الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحمد بن حنبل (1)(241 هـ)
أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الإمام حقا وشيخ الإسلام صدقا أبو عبد الله الذهلي الشيباني المروزي ثم البغدادي أحد الأئمة الأعلام. روى عن الشافعي ومعتمر بن سليمان ومحمد بن جعفر وعبد الرحمن بن مهدي وعبد الرزاق بن همام ووكيع بن الجراح وعدة. روى عنه البخاري ومسلم وأبو داود وإبراهيم الحربي وابناه صالح وعبد الله وأبو حاتم وأبو زرعة وطائفة. قال أبو عبيد: إني لأتدين بذكر أحمد، ما رأيت رجلا أعلم بالسنة منه. قال المزني: أحمد بن حنبل يوم المحنة، وأبو بكر يوم الردة، وعمر يوم السقيفة، وعثمان يوم الدار، وعلي يوم الجمل وصفين. وقال الشافعي: خرجت من العراق، فما تركت رجلا أفضل ولا أعلم ولا أورع ولا أتقى من أحمد بن حنبل. وقال أبو الحسن الطرخاباذي الهمداني: أحمد ابن حنبل محنة به يعرف المسلم من الزنديق.
ومناقبه كثيرة، قد أفردها العلماء بالتأليف كابن الجوزي والبيهقي وغيرهما. توفي رحمه الله سنة إحدى وأربعين ومائتين.
موقفه من المبتدعة:
- عن إبراهيم بن محمد بن الحسن قال: حدثت عن أحمد بن حنبل، وذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "تفترق الأمة على نيف وسبعين فرقة، كلها في النار
(1) طبقات ابن سعد (7/ 354 - 355) والجرح والتعديل (1/ 292 - 313) والحلية (9/ 161 - 233) وتاريخ بغداد (4/ 412 - 423) ووفيات الأعيان (1/ 63 - 65) وتهذيب الكمال (1/ 437 - 470) وتذكرة الحفاظ (1/ 431 - 432) والوافي بالوفيات (6/ 363 - 369) والبداية والنهاية (10/ 340 - 358) والسير (11/ 177 - 358).
إلا فرقة" (1)، فقال: إن لم يكونوا أصحاب الحديث فلا أدري من هم. (2)
- جاء في طبقات الحنابلة: عن أحمد بن حنبل -في تفسير حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرسا "(3)؟ - قال: هم أصحاب الحديث. (4)
- وفيها: رأى أحمد بن حنبل أصحاب الحديث، وقد خرجوا من عند محدث والمحابر بأيديهم. فقال أحمد: إن لم يكن هؤلاء الناس، فلا أدري من الناس؟. (5)
- وفيها: حدثنا أحمد بن مروان الخزاعي، حدثنا صالح بن أحمد بن حنبل قال: سمعت أبي يقول: ما الناس إلا من يقول: حدثنا، وأخبرنا، وسائر الناس لا خير فيهم. (6)
- وفيها بالسند إلى أبي إسماعيل الترمذي قال: كنت أنا وأحمد بن الحسن الترمذي عند أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، فقال له أحمد بن
(1) أحمد (4/ 102) وأبو داود (5/ 5 - 6/ 4597) والحاكم (1/ 128) من حديث معاوية بن أبي سفيان وقال: "هذه أسانيد تقام بها الحجة في تصحيح هذا الحديث" ووافقه الذهبي. وقال العراقي في تخريج الأحياء (4/ 1879): "ورواه الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو وحسنه، ولأبي داود من حديث معاوية وابن ماجه من حديث عوف وأنس ابن مالك وأسانيدها جياد". والحديث صححه غير واحد من أهل العلم. انظر الصحيحة (1/ 204).
(2)
شرف أصحاب الحديث (25) وتلبيس إبليس (400).
(3)
أخرجه: أحمد (4/ 200) وابن ماجه (1/ 5/8 المقدمة) وابن حبان (الإحسان 2/ 32 - 33/ 326) عن أبي عنبة الخولاني وقال البوصيري في الزوائد (1/ 44): "هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات".
