الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحكيم
ومن أسمائه الحسنى عز وجل: الحكيم .. والحاكم .. والحكم.
قال الله تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)} [الحديد: 1].
وقال الله تعالى: {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (109)} [يونس: 109].
وقال الله تعالى: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا} [الأنعام: 114].
الله تبارك وتعالى هو الحكيم، الذي لا يدخل تدبيره خلل ولا زلل، الحكيم في أقواله وأفعاله، الذي يضع الأشياء في محالها بحكمته وعدله وعلمه.
وهو سبحانه أحكم الحاكمين الذي لا يجور، ولا يظلم أحداً.
وهو سبحانه الحكم الذي لا حكم أعدل منه، ولا قائل أصدق منه، الذي سلم له الحكم، ورد إليه فيه الأمر، المحمود على حكمه بين العباد في الدنيا والآخرة.
الذي له الحكم القدري على الكائنات كلها، الذي أثره جميع ما خلق وذرأ وبرأ في العالم العلوي والسفلي.
وله الحكم الديني الشرعي، الذي أثره جميع الشرائع، والأوامر والنواهي الموجهة إلى الإنس والجن.
وله الحكم الجزائي في الآخرة، الذي أثره الثواب والعقاب للعباد:{وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (70)} [القصص: 70].
والله عز وجل هو الحكيم العليم، الذي يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، والذي يقضي في خلقه ما يشاء من تحليل ما أراد، وتحريم ما أراد، وإيجاب ما شاء،
ومنع ما شاء، حكمه في الخلق نافذ، فليس لأحد أن يرده أو يبطله:{وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (41)} [الرعد: 41].
وكلام الله عز وجل حكيم ومحكم، فهو كلام رب العالمين، وأحكم الحاكمين:{الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1)} [هود: 1].
والقرآن الكريم كتاب الله عز وجل، الكتاب الذي ليس بعده كتاب، وصفه الله سبحانه بالقرآن العظيم، والقرآن الكريم، والقرآن المجيد، والكتاب العزيز، والقرآن الحكيم، لأنه الكتاب الذي أنزله الله ليكون تشريعاً عاماً كاملاً للمجتمعات والأفراد والحكام إلى يوم القيامة:{وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)} [فصلت: 41، 42].
فالقرآن كلام الله .. وهو كتاب عظيم جامع لأوصاف الكمال .. منيع من كل من أراده بتحريف أو سوء .. حكيم في أسلوبه .. حكيم في هدايته ورحمته .. وحكيم في بيانه وتفسيره .. وحكيم في تشريعه وأحكامه .. وحكيم في وعده ووعيده .. وحكيم في كل ما اشتمل عليه.
أنزله الحكيم في خلقه وأمره، الذي يضع كل شيء في موضعه، الحميد على ماله من صفات الكمال ونعوت الجلال، وعلى ما له من العدل والإنصاف. فلهذا كان كتابه مشتملاً على تمام الحكمة، وعلى تحصيل المصالح والمنافع، ودفع المفاسد والمضار التي يحمد عليها:{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89)} [النحل: 89].
وذلك يقتضي تحكيم كتاب الله جل جلاله في جميع شئون الحياة، لأن ما شرعه الله في كتابه من الأحكام والمعاملات، والآداب والأخلاق، والحدود والشرائع في منتهى الحكمة والعدل، لأنه تشريع الحكيم العليم الخبير، الذي لا يدخل حكمه نقص ولا خلل ولا زلل، وقضاء من لا يخفى عليه مواضع
المصلحة في البدء والعاقبة.
فكيف يعرض الناس عنه إلى غيره؟: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)} [المائدة: 50].
ويجب على الحكام أن يحكموا بين الناس بما أنزل الله، ولايتعدوا حكم الله الذي شرعه لهم كما قال سبحانه:{يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26)} [ص: 26].
والله عز وجل حكيم عليم، يؤتي الحكمة من يشاء من عباده، والحكمة هي إصابة الحق في الأقوال والأفعال، وهي من أعظم النعم:{يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269)}
…
[البقرة: 269].
وقد امتن الله على من شاء من عباده من الأنبياء والمتقين فآتاهم الحكمة كما قال سبحانه ممتناً على محمد صلى الله عليه وسلم: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113)} [النساء: 113].
…
[لقمان: 12].
وخَلقُ الله عز وجل كلُّهُّ محكم متقن لا خلل فيه ولا قصور.
والله تبارك وتعالى خلق الخلق لحكمة عظيمة، وغاية جليلة وهي عبادته تبارك وتعالى كما قال سبحانه:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)}
…
[الذاريات: 56 - 58].
وهو سبحانه الحاكم في خلقه وحده؟
قضاءً وقدراً .. خلقاً وتدبيراً .. وهو سبحانه الحاكم فيهم بأمره ونهيه .. وثوابه وعقابه.
فهو الحاكم وحده: {وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26)} [الكهف: 26].
والله تبارك وتعالى أحكم الحاكمين كما قال سبحانه: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8)} [التين: 8]
وحكمه سبحانه يتضمن نصره رسوله على من كذبه
…
وحكمه بين العباد في الدنيا بشرعه وأمره
…
وحكمه بينهم في الاخرة بثوابه وعقابه.
وأحكم الحاكمين لا يليق به تعطيل هذه الأحكام بعدما ظهرت حكمته في خلق الانسان في أحسن تقويم، حتى بلغ أكمل الاحوال
…
فكيف يليق بأحكم الحاكمين أن لا يجازي المحسن باحسانه، والمسيء بإساءته؟.