الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البر
ومن أسمائه الحسنى عز وجل: البر.
قال الله تعالى: {قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (27) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28)} [الطور: 26 - 28].
الله تبارك وتعالى هو البر، اللطيف بعباده، الذي عم ببره جميع خلقه، فلم يبخل عليهم برزقه وإحسانه.
وهو سبحانه البر الرحيم بعباده، العطوف عليهم، المحسن إليهم، البر بالمحسن في مضاعفة الثواب له، والبر بالمسيء في الصفح والتجاوز عنه.
وهو سبحانه البر الرحيم الكريم، الذي عمّ جميع خلقه بعطائه، المحسن إليهم، المصلح لأحوالهم في الدنيا والدين.
أما في الدنيا فبما قسم لهم من الأرزاق، وأعطاهم من الصحة والقوة، والمال والأولاد، والجاه والرياسة، ونحو ذلك من النعم التي لا يمكن إحصاؤها.
ويشترك في هذا المؤمن والكافر، والبر والفاجر.
وأما في الدين فبما منَّ الله به على المؤمنين من التوفيق للإيمان والطاعات، ثم إعطاؤهم الثواب الجزيل على ذلك في الدنيا والآخرة.
وهو سبحانه الذي هدى ووفق وأعان أولاً، وأثاب وأعطى آخراً.
فمنه الإيجاد .. ومنه الإعداد .. ومنه الإمداد .. ومنه الهداية.
فله الحمد في الأولى والآخرة.
وهو سبحانه البر الرفيق بعباده، الذي يريد بهم اليسر، ولا يريد بهم العسر، فلا يكلفهم ما لا يطيقون، ويعفو عن كثير من سيئاتهم، ويجزيهم بالحسنة عشر أمثالها، ولا يجزيهم بالسيئة إلا واحدة.
الذي طلب من العباد القليل من العمل، وأعطى لهم الجزيل من الأجر، وهو
الغني عن العباد وما يعملون.
وهو سبحانه البر الرحيم، الذي يمهل المسيء من عباده، ويعطيه المهلة بعد المهلة للتوبة، مع قدرته على المعاجلة بالعقوبة:{وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا (58)} [الكهف: 58].
والله جل جلاله هو البر، الذي يحب البر، ويأمر به، ويحب من يتخلق به من عباده الأبرار.
والبر اسم جامع للخيرات كلها، ولا ينال العبد بر الله تعالى إلا باتباع ما يفضي إلى بره ومرضاته ورحمته، وذلك بالاستقامة على عبادته وطاعته كما قال سبحانه:{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92)} [آل عمران: 92].
وهو سبحانه البر الذي أنعم على عموم عباده بعطائه، لأنه لا رازق غيره، وجميع الأرزاق ملكه.
فأعطى الكفار من النعم التي يتمتعون بها قليلاً في الدنيا، ويعذبون عليها طويلاً في الآخرة، وهذه أعلى حالة تكون للكافر في الدنيا.
فلا يغترُالمؤمن بهذا المتاع الذي ليس له ثبوت ولا بقاء كما قال سبحانه: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197)} [آل عمران: 196، 197].
أما المؤمنون بالله المتقون له، فلهم مع عز الدنيا ونعيمها، جنات في الآخرة تجري من تحتها الأنهار، نزلاً لعباده الأبرار، وهم الذين برت قلوبهم، فبرت أقوالهم وأفعالهم، فأثابهم البر الرحيم من بره أجراً عظيماً، وعطاءً جسيماً، وفوزاً دائماً، وما يحصل لهم في الدنيا من الشدة والعناء، فهو بالنسبة إلى النعيم المقيم في الآخرة نزر يسير، ومنحة في صورة محنة، والله حكيم عليم.
فلله ماذا ينتظر هؤلاء الأبرار من النعيم والبهجة والسرور؟:
وكتاب هؤلاء الأبرار في أعلى الأمكنة وأوسعها وأفسحها، وهم في أعلى الجنة، وكتابهم يشهده المقربون من الملائكة الكرام، والأنبياء والأبرار:{كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (21)} [المطففين: 18 - 21].
فما أكرم هذا الرب العظيم، الذي أنعم على عباده في الجنة بأعلى أنواع النعيم، نعيم القلب، ونعيم الروح، ونعيم البدن، ولقاهم نضرةً وسروراً، وبهجةً وحبوراً:{إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (23) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26)} [المطففين: 22 - 26].
اللهم: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193)} [آل عمران: 193].