المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الباب الأولفقه أسماء الله وصفاته

- ‌1 - فقه العلم بالله وأسمائه وصفاته

- ‌2 - فقه عظمة الرب

- ‌3 - فقه قدرة الرب

- ‌4 - فقه رحمة الرب

- ‌5 - فقه علم الرب

- ‌6 - فقه جمال الرب

- ‌7 - فقه أسماء الله الحسنى

- ‌الله…جل جلاله

- ‌الرحمن

- ‌الملك

- ‌القدوس

- ‌السلام

- ‌المؤمن

- ‌المهيمن

- ‌العزيز

- ‌الجبار

- ‌الكبير

- ‌الخالق

- ‌البارئ

- ‌المصور

- ‌الغفور

- ‌القاهر

- ‌الوهاب

- ‌الرزاق

- ‌الفتاح

- ‌العليم

- ‌السميع

- ‌البصير

- ‌الحكيم

- ‌اللطيف

- ‌الخبير

- ‌الحليم

- ‌العظيم

- ‌الشكور

- ‌العلي

- ‌الحفيظ

- ‌الرقيب

- ‌المقيت

- ‌الشهيد

- ‌الحاسب

- ‌الكريم

- ‌الواسع

- ‌المجيد

- ‌الرب

- ‌الودود

- ‌الحق

- ‌المبين

- ‌الوكيل

- ‌الكفيل

- ‌القوي

- ‌المتين

- ‌الولي

- ‌الحميد

- ‌الحي

- ‌القيوم

- ‌الواحد

- ‌الصّمد

- ‌القادر

- ‌الأول

- ‌الآخر

- ‌الظاهر

- ‌الباطن

- ‌البر

- ‌التواب

- ‌العفو

- ‌الرؤوف

- ‌الغني

- ‌الهادي

- ‌النور

- ‌البديع

- ‌الفاطر

- ‌المحيط

- ‌القريب

- ‌المستعان

- ‌المجيب

- ‌الناصر

- ‌الوارث

- ‌الغالب

- ‌الكافي

- ‌ذو الجلال والإكرام

- ‌ذو العرش

- ‌ذو المعارج

- ‌ذو الطول

- ‌ذو الفضل

- ‌الرفيق

- ‌الشافي

- ‌الطيب

- ‌السبوح

- ‌الجميل

- ‌الوِتر

- ‌المنان

- ‌الحيي

- ‌الستير

- ‌الديان

- ‌المحسن

- ‌السيد

- ‌المقدم والمؤخر

- ‌القابض والباسط

- ‌8 - فقه صفات الله وأفعاله

- ‌9 - فقه أحكام الأسماء والصفات

- ‌10 - فقه التعبد بأسماء الله وصفاته

- ‌الباب الثانيفقه الخلق والأمر

- ‌1 - فقه الخلق والأمر

- ‌2 - فقه أوامر الله الكونية والشرعية

- ‌3 - خلق الله للكون

- ‌4 - فقه الحكمة في كل ما خلقه الله وأمر به

- ‌5 - فقه خَلق المخلوقات

- ‌1 - خلق العرش والكرسي

- ‌2 - خلق السموات

- ‌3 - خَلق الأرض

- ‌4 - خلق الشمس والقمر

- ‌5 - خلق النجوم

- ‌6 - خلق الليل والنهار

- ‌7 - خلق الملائكة

- ‌8 - خلق المياه والبحار

- ‌9 - خلق النبات

- ‌10 - خلق الحيوانات

- ‌11 - خلق الجبال

- ‌12 - خلق الرياح

- ‌13 - خلق النار

- ‌14 - خلق الجن

- ‌15 - خلق آدم

- ‌16 - خلق الإنسان

- ‌17 - خلق الروح

- ‌18 - خلق الدنيا والآخرة

- ‌البَابُ الثّالثفقه الفكر والاعتبار

- ‌1 - فقه الفكر والاعتبار

- ‌2 - فقه الفكر في أسماء الله وصفاته

- ‌1 - الفكر والاعتبار في عظمة الله

- ‌2 - الفكر والاعتبار في قدرة الله

- ‌3 - الفكر والاعتبار في علم الله