(4)
طبقات الحنابلة (1/ 391).
(5)
طبقات الحنابلة (1/ 426).
(6)
طبقات الحنابلة (3/ 136).
الحسن: يا أبا عبد الله ذكروا لابن أبي قتيلة بمكة أصحاب الحديث فقال: أصحاب الحديث قوم سوء، فقام أبو عبد الله وهو ينفض ثوبه ويقول: زنديق زنديق زنديق فدخل البيت. (1)
- وفيها قال أحمد: من كذَّب بالرواية فهو زنديق. (2)
- وفيها: قال المروذي سئل أحمد: أمر في الطريق فأسمع الإقامة: ترى أن أصلي؟ فقال: قد كنت أسهل، فأما إذ كثرت البدع (3) فلا تصل إلا خلف من تعرف. (4)
- وفيها: حدثنا الفضل قال: سمعت أبا عبد الله وسئل عن الرجل يسأل عن الشيء من المسائل، فيرشد صاحب المسألة إلى رجل يسأله عنها، هل عليه شيء في ذلك؟ فقال: إذا كان الرجل متبعا أرشده إليه فلا بأس، قيل له فيفتي بقول مالك وهؤلاء؟ قال: لا، إلا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وآثاره وما روي عن أصحابه، فإن لم يكن روي عن أصحابه شيء فعن التابعين. (5)
" التعليق:
لله در هذا الإمام ما أعظم حرصه على السنة، ماذا يقول مقلدة الحنابلة وغيرهم في هذا إذا ظهر لهم الدليل؟ فهذا الإمام يشترط في الفتوى
(1) طبقات الحنابلة (1/ 38) وشرف أصحاب الحديث (ص.74) وذم الكلام (78) وتلبيس إبليس (400) ومجموع الفتاوى (4/ 96).
(2)
طبقات الحنابلة (1/ 95).
(3)
المقصود: البدع التي تصل بأصحابها إلى الكفر.
(4)
طبقات الحنابلة (1/ 59).
(5)
طبقات الحنابلة (2/ 15).
أن تكون مصحوبة بسنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو آثار عن الصحابة أو التابعين. أما الذي يفتي الفتوى مجردة عن الدليل فلم يأذن الإمام في استفتائه.
- وفي فتح الباري: عن أحمد: يؤخذ العلم عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم عن الصحابة فإن لم يكن فهو في التابعين مخير. (1)
- وفي طبقات الحنابلة: قال أبو عبد الله: إنما على الناس اتباع الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعرفة صحيحها من سقيمها ثم يتبعها إذا لم يكن لها مخالف، ثم بعد ذلك قول أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأكابر وأئمة الهدى يتبعون على ما قالوا وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كذلك لا يخالفون إذا لم يكن قول بعضهم لبعض مخالفا، فإذا اختلفوا نظر في الكتاب بأي قولهم كان أشبه بالكتاب أخذ به أو كان أشبه بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ به، فإن لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، نظر في قول التابعين فأي قولهم كان أشبه بالكتاب والسنة أخذ به وترك ما أحدث الناس بعدهم. (2)
- وقال قتيبة: خير أهل زماننا ابن المبارك، ثم هذا الشاب، يعني: أحمد ابن حنبل، وإذا رأيت رجلا يحب أحمد، فاعلم أنه صاحب سنة. ولو أدرك عصر الثوري، والأوزاعي، والليث، لكان هو المقدم عليهم. فقيل لقتيبة: يضم أحمد إلى التابعين؟ قال: إلى كبار التابعين. وقال قتيبة: لولا الثوري،
(1) الفتح (3/ 29).
(2)
طبقات الحنابلة (2/ 15 - 16).
