على الظهر متأهبين للرجوع. (أفرارًا؟) أي: أفنرجع فرارًا؟. (لو غيرك قالها) جواب (لو) محذوف أي: لأدبته لاعتراضه عليَّ في مسألة اجتهادية اتفق عليها الأكثر، أو لم أتعجب منه، وإنما أتعجب منك مع فضلك وعملك، أو هي للتمني فلا جواب لها. (عدوتان) بضم العين وكسرها وسكون الدال، أي: حافتان (خصيبة) بفتح المعجمة وسكون المهملة وكسرها أي: ذات خصب وكلإٍ. (جَدْبَه) بفتح الجيم وسكون المهملة وكسرها. (قال) أي: ابن عباس. (به) أي: بالطاعون. (بأرض) أي: فيها. (فحمد الله عمر) أي: على موافقة اجتهاده واجتهاد أصحابه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. (ثم انصرف) أي: راجعًا إلى المدينة.
(1) انظر: "معجم البلدان" 3/ 211 - 212.
5730 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ - أَنَّ عُمَرَ خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ، فَلَمَّا كَانَ بِسَرْغَ بَلَغَهُ أَنَّ الوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّأْمِ - فَأَخْبَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا، فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ".
[انظر: 5729 - مسلم: 2219 - فتح 10/ 179]
(أن الوباء) يعني: الطاعون. (إذا سمعتم به. .) إلخ النهي فيه للتحريم، وقيل: للتنزيه. وقد بسطت الكلام على ذلك في "تحفة الراغبين في بيان أمر الطواعين".
5731 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نُعَيْمٍ المُجْمِرِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَدْخُلُ المَدِينَةَ المَسِيحُ، وَلَا الطَّاعُونُ".
[انظر: 1880 - مسلم: 1379 - فتح 10/ 179]
(عن نعيم) أي: ابن عبد الله القرشي. (لا يدخل المدينة المسيح) أي: الدجال. (ولا الطاعون) أي: لأن كفار الجن وشياطينهم ممنوعون من دخولها، وجزم النووي في "أذكاره" بأنهما لا يدخلان مكة أيضًا.
5732 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، حَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ، قَالتْ: قَال لِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه: يَحْيَى بِمَ مَاتَ؟ قُلْتُ: مِنَ الطَّاعُونِ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ".
[انظر: 2830 - مسلم: 1916 - فتح 10/ 180]
(عبد الواحد) أي: ابن زياد العبدي. (عاصم) أي: ابن سليمان الأحول. (يحيى) هو ابن سيرين أخو حفصة، ومَرَّ الحديث في الجهاد (1).
(1) سبق برقم (2830) كتاب: الجهاد، باب: الشهادة سبع سوى القتل.