الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفتاح
ومن أسمائه الحسنى عز وجل: الفتاح .. والفاتح.
قال الله تعالى: {قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (26)}
…
[سبأ: 26].
وقال الله تعالى: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (89)} [الأعراف: 89].
الله تبارك وتعالى هو الفتاح، الذي يحكم ويقضي بين عباده بالحق والعدل، الفتاح العليم بالقضاء بين خلقه، لأنه لا تخفى عليه خافية، ولا يحتاج إلى شهود تعرفه المحق من المبطل، والمصلح من المفسد.
وهو سبحانه الفتاح، الذي يفتح أبواب الرزق والرحمة والعلم لعباده، ويفتح المنغلق عليهم من أمورهم وأسبابهم، وييسر المتعسر عليهم، ويفتح قلوبهم وعيون بصائرهم ليبصروا الحق والهدى.
وهو سبحانه الفتاح الذي يحكم بين عباده في الدنيا والآخرة، ويفتح بينهم بالحق والعدل.
قال نوح صلى الله عليه وسلم: {قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (117) فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (118)} [الشعراء: 117، 118].
وقد استجاب الله سبحانه لرسله ولدعائهم، ففتح بينهم وبين أقوامهم بالحق والنصر، فأنجى الله رسله وأتباعهم، وأهلك أعداءهم، هذا في الدنيا.
وأما في الآخرة فالله كذلك الفتاح، الذي يحكم بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون، فيثيب الطائع، ويعاقب العاصي، كما قال سبحانه:{قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (26)}
…
[سبأ: 26].
وقد سمى الله عز وجل يوم القيامة لعظمته وهوله بيوم الفتح كما قال سبحانه: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (28) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ
كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (29)}
…
[السجدة: 28، 29].
والله جل جلاله بيده مفاتيح كل شيء، فهو الفتاح الذي يفتح ما استغلق من المحسوسات والمعقولات، فيغني فقيراً، ويفرج عن مكروب، ويزيل الهموم بالسرور، والجهل بالعلم، والضلالة بالهدى:{مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2)} [فاطر: 2].
والفتوح كلها بيد الله، فالفتح والنصر بيد الله وحده، يفتح على من يشاء، ويخذل من يشاء، فعلى العباد أن يطلبوا الفتح والنصر منه لا من غيره، ويعملوا بطاعته لينالوا مرضاته، ويسعدوا بفتحه ونصره كما قال سبحانه:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3)} [الفتح: 1 - 3].
والله جل جلاله له ملك السموات والأرض، وبيده مفاتيح السموات والأرض، وبيده مفاتيح الرحمة والأرزاق، والنعم الظاهرة والباطنة.
والخلق كلهم مفتقرون إلى الرب سبحانه، وليس بيد أحد منهم من الأمر شيء، يبسط الرزق على من يشاء، ويضيقه على من يشاء، حتى يكون بقدر حاجته لا يزيد عنها، فهو الذي يعلم أحوال عباده وما يصلحهم، فيعطي كلاً منهم ما يليق بحكمته، وتقتضيه مشيءته:{لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (12)} [الشورى: 12].
فسبحانه ما أكرمه .. وما أرحمه بعباده .. وما أعظم عنايته بخلقه.
إن الله لو فتح المطر على الناس، فمن ذا الذي يحبسه عنهم لئلا يغرقوا كما حصل لقوم نوح؟.
ولو حبس الله عن عباده القطر والنبات لما استطاعوا أن يفتحوا ما أغلقه الله سبحانه.
فالله سبحانه هو الذي فتق السحاب بالغيث، وفتق الأرض بالنبات، وفلق الحبة عن الشجرة، وفتح العين بالبصر، والأذن بالسمع، واللسان بالكلام.
ولو حبس الله عن الخلق نور الشمس فمن ذا الذي يفتحه؟.
ولو حبس الله عنهم الهواء الذي يتنفسون منه فمن ذا الذي يفتحه ويرسله؟:
ومما يفتحه الله على من يشاء من عباده العلم والحكمة والفقه في الدين، وذلك الفتح بحسب التقوى والصلاح كما قال سبحانه:{وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282)} [البقرة: 282].
والله عز وجل قد يفتح أنواع النعيم والخيرات على الناس استدراجاً وعقوبة لهم، إذا تركوا ما أمرهم الله به، ووقعوا فيما نهاهم عنه، كما قال سبحانه:{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45)}
…
[الأنعام: 44، 45].
اللهم افتح لنا أبواب رحمتك، وافتح لنا من بركات السماء والأرض:{رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (89)}
…
[الأعراف: 89].
ومفاتح الغيب لا يعلمها إلا الله وحده لا شريك له كما قال سبحانه: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59)} [الأنعام: 59].
ومفاتح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله حده، وقد عدها الله في قوله سبحانه:{إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34)}
…
[لقمان: 34].