لمات الورع، ولولا أحمد لأحدثوا في الدين، أحمد إمام الدنيا. (1)
- قال حنبل صليت بأبي عبد الله العصر، فصلى معنا رجل يقال له محمد بن سعيد الختلي، وكان يعرفه بالسنة. فقعد أبو عبد الله بعد الصلاة، وبقيت أنا وهو والختلي في المسجد ما معنا رابع. فقال لأبي عبد الله: نهيت عن زيد بن خلف أن لا يكلم؟ قال: كتب إلي أهل الثغر يسألوني عن أمره، فكتبت إليهم، فأخبرتهم بمذهبه وما أحدث، وأمرتهم أن لا يجالسوه، فاندفع الختلي على أبي عبد الله، فقال: والله لأردنك إلى محبسك، ولأدقن أضلاعك
…
في كلام كثير. فقال لي أبو عبد الله: لا تكلمه ولا تجبه. وأخذ أبو عبد الله نعليه وقام فدخل وقال: مر السكان أن لا يكلموه ولا يردوا عليه. فما زال يصيح، ثم خرج. فلما كان بعد ذلك، ذهب هذا الختلي إلى شعيب، وكان قد ولي على قضاء بغداد، وكانت له في يديه وصية، فسأله عنها، ثم قال له شعيب: يا عدو الله، وثبت على أحمد بالأمس، ثم جئت تطلب الوصية، إنما أردت أن تتقرب إلي بذا، فزبره، ثم أقامه. فخرج بعد إلى حسبة العسكر. (2)
- عن أحمد بن شهاب الإسفراييني: سمعت أحمد بن حنبل، وسئل عمن نكتب في طريقنا؟ فقال: عليكم بهناد، وبسفيان بن وكيع، وبمكة ابن أبي عمر، وإياكم أن تكتبوا، يعني: عن أحد من أصحاب الأهواء، قليلا ولا
(1) السير (11/ 195).
(2)
السير (11/ 221).
كثيرا. عليكم بأصحاب الآثار والسنن. (1)
- جاء في سير أعلام النبلاء: ثم إن رافعا رفع إلى المتوكل: إن أحمد رَبَّص علويا في منزله، يريد أن يخرجه ويبايع عليه. قال: ولم يكن عندنا علم، فبينا نحن ذات ليلة نيام في الصيف، سمعنا الجلبة، ورأينا النيران في دار أبي عبد الله، فأسرعنا، وإذا به قاعد في إزار، ومظفر بن الكلبي صاحب الخبر، وجماعة معهم، فقرأ صاحب الخبر كتاب المتوكل: ورد على أمير المؤمنين أن عندكم علويا ربصته لتبايع له، وتظهره، في كلام طويل. ثم قال له مظفر: ما تقول؟ قال: ما أعرف من هذا شيئا، وإني لأرى له السمع والطاعة في عسري ويسري، ومنشطي ومكرهي، وأثرة علي، وإني لأدعو الله له بالتسديد والتوفيق في الليل والنهار، في كلام كثير. فقال مظفر: قد أمرني أمير المؤمنين أن أحلفك، قال: فأحلفه بالطلاق ثلاثا، أن ما عنده طلبة أمير المؤمنين. ثم فتشوا منزل أبي عبد الله والسرب والغرف والسطوح، وفتشوا تابوت الكتب، وفتشوا النساء والمنازل، فلم يروا شيئا، ولم يحسوا بشيء، ورد الله الذين كفروا بغيظهم، وكتب بذلك إلى المتوكل، فوقع منه موقعا حسنا، وعلم أن أبا عبد الله مكذوب عليه. وكان الذي دس عليه رجل من أهل البدع. ولم يمت حتى بين الله أمره للمسلمين، وهو ابن الثلجي. (2)
- قال المروذي: قلت لأبي عبد الله: من مات على الإسلام والسنة،
(1) السير (11/ 231).
(2)
السير (11/ 266 - 267).