- ‌3 - فقه الفكر والاعتبار في الآيات الكونية

- ‌4 - فقه الفكر في نعم الله

- ‌5 - فقه الفكر والاعتبار في الآيات القرآنية

- ‌1 - فقه التأمل والتفكر

- ‌2 - فقه التصريف والتدبير

- ‌3 - فقه الترغيب والترهيب

- ‌4 - فقه التوجيه والإرشاد

- ‌5 - فقه الوعد والوعيد

- ‌6 - فقه الفكر والاعتبار في الخلق والأمر

- ‌البَابُ الرَّابعكتاب الإيمان

- ‌1 - فقه الإيمان بالله

- ‌1 - فقه الإحسان

- ‌2 - فقه اليقين

- ‌3 - فقه الإيمان بالغيب

- ‌4 - فقه الاستفادة من الإيمان

- ‌2 - فقه الإيمان بالملائكة

- ‌3 - فقه الإيمان بالكتب

- ‌4 - فقه الإيمان بالرسل

- ‌5 - فقه الإيمان باليوم الآخر

- ‌6 - الإيمان بالقضاء والقدر

- ‌1 - فقه الإيمان بالقضاء والقدر

- ‌2 - فقه المشيئة والإرادة

- ‌3 - فقه خلق الأسباب

- ‌4 - فقه خلق الخير والشر

- ‌5 - فقه النعم والمصائب

- ‌6 - فقه الشهوات واللذات

- ‌7 - فقه السعادة والشقاوة

- ‌8 - فقه كون الحمد كله لله

- ‌9 - فقه الولاء والبراء

الفصل: ‌2 - فقه اليقين

‌2 - فقه اليقين

قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24)} [السجدة: 24].

وقال الله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2)} [الرعد: 2].

اليقين من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد، فاليقين روح أعمال القلوب، التي هي روح أعمال الجوارح.

ومتى وصل اليقين إلى القلب امتلأ نوراً وإشراقاً، وانتفى عنه كل ريب وشك، وكل سخط وحيرة، وكل هم وغم.

وإذا وصل اليقين إلى القلب امتلأ بمحبة الله .. والخوف منه .. والرضا به .. والشكر له .. والتوكل عليه .. والإنابة إليه .. والتوجه إليه .. والأنس به .. وعدم الالتفات إلى غيره.

واليقين لا يساكن قلباً فيه سكون لغير الله.

واليقين: هو ظهور الشيء للقلب بحيث يصير نسبته إليه كنسبة المرئي إلى العين .. فلا يبقى معه شك ولا ريب أصلاً .. وهذا نهاية الإيمان وهو مقام الإحسان.

ومن علامات اليقين:

النظر إلى الله في كل شيء .. والرجوع إليه في كل أمر .. والاستعانة به في كل حال .. والالفتات إليه في كل نازلة .. والإنس به في كل وقت .. وإرادة وجهه في كل حركة وسكون .. وعدم الالتفات عنه إلى غيره في كل حال.

وإذا استكمل العبد حقائق اليقين صار البلاء عنده نعمة، والرخاء عنده مصيبة؛ لأن البلاء يرده إلى معبوده، والرخاء يشغله عن معبوده غالباً.

ص: 787

واليقين على ثلاث درجات:

الدرجة الأولى: علم اليقين، وهو قبول ما ظهر من الحق سبحانه من أوامره ونواهيه ودينه وشرعه الذي ظهر لنا منه، وعلمناه بواسطة رسله، فنتلقاه بالقبول والتسليم والانقياد.

