الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباطن
ومن أسمائه الحسنى عز وجل: الباطن.
قال الله تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3)} [الحديد: 3].
الله تبارك وتعالى هو الباطن، المحتجب عن أبصار الخلق، الذي لا يراه أحد في الدنيا، ولا تدركه الأبصار في الآخرة، ولا تحيط به سبحانه:{لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103)} [الأنعام: 103].
فالمؤمنون في الآخرة وإن كانوا يرونه سبحانه إلا أنهم لا يدركونه ولا يحيطون به، لكمال عظمته وجلال كبريائه.
فالخالق جل جلاله ذو الملكوت، والجبروت، والكبرياء، والعظمة، له العزة والعظمة، وله الجلال والكبرياء، وهو أعظم وأجل وأكبر من أن يحيط به أحد من خلقه، لا في الدنيا ولا في الآخرة، بل هو المحيط بكل شيء:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)} [الطلاق: 12].
أما الكفار فلا يرون الرب مطلقاً لا في الدنيا ولا في الآخرة عقوبة لهم كما قال سبحانه: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (16)} [المطففين: 15، 16].
وهو سبحانه العليم ببواطن الأمور وظواهرها، فلا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، ولا جبل ما في وعره، ولا بحر ما في قعره.
يعلم السر وأخفى، ويستوي عنده من هو مستخف في قعر بيته في ظلام الليل، ومن هو سائر في طريقه في بياض النهار، يستوي عنده في العلم به هذا .. وهذا:{سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10)} [الرعد: 10].
وعبادة الله عز وجل باسمه الباطن تستوجب معرفة العبد بإحاطة الرب جل جلاله بالعالم العلوي والسفلي، ومعرفته بعظمته وكبريائه، وأن الخلائق كلها في قبضته، وأن السموات السبع والأرضين السبع في يده أصغر من الخردلة في يد الإنسان، وأنه اللطيف الذي يعلم السر وأخفى.
الباطن الذي ليس دونه شيء، وهو أقرب إلى كل شيء من نفسه، وله قرب خاص من عابديه كما قال سبحانه:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)}
…
[البقرة: 186].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يَا أيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لا تَدْعُونَ أصَمَّ وَلا غَائِباً، إِنَّهُ مَعَكُمْ إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ، تَبَارَكَ اسْمُهُ وَتعالى جَدُّه» متفق عليه (1).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأكْثِرُوا الدُّعَاءَ» أخرجه مسلم (2).
وهذا القرب من لوازم المحبة .. فكلما كان الحب أعظم كان القرب أكثر .. فتستولي محبة المحبوب على قلب العبد .. ويغلب محبوبه على قلبه حتى كأنه يراه ويشاهده .. فيرى الإله أقرب إليه من كل شيء مع كونه ظاهراً ليس فوقه شيء.
فسبحان الذي يعلم السر وأخفى، وملأ قلوب من شاء بالإيمان والتقوى.
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2992) واللفظ له، ومسلم برقم (2704).
(2)
أخرجه مسلم برقم (482).