الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 - فقه صفات الله وأفعاله
…
[الأعراف: 54].
…
[الطلاق: 12].
الله تبارك وتعالى له الأسماء الحسنى، وقد مرت بنا، وله جميع الصفات العلا، فله سبحانه صفات الكمال .. وصفات الجلال .. وصفات الجمال.
فهو سبحانه الحليم الذي لا أحد أصبر منه، فإنه يعافي العباد ويرزقهم، وهم يعصونه ويخالفون أمره، ويدّعون له الصاحبة والولد، فيؤخر عقوبتهم التي قدر لها وقتاً، وحدّ لها أجلاً محدوداً سبق به علمه.
ومن علم عظمة الله وما له من العزة والجلال، والجبروت والملكوت، والكبرياء والعظمة، وعلم كمال قدرته على ما يشاء، علم أنه لا أصبر من الله على إذاية من آذاه، وافترى عليه، وأشرك به.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا أحَدَ أصْبَرُ عَلَى أذًى يَسْمَعُهُ مِنَ اللهِ عز وجل، إِنَّهُ يُشْرَكُ بِهِ وَيُجْعَلُ لَهُ الْوَلَدُ، ثُمَّ هُوَ يُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُم» متفق عليه (1).
وهو سبحانه الحكيم الذي يقضي بالحق، ويقضي به بين العباد يوم القيامة، الذي يحكم في خلقه بما شاء، ويفعل ما يريد.
وهو سبحانه الرحمن الذي كتب على نفسه الرحمة، وكتب في الذكر كل شيء، وكتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء.
وهو سبحانه كاشف العذاب، وكاشف الضر، كما قال سبحانه: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6099)، ومسلم برقم (2804) واللفظ له.
اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17)}
…
[الأنعام: 17].
وهو سبحانه المجيب الذي يجيب المضطر إذا دعاه، ويستجيب للداعي إذا دعاه.
وهو سبحانه الذي ينادي من شاء من عباده، كما نادى الله موسى في الواد المقدس طوى:{وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10)} [الشعراء: 10].
وهو سبحانه الذي يدعو إلى دار السلام، ويدعو عباده لما يحييهم من الهدى، ويدعوهم ليخرجوا من قبورهم إلى يوم البعث.
وهو سبحانه الكريم الذي يغيث عباده، فمن استغاثه من المؤمنين استجاب له، وقضى حاجته كما قال سبحانه:{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9)} [الأنفال: 9].
وهو سبحانه الحفيظ، الذي يقي السيئات، ويقي المؤمنين من الشرور وعذاب النار كما قال سبحانه:{فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11) وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (12)} [الإنسان: 11، 12].
وهو سبحانه الذي يصلي على عباده المؤمنين كما قال سبحانه: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43)}
…
[الأحزاب: 43].
وهو سبحانه الحفي، المبالغ في البر والألطاف والإكرام والإفضال كما وصفه إبراهيم صلى الله عليه وسلم بقوله:{إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (47)} [مريم: 47].
وهو سبحانه الكريم .. الذي يبارك فيما شاء من الكلام والعباد والبلاد والأزمان والأشياء .. فكل خير من عنده .. وكل بركة من فضله سبحانه .. فجعل القرآن مباركاً .. وأنزل من السماء ماء مباركاً .. وبارك أرض الشام .. وبارك على أنبيائه ورسله كإبراهيم وإسحق .. وعيسى ويحيى وغيرهم .. وجعل بيته الحرام مباركاً.
وهو سبحانه فالق الإصباح، الذي شقه بعد ظلمة الليل سبحانه.
وهو سبحانه فالق الحب والنوى، الذي يشق الحب والنوى، فيخرج منه ورقاً وشجراً وثمراً.
وهو سبحانه الذي يخرج الحي من الميت، وبخرج الميت من الحي، من النبات والحيوان والإنسان.
وهو سبحانه الذي أنزل من السماء ماءً، فأخرج به نبات كل شيء، وأخرج الأطفال من بطون الأمهات، ويخرج الناس من القبور يوم القيامة:{مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (55)} [طه: 55].
وهو سبحانه الذي أخرج كل شيء من الأقوال والأعمال والأشياء من العدم إلى الوجود وأخرج الكلام من اللسان، وأخرج المعاني من الألفاظ، وأخرج الثمار من الأشجار، وأخرج النور من الشمس والقمر والنجوم.
وهو سبحانه القوي القادر، الذي خلق السموات والأرض فكانتا رتقاً، ففتق السماء إلى سبع سموات جل جلاله، وفتق الأرض إلى سبع أرضين، وشق السماء بالمطر، وشق الأرض بالنبات، وجعل من الماء كل شيء حيّ:{أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30)}
…
[الأنبياء: 30].
وهو سبحانه الذي أنزل الماء من السماء إلى الأرض، فأنبت به الزروع والأشجار والثمار:{وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5)} [الحج: 5].
وهو سبحانه الملك، الذي يملك النفع والضر، فكل نفع وضرر في الدنيا والآخرة بيده، والخلق لا يملكون من ذلك شيءاً إلا ما شاء الله لهم.
