الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدم والمؤخر
ومن أسمائه الحسنى عز وجل: المقدم والمؤخر.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أخَّرْتُ، وَمَا أسْرَرْتُ وَمَا أعْلَنْتُ، أنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأنْتَ الْمُؤَخِّرُ، وَأنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» متفق عليه (1).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ لَكَ أسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإلَيْكَ أنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أخَّرْتُ، وَمَا أسْرَرْتُ وَمَا أعْلَنْتُ، أنْتَ الْمُقَدِّمُ، وَأنْتَ الْمُؤَخِّرُ، لا إلَهَ إلا أنْتَ» متفق عليه (2).
الله تبارك وتعالى هو المقدم، الذي ينزل الأشياء منازلها، فيقدم ما شاء منها، ويؤخر ما شاء.
قدم المقادير قبل أن يخلق الخلائق، وقدم من أحب من أوليائه على غيرهم من عبيده، ورفع الخلق بعضهم فوق بعض درجات، وقدم من شاء بالتوفيق إلى مقامات السابقين، وأخر من شاء عن مراتبهم، وثبطهم عنها بحكمته.
وأخر سبحانه الشيء عن حين توقعه، لعلمه بما في عواقبه من الحكمة، لا مقدم لما أخر، ولا مؤخر لما قدم، وهو الحكيم العليم.
وهو سبحانه المقدم الذي يقدم الأشياء، ويضعها في مواضعها، فمن استحق التقديم قدمه، وهو المؤخر الذي يؤخر الأشياء، فيضعها في مواضعها، يقدم من شاء من خلقه إلى رحمته بتوفيقه، ويؤخر من يشاء عن ذلك لخذلانه.
وهو سبحانه المقدم المعطي لعوالي الرتب والمنازل، المؤخر الدافع عن عوالي الرتب والمنازل، العالم بمن يصلح لهذا .. ومن يصلح لهذا.
والله جل جلاله هو المقدم لبعض الأشياء على بعض، إما تقديماً في الخلق كتقديم بعض المخلوقات على بعض في الوجود، وكتقديم الأسباب على
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6398) واللفظ له، ومسلم برقم (2719).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1120) واللفظ له، ومسلم برقم (769).
مسبباتها.
وإما تقديماً في الشرع، كتفضيل أهل الإيمان على سائر البشر، وتفضيل بعض النبيين على بعض، وتفضيل بعض العباد على بعض، وتفضيل بعض العبادات على بعض، كتقديم الفرض على النافلة، وحق الله على حق غيره.
وهو سبحانه المؤخر بعض الأشياء عن بعض، إما بالزمان، وإما بالشرع، لا مقدم لما أخر، ولا مؤخر لما قدم.
فهو سبحانه المقدم من شاء، المؤخر من شاء، وهو على كل شيء قدير، وإذا علم العبد ذلك، فعليه أن يقدم ما قدمه الله، ويؤخر ما أخره الله.
ومن أراد أن يقدمه الله على غيره، فليسابق إلى طاعته، والعمل بمرضاته، والتقرب إليه بما استطاع من محبوباته كالتقوى والإحسان والصبر.
ومن تأخر عن ذلك أخره الله، فإنه المتأخر عن درجات الخير والثواب، المؤخر في الآلام والعذاب.
قال الله تعالى: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21)} [الحديد: 21].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «تَقَدَّمُوا فَأْتَمُّوا بِي، وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ، لا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمُ اللهُ» أخرجه مسلم (1).
(1) أخرجه مسلم برقم (438).