الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
تميهد
من الواجب عليّ وأنا أقدم لهذا الكتاب أن أوضح للدارسين أموراً ثلاثة، حتى لا يطول التساؤل، وحتى لا تختلف الآراء في التأويل والتخمين. الأمر الأول: بيان السبب الذي جعلني أقدم لِـ "موارد الظمآن" بالمقدمة نفسها التي كتبتها في تقديمي "صحيح ابن حبان". الثاني: هو أن أجيب على سؤال من يطالبني بطبع صحيح ابن حبان بتحقيقي، وهو ما أُحيل عليه في تخريجاتي "مسند أبي يعلى الموصلي" الذي نشرته دار المأمون للتراث. الممثلة بالأستاذين أحمد يوسف الدقاق، وعبد العزيز رباح. الثالث: توضيح السبب الذي دفعني إلى تحقيق هذا الكتاب الذي ما هو إلا جزء من صحيح ابن حبان الذي أطالب بإخراجه. ولتوضيِح هذا- محاولاً الإيجاز ما استطعت، مختصراً مراحل زمنية طويلة، سائلاً الله تعالى السداد والرشاد- أقول: لقد سلمت مؤسسة الرسالة خمسة مجلدات محققة من "صحيح ابن حبان" مع مقدمة لهذا العمل، وذلك وفاءً بالعقد الموقع بيني وبين ممثل المؤسسة الأستاذ رضوان الدعبول، بتاريخ 6/ 12/1399هـ الموافق 7/ 10/1979 والذي يقضي بأن أقوم بتحقيق هذا السفر العظيم "صحيح ابن حبان"، وبأن تقوم المؤسسة بتعيين مراجع للعمل قبل إرساله إلى الطبع، على أن يثبت اسمي عليه محققاً، كما يثبت اسم المراجع عليه أيضاً مراجعاً.
وبالفعل فقد عينت المؤسسة مراجعاً يحظى بحبي واحترامي وهو الأستاذ الشيخ شعيب الأرناؤوط. وصدر المجلد الأول من هذا الصحيح وقد كتب على غلافه الخارجي: حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه شعيب الأرناؤوط وحسين أسد وقلت في نفسي: عسى أن يكون للمؤسسة وجهة نظر تجارية في هذا، والشيخ شعيب- كما قدمت- أخ نحبه ونحترمه، غير أنني استنكرت واستكبرت ما أحدث في المقدمة التي قدمت: فقد حذف منها وأضاف، وأدخل الحواشي في الأصل، وقدم وأخر
…
وليت الأمر انتهى عند هذا وإنما أدخل فيها: "وكان الرأي الأخير في البت في درجة كل حديث للأستاذ الشيخ شعيب الأرناؤوط". ورجعت إلى صاحبنا الشيخ شعيب، وطلبت إليه توضيح ذلك فتجاوز الإِجابة عن تساؤلي، وقال بلهجة ما عهدتها منه من قبل:"لقد أعطيت نعيم العرقوسي المجلدين الأخيرين ليكون شريكاً لك في هذا العمل" وهنا كان لا بد لي من إطلاعه على العقد الموقع بيني وبين الأستاذ رضوان، فازداد نفوراً، وقدمت احتجاجي إلى المؤسسة المذكورة، وطالبتها بالالتزام بالعقد، وطال الأخذ والرد، ولكنها- لظروف خاصة بها- آثرت مصلحتها وإرضاء الشيخ شعيب على إمضاء العقد والوفاء بالوعد، وطلب إلي أن أقيلها من العقد لأنها تريد لرئيس مكتب التحقيق فيها الشيخ شعيب أن يحقق الصحيح المذكور بأسلوب مغاير للأسلوب الذي اتبعته في عملي. وهنا تركت الفصل الحق في أمري إلى الله في يوم لا ينفع فيه مال، ولا شهرة، ولا جاه، وأجبتها إلى طلبها. ولم يمض طويل زمن حتى رأيت الجزء الثاني من صحيح ابن
حبان في الأسواق، وإذا على غلافه الخارجي: الإِحسان في تقريب صحيح ابن حبان.