فكل شيء في قبضته سبحانه، وهو كائن بحكم تدبيره ومشيئته، وكل أثر في الأسباب خلقه رب الأسباب، خلق كل شيء فقدره تقديراً.
استودع سبحانه الأدوية والأغذية المنافع والمضار، واستودع الألم في الضرب
وجميع المؤلمات، واستودع الشبع والري في ذوات المطعومات والمشروبات، وبيده سبحانه ملكوت كل شيء، فلا يصدر نفع أو ضر منها إلا عن إرادته وحكمته وخلقه.
فكل نفع يدر على العبد في الدنيا فهو من الله تعالى، وكل عبد صدر منه منفعة فهو مسخر من الله تعالى بها، وكذلك الضر، فالدنيا مقسمة بين نفع وضر، والآخرة كذلك، فالجنة نفع صاف، والنار ضر خالص.
وهو سبحانه الكريم الحكيم، الذي يعطي ويمنع، وهو الذي يملك المنع والعطاء وحده، وليس منعه بخلاً منه، ولكن منعه حكمة، وعطاؤه جود ورحمة، يعطي من هو أهل للعطاء، ويمنع من هو أهل للحرمان، وهو الحكيم العليم بعباده:{مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2)} [فاطر: 2].
فحق على من علم أن الله هو المعطي والمانع وحده، أن يقطع من قلبه من الخلق المطامع، وأن يقف مع الله بقلب راض قانع، فإن أغناه صرف في طاعته غناه، وإن منعه علم أنه لم يمنعه من بخل ولا عدم، بل ليكون منعه معقباً له ما هو أشرف من الغنى.
وإن أعطاه أحد من الخلق رزقاً، فليرد ذلك إلى الواحد المعطي الحق، وإن منعه أحد من الناس فلا يرى المانع إلا الله، فيرى الله وحده بيده كل شيء، وما سواه ليس بيده شيء، وكل موجود مع القدرة الإلهية كالظل لا حكم له في الفعل، فلا إله إلا الله، الذي يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد.
وهو سبحانه العزيز، الذي يعز من يشاء، ويذل من يشاء، فأعز أولياءه وأظهرهم على أعدائهم، وأحلهم دار الكرامة في الجنة، وأذل أهل الكفر في الدنيا بأن ضربهم بالرق والشقاء، والجزية والصغار، وفي الآخرة بالعقوبة والخلود في النار.
وهو سبحانه رفيع الدرجات، الذي يرفع الذين آمنوا والذين أوتوا العلم
درجات، الذي يخفض القسط ويرفعه، ويرفع قدر من شاء، ويضع قدر من شاء، الذي يرفع بالقرآن أقواماً، ويضع به آخرين، يرفع من شاء بإنعامه كما رفع الحق وحزبه، ويخفض من شاء بانتقامه كما خفض الباطل وحزبه.
وهو سبحانه الحي الذي يحيي ويميت، يحيي سبحانه النطفة الميتة فتخرج منها النسمة الحية، ويحيي الأجسام البالية بإعادة الأرواح إليها، ويحيي الأرض بعد موتها بإنزال الغيث، وإنبات النبات، وهو الذي يميت الأحياء، ويوهن بالموت قوة الأصحاء:{إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (43)} [ق: 43].
وهو سبحانه القادر على كل شيء، الذي يبدأ الخلق ثم يعيده، الذي بدأ خلق الخلق، والذي يعيدهم بعد الحياة إلى الممات، ثم يعيدهم بعد الموت إلى الحياة:{وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27)}
…
[الروم: 27].
فسبحان الذي يبدئ ويعيد من الخلائق في كل لحظة ما لا يحصيه إلا هو، وهو على كل شيء قدير.
والله جل جلاله الكفيل، الذي وفى لعباده بما ضمن لهم من الأرزاق، ويوفي عباده أجورهم وثوابهم يوم القيامة:{يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25)} [النور: 25].
وهو سبحانه العدل الذي يقول الحق، وفعله حق، والذي يأمر بالعدل والإحسان، ويحكم بالعدل والإحسان.
فلو عذب الخلق أجمعين لكان ذلك عدلاً منه، ولو نعم الجميع في جنانه لكان ذلك فضلاً منه، وإذ فرقهم فريقين، فريق في الجنة، وفريق في السعير، فتلك حكمة بالغة.
فعذابه للجميع عدل، ورحمته للجميع فضل، وتفريقه حكمة بالغة:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)}
…
[النحل: 90].
فكل عدل وعادل وعدالة فمنه سبحانه، وكل حكم ليس منه فهو جور وظلم، وباطل وبهتان.
وعلى المسلم إذا عرف ذلك أن يستسلم لقضائه، وأن يعدل في أقواله وأفعاله، لينال بذلك ثوابه وإحسانه.
وهو سبحانه الصادق في أقواله وأفعاله، ووعده ووعيده كما قال سبحانه:{وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا (122)} [النساء: 122].
فعلى المسلم أن يعلم أنه لا أحد أصدق من الله، وأن كل صادق، وكل صدق فمن عنده، ثم يجب عليه الصدق في جميع أقواله وأفعاله لتحصل له النجاة.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا» متفق عليه (1).