وقبول ما غاب للحق، وهو الإيمان بالغيب الذي أخبر به الله سبحانه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من أمور المعاد كالجنة والنار، وما قبل ذلك من الصراط والميزان والحساب، وما قبل ذلك من تشقق السماء وانفطارها، وانتثار الكواكب، ورج الأرض، ونسف الجبال، وطي العالم، وما قبل ذلك من أمور البرزخ، وعذاب القبر ونعيمه.

فقبول هذا كله إيماناً وتصديقاً هو علم اليقين، بحيث لا يخالج القلب فيه شبهة ولا شك ولا ريب.

والوقوف على ما قام بالحق سبحانه من أسمائه وصفاته وأفعاله، ونعوت كماله، وتوحديه.

وهذه الثلاثة أشرف العلوم:

علم الأسماء والصفات والتوحيد .. وعلم الأمر والنهي .. وعلم المعاد واليوم الآخر.

الدرجة الثانية: عين اليقين، وهو رؤية الشيء عياناً، فعلمنا الآن بالجنة والنار علم يقين، فإذا أزلفت الجنة للمتقين، وشاهدها الخلائق، وبرزت الجحيم للغاوين، وعاينها الخلائق، فذلك عين اليقين.

الدرجة الثالثة: حق اليقين، وهي أعلى درجات اليقين، وهي مباشرة الشيء والإحساس به، كما إذا أدخل أهل الجنة الجنة، وتمتعوا بما فيها من ألوان النعيم، وأدخل أهل النار النار، وذاقوا ما فيها من ألوان العذاب، فذلك حينئذ حق اليقين.

فعلم اليقين بالقلب، وعين اليقين بالبصر، وحق اليقين بالمباشرة والتذوق

ص: 788

والإحساس، ومعرفة القلب، ورؤية البصر.

وقد شبهت المراتب الثلاث بمن أخبرك أن عنده عسلاً وأنت لا تشك في صدقه، ثم أراك إياه فازددت يقيناً، ثم ذقت منه.

فالأول علم اليقين، والثاني عين اليقين، والثالث حق اليقين.

ويحصل اليقين للإنسان من أربعة أبواب:

السمع .. والبصر .. والكلام .. والفكر.

فإذا سمع الإنسان كلام الله ورسوله تأثر بذلك.

وإذا نظر إلى آيات الله الكونية وآياته الشرعية تأثر بذلك.

وإذا تفكر في عظمة الله وكبريائه، وعظمه مخلوقاته وأفعاله تأثر بذلك.

وإذا تكلم في عظمة الله، وعظمه أسمائه وصفاته، وتحدث بنعمه وآلائه جاء عنده اليقين، وتأثر بذلك.

فإذا استعمل الإنسان هذه القوى في معرفة الله وأسمائه وصفاته وأفعاله تأثر القلب فجاء عنده اليقين على ربه، ولم يلتفت لغيره.

فاليقين يورث التأثر .. ثم يأتي التوجه إلى الله .. ثم تأتي الرغبة في الأعمال الصالحة .. ثم تأتي السعادة في الدنيا والآخرة.

واليقين لا يحصل إلا بالمجاهدة، فالقائم على النار يخاف منها ولا يلتفت إلى سواها، فكيف إذا وقف أمام الخالق الجبار كيف لا يخافه هيبةً وإجلالاً وتعظيماً.

والطفل الصغير إذا أراد شيئاً من أمه أو أبيه سأله بيقين، لأنه لا يعرف غيرهما، فكذلك المسلم إذا سأل ربه باليقين، ولم يلتفت إلى غيره أجابه كما قال سبحانه:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)} [البقرة: 186].

والبكاء سبب لحصول المراد، فالطفل يبكي كلما أراد شيئاً من أمه أو أبيه، ولا يزال يبكي حتى يحصل على ما يريد.

ص: 789

وكذلك المسلم يبكي أمام الله خاشعاً ذليلاً، مستغفراً متضرعاً حتى يستجاب له كما قال سبحانه عن عباده المؤمنين:{وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109)} [الإسراء: 109].