مات على الخير؟ فقال: اسكت، بل مات على الخير كله. (1)
- قال أبو مزاحم الخاقاني: قال لي عمي عبد الرحمن بن يحيى بن خاقان: أمر المتوكل بمسألة أحمد عمن يقلد القضاء، فسألت عمي أن يخرج إلي جوابه، فوجه إلي نسخته:
بسم الله الرحمن الرحيم نسخة الرقعة التي عرضتها على أحمد بن محمد ابن حنبل بعد أن سألته، فأجابني بما قد كتبته. سألته عن أحمد بن رباح، فقال فيه: جهمي معروف، وإنه إن قلد شيئا من أمور المسلمين، كان فيه ضرر عليهم. وسألته عن الخلنجي، فقال فيه: كذلك. وسألته عن شعيب بن سهل، فقال: جهمي معروف بذلك. وسألته عن عبيد الله بن أحمد، فقال: كذلك. وسألته عن المعروف بأبي شعيب، فقال: كذلك. وسألته عن محمد ابن منصور قاضي الأهواز، فقال: كان مع ابن أبي دؤاد، وفي ناحيته وأعماله، إلا أنه كان من أمثلهم. وسألته عن علي بن الجعد، فقال: كان معروفا بالتجهم، ثم بلغني أنه رجع. وسألته عن الفتح بن سهل، فقال: جهمي من أصحاب المريسي. وسألته عن الثلجي، فقال: مبتدع صاحب هوى. وسألته عن إبراهيم بن عتاب، فقال: لا أعرفه إلا أنه كان من أصحاب بشر المريسي، وفي الجملة أن أهل البدع والأهواء، لا ينبغي أن يستعان بهم في شيء من أمور المسلمين مع ما عليه رأي أمير المؤمنين، أطال الله بقاءه، من التمسك بالسنة والمخالفة لأهل البدع. يقول أحمد بن محمد بن
(1) السير (11/ 296).
حنبل: قد سألني عبد الرحمن بن يحيى عن جميع من في هذا الكتاب، وأجبته بما كتب، وكنت عليل العين ضعيفا في بدني، فلم أقدر أن أكتب بخطي، فوقع هذا التوقيع في أسفل القرطاس عبد الله ابني بأمري، وبين يدي. (1)
- قال الخلال: بلينا بقوم جهال، يظنون أنهم علماء. فإذا ذكرنا فضائل أبي عبد الله، يخرجهم الحسد، إلى أن قال بعضهم فيما أخبرني ثقة عنه: أحمد ابن حنبل نبيهم. (2)
- قال صالح ابن الإمام أحمد: وجاء جار لنا قد خضب، فقال أبي: إني لأرى الرجل يحيي شيئا من السنة فأفرح به. (3)
- قال السلمي: حضرت جنازة أبي الفتح القواس مع الدارقطني، فلما نظر إلى الجمع، قال: سمعت أبا سهل بن زياد، يقول: سمعت عبد الله بن أحمد، يقول: سمعت أبي يقول: قولوا لأهل البدع: بيننا وبينكم يوم الجنائز. (4)
- عن الخلال: سمعت عبد الوهاب الوراق: يقول: أظهر الناس في جنازة أحمد بن حنبل السنة والطعن على أهل البدع، فسر الله المسلمين بذلك على ما عندهم من المصيبة لما رأوا من العز وعلو الإسلام، وكبت أهل الزيغ. (5)
- عن أبي العباس الفضل بن زياد قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن
(1) السير (11/ 297 - 298).
(2)
السير (11/ 305).
(3)
السير (11/ 335) ومناقب الإمام أحمد لابن الجوزي (ص.403).
(4)
السير (11/ 340).
(5)
السير (11/ 342).
محمد بن حنبل يقول: نظرت في المصحف فوجدت فيه طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة وثلاثين موضعا ثم جعل يتلو: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (1). وجعل يكررها ويقول: وما الفتنة؟ الشرك لعله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيزيغ قلبه فيهلكه. وجعل يتلو هذه الآية: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} (2). (3)
- قال: وسمعت أبا عبد الله يقول: من رد حديث النبي صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلكة. (4)
" التعليق:
قال ابن بطة: فالله الله إخواني، احذروا مجالسة من قد أصابته الفتنة فزاغ قلبه وعشيت بصيرته واستحكمت للباطل نصرته، فهو يخبط في عشواء ويعشو في ظلمة أن يصيبكم ما أصابهم، فافزعوا إلى مولاكم الكريم فيما أمركم به من دعوته وحضكم عليه من مسألته فقولوا: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ
(1) النور الآية (63).