والله عز وجل هو الحكيم العليم، الذي يضع الأمور مواضعها، ويرشد الخلق ويدلهم على المصالح والمنافع، والذي أرشد الخلق إلى طريق الحق، وإلى المصالح التي ينتظم بها وجودهم.
فأرشد سبحانه الملائكة والأنبياء والمؤمنين إلى معرفته بما وهبهم من اليقين .. وأرشد جميع الخلق إلى طلب قوام بنيتهم .. فأرشد الصغار من الأطفال والبهائم وهداهم إلى المنافع كالتقام الثدي .. ومص الضرع .. وأرشد العنكبوت إلى بناء البيت المشبك .. وأرشد النحل إلى بناء البيت المسدس .. وأرشد الفرخ ليفقأ البيضة عند اكتمال خلقه .. وأرشد الجنين للخروج من بطن أمه .. وأرشد المطر للانصباب .. والأرض للإنبات .. والماء للإرواء .. والنار للإحراق .. وأرشد الأذن للاستماع .. والعين للإبصار .. واللسان للكلام .. والرجل للمشي .. واليد للبطش والأخذ والدفع.
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6094)، ومسلم برقم (2607) واللفظ له.
فكل موجود في الأرض والسماء جار على منهج السداد، ومنه سبحانه جاء الرشاد، وأعظم الرشاد إرشاد عباده المؤمنين إلى الدين القيم:{وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (51)} [الأنبياء: 51].
وإنما يحصل الرشد للعبد إذا آمن بالله واستقام على دينه كما قال سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)}
…
[البقرة: 186].
وهو سبحانه الكريم الرحيم، الذي بعث الرسل إلى الأمم بالدين، وهو الذي يبعث الأرواح والأجساد بعد الموت ليوم النشور، وهو الذي يبعث من في القبور، والذي بعث رسله للهداية، وبعث عباده إلى الطاعة، وأرسل الشياطين للغواية، وابتلى هؤلاء بهؤلاء.
وهو سبحانه الجامع للفضائل كلها، فله الأسماء الحسنى، والصفات العلا، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
وهو سبحانه الجامع حقاً بين المتفرقات والمتباينات، كما جمع بين الحرارة والبرودة، والرطوبة واليبوسة، في أمزجة الحيوانات، وهي متنافرات متعاندات، فهو سبحانه الجامع بكل اعتبار.
فسبحان القادر الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، جمع بين الماء والأرض فجاء النبات، وجمع بين الذكر والأنثى فجاء الأولاد:{إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107)} [هود: 107].
وهو سبحانه الجامع الذي يجمع قلوب عباده على الحق، ويجمع الناس يوم القيامة للحساب، ويجمع الرسل ويسألهم عما كلفهم به، ويجمع المؤمنين في الجنة، ويجمع الكفار والمنافقين في النار كما قال سبحانه:{رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (9)}
…
[آل عمران: 9].
وقال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140)} [النساء: 140].
وهو سبحانه سريع الحساب، وسريع العقاب، وشديد العقاب.
يعاقب الكافرين لكفرهم، والعصاة لعصيانهم، فيعاجل من شاء بعقوبته في الدنيا، ويؤخر عقوبة من شاء إلى الآخرة، ويعفو عمن يشاء:{إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)} [الأنعام: 165].
وعقاب الله تعالى للخلق: ما يكون من جزاء على فعل المذموم.
ففي الدنيا يعاقب الله من شاء بالصواعق المحرقة، والزلازل المدمرة، والرياح المهلكة، والمياه المغرقة، والفتن المهلكة، وغير ذلك مما شاء الله أن يعاقب به.
وهذا العقاب مهما حل بكافر كان نقمة كما قال سبحانه: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55)} [الزخرف: 55].
ومهما حل العقاب بعصاة المؤمنين كان رحمة لهم، وكفارة لذنوبهم، وطهارة لقلوبهم إن تابوا وأنابوا.
وما أصاب من هذه المحن الأنبياء والأولياء والصالحين المطهرين من الأوزار، فليس ذلك بعقاب، إذ العقاب على جناية، ومن حماه الله من الكفر والفسوق والعصيان، وحبب إليه الإيمان والأعمال الصالحة، فهو مهما امتحنه بمحنة من الضراء والبأساء، أو أصابه بما أصابه من البلاء، فذلك إكرام من الله، يزيده به تطهراً وتنويراً، ويقربه منه، ويرفع به درجاته.
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُوعَكُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ تُوعَكُ وَعْكاً شَدِيداً؟ قَالَ:«أجَلْ، إِنِّي أوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلانِ مِنْكُمْ» . قُلْتُ: ذَلِكَ بأنَّ لَكَ أجْرَيْنِ؟ قَالَ: «أجَلْ، ذَلِكَ كَذَلِكَ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أذًىً، شَوْكَةٌ فَمَا فَوْقَهَا، إِلا كَفَّرَ الله بِهَا سَيِّئَاتِهِ، كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَ» متفق عليه (1).
وسئل النبي صلى الله عليه وسلم: من هم أشد الناس بلاء يا رسول الله؟ فقال: «الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5648)، واللفظ له، ومسلم برقم (2571).
