الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرب
ومن أسمائه الحسنى عز وجل: الرب.
قال الله تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام: 164].
وقال الله تعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54)} [الأعراف: 54].
الله تبارك وتعالى هو الرب، المالك الذي له الخلق والأمر، السيد الذي لا شبيه له ولا مثيل في سؤدده، رب الأرباب، ومالك الملك، وخالق الخلق، الذي يدبر الأمر في السماء والأرض.
وهو سبحانه الرب الذي يربي الخلائق بأصناف النعم، المصلح أمر خلقه بما أسبغ عليهم من نعمه، المنعم الذي تفضل على عباده وخلقه بوافرالنعم، المربي لأنبيائه وأوليائه بإصلاح قلوبهم وأرواحهم وأخلاقهم:{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102)} [الأنعام: 102].
وهو جل جلاله الرب المربي لخلقه، المدبر لهم، القائم بأمورهم، المصلح لأحوالهم، الجابر لهم، قيوم الدنيا والآخرة، كل شيء خلقه، وكل مخلوق عبده وهو ربه، لا يصلح إلا بتدبيره، ولا يقوم إلا بأمره، ولا يبقى إلا بإذنه.
وهو سبحانه الذي خلق العباد، وهو الذي يرعاهم ويربيهم في أطوارهم المختلفة، فهو الذي خلق النطفة، ثم يجعلها علقة، ثم يجعلها مضغة، ثم يجعل المضغة عظاماً، ثم يكسو العظام لحماً، ثم يخلق الروح في البدن، ويجعله خلقاً آخر، وهو صغير ضعيف، فلا يزال سبحانه ينميه حتى يجعله آدمياً سوياً، ذكراً أو أنثى.
وهكذا كل شيء خلقه الله، فهو القائم عليه، والمبلغ إياه الحد الذي قدره له:{فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14)} [المؤمنون: 14].
والله سبحانه هو الرب الكريم، الذي يربي خلقه بالنعم المادية كما قال سبحانه:
{فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (36)} [الجاثيه: 36].
ويربي سبحانه عباده بالنعم الروحية التي تزكي قلوبهم وجوارحهم كما قال سبحانه: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2)}
…
[الجمعة: 2].
فلله الحمد والشكر على هذه .. وهذه، وهو المستحق للحمد وحده دون سواه كما قال سبحانه:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)} [الفاتحة: 2 - 4].
والله جل جلاله هو الرب الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، له الأسماء الحسنى، والصفات العلا، العليم بكل شيء، القادر على كل شيء، المحيط بكل شيء، القاهر لكل شيء، رب كل شيء ومليكه، لا يخرج شيء عن ربوبيته، وكل من في السموات والأرض عبد له، وفي قبضته، وتحت قهره:{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (3)} [يونس: 3].
فاجتمع العباد من الإنس والجن لله بصفة الربوبية، فهو الذي خلقهم، وهو الذي يربيهم، وافترقوا بصفة الإلهية، فألَّهه وحده السعداء، وأقروا بأنه الله الذي لا إله إلا هو، وأنه الرب الذي لا تنبغي العبادة والطاعة إلا له، وكفر به وأشرك الأشقياء.
وهنا صار الناس فريقين .. موحدين في الجنة .. ومشركين في النار كما قال سبحانه: {يَابَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (35) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (36)} [الأعراف: 35، 36].
فالدين والشرع، والأمر والنهي، مظهره وقيامه من صفة الإله سبحانه.
والخلق والإيجاد، والتدبير والتصريف، مظهره وقيامه من صفة الرب.
والجزاء بالثواب والعقاب، والجنة والنار، مظهره وقيامه من صفة الملك.
فأمر الله عباده بإلهيته .. وخلقهم ورزقهم، وأعانهم ووفقهم، وهداهم وأضلهم
بربوبيته .. وأثابهم وعاقبهم بملكه وعدله .. وكل واحدة من هذه الأمور لا تنفك عن الأخرى.
وأما الرحمة فهي السبب الذي بين الله وبين عباده.
فالتأليه منهم له .. والربوبية منه لهم .. والرحمة سبب واصل بين الله وبين عباده .. بها أرسل إليهم رسله .. وأنزل عليهم كتبه .. وبها هداهم .. وبها أسكنهم دار ثوابه .. وبها رزقهم وعافاهم وأنعم عليهم.
فبينهم وبينه سبب العبودية .. وبينه وبينهم سبب الرحمة .. وسع سبحانه كل شيء بربوبيته ورحمته كما قال سبحانه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)}
…
[الفاتحة: 2 - 4].
وقال سبحانه: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} [غافر: 7].
ومن عرف ذلك لم يطلب غير الله رباً وإلهاً.
ومن رضي بالله رباً فقد ذاق طعم الإيمان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ، مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبّاً وَبِالإِسْلامِ دِيناً وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولا» أخرجه مسلم (1).
ومن رضي أمراً سهل عليه ما يترتب عليه، ومن عرف ما يطلب هان عليه ما يبذل، وكذا المؤمن إذا دخل قلبه الإيمان، سهلت عليه طاعة الله تعالى ولذت له.
والعالم الرباني هو الذي يحقق علم الربوبية .. فيعرف الله بذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله .. ويعرف وعده ووعيده .. وآلاءه وإحسانه .. ثم يعرف أحكامه وشرعه.
يعمل بذلك .. ويعلِّمه .. ويدعو إليه .. ويربي الناس على مقدار ما يحتملونه .. فيبذل لخواصهم جوهره ومكنونه .. ويبذل لعوامهم ما ينالون به فضل الله ويدركونه.
وقد دعا الأنبياء والصالحون الله بهذا الاسم العظيم.
(1) أخرجه مسلم برقم (34).
فقال آدم صلى الله عليه وسلم: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)} [الأعراف: 23].
وقال نوح صلى الله عليه وسلم: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28)} [نوح: 28].
وقال إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127)} [البقرة: 127].
اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة .. وفي الآخرة حسنة .. وقنا عذاب النار.
{رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53)} [آل عمران: 53]
{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147)} [آل عمران: 147].
{رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)} [الأعراف: 23].