(2)
النساء الآية (65).
(3)
الإبانة (1/ 1/260/ 97) وطبقات الحنابلة (1/ 97 - 98).
(4)
الإبانة (1/ 1/260/ 97) والفقيه والمتفقه (1/ 289) وطبقات الحنابلة (2/ 15) والسير (11/ 297).
الْوَهَّابُ} (1).اهـ (2)
- قال أبو علي حنبل بن إسحاق بن حنبل: كتب رجل إلى أبي عبد الله رحمه الله كتابا يستأذنه فيه أن يضع كتابا يشرح فيه الرد على أهل البدع، وأن يحضر مع أهل الكلام فيناظرهم ويحتج عليهم، فكتب إليه أبو عبد الله: بسم الله الرحمن الرحيم، أحسن الله عاقبتك ودفع عنك كل مكروه ومحذور، الذي كنا نسمع وأدركنا عليه من أدركنا من أهل العلم أنهم كانوا يكرهون الكلام والجلوس مع أهل الزيغ، وإنما الأمور في التسليم والانتهاء إلى ما كان في كتاب الله أو سنة رسول الله، لا في الجلوس مع أهل البدع والزيغ لترد عليهم، فإنهم يلبسون عليك وهم لا يرجعون. فالسلامة إن شاء الله في ترك مجالستهم والخوض معهم في بدعتهم وضلالتهم، فليتق الله امرؤ وليصر إلى ما يعود عليه نفعه غدا من عمل صالح يقدمه لنفسه، ولا يكن ممن يحدث أمرا فإذا هو خرج منه أراد الحجة فيحمل نفسه على المحال فيه وطلب الحجة لما خرج منه، بحق أو بباطل ليزين به بدعته وما أحدث، وأشد من ذلك أن يكون قد وضعه في كتاب قد حمل عنه، فهو يريد أن يزين ذلك بالحق والباطل وإن وضح له الحق في غيره ونسأل الله التوفيق لنا ولك والسلام عليك. (3)
- عن إسحاق بن إبراهيم بن هانيء قال: سألت أبا عبد الله عن رجل
(1) آل عمران الآية (8).
(2)
الإبانة (1/ 1/260 - 261).
(3)
الإبانة (2/ 3/471 - 472/ 481).
مبتدع داعية يدعو إلى بدعته يجالس؟ قال أبو عبد الله: لا يجالس ولا يكلم لعله يتوب. (1)
- عن حنبل بن إسحاق قال: سمعت أبا عبد الله يقول: أهل البدع ما ينبغي لأحد أن يجالسهم ولا يخالطهم ولا يأنس بهم. (2)
- عن أبي بكر المروذي، قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل ينكر على أصحاب القياس ويتكلم فيهم بكلام شديد. (3)
- عن أبي بكر الأثرم، قال: سمعت أبا عبد الله: أحمد بن حنبل، يقول: إنما هو السنة والاتباع، وإنما القياس أن نقيس على أصل، فأما أن تجيء إلى الأصل فتهدمه، ثم تقول هذا قياس، فعلى أي شيء كان هذا القياس؟.
قيل لأبي عبد الله، فلا ينبغي أن يقيس إلا رجل عالم كبير، يعرف كيف يشبه الشيء بالشيء. فقال: أجل، لا ينبغي. (4)
- عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: قلت لأبي: رجل وقعت له مسألة وفي البلد رجل من أهل الحديث فيه ضعف، وفقيه من أهل الرأي، أيهما يسأل، قال: لا تسأل أهل الرأي، ضعيف الحديث خير من قوي الرأي. (5)
- وكتب إلى أبي سليمان الجوزجاني: إن أمسكت عن كتب الرأي
(1) الإبانة (2/ 3/475/ 494).
(2)
الإبانة (2/ 3/475/ 495).
(3)
الفقيه والمتفقه (1/ 463).
(4)
الفقيه والمتفقه (1/ 500).
(5)
ذم الكلام (98).