فَالأَمْثَلُ فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْباً اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ». أخرجه الترمذي وابن ماجه (1).
وأما العقاب في الآخرة فيكون عند قبض الروح، وفي القبر، وفي الموقف، وفي روعات الموقف والحساب والصراط، وغير ذلك من الشدائد، وعقاب بعض الخلق أشد من بعض بحسب أعمالهم، وغلظ كفرهم كما قال سبحانه:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145)} [النساء: 145].
ويعذب الله عصاة الموحدين في النار، ثم يخرجون منها إلى الجنة، ويخلد فيها الكفار والمنافقون.
وهو سبحانه المنتقم كما قال سبحانه: {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (16)} [الدخان: 16].
والانتقام: إنزال البلاء بأهل العتو والإجرام، والله عزيز ذو انتقام، ينتقم من كل ظالم وكافر، ومن كل مجرم وفاسق في الدنيا والآخرة.
وقد انتقم الله جل جلاله من كل من كفر وأشرك وكذب وعاند رسله من الأمم السابقة: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47)} [الروم: 47].
وهو سبحانه شديد البطش كما قال سبحانه: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12)} [البروج:12].
والبطش: الأخذ بسرعة مع عنف، والله جل جلاله هو الجبار ذو الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، الذي يبطش إذا شاء متى شاء بكل ظالم وكافر وطاغوت:{يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (16)}
…
[الدخان: 16].
(1) حسن: صحيح، أخرجه الترمذي برقم (2398)، وهذا لفظه، صحيح سنن الترمذي رقم (1956)
وأخرجه ابن ماجه برقم (4023)، صحيح سنن ابن ماجه رقم (3249).
انظر السلسلة الصحيحة رقم (143).
وهو سبحانه العزيز الجبار، أخذه مؤلم، وعقابه موجع:{وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102)} [هود: 102].
وجميع المخلوقات في ملكه وقبضته، لا يعزب عنه منها شيء:{مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56)} [هود: 56].
وهو سبحانه الحكيم العليم، الذي يبتلى عباده بما يطهر قلوبهم، ويزكي نفوسهم، ويبلوهم بالشر والخير فتنة، ليعلم الصادق من الكاذب، والمؤمن من المنافق:{أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)} [العنكبوت: 2، 3].
وهو سبحانه الذي يفتن ويبتلي عباده بما شاء كما قال سبحانه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)} [البقرة: 155 - 157].
وإذا أراد الله عز وجل فتنة أحد فلا راد لقضائه: {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (41)} [المائدة: 41].
فعلى المسلم أن يعلم أن الله يهدي من يشاء، ويضل من يشاء، ويبتلي من يشاء، ويفتن من يشاء بما شاء، وهو الحكيم العليم.
وكل أمة افتتنت بشيء من الفتن:
فأمم افتتنوا عن عبادة الله بعبادة الأصنام فعبدوها .. وقوم بالشمس فألهّوها .. وقوم بنبي كان منهم وهم إليهود عبدوا عزيراً .. وقالوا هو ابن الله .. والنصارى قالوا عيسى هو الإله .. وقال بعضهم هو ابن الله .. وقال بعضهم ثالث ثلاثة.
وجعل الله فتنة هذه الأمة بالأموال والنساء، والنساء أعظم فتنة للرجال، فالأموال والنساء شاغل عن الله، وعن ذكر الله، وعن طاعة الله، وعن إبلاغ دين الله.
وقد غلب على أكثر الناس حب المال، وكدر عليهم عبودية الكبير المتعال.
وهو سبحانه القابض الباسط المسعر، فالغلاء والرخص بتقدير الله وتدبيره، وهو مقلبه ورافعه وخافضه، وذلك من أعظم البلاء والامتحان.
والله سبحانه هو الملك، الذي يفعل ما يشاء، ويؤتي ملكه من يشاء، ويهدي من يشاء، ويضل من يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء:{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)} [آل عمران: 26].
والله عز وجل هو الحي، الذي يحيي ويميت، ويرزق من يشاء، ويغني من يشاء، ويفقر من يشاء، ويختم على قلوب من يشاء، ويطبع على قلوب من يشاء.
وهو سبحانه القوي العزيز، الذي ختم على قلوب الكفار، ولعن الكافرين والمنافقين والظالمين والكاذبين، والكاتمين لما أنزل الله:{أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا (52)} [النساء: 52].
وهو سبحانه الذي لعن الشيطان، وغضب على إليهود والنصارى، ولعنهم بظلمهم وسوء أفعالهم.
وهو سبحانه الرحيم الذي يحب المؤمنين والمتقين والمحسنين ويبغض الكفار والفجار والأشرار.
وهو سبحانه الكريم الذي يجود بالعطاء، ويكرم المؤمنين، ويكفر السيئات، ويغفر الذنوب، ويعفو عمن ظلم.
وهو سبحانه الذي يمكر بمن مكر بأوليائه، ويستهزئ بمن استهزأ بهم، ويكيد من كادهم، ويخدع من خادعهم، كما قال سبحانه:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142)}
…
[النساء: 142].
