الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رابع وخامس وهلم جرا، وليس كل أحد يصلح لذلك.
6543 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَال: قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَيَدْخُلَنَّ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا، أَوْ سَبْعُ مِائَةِ أَلْفٍ - شَكَّ فِي أَحَدِهِمَا - مُتَمَاسِكِينَ، آخِذٌ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، حَتَّى يَدْخُلَ أَوَّلُهُمْ وَآخِرُهُمُ الجَنَّةَ، وَوُجُوهُهُمْ عَلَى ضَوْءِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ".
[انظر: 3247 - مسلم: 219 - فتح: 11/ 406].
(شك) أي: أبو حازم.
6544 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: "يَدْخُلُ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، ثُمَّ يَقُومُ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ: يَا أَهْلَ النَّارِ لَا مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ الجَنَّةِ لَا مَوْتَ، خُلُودٌ".
[انظر: 6548 - مسلم: 2850 - فتح: 11/ 406].
6545 -
حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "يُقَالُ لِأَهْلِ الجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ خُلُودٌ لَا مَوْتَ، وَلِأَهْلِ النَّارِ: يَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ لَا مَوْتَ".
[فتح: 11/ 406].
(عن صالح) أي: ابن كيسان.
(قال: إذا دخل) في نسخة: "قال: يدخل". (خلود) بالرفع مصدر، أو جمع خالد أي: هذا الحال خلود.
51 - بَابُ صِفَةِ الجَنَّةِ وَالنَّارِ
وَقَال أَبُو سَعِيدٍ: قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الجَنَّةِ زِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ"[انظر: 6520]. {عَدْنٌ} [التوبة: 72]: "خُلْدٌ، عَدَنْتُ بِأَرْضٍ: أَقَمْتُ، وَمِنْهُ المَعْدِنُ {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ} [القمر: 55]: فِي مَنْبِتِ صِدْقٍ".
(باب: صفة أهل الجنة والنار) أي: بيانها. (كبد حوت) في
نسخة: "كبد الحوت". ({عَدْنٍ}) في قوله تعالى: {جَنَّاتِ عَدْنٍ} [التوبة: 72] أي: (خلد)، ويقال:(عدنت بأرض) أي: (أقمت) بها وهذا التفسير أخص من الأول. (فِي معدن صِدْقٍ) بكسر دال معدن أي. (في منبت صدق) في نسخة: " {فِي مَقْعَدِ} " بدل (في معدن).
6546 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنْ عِمْرَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:"اطَّلَعْتُ فِي الجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الفُقَرَاءَ، وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ".
[انظر: 3241 - مسلم: 2738 - فتح: 11/ 415].
(عوف) أي: ابن أبي جميلة. (عن أبي رجاء) هو عمران العطاردي. (عن عمران أي: ابن الحصين.
(اطلعت في الجنة) ضمن (أطلعت) معنى: تأملت فعداه بـ (في). (فرأيت) أي: علمت، ومرَّ الحديث في بدء الخلق والنكاح (1).
6547 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:"قُمْتُ عَلَى بَابِ الجَنَّةِ، فَكَانَ عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا المَسَاكِينَ، وَأَصْحَابُ الجَدِّ مَحْبُوسُونَ، غَيْرَ أَنَّ أَصْحَابَ النَّارِ قَدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ، وَقُمْتُ عَلَى بَابِ النَّارِ فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا النِّسَاءُ".
[انظر: 5196 - مسلم: 2736 - فتح: 11/ 415].
(إسماعيل) أي: ابن علية. (سليمان) أي: ابن طرخان (عن أبي عثمان) هو عبد الرحمن بن مل النهدي. (عن أسامة) أي: ابن زيد.
(الجد) بفتح الجيم هنا أي: الغني والحظ، أما بكسرها فهو: الاجتهاد وضد الهزل. وبضمها: ساحل البحر بمكة والبئر في موضع كثير الكلإٍ (محبوسون) أي: ممنوعون مع الفقراء لأجل الحساب، ومرَّ
(1) سبق برقم (3241) كتاب: بدء الخلق، باب: ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة. وبرقم (5198) كتاب: النكاح، باب: كفران العشير.