ويقين البشر على قسمين:

أحدها: يقين على الله، وهذا يقين المؤمنين، وهذا اليقين يولد الطاعة والمحبة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والإقبال على الله، والتوجه إليه في جميع الأحوال.

الثاني: يقين على الأسباب والأشياء، وهذا يقين الكفار، وهذا اليقين يولد عند الإنسان الاعتماد على الأسباب، والدعوة إلى الأسباب، والتوجه إليها في جميع الأحوال.

وبسبب هذا اليقين يغفل الإنسان عن مراد الله منه، وعن مراده من الله، ويشغل بدنياه عن آخرته، فيشقى في دنياه، ويخسر آخرته.

واليقين على شيء بجعل الإنسان يتوجه إليه، ويعتمد عليه، سواء كان مالاً، أو جاهاً، أو علماً، أو قوة، أو طعاماً، أو صنماً، أو دواءً.

ولما كان الاعتماد على هذه الأشياء من دون الله في قضاء الحاجات شركاً بالله.

لذا يجب نفي تأثير جميع المخلوقات والأشياء، وإثبات اليقين على ذات الله وأسمائه وصفاته ودينه، فهو الفعّال لما يشاء، وغيره لا يفعل شيئاً إلا بإذنه، فهو سبحانه الذي {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2)} [الرعد: 2].

ولهذا لا ينتفع بالقرآن حقاً إلا من نفى تأثير هذه الأشياء النفي الكامل، وجاء عنده اليقين على الله وحده، وتكل عليه وحده، وفوض الأمور كلها إلى الله وحده، كما قال سبحانه:{هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (20)} [الجاثية: 20].

فمن آمن بالله وحده .. وسلم نفسه لله وحده .. وتوكل على الله وحده .. وصبر على ذلك .. نصره الله .. وسخر له الكائنات .. واستخلفه في الأرض .. وأسعده في الدنيا والآخرة .. وجعله داعياً إلى الله وإلى دينه .. كما قال سبحانه:

ص: 790

{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24)} [السجدة: 24].

فبطاعة الله ورسوله، وامتثال الأوامر الشرعية، تقضى الحاجات، وتحل مشاكل الدنيا والآخرة، لا بالأموال والأسباب.

وأهل الجاهلية كان عندهم مرضان خطيران:

الأول: اليقين على الأسباب والأصنام، فاجتهد عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم حتى خرج من قلوبهم يقين الأسباب، ويقين الأصنام، إلى اليقين على الله وحده لا شريك له.

الثاني: كان عندهم مرض آخر، وهو أن قاضي الحاجات هو الأسباب.

فالله عز وجل أعطاهم الأوامر لقضاء حاجاتهم، فأخرج لهم الحوت العظيم من البحر .. وأنزل لهم بصلاة الاستسقاء الماء من السماء .. وأخرج لهم الماء في الحديبية من بين أصابع الرسول صلى الله عليه وسلم .. ورأوا البركة في الطعام والماء واللبن بسبب امتثال أوامر الله عز وجل، وقضى الله حاجاتهم ونصرهم مع قلة الأسباب أو عدمها.

وبسبب الدعوة إلى الله يزيد الإيمان، ويخرج اليقين من على الأسباب إلى اليقين على الأعمال والأوامر كما قال سبحانه:{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)} [الأعراف: 96].

ويسهل خروج اليقين على الأصنام، لكن يقين الأسباب لا يخرج إلا بالمجاهدة المستمرة، والتضحية بكل شيء من أجل إعلاء كلمة الله.

والله عز وجل جعل القلوب مكان الإيمان واليقين والتوحيد، وأعطى الأجسام لامتثال أوامر الله في جميع الأحوال.

وحتى يمشي الإنسان على أوامر الله أنزل الله القرآن الذي فيه أوامر الدين، وأوامر جهد الدين.

ص: 791

ولكي يمشي المسلم على أوامر الله ويؤديها على ما يحب الله، أرسل الله رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم قدوة للناس كما قال سبحانه:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)} [الأحزاب: 21].