وهو سبحانه الذي يختص برحمته من يشاء، ويبين للعباد ما ينفعهم، ويمحص الذين آمنوا، ويمحق الكافرين، ويجزي الشاكرين، ويثيب المؤمنين في الدنيا
والآخرة.
وهو سبحانه الملك الذي ينصر من يشاء، ويسلط من يشاء على من يشاء، ويظهر ما يشاء بما شاء:{فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83)} [يس: 83].
وهو سبحانه الذي أنبأ رسله، وأرسلهم إلى عباده، وأنبأ الخلق بما ينفعهم وما يضرهم في كتابه، وينبئهم بما عملوا يوم القيامة.
وهو سبحانه العليم الحكيم الذي يكرم أولياءه، ويطبع على قلوب الكافرين والجبارين والمتكبرين:{كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (35)} [غافر: 35].
وهو سبحانه الذي كتب الإيمان في قلوب المؤمنين، وطبع على قلوب الكافرين.
وهو سبحانه الذي يعصم من يشاء، وينصر من يشاء، ويخذل من يشاء، ويقدم من يشاء، ويؤخر من يشاء.
وهو سبحانه الذي يحل ما يشاء، ويحرم ما يشاء، الذي أحل الطيبات، وحرم الخبائث، وأحل البيع، وحرم الربا، ويميز الخبيث من الطيب، ويعلم المفسد من المصلح، والمؤمن من المنافق، والصادق من الكاذب.
وهو سبحانه الملك القاهر ما شاء بما شاء، الذي يأذن لمن يشاء أن يفعل ما يشاء:{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112)} [الأنعام: 112].
وهو سبحانه الذي يمحو ما يشاء، ويثبت ما يشاء، ويُبقي ما يشاء، ويهلك ما يشاء، ويخلق مايشاء، ويصطفي ما يشاء، ويختار ما يشاء، ويزكي من يشاء، ويبدل سيئات من يشاء، ويغير الأحوال كلها متى شاء:{يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (39)} [الرعد: 39].
وهو سبحانه الذي يطعم ولا يطعم، الذي يخوف عباده بما شاء لعلهم يتوبون، وينجي من يشاء في ظلمات البر والبحر.
وهو سبحانه الذي يتوفى الأنفس: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42)}
…
[الزمر: 42].
وهو سبحانه الذي سخر لعباده كل ما ينفعهم ويصلحهم في حياتهم: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (20)}
…
[لقمان: 20].
وهو سبحانه الذي يسيّر الخلائق في البر والبحر، ويسير الكواكب في السماء، وينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده، وينزل الوحي إلى أهل الأرض، وينزل الماء من السماء إلى الأرض.
وهو سبحانه الذي ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، ويجيء يوم القيامة لفصل القضاء:{وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)} [الفجر: 22].
وهو سبحانه الذي أنبت الزروع والأشجار، وأخرج منها الثمرات وأنبت أصل البشر من الأرض كما قال سبحانه:{وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا (18)} [نوح: 17 - 18].
وهو سبحانه الكريم الذي أنعم على الناس بالدين، وما جعل عليهم في الدين من حرج، فلم يكلفهم بما لا يطيقون، أو يطالبهم بما لا يستطيعون:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7)} [الطلاق: 7].
وهو سبحانه العزيز الكريم الذي أعد الجنة للمؤمنين، وأعد النار للكافرين، ويسر هؤلاء للجنة، وخذل أولئك فصاروا إلى النار.
وهو سبحانه الذي ينظر إلى القلوب، ويمتحنها بما شاء، وينزل السكينة في قلوب المؤمنين، ويقذف الرعب في قلوب الكافرين.
وهو سبحانه الذي أحصى كل شيء عدداً من الأقوال والأعمال، والأشياء والأموال، والذرات والقطرات، والحركات والسكنات، والأنفاس والأرواح.
فسبحان الخالق العظيم، القادر الحكيم، العزيز العليم، الذي يفعل ما يشاء، ولا
يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
وجميع أسماء الله عز وجل دالة على أوصاف كماله، وهي مشتقة من الصفات، فهي أسماء، وهي أوصاف، وبذلك كانت حسنى.
فهو سبحانه الملك الذي يملك كل شيء، ويؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء.
وهو سبحانه العزيز، الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء.
وهو سبحانه البارئ الذي برأ الخلق وأوجدهم بقدرته.
وهو الرزاق الذي يرزق من يشاء، الغفار الذي يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء، العفو الذي يعفو عمن يشاء من عباده.
وهو سبحانه الفتاح الذي يحكم بين عباده بالحق والعدل، ويفتح لهم أبواب الرحمة والرزق.
وهو سبحانه العليم الذي يعلم ما في السموات وما في الأرض وما بينهما.
وهو سبحانه الرب الذي يربي عباده، ويقوم بأمرهم في الدنيا والآخرة.
وهو سبحانه الشكور الذي يضاعف الحسنات، ويمحو السيئات، الذي يشكر اليسير من الطاعة، ويعطي عليه الثواب الجزيل.
وهو سبحانه الخبير الذي يعلم أحوال الخلائق كلها في السماء والأرض، وفي كل مكان وزمان.