الحديث في الزكاة، وهذا الحديث والذي قبله ساقطان من نسخة.
6548 -
حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا صَارَ أَهْلُ الجَنَّةِ إِلَى الجَنَّةِ، وَأَهْلُ النَّارِ إِلَى النَّارِ، جِيءَ بِالْمَوْتِ حَتَّى يُجْعَلَ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ يُذْبَحُ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ لَا مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ لَا مَوْتَ، فَيَزْدَادُ أَهْلُ الجَنَّةِ فَرَحًا إِلَى فَرَحِهِمْ، وَيَزْدَادُ أَهْلُ النَّارِ حُزْنًا إِلَى حُزْنِهِمْ".
[انظر: - مسلم: 2850 - فتح: 11/ 415].
(جئ بالموت) هو وإن كان عرضًا لا يوصف بالمجيء، لكن اللَّه جسمه على هيئة كبش أملح. (ثم يذبح) ذابحه: يحيى بن زكريا عليهما السلام بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: جبريل للَّه على باب الجنة. (حزنا إلى حزنهم) بضم المهملة وسكون الزاي فيهما، وفي نسخة: بفتحهما فيهما.
6549 -
حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى يَقُولُ لِأَهْلِ الجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ؟ فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ، فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، فَيَقُولُ: أَنَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالُوا: يَا رَبِّ، وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي، فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا".
[انظر: 7518 - مسلم: 2829 - فتح: 11/ 415].
(أحل) أي: أنزل.
6550 -
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُعَاويَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حُمَيْدٍ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسًا، يَقُولُ: أُصِيبَ حَارِثَةُ يَوْمَ بَدْرٍ وَهُوَ غُلامٌ، فَجَاءَتْ أُمُّهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَرَفْتَ مَنْزِلَةَ حَارِثَةَ مِنِّي، فَإِنْ يَكُ فِي الجَنَّةِ أَصْبِرْ وَأَحْتَسِبْ، وَإِنْ تَكُنِ الأُخْرَى تَرَى مَا أَصْنَعُ؟ فَقَال:"وَيْحَكِ، أَوَهَبِلْتِ، أَوَجَنَّةٌ وَاحِدَةٌ هِيَ؟ إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ، وَإِنَّهُ لَفِي جَنَّةِ الفِرْدَوْسِ".
[انظر: - مسلم: - فتح: 11/ 415].
(أبو إسحاق) هو إبراهيم (حميد) أي: الطويل.
(وإن تكن الأخرى) أي: النار (تر ما أصنع) أي: من الحزن الشديد. (ويحك) كلمة ترحم وإشفاق. (أو هبلت) أي: أفقدت عقلك؟ (لفي جنة الفردوس) هي أعلى الجنان.
6551 -
حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ، أَخْبَرَنَا الفَضْلُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا الفُضَيْلُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:"مَا بَيْنَ مَنْكِبَيِ الكَافِرِ مَسِيرَةُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ للرَّاكِبِ المُسْرِعِ".
[مسلم: 2852 - فتح: 11/ 415].
(الفضل) أي: ابن غزوان لا ابن عياض كما قيل. (عن أبي حازم) هو سلمان الأشجعي.
(ما بين منكبي الكافر مسيرة ثلاث أيام للراكب المسرع) وروي: خمسة أيام، وروي:"بين شحمة أذن أحدهم إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام"(1). وذلك لتعظيم عذابه ويضاعف ألمه.
6552 -
وَقَال إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَخْبَرَنَا المُغِيرَةُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"إِنَّ فِي الجَنَّةِ لَشَجَرَةً، يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا".
[مسلم: 2827 - فتح: 11/ 415].