وإذا كان يقين المسلم على ربه قوياً فلن يقف له شيء، لأن الله معه، وإذا كان الله معه فمن ذا يقف له؟ .. ومن ذا يستهين به؟.

وإذا نزعنا من قلوبنا اليقين على المخلوقات سلب الله قوتها وسخرها لنا، فماذا قال أصحاب موسى، وماذا قال موسى .. ؟، حين رأوا البحر وفرعون وقومه:{فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62)} [الشعراء: 61، 62].

فلما سلب موسى اليقين على الماء والعدو وتوكل على الله وحده، جاءته نصرة الله فوراً، فانفلق له البحر، فأنجى الله موسى ومن آمن معه، وأهلك عدوه بهذا البحر في آن واحد، أمر بالنجاة، وأمر بالهلاك كما قال سبحانه:{فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (68)} [الشعراء: 63 - 68].

ومن كان يقينه على غير الله سلطه الله عليه وأذله به وخذله من جهته كما أذل الله قوم نوح مع كثرتهم، وعاداً مع قوتهم، وفرعون مع ملكه، وقارون مع ماله.

والمؤمن في يقينه على ربه كالطير، فما دام الطير في الأرض، يرى كل شيء كبيراً، ويخاف من أي شيء، فإذا حلق في السماء، رأى كل شيء صغيراً، ولا يخاف من أحد لأنه ترقى في علو السماء.

فكذلك المسلم ما دام متأثراً بالمخلوق فهو دائماً في خوف، فإذا تعلق بالله وتوكل عليه وحده سقط من عينه المخلوق مهما كان، ومهما كانت قوته.

فالمؤمن إذا جاء عنده اليقين، وعرف حقيقة الإيمان رأى الدنيا ومن فيها صغيراً حقيراً فانياً، واستغنى بربه عما سواه، الذي هو خالق كل شيء، وهو على كل

ص: 792

شيء قدير، وبيده الأمر كله:{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62)} [الزمر: 62].

وإذا جاء اليقين على ذات الله وأسمائه وصفاته وأفعاله، وخزائنه، ووعده ووعيده، أقبل المسلم على ربه، وتلذذ بطاعته، ونفر من معصيته، وسارع إلى ما يرضيه، وجفل مما يغضبه، واستغنى بربه عما سواه.

والفرق بين يقين المؤمن، ويقين الكافر:

أن المؤمن يقينه أن كل شيء بأمر الله .. وجوده بأمر الله .. وزواله بأمر الله .. وزيادته بأمر الله .. ونقصه بأمر الله، ونفعه بأمر الله .. وضرره بأمر الله .. وكثرته بأمر الله .. وقلته بأمر الله.

أما الكافر فيقينه على ما يراه من الأسباب فقط.

وقد فسد يقين كثير من المسلمين من ثلاثة وجوه:

الأول: إذا سألت المسلم، كيف نحصل على المال؟.

قال بالعمل أو التجارة، وكذلك يقول اليهودي والنصراني وكل كافر، فصار يقين هؤلاء كيقين الكفار على الأسباب.

الثاني: إذا سألت المسلم كيف نحصل على الأشياء كالطعام واللباس ونحوهما؟، قال بالمال، وهذا ما يقوله اليهودي والنصراني وكل كافر.

الثالث: إذا سألت المسلم كيف تصلح أحوالنا؟، وكيف يذهب عنا الخوف والذلة والجوع؟.

قال: إذا كانت عندنا القوة والمال والأشياء، وهذا ما يقوله اليهودي والنصراني، وكل كافر.

ولكن مقتضى الإيمان أن يقول المؤمن:

المال لا يأتي إلا بإرادة الله .. والعمل والتجارة سبب.

والأشياء لا تأتي إلا بإرادة الله .. والأحوال لا تصلح إلا بإرادة الله .. فهو الذي يفعل ما يشاء .. ويغير إذا شاء .. ويبدل إذا شاء، فما شاء الله كان .. وما لم يشأ لم

ص: 793

يكن .. وبيده كل شيء كما قال سبحانه: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)} [آل عمران: 26].