وهو سبحانه الحفيظ الذي حفظ ما خلقه، وحفظ أعمال العباد كلها.
وهو سبحانه الرقيب الذي يراقب خلقه في جميع أحوالهم في العالم العلوي، والعالم السفلي.
وهو سبحانه السميع الذي يسمع جميع أصوات الخلائق، ولا يشغله سمع عن سمع.
وهو سبحانه البصير الذي يبصر كل شيء، العليم بحاجات العباد وما في صدورهم.
وهو سبحانه الشهيد المطلع على جميع الأشياء، ظاهرها وباطنها، صغيرها وكبيرها.
وهو سبحانه الغني الذي يرزق العباد كلهم، ويغنيهم من فضله.
وهو سبحانه التواب، الذي يتوب على من شاء من عباده.
وهو سبحانه المحيط، الذي أحاط بكل شيء علماً، وأحصى كل شيء عدداً.
وهو سبحانه الهادي، الذي يهدي من يشاء، الذي هدى سائر الخلائق إلى مصالحهم.
وهو سبحانه الفاطر، الذي فطر السموات والأرض، وفطر الناس على التوحيد.
وهو سبحانه الغالب الذي قهر كل مخلوق، ولا يملك أحد أن يرد ما قضى.
وهو سبحانه الناصر، الذي ينصر رسله وأولياءه على أعدائهم.
وهو سبحانه المستعان، الذي يعين عباده، ولا يطلب العون من أحد.
وهو سبحانه الشافي، الذي يشفي من كل آفة وعاهة ومرض.
وهو سبحانه المحسن الذي يحسن إلى عباده بصنوف النعم على الدوام.
وهكذا في بقية الأسماء.
والقرآن كله بيان لأسماء الله وصفاته وأفعاله، وخزائنه، ووعده ووعيده، ودينه وشرعه، وثوابه وعقابه.
وهذه بعض الآيات المبينة لأسماء الله وصفاته وأفعاله، والدالة على كمال قدرته وعظمته، وعلى جماله، وجلاله، وكماله، وكبريائه، ورحمته وإحسانه، وآلائه وإنعامه.
وذلك ليعرف العباد ربهم .. ويعلموا عظيم قدرته .. وجميل إحسانه فيقدروه حق قدره .. ويعبدوه حق عبادته .. ويشكروه ويحمدوه .. ويستعملوا جوارحهم في طاعته .. وألسنتهم بذكره والثناء عليه.
فالواجب على كل مسلم أن يعرف معبوده الحق، ويعرف أوامره التي يتقرب بها إليه، ويعرف ما له بعد القدوم عليه: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ
وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19)} [محمد: 19].
فوا أسفاه .. ماذا يعلم الخلق من أسماء الله وصفاته وأفعاله وماذا يجهلون؟. وماذا يعرفون من دينه وسننه وأحكامه وماذا يجهلون؟.
وما الموجود في حياتنا من الدين، وما الذي فقدناه؟.
ألا يستحي العباد من الرب، الذي يرزقهم ويعافيهم وهم يعصونه؟.
ألا يخافون من القادر الذي لا يعجزه شيء وهم يبارزونه بالمعاصي؟: {أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74)} [المائدة: 74].
إن حقه تبارك وتعالى أن يطاع فلا يعصى .. ويذكر فلا ينسى .. ويشكر فلا يكفر .. ويعبد وحده لا شريك له بما شرعه على لسان رسوله.
فهو سبحانه الخالق الذي خلق كل شيء، وكما أنه المتفرد بالخلق وحده، فكذلك هو المستحق للعبادة وحده دون سواه كما قال سبحانه:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22)} [البقرة: 21، 22].
والله عز وجل هو الخلاق: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29)}
…
[البقرة: 29].
وهو سبحانه الذي خلق البشر: {الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} [النساء: 1].
والله عز وجل هو الذي: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (10)} [لقمان: 10].
وهو سبحانه الخالق المصور: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (7)} [السجدة: 7].
وهو سبحانه السميع البصير بأحوال عباده: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ
مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (60)}
…
[الأنعام: 60].
والله جل جلاله: {فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (95)} [الأنعام: 95].
والله سبحانه: {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96)} [الأنعام: 96].
وهو سبحانه الذي خلق البشرية كلها من نفس واحدة: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (98)}
…
[الأنعام: 98].
وهو سبحانه الذي جعل النجوم هداية للعباد: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (97)} [الأنعام: 97].
وهو سبحانه الذي أنزل الماء من السماء فأخرج به من كل الثمرات: {وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99)}
…
[الأنعام: 99].
…
[يونس: 5].
والله سبحانه: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (67)} [يونس: 67].
والله عز وجل هو الذي رزق عباده الأزواج والأولاد: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72)} [النحل: 72].
وهو سبحانه الذي خلقنا ثم أخرجنا من بطون الأمهات بعد أن أحسن خلقنا
وأكمله: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78)} [النحل: 78].
والله سبحانه هو الذي خلق الأرض وبسطها ومدها كيف شاء: {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3)} [الرعد: 3].
…
[الرعد: 2].
وهو سبحانه الذي أنعم على عباده بالدور والقصور وغيرها من النعم: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (80) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (81)} [النحل: 80، 81].
