الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القوي
ومن أسمائه الحسنى عز وجل: القوي.
قال الله تعالى: {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (19)} [الشورى: 19].
وقال الله تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21)} [المجادلة: 21].
الله تبارك وتعالى هو القوي، الذي لا يغلبه غالب، ولا يرد قضاءه راد، الذي ينفذ أمره وقضاؤه، الكامل القدرة فلا يعجزه شيء، التام القوة فلا يستولي عليه العجز في حال من الأحوال، ومن قوته أنه أوصل رزقه إلى جميع العالم.
وهو سبحانه القوي العزيز، الذي له العزة كلها، القاهر الغلاب الذي لا يغلبه غالب، ولا يفوته هارب، الذي قهر جميع المخلوقات، ودانت له الخلائق، وخضعت له جميع الكائنات، وامتنع أن يناله أحد من المخلوقات.
وهو سبحانه القوي، الذي لا يستنصره أحد إلا غلب، ولا يعجزه أمر أراده، ولا ينفع أهل القوة قوتهم إن لم يعنهم بقوته.
والله عز وجل هو القوي الجبار، القوي القهار، الذي له القوة جميعاً وحده لا شريك له، لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه، ولا غالب لأمره.
يعز من يشاء، ويذل من يشاء، وينصر من يشاء، ويخذل من يشاء، السموات والأرض بيده أصغر من الخردلة.
وهو سبحانه القوي، الذي له القدرة التامة، الذي خلق العرش والكرسي، وخلق الملائكةالعِظام، والذي خلق السموات السبع الشداد، وخلق الأرضين السبع، وخلق الجبال الراسيات، والنجوم الزاهرات، والكواكب النيرات، والحيوان والنبات، والإنس والجان.
وهو سبحانه القوي القاهر الجبار، الذي قهر الجبابرة، وأذل كل متكبر جبار،
القوي العزيز الذي: {أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى (50) وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى (51) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى (52) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى (53) فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى (54) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى (55)} [النجم: 50 - 55].
أهلك الله القوي الجبار قوم عاد حين كذبوا الرسل، وكفروا بالله واستكبروا في الأرض، واغتروا بقوة أبدانهم، وضخامة أجسادهم، وعظيم بطشهم في البلاد والعباد كما قال سبحانه:{فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (15)} [فصلت: 15].
فأرسل الله عليهم عقوبة لهم الهواء الذي يألفونه، ولا يستغنون عنه لحظة، ريحاً عظيمة عقيمة، لها صوت مزعج كالرعد القاصف، ما تذر شيئاً أتت عليه إلا جعلته كالرميم، ودمرهم ذو القوة والجبروت:{فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25)} [الأحقاف: 25].
وهو سبحانه القوي العزيز الذي أهلك ثموداً لما كذبوا صالحاً، وكفروا بالله، أهلكهم بصوت واحد كما قال سبحانه:{وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (17) وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (18)} [فصلت: 17، 18].
وهو سبحانه القوي الذي أغرق قوم نوح لما كذبوا نوحاً، وكفروا بالله كما قال سبحانه:{وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (37) وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا (38) وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا (39)} [الفرقان: 37 - 39].
وقد أهلك الله القوي العزيز الجبار جميع الأمم التي كذبت الرسل، وكفرت بالله، والذين أفسدوا في أرض الله، واستكبروا فيها بغير الحق، وجحدوا ما أنعم الله عليهم به من الملك والجاه، والمال والولد، والصحة والأمن، واستعملوا
تلك النعم في معصية الله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (22)} [غافر: 22].
وكان عذاب الله للأمم التي كذبت الرسل مختلفاً بحسب جرمهم، أظهر الله بذلك العذاب وتلك العقوبات قدرته، وقوته، وشدة بطشه بمن عصاه.
وكانت تلك العقوبات تارة بالماء .. وتارة بالريح .. وتارة بالصيحة .. وتارة بالخسف .. وتارة بالنار .. وتارة بالحصب بالحجارة .. وذلك كما حصل لقوم لوط .. وقوم شعيب .. وعاد وثمود .. وقارون وفرعون وهامان: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40)} [العنكبوت: 40].
ألا ما أعظم قوة الله .. وما أشد قوة بطشه بمن عصاه، وكذب رسله.
إن الله قوي عزيز .. وكل قوة في هذا الكون من الله .. وكل قوة في الجبال والبحار .. وكل قوة في الحديد والنار .. وكل قوة في الملائكة والروح .. وكل قوة في الإنس والجن والحيوان .. وكل قوة في السموات والأرض .. والنجوم والكواكب .. كل قوة في هذه المخلوقات العظيمة خلقها الله .. وأودعها في هذه المخلوقات .. وجميع قوة هذه المخلوقات لا تساوي ذرة بالنسبة لقوة الله عز وجل.
بل قوة جميع تلك المخلوقات لو اجتمعت لواحد منهم، ثم كان جميعهم على قوة ذلك الواحد، فإن قوة أولئك كلهم لا تساوي شيئاً بالنسبة لقوة الملك القوي العزيز الجبار:{مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (74)} [الحج: 74].
فسبحان القوي العزيز، ذو القوة المتين، القوي الذي رفع السماء بغير عمد،
وأمسكها أن تقع على الأرض، القوي في بطشه، الذي إذا بطش بشيء أهلكه، الجبار الذي قهر المخلوقات كلها بقوته، العزيز في ملكه، الذي ذلت وخضعت له المخلوقات كلها، في العالم العلوي وفي العالم السفلي، والذي قهر المخلوقات كلها على ما أراد:{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (66)}
…
[هود: 66].
وسبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، الذي تفرد بالقوة والعزة، وله الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير:{فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (36) وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (37)} [الجاثية: 36، 37].