6553 -
قَال أَبُو حَازِمٍ: فَحَدَّثْتُ بِهِ النُّعْمَانَ بْنَ أَبِي عَيَّاشٍ، فَقَال: حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:"إِنَّ فِي الجَنَّةِ لَشَجَرَةً، يَسِيرُ الرَّاكِبُ الجَوَادَ المُضَمَّرَ السَّرِيعَ مِائَةَ عَامٍ مَا يَقْطَعُهَا".
[مسلم: 2828 - فتح: 11/ 416].
(وهيب) أي: ابن خالد.
6554 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "لَيَدْخُلَنَّ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا، أَوْ سَبْعُ مِائَةِ أَلْفٍ، لَا يَدْرِي
(1) رواه أحمد 2/ 26.
أَبُو حَازِمٍ أَيُّهُمَا قَال - مُتَمَاسِكُونَ، آخِذٌ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، لَا يَدْخُلُ أَوَّلُهُمْ حَتَّى يَدْخُلَ آخِرُهُمْ، وُجُوهُهُمْ عَلَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ".
[انظر: 3247 - مسلم: 219 - فتح: 11/ 416].
(لا يدخل أولهم حتى يدخل آخرهم) بأن يدخلوا معًا صفًّا واحد فسقط ما قيل أن فيه دور التوقف دخول الأول على دخول الآخر وبالعكس نعم فيه دور معية لا محذور فيه، ومرَّ الحديث في الباب السابق (1).
6555 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:"إِنَّ أَهْلَ الجَنَّةِ لَيَتَرَاءَوْنَ الغُرَفَ فِي الجَنَّةِ، كَمَا تَتَرَاءَوْنَ الكَوْكَبَ فِي السَّمَاءِ".
[مسلم: 2830 - فتح: 11/ 416].
(عبد العزيز) أي: ابن أبي حازم.
6556 -
قَال أَبِي، فَحَدَّثْتُ بِهِ النُّعْمَانَ بْنَ أَبِي عَيَّاشٍ، فَقَال: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ، يُحَدِّثُ وَيَزِيدُ فِيهِ:"كَمَا تَرَاءَوْنَ الكَوْكَبَ الغَارِبَ فِي الأُفُقِ: الشَّرْقِيِّ وَالغَرْبِيِّ".
[انظر: 3256 - مسلم: 2831 - فتح: 11/ 416].
(الغارب) في نسخة: "الغابر" بتقديم الموحدة على الراء شبه رؤية الرائي في الجنة صاحب الغرفة برؤية الرائي الكوكب المضيء الباقي في جانب الشرق والغرب في الاستضاءة مع البعد، وعليه يحمل نسخة الغارب إذ ليس المراد منه غروبه، بل المراد: لازمه وهو البعد كما قاله الكرماني (2) وبذلك علم أن (الغابر) هنا بمعنا: الباقي وإن كان يستعمل فيه وفي الماضي، ومرَّ الحديث في بدء الخلق (3).
(1) سبق برقم (6543) كتاب: الرقائق، باب: يدخل الجنة سبعون ألفًا بغير حساب.
(2)
"البخاري بشرح الكرماني" 23/ 51.
(3)
سبق برقم (3256) كتاب: بدء الخلق، باب: ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة.
6557 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:"يَقُولُ اللَّهُ تَعَالى لِأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ: لَوْ أَنَّ لَكَ مَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ أَكُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ مِنْ هَذَا، وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ: أَنْ لَا تُشْرِكَ بِي شَيْئًا، فَأَبَيْتَ إلا أَنْ تُشْرِكَ بِي".
[انظر: 3334 - مسلم: 2805 - فتح: 11/ 416].
(أبي عمران) هو عبد الملك بن حبيب الجوني.
(لأهون أهل النار عذابًا) قيل: هو أبو طالب (1) ومعنى أهون: أسهل. (أن لا تشرك بي شيئًا) بفتح الهمزة بدل من (أهون من هذا). (فأبيت) أي: امتنعت، ومرَّ الحديث في باب {وَإِذْ قَال رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ} (2).