سمعنا منك كتب الحديث. وأرسل إلى يحيى بن صالح الوحاظي الحمصي، إن تركت الرأي أتيناك فسمعنا منك. (1)
- وسئل أحمد بن حنبل عن النظر في الرأي فكرهه ونهى عنه. (2)
- وحكي عن أحمد بن حنبل: أنه قال: إذا رأيت الرجل يبغض مالكا، فاعلم أنه مبتدع. (3)
- قال أحمد: من دل على صاحب رأي ليفتنه، فقد أعان على هدم الإسلام. (4)
- قال زياد بن أيوب: سألت أحمد بن حنبل عن أبي ثور؟ فقال: لا يجالس. (5)
- قال أبو داود السجستاني: قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: أرى رجلا من أهل السنة مع رجل من أهل البدعة، أَتْرُكُ كلامَه؟ قال: لا، أو تُعلِمَه أن الرجل الذي رأيته معه صاحب بدعة. فإِنْ تَركَ كلامه فكلمه، وإلا فألحقه به. قال ابن مسعود: المرء بخدنه. (6)
- عن عبد الله بن أحمد حدثنا أبي قال: قبور أهل السنة من أهل الكبائر روضة. وقبور أهل البدعة من الزهاد حفرة، فساق أهل السنة أولياء الله.
(1) ذم الكلام (296).
(2)
ذم الكلام (110).
(3)
الاعتصام (2/ 631).
(4)
طبقات الحنابلة (1/ 54) والسير (12/ 485).
(5)
طبقات الحنابلة (1/ 158).
(6)
طبقات الحنابلة (1/ 160).
وزهاد أهل البدعة أعداء الله. (1)
- عن عبد الله بن محمد بن الفضل الصيداوي قال: قال لي أحمد: إذا سلم الرجل على المبتدع فهو يحبه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم (2) ". (3)
- عن عبد السلام قال: قلت لأبي عبد الله: إن بطرسوس رجلا قد سمع رأي عبد الله بن المبارك يفتي به. قال: هذا من ضيق علم الرجل، يقلد دينه رجلا، لا يكون واسعا في العلم. (4)
- عن علي بن أبي خالد قال: قلت لأحمد: إن هذا الشيخ -لشيخ حضر معنا- هو جاري وقد نهيته عن رجل، ويحب أن يسمع قولك فيه: حرث القصير -يعني حارثا المحاسبي- وكنت رأيتني معه منذ سنين كثيرة، فقلت لي: لا تجالسه، ولا تكلمه. فلم أكلمه حتى الساعة. وهذا الشيخ يجالسه، فما تقول فيه؟ فرأيت أحمد قد احمر لونه، وانتفخت أوداجه وعيناه. وما رأيته هكذا قط. ثم جعل ينتفض، ويقول: ذاك؟ فعل الله به وفعل. ليس يعرف ذاك إلا من خبره وعرفه، أويه، أويه، أويه. ذاك لا يعرفه إلا من قد خبره وعرفه. ذاك جالسه المغازلي ويعقوب وفلان. فأخرجهم إلى رأي جهم. هلكوا بسببه. فقال له الشيخ: يا أبا عبد الله، يروي الحديث، ساكن خاشع،
(1) طبقات الحنابلة (1/ 184).
(2)
أخرجه: أحمد (2/ 291) ومسلم (1/ 74/54) وأبو داود (5/ 378/5193) والترمذي (5/ 50/2688) وابن ماجه (1/ 26/68) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
طبقات الحنابلة (1/ 196).
(4)
طبقات الحنابلة (1/ 217) وتلبيس إبليس (101) وإعلام الموقعين (2/ 200 - 201).
