الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاهر
ومن أسمائه الحسنى عز وجل: القاهر، والقهار.
قال الله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (18)} [الأنعام: 18].
وقال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (65)} [ص: 65].
الله تبارك وتعالى هو القاهر فوق عباده، الذي خضعت له الرقاب، وذلت له الجبابرة، وعنت له الوجوه، وقهر كل مخلوق، ودانت له الخلائق، وتواضعت لعظمة جلاله وكبريائه، واستسلمت واستكانت بين يديه، وخضعت لقهره وحكمه وسلطانه.
والله جل جلاله هو القاهر فوق عباده، يًصرِّف ملكه على اختياره، ويدبر الأمر على ما تقدم في علمه، ويصرف الأحوال على ما سبق في مشيءته.
قهر جميع الخلائق على ما أراد، فلا يتصرف منهم متصرف، ولا يتحرك متحرك، ولا يسكن ساكن إلا بمشيءته، فليس للملوك وغيرهم الخروج عن ملكه وسلطانه، بل هم مدبرون مقهورون بأمره.
وإذا كان سبحانه هو القاهر لغيره، وغيره مقهور، كان هو المستحق للعبادة دون سواه:{أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39)} [يوسف: 39].
وهو سبحانه القهار الذي قهر المخلوقات كلها في العالم العلوي، وفي العالم السفلي، والذي قهر وغلب عباده أجمعين، وقهر الخلائق جميعاً على ما أراد.
وهو سبحانه القهار الذي قهر الخلق كلهم بالموت، وقهر الجبابرة من عتاة الخلق بالعقوبة، وقهر كل جبار بعز سلطانه، فدمره وأهلكه، وأخذه أخذ عزيز مقتدر، كما فعل بقوم نوح وعاد وثمود وفرعون وقارون.
وهو سبحانه الذي قهر الخلائق كلها بالأمراض والمصائب والنكبات التي لا يستطيعون ردها عن أنفسهم، فلا يستطيع أحد أن يخرج عن ملكه، ولا يخرج عن تدبيره، ولا يخرج عن تقديره:{سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (4)} [الزمر: 4].
وهو سبحانه الواحد القهار، المستحق للعبادة وحده لا شريك له، وما سواه من المخلوقات التي يعبدها الكفار، فإنما هي عاجزة مخلوقة مقهورة، لا تملك أن ترد الضر عن نفسها، فكيف تنفع غيرها، وكيف تقهر غيرها وهي مقهورة، فكيف تعبد وهذه حالها؟.
والله عز وجل خلق المخلوقات، وجعل فوق كل مخلوق مخلوقاً آخر يقهره، ثم جعل فوق ذلك القاهر قاهر أعلى منه، حتى ينتهي القهر لله الواحد القهار، الذي قهر جميع الخلائق، وله الخلق والأمر، والتصريف والتدبير:{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16)} [الرعد: 16].
فالرياح العاصفة من مخلوقات الله المدمرة، ولكن الله قهرها بالجبال الراسية تردها، وتفرقها، وتكسر حدتها .. والجبال من مخلوقات الله العظيمة، ولكن الله قهرها وسلط عليها الحديد يقطعها ويكسرها .. والحديد من مخلوقات الله العجيبة، لكن الله قهره بالنار تذيبه .. والنار عظيمة الشأن، ولكن الله سلط عليها الماء يطفئها .. والمياه آية من آيات الله الكبرى، ولكن الله سلط عليها الرياح تصرفها وتقلبها.
والنبات آية من آيات الله، قهره الله بالإنسان والحيوان يأكله ويقطعه .. وقهر الإنسان والحيوان بالمرض يقعده ويؤلمه .. وقهر سبحانه جميع الكائنات الحية بالموت الذي يهلكها.
فكل مخلوق له قاهر أعلى منه يقهره، حتى ينتهي القهر الكامل الشامل لله الواحد القهار، الذي قهر جميع الخلائق على ما أراد.
فسبحان الواحد القهار، العزيز الجبار:{الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9)} [البروج: 9].