6558 -
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: "يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ بِالشَّفَاعَةِ كَأَنَّهُمُ الثَّعَارِيرُ"، قُلْتُ: مَا الثَّعَارِيرُ؟ قَال: "الضَّغَابِيسُ، وَكَانَ قَدْ سَقَطَ فَمُهُ" فَقُلْتُ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: أَبَا مُحَمَّدٍ سَمِعْتَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "يَخْرُجُ بِالشَّفَاعَةِ مِنَ النَّارِ" قَال: نَعَمْ.
[مسلم: 191 - فتح: 11/ 416].
(حماد) أي: ابن زيد. (عن عمرو) أي: ابن دينار.
(يخرج) أي: "قوم" كما في نسخة: (كأنهم الثعارير) بمثلثة فمهملة جمع ثعرور بالضم: كعصفور وهو صغار القثاء شبهوا بها؛ لسرعة نموها. وقيل: الشعارير بمعجمة بدل المثلثة. (قلت) أي: قال حماد لعمرو. (وما الثعارير؟ قال: الضغابيس) بمعجمتين وموحدة
(1) رواه مسلم (212) كتاب: الإيمان، باب: أهون أهل النار عذابًا.
(2)
سبق برقم (3334) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب:{وَإِذْ قَال رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} .
ومهملة جمع ضغبوس بالضم: وهو صغار القثاء أيضًا، وقيل: هو نبت في أصول الثمام بمثلثة مضمومة: نبت ضعيف له خوص، أو شبيه بالخوص قاله الجوهري (1). (وكان) أي: عمرو. (قد سقط فمه) أي: أسنانه فنطق بالشين مثلثة قال الكرماني: ولذلك لقب بالأثرم (2). (أبا محمد) أي: يا أبا محمد.
وفي الحديث: إبطال قول المعتزلة لا شفاعة في العصاة متمسكين بقوله تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48)} [المدثر: 48] وأجيب: بأن ذلك في الكفار.
6559 -
حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:"يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ بَعْدَ مَا مَسَّهُمْ مِنْهَا سَفْعٌ، فَيَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، فَيُسَمِّيهِمْ أَهْلُ الجَنَّةِ: الجَهَنَّمِيِّينَ".
[7450 - فتح: 11/ 416].
(همام) أي: ابن يحيى العوذي. (سفع) مهملتين بينهما فاء ساكنة: سواد فيه زرقة أو صفرة يقال: سفعته النار إذا لفحته فغيرت لون بشرته.
6560 -
حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: "إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، يَقُولُ اللَّهُ: مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ، فَيَخْرُجُونَ قَدْ امْتُحِشُوا وَعَادُوا حُمَمًا، فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرِ الحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ - أَوْ قَال: حَمِيَّةِ السَّيْلِ - " وَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَلَمْ تَرَوْا أَنَّهَا تَنْبُتُ صَفْرَاءَ مُلْتَويَةً؟ ".
[انظر: 22 - مسلم: 183، 184 - فتح: 11/ 416].
(موسى) أي: ابن إسماعيل. (وهيب) أي: ابن خالد.
(امتحشوا) بالبناء للمفعول، ويروى بالبناء للفاعل أي: احترقوا.
(1)"الصحاح" 3/ 942، 943 مادة:[ضغبس].
(2)
"البخاري بشرح الكرماني" 23/ 52.
(حمما) أي: فحما. (الحبة) بكسر المهملة: بذر العشب، أو البقلة الحمقاء. (في حميل السيل) أي: محموله: وهو ما جاء به من طين، أو غثاء. (أو قال: حمية) شك من الراوي. وحمي السيل بفتح المهملة وكسر الميم: جريه واشتداده. (صفراء ملتوية) هذا مما يزيد الرياحين حسنًا بتميله. والمعنى: فمن كان في قلبه مثقال حبة من إيمان، يخرج من ذلك النهر نضرا متبخترا كخروج هذه من جانب السيل صفراء متميلة ولسرعة نباتها يكون ما نبت منها ضعيفًا ولضعفه يكون أصفر ملتويًا ثم تشتد قوته قاله النووي (1)، ومر الحديث في كتاب: الإيمان (2).
