الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
83 -
كِتَابُ الأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ
1 - [باب] قَوْلُ اللَّه تَعَالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْو فِي أَيْمَانِكُمْ
وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (89)} [المائدة: 89].
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كتاب: الأيمان والنذور).
(الأيمان) جميع يمين: وهو تحقيق الأمر المحتمل، أو توكيده بذكر اسم من أسماء اللَّه تعالى، أو صفة من صفاته. (والنذور) جمع نذر وهو لغة: الوعد بخير أو شر، وشرعًا: التزام قربة غير لازمة بأصل الشرع.
(قول اللَّه) في نسخة: "باب قول اللَّه تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْو فِي أَيْمَانِكُمْ} " هو ما يسبق إليه اللسان من غير قصد نحو: لا والله، وبلى واللَّه. ({فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ}) بأن يملك كلًّا منهم مدًّا من حسب من غالب قوت بلده. وقوله:({وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ}) إلى آخره ساقط من نسخة، وقال بدله إلى قوله:({لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}).
6621 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ
عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه، لَمْ يَكُنْ يَحْنَثُ فِي يَمِينٍ قَطُّ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ كَفَّارَةَ اليَمِينِ، وَقَال:"لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَيْتُ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إلا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَكَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي".
[انظر: 4614 - فتح: 11/ 516].
(لم يكن يحنث) أي: لم يكن من شأنه أن يحنث، ولهذا ذكر الكون ولم يقل: لم يحنث لقصد امتناعه من ذلك. (لا أحلف على يمين) أي: بها أو على محلوفها. (فرأيت) أي: علمت. (وكفرت عن يميني) أي: عن حكمها وما يترتب عليها من الإثم.
6622 -
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ مُحَمَّدُ بْنُ الفَضْلِ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ، قَال: قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ، لَا تَسْأَلِ الإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُوتِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُوتِيتَهَا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ".
[6722، 7146، 7147 - مسلم: 1652 - فتح: 11/ 516].
(فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير) الواو لا تقتضي الترتيب فيجوز تقديم التكفير على إتيان المحلوف عليه وإن كان تأخيره أفضل واستثنى الشافعي من جواز تقديم التكفير بالصوم؛ لأنه عبادة بدنية فلا تقدم قبل وقتها كصوم رمضان، ووجه مناسبة هذه الجملة لما قبلها: أن الممتنع من الإمارة قد تؤدي به الحال إلى الحلف إلى عدم القبول مع كون المصلحة في ولايته.
6623 -
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ غَيْلانَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي رَهْطٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ أَسْتَحْمِلُهُ، فَقَال:"وَاللَّهِ لَا أَحْمِلُكُمْ، وَمَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ" قَال: ثُمَّ لَبِثْنَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ نَلْبَثَ، ثُمَّ أُتِيَ بِثَلاثِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى، فَحَمَلَنَا عَلَيْهَا، فَلَمَّا انْطَلَقْنَا قُلْنَا، أَوْ قَال بَعْضُنَا: وَاللَّهِ لَا يُبَارَكُ لَنَا، أَتَيْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَسْتَحْمِلُهُ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَحْمِلَنَا، ثُمَّ حَمَلَنَا، فَارْجِعُوا بِنَا
إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَنُذَكِّرُهُ، فَأَتَيْنَاهُ فَقَال:"مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ، بَلِ اللَّهُ حَمَلَكُمْ، وَإِنِّي وَاللَّهِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إلا كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي وَأَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ -أَوْ: أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي-".
[انظر: 3133 - مسلم: 1649 - فتح: 11/ 517].
(عن أبي بردة) هو الحارث بن أبي موسى الأشعري. (غرّ) جمع: أغر: وهو الأبيض الحسن. (الذرى) جمع ذروة بكسر المعجمة وضمها وذروة كل شيء: أعلاه، والمراد بالذرى هنا: الأسنمة. (أو أتيت الذي هو خير) شك من الراوي في تقديم (أتيت) على (كفرت) وبالعكس، أو تنويع منه صلى الله عليه وسلم، إشارة إلى جواز كل من الأمرين، ومرَّ الحديث في كتاب: الخمس (1).
6624 -
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَال: هَذَا مَا حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:"نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ".
[انظر: 238 - مسلم: 855 - فتح: 11/ 517].
(إسحاق بن إبراهيم) أي: ابن راهويه.
6625 -
وَقَال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "وَاللَّهِ، لَأَنْ يَلِجَّ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ فِي أَهْلِهِ، آثَمُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَنْ يُعْطِيَ كَفَّارَتَهُ الَّتِي افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ".
[انظر: 6626 - مسلم: 1655 - فتح: 11/ 517].
(لأن يلج) بفتح الياء واللام وكسرها وتشديد الجيم أي: لأن يصبر ويتمادى أحدكم بيمينه في أهله وهم يتضررون بعدم حنثه ولم يكن معصية. (آثم) بالمد أي: أكثر إثما له. (عند اللَّه من أن يعطي) أي: من أن يحنث. (ويعطي كفارته التي أفترض اللَّه عليه) أي: فينبغي له أن
(1) سبق رقم (3133) كتاب: فرض الخمس، باب: ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين.
يحنث ويكفر ليزيل ضرر أهله، إذ الحنث في اليمين أفضل من التمادي إذا كان في الحنث مصلحة، ومرَّ الحديث في الوضوء، والجمعة وغيرهما (1).
6626 -
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ يَعْنِي ابْنَ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنِ اسْتَلَجَّ فِي أَهْلِهِ بِيَمِينٍ، فَهُوَ أَعْظَمُ إِثْمًا، لِيَبَرَّ" يَعْنِي الكَفَّارَةَ.
[انظر: 6625 - مسلم: 1655 - فتح: 11/ 517].
(يعني ابن إبراهيم) ساقط من نسخة وهو الوجه؛ لأن ذلك لا يرفع الإبهام؛ لأن في مشايخ البخاري: إسحاق بن إبراهيم بن نصر، وإسحاق بن عبد الرحمن، وإسحاق بن إبراهيم الصواف، وإسحاق بن إبراهيم بن راهويه، فالوجه أنه ابن منصور كما نقله شيخنا (2) عن جزم أبي علي الغساني. (معاوية) أي: ابن سلام الحبشي. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير. (من استلج) أي: طلب يمين اللجاج بأن حلف على شيء كائن في أهله يضرهم. (فهو) أي: استمراره على يمينه. (أعظم إثما) أي: من حنثه. (ليبر) بلفظ أمر للغائب من البر أي: ليفعل البر أي: الخير بترك اللجاج. (يعني) أي: النبي بالبر الكفارة عن يمينه، وإنما فسره بذلك؛ لئلا يظن أن البر هو البقاء على اليمين، وذكر الأهل في الحديثين خرج مخرج الغالب وإلا فغيرهم مثلهم إذا وجد الضرر.
(1) سبق برقم (238) كتاب: الوضوء، باب: البول في الماء الدائم. وبرقم (876) كتاب: الجمعة، باب: فرض الجمعة. وبرقم (2956) كتاب: الجهاد والسير، باب: يقاتل من وراء الإمام.
(2)
"الفتح" 11/ 519.