الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكبير
ومن أسمائه الحسنى عز وجل: الكبير .. والمتكبر.
قال الله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9)} [الرعد: 9].
وقال الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (30)} [لقمان: 30].
…
[الحشر: 23].
الله تبارك وتعالى هو الكبير المتعال، العظيم الذي كل شيء دونه، ولا شيء أعظم منه، الذي كبر وعظم، فكل شيء دون جلاله صغير وحقير، الموصوف بالجلال وكبر الشأن.
وهو سبحانه الكبير الذي له الملك والعظمة والسلطان، وله الكبرياء في السموات والأرض، وله الحمد على ربوبيته لسائر الخلائق، حيث خلقهم ورباهم، وأنعم عليهم بالنعم الظاهرة والباطنة، وله الكبرياء والجلال، والعظمة والمجد:{فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (36) وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (37)} [الجاثية: 36، 37].
والله جل جلاله هو المتكبر الذي تكبر عن ظلم عباده، وتكبر عن كل سوء وشر، والذي تكبر بربوبيته فلا شيء مثله، وتكبر وتعالى عن صفات الخلق، فلا شيء مثله، العزيز الجبار المتكبر:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)}
…
[الشورى: 11].
فالله عز وجل أكبر من كل شيء، وأكبر من أن يعرف كنه كبريائه وعظمته، وأكبر من أن نحيط به علماً، هو الكبير وحده، وكل ما سواه صغير.
وهو عز وجل الكبير العظيم، أكبر من أن نعرف كيفية ذاته، وكيفية صفاته، ومن
أراد أن يعرف عظمة ربه وكبرياءه، وصفات جلاله، وصفات جماله، فلينظر إلى الآيات الكونية في العالم العلوي والسفلي، والآيات القرآنية التي لا تكاد تخلو آية منها من اسم لله، أو صفة من صفاته، أو فعل من أفعاله، أو أمر من أوامره، وعليه كذلك بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، الذي هو أعلم الخلق بربه، وعليه أنزل الكتاب العزيز.
فسبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة.
وهو سبحانه العزيز الجبار المتكبر، والتكبر لا يليق إلا به سبحانه، فهو خالق كل شيء، ومالك كل شيء، وبيده كل شيء، ولا يعجزه شيء، وهو القاهر لكل شيء، العالم بكل شيء، المحيط بكل شيء، الغني الذي خزائنه مملوءة بكل شيء:{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102) لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103)}
…
[الأنعام: 102، 103].
وصفة السيد التكبر والترفع، وأما العبد فصفته التذلل والخشوع والخضوع، والعبودية والطاعة.
وقد توعد الله الكبير المتعال جميع المتكبرين بأشد العذاب يوم القيامة جزاء استكبارهم عن الحق، واستكبارهم على العباد كما قال سبحانه عن المستكبرين:{فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (20)} [الأحقاف: 20].
واستكبارهم هذا هو رفضهم عبادة ربهم، وعدم الانقياد لله ولأوامره:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)}
…
[غافر: 60].
والكبر والكبرياء في حق الله عظيم، فلا يليق إلا به، والكبر والاستكبار في حق المخلوق قبيح يجلب على صاحبه الذلة والهوان والهلاك.
وإذا عرف الإنسان أن ربه هو الكبير وحده .. وأن كل ما سواه صغير .. فلماذا لا
يطيعه، ويأخذ منهج حياته منه؟.
فالكبر كان هو السبب في هلاك إبليس، ولعنة الله له، وطرده من رحمة الله، لما استكبر عن أمر ربه، وأبى أن يسجد لآدم كما قال سبحانه:{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)} [البقرة: 34].
ولا يكاد يخلو طاغية في الأرض من هذا المرض العضال، بل لا يكاد يخلو منه إنسان، فمقل ومستكثر، ومنهم من يبديه، ومنهم من يخفيه، والله عليم بذات الصدور.
والله تبارك وتعالى هو الكبير في ذاته وفي أسمائه وفي صفاته، الذي من عظمته وكبريائه أن الأرض قبضته يوم القيامة، والسموات مطويات بيمينه.
ومن كبريائه أن كرسيه وسع السموات والأرض، ومن عظمته وكبريائه أن نواصي الخلق كلهم بيده، فلا يتصرفون إلا بمشيءته، ولا يتحركون ويسكنون إلا بإذنه.
ومن كبريائه جل جلاله أن العبادات الصادرة من أهل السموات والأرض كلها المقصود منها تكبيره وتعظيمه، وإجلاله وإكرامه، ولهذا كان التكبير شعار العبادات الكبار كالصلاة، والأذان، والحج.
والله سبحانه العزيز الجبار المتكبر، الذي له الكمال والثناء، وله الحمد والمجد من جميع الوجوه، المنزه عن كل آفة ونقص، له الملك كله، الغني عن كل ما سواه، الذي لا يحتاج إلى أحد من المخلوقات في الأرض والسماء، فله الحمد والشكر، وله العزة والمجد:{وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (111)}
…
[الإسراء: 111].
فعلينا تعظيم الله وإجلاله وتكبيره، بالإخبار بأسمائه الحسنى، وصفاته العلا، وبالثناء عليه بهما، وبتحميده بأفعاله المقدسة.
وبتعظيمه وإجلاله بعبادته وحده لا شريك له. وإخلاص الدين كله له، وبتعظيم شعائره ودينه، وأوامره وكلامه، وتوقير رسله بطاعتهم والاقتداء بهم.