6561 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ لَرَجُلٌ، تُوضَعُ فِي أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَةٌ، يَغْلِي مِنْهَا دِمَاغُهُ".
(أبا إسحاق) هو عمرو بن عبد اللَّه السبيعي.
(في أخمص قدميه) أي: فيما دخل في باطنها فلم يصب الأرض.
6562 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ رَجُلٌ، عَلَى أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَتَانِ، يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ كَمَا يَغْلِي المِرْجَلُ وَالقُمْقُمُ".
[انظر: 6561 - مسلم: 213 - فتح: 11/ 417].
(إسرائيل) أي: ابن يونس:
(المرجل) بكسر الميم وسكون الراء وفتح الجيم: القدر من النحاس. (والقمقم) إناء معروف من زجاج.
6563 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ
(1)"مسلم بشرح النووي" 3/ 38.
(2)
سبق برقم (22) كتاب: الإيمان، باب: تفاضل أهل الإيمان في الأعمال.
عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ النَّارَ فَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ فَتَعَوَّذَ مِنْهَا، ثُمَّ ذَكَرَ النَّارَ فَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ فَتَعَوَّذَ مِنْهَا، ثُمَّ قَال:"اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ".
[انظر: 1413 - مسلم: 1016 - فتح: 11/ 417].
(شعبة) أي: ابن الحجاج. (عن عمرو) أي: ابن مرة (عن خيثمة) أي: ابن عبد اللَّه الجعفي.
(فأشاح بوجهه) أي: صرفه، وقال ابن الأثير: المشيح: الحذر والجاد في الأمر (1)، ومرَّ الحديث في باب: من نوقش الحساب عذب (2).
6564 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ، فَقَال:"لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ، يَغْلِي مِنْهُ أُمُّ دِمَاغِهِ".
[انظر: 3885 - مسلم: 210 - فتح: 11/ 417].
(والدراوردي) هو عبد العزيز بن محمد نسبة إلى دراورد: قرية من قرى خراسان (3). (عن يزيد) أي: ابن عبد اللَّه بن الهاد.
(لعله تنفعه شفاعتي) هو مخصص لقوله تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48)} [المدثر: 48] أو محمول على التخفيف. (في ضحضاح من النار) هو ما رقَّ من الماء على وجه الأرض إلى نحو الكعبين فاستعير للنار. (أم دماغه) أي: أصله وما به موامه، وقيل: جليدة رقيقة تحيط بالدماغ، ومرَّ الحديث في باب: قصة أبي طالب (4).
(1)"النهاية في غريب الحديث والأثر" 2/ 517.
(2)
سبق برقم (6539) كتاب: الرقائق، باب: من نوقش الحساب عذب.
(3)
انظر: "معجم البلدان" 2/ 447.
(4)
سبق برقم (3885) كتاب: مناقب الأنصار، باب: قصة أبي طالب.
6565 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيَقُولُونَ: لَو اسْتَشْفَعْنَا عَلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا، فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ المَلائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، فَاشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّنَا. فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ، وَيَقُولُ: ائْتُوا نُوحًا، أَوَّلَ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ، فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ، ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ الَّذِي اتَّخَذَهُ اللَّهُ خَلِيلًا، فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ، ائْتُوا مُوسَى الَّذِي كَلَّمَهُ اللَّهُ، فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، فَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ، ائْتُوا عِيسَى فَيَأْتُونَهُ، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، ائْتُوا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم، فَقَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، فَيَأْتُونِي، فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي، فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُقَالُ لِي: ارْفَعْ رَأْسَكَ: سَلْ تُعْطَهْ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِي، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، ثُمَّ أُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ، وَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ فَأَقَعُ سَاجِدًا مِثْلَهُ فِي الثَّالِثَةِ، أَو الرَّابِعَةِ، حَتَّى مَا بَقِيَ فِي النَّارِ إلا مَنْ حَبَسَهُ القُرْآنُ " وَكَانَ قَتَادَةُ، يَقُولُ عِنْدَ هَذَا:"أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ الخُلُودُ".