المجلد الثاني
حققه وشرحه وعلق عليه
شعيب الأرناؤوط
واستنكرت ذلك أيضاً، وأعلمت المحكمين بذلك فاجتمعا وقابلا بين تحقيقاتي، وبين ما نشر في الجزء الثاني من تحقيقات، ووقَّعا على وثيقة جاء فيها:"وقد تبين لنا أن التحقيقات التي سلمها حسين أسد قد استخدمت من قبل الشيخ شعيب الأرناؤوط الذي نسب العمل إلى نفسه بعد أن أضاف في بعض الأماكن ما لا يزيد عن عشرة بالمئة 10/ من تحقيقات حسين أسد". وهنا قال الأستاذ بسام الجابي ممثل المؤسسة: "إن هناك خطأ وقع وعلي أو أوضحه إنصافاً للشركة، فقد تم ذلك بناء على معلومات قديمة كان قد اتفق عليها بين الأستاذ حسين أسد، وبسام الجابي، ولكن هذا الاتفاق نسخ بالاتفاق اللاحق الموقع من قبل الطرفين والملزم لهما بالتقيد بما فيه. وقد تعهد الأستاذ بسام الجابي ألا يتكرر هذا العمل بالنسبة لهذا الجزء والأجزاء الأخرى، وبناءً عليه نفتح صفحة جديدة، وعلى أساسها نحاسب مسقطين أعتراضنا على هذه الطبعة والله على ما نقول وكيل". ثم وقع الحكمان وذلك بتاريخ21/ 6/1407هـ الموافق 21/ 1/1987. وهنا أكد الأستاذ بسام الجابي أن المؤسسة سوف تقوم بإعادة العمل من جديد وبأسلوب مميز ومختلف عن الأسلوب الذي صدر فيه الجزءان.
وخلال هذه الفترة الطويلة كنت منصرفاً إلى تحقيق "مسند أبي يعلى الموصلي" الذي نشرته دار المأمون للتراث، وكنت أحيل على تخريجاتي لصحيح ابن حبان ظناً مني بان العمل سوف يصدر كما قدمته بترقيمي وتخريجي، وما كنت أتصور أن للمراجع حقوقاً كتلك التي جعلها الأخ الشيخ شعيب لنفسه. وفي عام 1407هـ الموافق 1987 م نشرت دار الكتب العلمية "الإِحسان بترتيب صحيح ابن حبان" كاملاً مع الفهارس، ولكنه غير محقق التحقيق العلمي اللائق بمثل هذا السفر الجليل الذي حاول صاحبه أن يستوعب فيه كل ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم -فرأيت-وقد اقترح علي بعض الأفاضل- أن تحقيق "موارد الظمآن إلىِ زوائد ابن حبان" أصبح واجباً عليَّ لأن تحقيق هذا الكتاب يُعد تحقيقاً للإِحسان بكامله إذ الأحاديث الواردة في الإحسان قسمان:
الأول منها: ورد في الصحيحين، أو في أحدهما، وورود هذه الأحاديث فيهما، أو في أحدهما يزيدنا ثقة بصحتها، واطمئناناً لوجوب الالتزام بما جاء فيها.
الثاني منها: هو ما زاد على ما جاء في الصحيحين، وهو ما جمعه الحافظ الهيثمي في "موارد الظمآن" بعد أن رتبه على أبواب الفقه. وهذا القسم من الأحاديث هو الذي يحتاج إلى البحث الدقيق، والتحقيق الجاد، والتأني في الحكم على الأسانيد لبيان حالها.
ولذلك فإنني قد عزمت- معتمداً على الله تعالى- على تحقيق هذا الكتاب، مقدماً له بهذه الدراسة القديمة- الحديثة، التي سميتها "مقدمة التحقيق" بنصها الذي قدمته إلى مؤسسة الرسالة في التاريخ المدون في نهايتها، والله ولي التوفيق.