الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي رَأْيِنَا انَّ هذَا الْحُكْمَ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَإِنَّمَا هُوَ تَسْويغ لموقفٍ غَيْرِ عَمَلِي مِنْ جَديدٍ قَدْ يَكُونُ مُفِيداً، دَفَعَهُمْ إِلَيْهِ الْحِرْصُ وَالْمُحَافَظَةُ عَلَى أسْلُوب ألِفُوهُ وَتَمَرَّسُوا بهِ وَعَايَشُوهُ، حَتَّى أصْبَحَ جُزْءاً مِنْ شخصيَّتهم الْعِلْمِيَّةِ وَهُوَ الْمُتَّبَعُ فِي تَصْنِيف أقْدَسِ مَا يَكُونُ بَعْدَ كِتَابِ اللهِ الْعَزيزِ الْحَمِيدِ. لَقَدْ حَكَمُوا عَلَى هذِهِ الطَّريقَةِ دُونَ أيَّةِ مُمَارَسَةٍ، وَوَصَفُوهَا بِالْعُسْرِ دُونَ اخْتِبَارٍ وَتَجْرِيبٍ، وَلَمْ يَتَّبِعْهَا أحدٌ بَعْدَ ابْنِ حِبَّان فَمَاتَتْ بَعْدَهُ.
أقوال العلماء في ابن حبان ومصنفاته:
مما لا يختلف فيه اثنان، أنَّ مِنْ أكْثَرِ الناس معرفةً بالرجلِ تلاميذُهُ الذين تَطولُ مُلازَمَتُهُمْ لَه، لأنهُمْ يَطلِعونَ عَلَى كلِّ أحوالِهِ: في الرِّضَى، وَالغَضَب، وَالْعُسْرِ، وَالْيُسْرِ، وَالْمَنْشَطِ، وَالْمَكْرَهِ لِذلِكَ نَبْدَأُ بِأقوالِ الحاكِمِ في شيخَهِ الإمَام مُحمد بن حبان.
قال الحاكَمُ: "أبو حاتِم البُسْتِيُّ القاضي كَانَ مِنْ أوعيَةِ العِلْم في اللُّغَةِ، والفِقْهِ، وَالْحَدِيثِ، وَالْوَعْظِ، وَمِنْ عُقَلاءِ الرِّجَالِ صَنَّفَ فَخَرَجَ لَهُ مِنَ التَصنِيفِ فِي الْحَدِيثِ مَالَا يُسْبَقُ إِلَيْهِ"(1). وًقَالَ أيضاً: "سمعت أبا علي الحسين بن علي الحافظ- وذكر كتاب المجروحين لأبي حاتم البستي- فقال: كان لعمر بن سعيد بن سنان ابنٌ رحلَ في طلبِ الحديثِ، وأدركَ هؤلاءِ الشيوخَ، وَهذا تَصنيفُهُ، وأسَاءَ القولَ في أبي حاتمٍ. قَالَ الحاكمُ: أبو حَاتِم كبيرٌ في العلومِ، وَكَانَ يُحْسَدُ لِفَضْلِهِ وَتَقَدُّمِهِ"(2).
(1) معجم البلدان 1/ 417.
(2)
معجم البلدان1/ 419.
ووصفة الخطيب البغداديُّ بقوله:"وكان ابن حبان ثقهً نبيلا فاضلا"(1). وَقَالَ الخطيبُ- بعد أن ذكر عدداً من مصنفات ابن حبان-: "وَمثلُ هذِهِ الكتب الجَليلة، كانَ يَجِبُ أنْ يَكْثُرَ بهَا النَسْخُ فَيَتَنَافَسَ فِيهَا أهلُ الْعِلْمِ، ويَكْتُبُوهَا وُيجَلِّدُوهَا إِحْرَازاً لَهَا، وَلَا أحْسَبُ الْمَانِعَ مِنْ ذلِكَ إلَاّ قِلَّةَ مَعْرِفَةِ أهْلِ تِلْكَ الْبلَادِ بِمَحَلِّ الْعِلْمِ وَفَضْلِهِ، وَزُهْدَهُمْ فِيهِ وَرَغْبَتَهُمْ عَنْهُ، وَعَدَمَ بَصيرَتِهِمْ بِهِ"(2).