فالله عز وجل يفعل ما يشاء .. ويخلق ما يشاء .. تارة بالأسباب .. وتارة بضد الأسباب .. وتارة بدون الأسباب.

واليقين يقوم على أصلين:

الأول: يقين على المشاهدات، ويتركز في القلوب بمشاهدة المخلوقات والكائنات والنظر إليها نظر اعتبار وتفكر، فنرى المخلوقات ونذكر الخالق، ونرى الصور ونذكر المصور، ونرى الأرزاق ونذكر الرازق .. وهكذا.

الثاني: يقين على الغيبيات كالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والجنة والنار، ويثبت في القلوب بكثرة المذاكرة حولها.

وإذا جاء اليقين على ذات الله، وعلى عظمة الله وقدرته، فالله عز وجل يسخر الكائنات لخدمة أوليائه، وإهلاك أعدائه، حتى يكون الغائب كالشاهد.

وإذا جاء اليقين على ذات الله، وعلى عظمة الله وقدرته، فالله عز وجل يسخر الكائنات لخدمة أوليائه، وإهلاك أعدائه.

كما سخر الماء لتدمير كفار قوم نوح، وإهلاك فرعون وقومهم.

وكما أرسل الريح لتدمير كفار قوم عاد .. وهكذا النار سخرها الله لحفظ إبراهيم صلى الله عليه وسلم .. وهكذا النار أرسلها الله على قوم شعيب فأهلكتهم .. وهكذا جبريل أرسله الله إلى قوم لوط فقلب ديارهم عليهم .. وهكذا قوم ثمود أهلكهم الله بالصيحة ..

ولكن الكفار اجتهدوا لإفساد يقين المسلمين على ربهم، فصرفوهم عن الاستفادة من قدرة الله إلى اليقين على الأسباب والأشياء، لأنهم يعرفون أن المسلمين لو رجعوا للاستفادة من قدرة الله بالإيمان والأعمال الصالحة لنصرهم الله وأعزهم فهزموهم، وكسروا دولتهم.

ص: 794

فلذلك جرُّوا المسلمين إلى يقينهم ليكونوا وراءهم ولا يسبقونهم.

والله عز وجل أطلع إبراهيم صلى الله عليه وسلم على ما في ملكوت السموات والأرض من المخلوقات، فلما علم أنه ليس بيدها شيء، وأن أمرها بيد الله وحده، صرف وجهه عن هذه الأشياء إلى خالق هذه الأشياء، وتوكل عليه وحده في جميع أموره فقال:{إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79)} [الأنعام: 79].

وبهذا اليقين العظيم واجه الباطل، وأنجاه الله من ظلم الطغاة، فلما ألقوه في النار، أنجاه الله من النار، وانتصر التوحيد على الشرك.

وكثير من الناس يقينه في الظاهر على الله، وفي الباطن على الأموال والأشخاص والأشياء، وهذا ليس بصحيح، فإن قاضي الحاجات واحد لا شريك له، وإن كان الله يقضي ببعض الأسباب حاجات بعض الناس امتحاناً وابتلاء، فالأسباب يبتلي بها المسلم، ويطمئن بها الكافر.

فالمؤمن يقينه على الله وحده، والكافر يقينه على الأسباب وحدها.

وكلما دخل حب الدنيا في القلب ضعف اليقين، ثم ضعف الإيمان، ثم ضعفت العبادة، ثم ضعف امتثال أوامر الله في جميع شعب الحياة، ثم جاء غضب الله وسخطه، ثم حلت العقوبات بالأمة.

وكلما استعملت الأمة النفس والمال والوقت على مراد النفس لا على مراد الله جاءت العقوبات والمصائب في الدنيا والآخرة كما قال سبحانه: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)} [طه: 123، 124].