6566 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ الحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:"يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَيَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، يُسَمَّوْنَ الجَهَنَّمِيِّينَ".
[فتح: 11/ 418].
(لو استشفعنا على ربنا) ضمن (استشفعنا) معنى: شفعنا، فعداه بـ (على) وجواب (لو) محذوف أي: لكان خيرًا، أو هي للتمني فلا جواب لها. (بيده) أي: بقدرته. (فسجدوا لك) أي: سجود خضوع لا سجود عبادة. (لست هنا كم) أي: في هذه المرتبة قاله تواضعًا. (أو رسول بعثه اللَّه) أي: بعد آدم وشيث وإدريس أو بناه على أنهم أنبياء لا رسل. (ويذكر خطيئته) هي في آدم: أكله من الشجرة، وفي نوح: دعوته
على قومه، وفي إبراهيم: معاريضه الثلاث، وفي موسى: قتله القبطي. قالوا ذلك؛ تواضعًا وهضمًا لنفوسهم وإلا ففي الحقيقة هم معصومون مطلقًا، ولم يذكر عيسى لنفسه خطيئة لكن في مسلم:"إني عبدت من دون اللَّه"(1)(ما شاء اللَّه) روي: "قدر جمعة"(2). (فيحد لي حدا) كأن يقول: شفعتك في من أخل بالجماعة، ثم فيمن أخل بالصلاة، ثم فيمن شرب الخمر، ثم فيمن زنى وهكذا. قال شيخنا كذا حكاه الطيبي، والذي يدل عليه سياق الأخبار أن المراد به: تفضيل مراتب المخرجين في الأعمال الصالحة كما وقع عند أحمد عن يحيى القطان عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في هذا الحديث بعينه (3). وأطال في بيان ذلك (4)، ويمكن رجوع ما قاله إلى ما حكاه الطيبي. (أي وجب عليه الخلود) أي: بنحو قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48] ومرَّ الحديث في تفسير سورة البقرة (5).
6567 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ أُمَّ حَارِثَةَ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ هَلَكَ حَارِثَةُ يَوْمَ بَدْرٍ، أَصَابَهُ غَرْبُ سَهْمٍ، فَقَالَتْ: يَا
(1) لم أجده في مسلم ولكن رواه الترمذي (3148) كتاب: تفسير القرآن، باب: ومن سورة بني إسرائيل.
وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وصححه الألباني في: "صحيح الترمذي".
(2)
"مسند أحمد" 1/ 4 - 5. وأبو يعلى 1/ 57 (56). وأبو عوانة 1/ 151 - 152 (443) كتاب: الإيمان، باب: في صفة الشفاعة.
وابن حبان 14/ 393 (6476) كتاب: التاريخ، باب: الحوض والشفاعة.
(3)
"فتح الباري" 11/ 437. والحديث في "مسند أحمد" 3/ 116.
(4)
انظر: "مسند أحمد" 3/ 116.
(5)
سبق برقم (4476) كتاب: التفسير، باب: قول اللَّه {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} .
رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْتَ مَوْقِعَ حَارِثَةَ مِنْ قَلْبِي، فَإِنْ كَانَ فِي الجَنَّةِ لَمْ أَبْكِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا سَوْفَ تَرَى مَا أَصْنَعُ؟ فَقَال لَهَا:"هَبِلْتِ، أَجَنَّةٌ وَاحِدَةٌ هِيَ؟ إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ، وَإِنَّهُ فِي الفِرْدَوْسِ الأَعْلَى".
[مسلم: 2809 - فتح: 11/ 418].