وَقَالَ عبدُ اللهِ بن محمد الأستراباذي: "وَكَانَ- ابنُ حبان- مِنْ فُقَهَاءِ الدِّينِ، وَحُفَّاظِ الآثارِ، وَالْمشْهُورِينَ فِي الأمْصَارِ وَالأقْطَارِ، عَالماً بالطِّبِّ والنُّجُومِ، وَفُنُونِ الْعِلْمِ"(3).
وَقالَ أبو سَعْدٍ الإِدريسي: "كَانَ مِنْ فُقَهَاءِ الدِّينِ، وَحُفاظِ الآثَارِ، عَالِماً بالطِّبِّ، والنّجُومِ، وَفُنُونِ الْعِلْمِ"(4).
وَقَالَ يَاقوت الحموي: "كَانَ- ابنُ حبان- مُكْثراً مِنَ الْحَدِيثِ، وَالرِّحْلَةِ، وَالشُّيُوخِ، عَالِماً بالْمُتُونِ وَالأسَانِيدِ، أخْرَجَ مِنْ عُلُوم الْحَدِيثِ مَا عَجَزَ عَنْهُ غَيْرُهُ، وَمَنْ تَأمَّلَ تَصَانِيفَهُ تَامُّلَ مُنْصِفٍ، عَلِمَ أنَّ الرَّجُلَ كَانَ بَحْراً فِي الْعُلُومَ"(5).
وقال أحمد بن علي بن ثابت البغدادي: "مِنَ الْكُتُبِ الَّتِي تَكْثرُ مَنَافِعُهَا
(1) سير أعلام النبلاء 16/ 94.
(2)
معجم البلدان 1/ 418.
(3)
معجم البلدان 1/ 418.
(4)
سير أعلام النبلاء 16/ 94.
(5)
معجم البلدان 1/ 415.
- إن كانت على قدر ما ترجمها به واضعها- مُصَنَّفَاتُ أبي حَاتِمٍ البستي
…
وَلَمْ يُقَدَّرْ لِي الوُصُولُ إلى النَّظَرِ فِيهَا، لأِنَهَا غَيْرُ مَوْجُودَةٍ بَيْنَنَا" (1).
وقال الإمام الذهبي: "وَكَانَ عَارِفاً بالطِّبِّ، وَالنُّجُومِ، وَالْفِقْهِ، رَاساً فِي مَعْرِفَةِ الْحَدِيثِ"(2).
وَقَالَ السمعاني: "كَانَ أبو حَاتمٍ إمامَ عَصْرِهِ صنّف تصانيف لم يسبق إلى مثلها"(3).
وقال ابن الأثير: "إِمَامُ عَصْرِهِ، لَهُ تَصَانِيفُ لَمْ يُسْبَقْ إِلَيْهَا"(4).
وقال الحافظ ابن حجر: "كَانَ مِنْ أئِمَّةِ زَماَنِهِ، وَطَلَبَ الحديثَ عَلَى رَأْسَ سَنَةِ ثَلَاثِ مِئَةٍ". وقال أيضاً: "وَكَانَ عَارِفاً بالطِّبِّ، وَالنُّجُومِ، وَالكَلامِ، وَالْفِقْهِ، رَأْساً فِي مَعْرِفَةِ الْحَدِيثِ". وقال أيضاً: "وَابْنُ حِبَّانَ كَانَ صَاحِبَ فُنُونٍ، وَذَكَاءٍ مُفْرِطٍ، وَحِفْظٍ وَاسِعٍ إِلَى الْغَايَةِ"(5).
وقال علاءُ الدين الفارسي: "فَإِنَّ مِنْ أجْمَعِ الْمُصَنَّفَاتِ فِي الأخْبَارِ النبوية، وَأنْفَعِ الْمُؤَلَّفَاتِ فِي الآثارِ المحَمَّدِيَّةِ كِتَابَ: التَّقاسِيمِ وَالأنْوَاعِ"(6). وقال ابن العماد: "العَالِمُ الحَبْرُ، وَالعَلَاّمَةُ الْبَحْرُ، كَانَ حَافِظاً ثَبتاً إِماماً
(1) معجم البلدان 1/ 417.
(2)
ميزان الاعتدال 3/ 506.
(3)
الأنساب 2/ 209، وانظر طبقات الشافعية الكبرى 3/ 132.
(4)
اللباب 1/ 151.
(5)
لسان الميزان 5/ 112، 114.
(6)
مقدمة الصحيح 1/ 79 بتحقيقنا.