وثمرة الإيمان بالله وإخلاص العمل له حصول اليقين على ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله وخزائنه ووعده ووعيده، وعدم الالتفات إلى ما سواه.

وبكمال الإيمان، وكمال اليقين، وكمال التقوى تحصل الخيرات .. وتنزل

ص: 795

البركات .. وتقضى الحاجات في الدنيا والآخرة.

وكلما زاد الجهد لدين الله زاد الإيمان، ثم زاد اليقين، ثم زادت التقوى.

واليقين الكامل يحصل للعبد بأربعة أمور هي:

اليقين الأول: أن يعلم العبد بأنه لا حول ولا قوة إلا بالله، ولا تصريف ولا تدبير لجميع المخلوقات إلا بأمر الله وحده، فكل المخلوقات والموجودات ليس بيدها شيء.

والأشكال والأسباب، والبواعث والنتائج، لا تأتي ولا تحصل ولا تفعل إلا بأمر الله وإذنه وإرادته سبحانه، ولا ينفع شيء في الكون ولا يضر إلا بإذن الله، وهذا هو معنى (لا إله).

اليقين الثاني: أن يتيقن العبد أن الله هو القادر وحده لا شريك له، وأن قدرته مطلقة، وأنه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ولا يحتاج لغيره في إرادته وأفعاله، وأنه خالق كل شيء، وبيده الأمر كله، وهو المعبود الذي يستحق العبادة وحده دون سواه، وهذا هو معنى (إلا الله).

اليقين الثالث: أن السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة هي بالإيمان والتقوى، ولا يمكن أن ينالها الإنسان في حياته إلا باقتدائه بالأسوة الحسنة محمد صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله، وعدم الاقتداء بشخصية أحد سواه كما قال سبحانه:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)} [الأحزاب: 21].

فقد علمنا محمد صلى الله عليه وسلم كيفية الاستفادة من خزائن الله بالإيمان والتقوى، وإن كاننت الأسباب طريقاً آخر.

فعلمنا كيفية العبادة وأوقاتها، وكيفية المعاشرات والمعاملات، وأداء الحقوق، والحلال والحرام، وكل ما تحتاج الإنسانية لسعادة الدارين.

اليقين الرابع: أن جميع الأجسام والأشكال، والأسباب والأعمال لا تفيد بغير طريق ومنهج الرسول صلى الله عليه وسلم.

ص: 796

فالتجارة والصناعة والزراعة، والوظائف والمعاملات، والحكم والولايات هي وأصحابها في خطر دائم إن لم يكونوا جميعاً على طريق محمد صلى الله عليه وسلم.

ويقيننا على أي قوة غير قوة الله يسلطها الله علينا، وإذا نزعنا من قلوبنا اليقين على المخلوقات ولم نتأثر بها ولا منها سلب الله قوتها فوراً، وسخرها لنا.

فإبراهيم صلى الله عليه وسلم حينما ألقي في النار، لم يتوجه إلى أي مخلوق، وإنما توجه إلى الله طالباً منه النجاة وحده.

فسلب الله الإحراق من النار فوراً، وجعلها برداً وسلاماً عليه.

وموسى صلى الله عليه وسلم لما تبعه فرعون وجنوده، ووقف أمام البحر:{فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62)} [الشعراء: 61، 62].

فسلب اليقين على ضر الماء والعدو فجاءته نصرة الله، وأنجاه الله ومن آمن معه، وفتح له البحر فعبره ونجا، وعبره فرعون ومن معه فأغرقهم الله.

ويحصل اليقين وكمال الطاعة والعبودية بأمور أهمها:

التوحيد، فيرى الأشياء والأحوال كلها من مسبب الأسباب سبحانه، ولا يلتفت إلى الوسائط، بل يرى الوسائط مسخرة لا حكم لها.

فينزل الوسائط في قلبه منزلة القلم في حق المنعم بالتوقيع، فإنه لا يشكر القلم ولا يغضب عليه، بل يشكر المنعم بالتوقيع.