6568 -
وَقَال: "غَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ، أَوْ مَوْضِعُ قَدَمٍ مِنَ الجَنَّةِ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى الأَرْضِ لَأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا، وَلَمَلَأَتْ مَا بَيْنَهُمَا رِيحًا، وَلَنَصِيفُهَا - يَعْنِي الخِمَارَ - خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا".
[انظر: 44 - مسلم: 1880 - فتح: 11/ 418].
(غرب سهم) أي: لا يدري من رماه، ومرَّ الحديث أول الجهاد (1).
6569 -
حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ الجَنَّةَ إلا أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ لَوْ أَسَاءَ، لِيَزْدَادَ شُكْرًا، وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ إلا أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ لَوْ أَحْسَنَ، لِيَكُونَ عَلَيْهِ حَسْرَةً".
[فتح: 11/ 418].
(ليزداد شكرًا) استشكل بأن الجنة ليست دار شكر، بل دار جزاء، وأجيب: بأن الشكر ليس على سبيل التكليف، بل على سبيل التلذذ، وبأن المراد: ليزدادوا فرحًا ورضًا، فعبَّر عنهما بلازمهما؛ لأن الفرحان بالشيء والراضي به يشكر من فعله له.
6570 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّهُ قَال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ فَقَال: "لَقَدْ ظَنَنْتُ، يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، أَنْ لَا يَسْأَلَنِي عَنْ هَذَا الحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ، لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الحَدِيثِ، أَسْعَدُ النَّاسِ
(1) سبق برقم (2809) كتاب: الجهاد والسير، باب: من أتاه سهم غرب فقتله.
بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ مَنْ قَال: لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ، خَالِصًا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ".
[انظر: 99 - فتح: 11/ 418].
(عن عمرو) أي: ابن أبي عمرو، ومرَّ حديثه في كتاب: العلم (1).
6571 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه: قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي لَأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْهَا، وَآخِرَ أَهْلِ الجَنَّةِ دُخُولًا، رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ كَبْوًا، فَيَقُولُ اللَّهُ: اذْهَبْ فَادْخُلِ الجَنَّةَ، فَيَأْتِيهَا، فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلْأَى، فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلْأَى، فَيَقُولُ: اذْهَبْ فَادْخُلِ الجَنَّةَ، فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلْأَى، فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلْأَى، فَيَقُولُ: اذْهَبْ فَادْخُلِ الجَنَّةَ، فَإِنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهَا - أَوْ: إِنَّ لَكَ مِثْلَ عَشَرَةِ أَمْثَالِ الدُّنْيَا - فَيَقُولُ: تَسْخَرُ مِنِّي - أَوْ: تَضْحَكُ مِنِّي - وَأَنْتَ المَلِكُ " فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، وَكَانَ يَقُولُ:"ذَاكَ أَدْنَى أَهْلِ الجَنَّةِ مَنْزِلَةً".
[انظر: 7511 - مسلم: 186 - فتح: 11/ 418].
(جرير) أي: ابن عبد الحميد. (عن منصور) أي: ابن المعتمر.
(عن إبراهيم) أي: النخعي. (عن عبيدة) أي: السلماني.
(حبوًا) أي: زحفًا، وفي نسخة:"كبوًا" وهو بمعناه. (أتسخر مني) إلى آخره قاله فرحًا ودهشةً ببلوغ ما لم يخطر بباله وجرى على عادته في الدنيا من مخاطبة المخلوق، وأراد بالاستهزاء لازمه من الإهانة ونحوها. (وكان يقال ذلك أدنى أهل الجنة منزلة) قال الكرماني: ليس من تتمة كلام النبي صلى الله عليه وسلم، بل من كلام الراوي نقلًا عن الصحابة وأمثالهم من أهل العلم رضي الله عنهم أجمعين (2)، وقال شيخنا: الذي من كلام الراوي هو: (وكان يقال) أما ما بعده فمن كلام النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه مسلم بلفظ:
(1) سبق برقم (99) كتاب: العلم، باب: الحرص على الحديث.
(2)
"البخاري بشرح الكرماني" 23/ 59.