وهو سبحانه الذي يدبر الكون بما يصلح أحوال العباد: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا (47)} [الفرقان: 47].
وهو الكريم الذي سخر الليل والنهار لعباده، فلا يجتمعان ولا يرتفعان أبداً:{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (62)} [الفرقان: 62].
وهو الخلاق العليم القدير الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (54)} [الروم: 54].
وهو سبحانه: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80)} [يس: 80].
وهو سبحانه: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)} [الملك: 2].
وهو سبحانه: {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4)} [الملك: 3، 4].
والله عز وجل: {قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (23)} [الملك: 23].
والله عز وجل هو: {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (1)}
…
[الأنعام: 1].
والله عز وجل: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ (2)} [الأنعام: 2].
وهو سبحانه العليم بكل شيء: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ (3)} [الأنعام: 3].
والله جل جلاله هو الذي: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (4)
وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7)} [النحل: 4 - 7].
والله سبحانه هو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33)} [الأنبياء: 33].
والله عز وجل هو الذي خلق جميع الدواب التي تدب على وجه الأرض من الماء: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (45)} [النور: 45].
وهو سبحانه الذي خلق جميع البشر من الماء: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (54)} [الفرقان: 54].
والله سبحانه هو: {الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ (36)} [يس: 36].
وهو سبحانه العليم القدير الذي خلق كل شيء: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)}
…
[الطلاق: 12].
وهو سبحانه: {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4)} [الأعلى: 2 - 4].
وهو سبحانه الذي خلقنا ورزقنا: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (40)} [الروم: 40].
وهو سبحانه الذي خلق البشر، وبثهم في أقطار الأرض:{وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (79)} [المؤمنون: 79].
وهو سبحانه: {الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (80)} [المؤمنون: 80].
وهو سبحانه الملك الذي: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (12)} [الشورى: 12].
وهو سبحانه: {الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1)} [الفرقان: 1].
وهو سبحانه: {الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28)} [الشورى: 28].
والله عز وجل: {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6)} [آل عمران: 6].
وهو سبحانه مالك الملك: {وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (13)} [الأنعام: 13].
وهو سبحانه العليم، الذي لا يخفى عليه شيء:{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59)} [الأنعام: 59].
والله جل جلاله قادر على كل شئ: {هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65)} [الأنعام: 65].
وهو سبحانه الذي استخلف الناس في الأرض، وسخر لهم ما فيها، وابتلاهم لينظر كيف يعملون:{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)} [الأنعام: 165].
وهو سبحانه الذي يحيي الأرض بعد موتها، ويخرج الموتى من قبورهم، ثم
يجازيهم بأعمالهم: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57)} [الأعراف: 57].
والله عز وجل هو الخلاق العليم، الذي خلق السموات والأرض، ثم استوى على العرش:{إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (3)} [يونس: 3].
والله عز وجل: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (67)} [يونس: 67].
وهو سبحانه الهادي الكريم الذي يدعو عباده إلى ما يسعدهم في الدنيا والآخرة: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (25)} [يونس: 25].
والله عز وجل عالم الغيب والشهادة، وجميع مقاليد الأمور بيده:{وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123)} [هود: 123].
والله جل جلاله: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (12)} [الرعد: 12].
وهو سبحانه القوي ذو الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، الذي يسبح له ما في السموات وما في الأرض:{وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ (13)} [الرعد: 13].
وهو سبحانه الذي جعل البروج في السماء وزينها للناظرين: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (18)} [الحجر: 16 - 18].
وهو سبحانه الذي خلق الأرض وأرساها بالجبال، وأنبت فيها من كل شيء:
وهو سبحانه الذي عنده خزائن كل شيء، ويتصرف في كل شيء:{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21)} [الحجر: 21].
والله سبحانه هو الذي خلق الماء وأنزله: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11)} [النحل: 10 - 11].
والله عز وجل هو الذي سخر لعباده ما في السموات وما في الأرض: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (20)} [لقمان: 20].
وسخر لنا ما في السماء: {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (12)}
…
[النحل: 12].
وسخر لنا ما في الأرض: {وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (13)}
…
[النحل: 13].
وهو سبحانه الذي سخر البحر، وجعل فيه من النعم والمنافع ما لا يحصيه إلا هو، وما لا يعلمه إلا هو:{وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (14)}
…
[النحل: 14].
وهو سبحانه الذي انفرد بإعطاء العباد ما يحبون، وصرف عنهم ما يكرهون، أفلا يعبدونه ويطيعونه ويتقونه ويشكرونه؟:{وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ (52) وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53)} [النحل: 52، 53].
وهو القدير الحكيم العليم الذي جعل الليل والنهار آيتين: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ
آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا (12)} [الإسراء: 12].
وهو سبحانه الذي يعلم جميع ما يفعله العباد، وحفظ ذلك كله في كتاب:{وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14)} [الإسراء: 13، 14].
وهو سبحانه القادر على كل شيء، فلا يعجزه شيء من الكائنات، ولا يفلت من عذابه أحد من الجبابرة والطغاة:{وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16)}
…
[الإسراء: 16].