ومنها الثقة بضمان الله له بالرزق، ومهما غلب على ظنه كان مجملاً في الطلب، ولم يشتد حرصه وشرهه وتأسفه على ما فاته.

ومنها أن يغلب على قلبه أن من يعلم مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره، فيقبل على الطاعات، ويجتنب المعاصي.

وذلك يثمر صدق مراقبة الله في الحركات والسكنات، والتحرز من السيئات.

ومنها اليقين بأن الله مطلع عليك في كل حال، ومشاهد لهواجس ضميرك.

وثمرة ذلك أن يكون الإنسان في خلوته متأدباً في جميع أحواله، كالجالس بمشهد ملك معظم، ينظر إليه محترزاً من كل هيئة تخالف هيئة الأدب والوقار،

ص: 797

وكذا في فكره.

وهذا يورث الحياء والخوف، وذلك يورث فعل الطاعات، واجتناب المعاصي والسيئات:{ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (4)} [الجمعة: 4].

والقلب إذا زاد نور الإيمان فيه أناب إلى الله، وتوكل عليه وحده، وأحب الطاعات، وكره المعاصي.

وبامتثال أوامر الله وفعل كل سنة يزداد نور القلب، وبمخالفة السنن يزيد ظلام القلب، وتحصل العقوبات.

والإيمان يزيد بالطاعات والدعوة، والنظر في الآيات الكونية، والآيات الشرعية، ولكن الباطل لا يزول إلا بالتضحية بكل شيء من أجل إعلاء كلمةالله.

والتضحية بكل شيء من أجل إعلاء كلمة الله ..

والمخلوق كله أوله وآخره .. صغيره وكبيره .. فقيره وغنيه .. أميره ومأموره .. تدبيره وتصريفه .. كله بيد الله وحده لا شريك له .. فهو خالقه ومالكه ومصرفه .. فكما أن أعضاء الإنسان تتحرك كلها بوجود روحه .. فكذلك هذا العالم وما فيه من المخلوقات لا يتحرك إلا بأمره سبحانه.

وجميع المخلوقات نواصيها بيد الله وحده، فالأحوال الشديدة لما حصلت في غزوة بدر، النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة لم يتفكروا من سيكون معهم الفرس أو الروم، ومن يستعينون به منهما؟.

بل هم اجتهدوا كيف يكون الله معنا، فتوجهوا إليه، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم وما زالوا في الدعاء والبكاء حتى نزلت عليهم نصرة الله كما قال سبحانه:{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10)} [الأنفال: 9، 10].

ورحمة الناس تكون بتوجيه الناس إلى الله، وإلى عبادة الله، وإلى امتثال أوامر

ص: 798

الله، ليفوزوا برضاه، ويستفيدوا من خزائنه، ويسعدوا بجنته.

وباليقين يحصل المسلم على نور التوحيد .. ويستفيد من خزائن الله.

وبالرحمة يحصل على روح الرسالة .. وينفع الخلق .. لأنه يحب لهم ما يحب لنفسه.

وقد أعطى الله كل نبي سلاحين:

سلاح الدعوة .. وسلاح الدعاء.

فبالأول تنزل الهداية، وبالثاني تقضى الحاجات.

والشيطان أول من أفسد يقين آدم على ربه وعلى أوامره، حين أغراه بالأكل من الشجرة، ليحصل له الملك والخلد، فلما خالف أمر الله بالأكل من الشجرة، أخرجه الله من الجنة، وأهبطه والشيطان إلى الأرض بعد أن تاب عليه، وحذره وذريته من الشيطان بقوله:{يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27)} [الأعراف: 27].

ولا يزال الشيطان يفسد يقين الخلق، فاتبعوه إلا قليل منهم:{وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (20)} [سبأ: 20].

فهل من داعٍ إلى الله؟ .. وهل من مذكر بالله .. وهل من ناصح لعباده؟.

{هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (52)} [إراهيم: 52].

ص: 799