وهو سبحانه الباقي، وما سواه فان:{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27)} [الرحمن: 26، 27].
والله عز وجل هو العظيم الحليم الذي: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44)} [الإسراء: 44].
وهو سبحانه العظيم الكريم الرحيم، المستحق للعبادة وحده دون سواه:{وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (19) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20)} [الأنبياء: 19، 20].
والله جل جلاله هو القادر على كل شيء، الذي يبدأ الخلق ثم يعيده، والسموات والأرض في يده أصغر من الخردلة:{يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104)} [الأنبياء: 104].
وهو سبحانه الذي يخلق ما يشاء، ويختار ما يشاء:{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68)} [القصص: 68].
والله سبحانه هو الذي له الحمد في الدنيا والآخرة: {وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ
الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (70)}
…
[القصص: 70].
والله عز وجل هو العليم بما في صدور العالمين: {وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (69)} [القصص: 69].
…
[السجدة: 5، 6].
وهو سبحانه الذي: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2)}
…
[سبأ: 2].
وهو سبحانه خالق كل شيء، العليم بكل شيء، خلق آدم من تراب، وجعل نسله من ماء مهين، وعلم أحوال العباد قبل خلقهم:{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (11)} [فاطر: 11].
وهو سبحانه القادر الذي: {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13)} [فاطر: 13].
وهو سبحانه القوي الذي يمسك السموات والأرض أن تزولا: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (41)}
…
[فاطر: 41].
وهو سبحانه الذي خلق السموات والأرض بالحق ليعرف، وليأمرالعباد وينهاهم، ويثيبهم ويعاقبهم:{سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (4) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (5)} [الزمر: 4، 5].
والله عز وجل هو الذي خلق كل شيء، خلق البشرية كلها من نفس واحدة، وخلق منها زوجها، وأنزل رزقها، وأوصله إليها: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ
مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6)} [الزمر: 6].
وهو سبحانه التواب الذي يتوب على من يشاء من عباده: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (25)} [الشورى: 25].
وهو سبحانه الكريم الرؤوف الرحيم، الذي ينزل الغيث فيحيي به البلاد، ويسقي به العباد:{وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28)} [الشورى: 28].
والله سبحانه هو: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (10)} [الزخرف: 10].
وهو سبحانه خالق كل شيء: {وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (12) لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ (14)} [الزخرف: 12 - 14].
وهو سبحانه الحكيم العليم الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين لتستعد لطاعة الله، وامتثال أوامره، ويزيد إيمانهم ويقينهم:{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4)} [الفتح: 4].
والله سبحانه: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28)} [الفتح: 28].
وهو سبحانه القوي الذي يأخذ المجرمين بالعذاب: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102)} [هود: 102].
وهو سبحانه الذي يؤخر عذاب من شاء بحكمته: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)} [إبراهيم: 42].
وهو سبحانه الذي يأتي بالخلائق كلهم يوم القيامة: {أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148)} [البقرة: 148].
وهو سبحانه الذي يفضل من يشاء، ويكلم من يشاء:{تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} [البقرة: 253].
وهو سبحانه الذي يختم على قلوب الكفار المعاندين: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7)} [البقرة: 7].
وهو سبحانه الذي يستهزئ بمن استهزأ بأوليائه من المنافقين والكافرين: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15)}
…
[البقرة: 15].
وهو سبحانه الذي يمكر بمن مكر بأوليائه: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)} [الأنفال: 30].
وهو سبحانه الذي يخادع من خادعه من المنافقين، الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر، فيتركهم يسعون لما فيه هلاكهم:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142)} [النساء: 142].
وهو سبحانه الذي يكيد بمن كاد أولياءه كما قال سبحانه: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا (16) فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا (17)} [الطارق: 15 - 17].
وهو سبحانه الذي يرضى عن عباده المؤمنين: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18)}
…
[الفتح: 18].
وهو سبحانه الذي يرضى على من أطاعه، ويسخط على من عصاه كما قال سبحانه:{أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (162) هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (163)} [آل عمران: 162، 163].
وهو سبحانه الذي يضحك كما يليق بجلاله.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يَضْحَكُ اللهُ إلى رَجُلَيْنِ، يَقْتُلُ أحَدُهُمَا الآخَرَ، كِلاهُمَا يَدْخُلُ
الْجَنَّةَ»، فَقَالُوا: كَيْفَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ! قال: «يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل فَيُسْتَشْهَدُ، ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ عَلَى الْقَاتِلِ فَيُسْلِمُ، فَيُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل فَيُسْتَشْهَد» متفق عليه (1).
وهو سبحانه الذي يعجب كما يليق بجلاله.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «عَجِبَ اللهُ مِنْ قَوْمٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فِي السَّلاسِلِ» أخرجه البخاري (2).
فسبحان الملك العظيم .. رب السموات والأرضين .. الكامل في ذاته .. الكامل في أسمائه .. الكامل في صفاته .. اختص وحده بالأسماء الحسنى والصفات العلى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)} [الشورى: 11].
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2826)، ومسلم برقم (1890) واللفظ له.
(2)
أخرجه البخاري برقم (3010).