من قصته ومن قصته؟ فغضب أبو عبد الله، وجعل يقول: لا يغرك خشوعه ولينه، ويقول: لا تغتر بتنكيس رأسه. فإنه رجل سوء، ذاك لا يعرفه إلا من قد خبره. لا تكلمه، ولا كرامة له. كل من حدث بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان مبتدعا تجلس إليه؟ لا، ولا كرامة، ولا نعمى عين. وجعل يقول: ذاك. ذاك. (1)
- عن الفضل بن مهران أبي العباس قال: سألت أحمد، قلت: إن عندنا قوما يجتمعون فيدعون، ويقرءون القرآن، ويذكرون الله. فما ترى فيهم؟ فقال لي أحمد: يقرأ في المصحف، ويذكر الله في نفسه، ويطلب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: فأخ لي يفعل هذا، فأنهاه؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يقبل؟ قال: بلى، إن شاء الله. فإن هذا محدث: الاجتماع والذي تصف. (2)
- عن الفضل بن نوح قال: قلت لأحمد: أريد الخروج إلى الثغر، وإني أسأل عن هذين الرجلين: عن الكرابيسي، وأبي ثور؟ فقال: احذرهما. (3)
- عن محمد بن بندار السباك الجرجاني قال: قلت لأحمد بن حنبل رضي الله عنه: إني ليشتد علي أن أقول: فلان ضعيف، فلان كذاب. قال أحمد: إذا سكت أنت وسكت أنا، فمتى يعرف الجاهل الصحيح من السقيم؟ (4)
(1) طبقات الحنابلة (1/ 233 - 234).
(2)
طبقات الحنابلة (1/ 255).
(3)
طبقات الحنابلة (1/ 255).
(4)
طبقات الحنابلة (1/ 287).
- عن محمد بن يسر بن بشر بن أبي طاهر البلدي أحد الأصحاب قال أبو بكر الخلال: سمعته يقول: سألت أبا عبد الله عن النظر في الرأي؟ فقال: عليك بالسنة. فقلت له: يا أبا عبد الله، صاحب حديث ينظر في الرأي إنما يريد أن يعرف رأي من خالفه؟ فقال: عليك بالسنة. (1)
- قال أبو طالب: أخبروني عن الكرابيسي أنه ذكر قول الله: {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (2) قال: لو أكمل لنا ديننا ما كان هذا الاختلاف. فقال: -يعني أحمد بن حنبل- هذا الكفر صراحا. (3)
- سألت أبا عبد الله -يعني أحمد بن حنبل- عن الكرابيسي، وما أظهر، فكلح وجهه، ثم قال: إنما جاء بلاؤهم من هذه الكتب التي وضعوها، تركوا آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأقبلوا على هذه الكتب. (4)
- وجاء في طبقات الحنابلة: قرأت في كتاب أبي جعفر محمد بن أحمد ابن صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل حدثني عمي زهير بن صالح قال: قرأ علي أبي صالح بن أحمد هذا الكتاب وقال: هذا كتاب عمله أبي رضي الله عنه في مجلسه، ردا على من احتج بظاهر القرآن، وترك ما فسره رسول الله صلى الله عليه وسلم ودل على معناه، وما يلزم من اتباعه صلى الله عليه وسلم وأصحابه رحمة الله عليهم. قال
(1) طبقات الحنابلة (1/ 327).
(2)
المائدة الآية (3).
(3)
طبقات الحنابلة (1/ 40).
(4)
شرف أصحاب الحديث (6).
أبو عبد الله: إن الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه بعث محمدا نبيه صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون. وأنزل عليه كتابه الهدى والنور لمن اتبعه. وجعل رسوله صلى الله عليه وسلم الدال على معنى ما أراد من ظاهره وبالسنة، وخاصه وعامه، وناسخه ومنسوخه، وما قصد له الكتاب.
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المعبر عن كتاب الله، الدال على معانيه. شاهده في ذلك أصحابه، من ارتضاه الله لنبيه واصطفاه له. ونقلوا ذلك عنه. فكانوا هم أعلم الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم. وبما أخبر عن معنى ما أراه الله من ذلك بمشاهدتهم ما قصد له الكتاب. فكانوا هم المعبرين عن ذلك بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال جابر بن عبد الله: ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا عليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله، وما عمل به من شيء عملنا. فقال قوم: بل نستعمل الظاهر، وتركوا الاستدلال برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يقبلوا أخبار أصحابه. وقال ابن عباس للخوارج: أتيتكم من عند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المهاجرين والأنصار، ومن عند ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصهره، وعليهم نزل القرآن، وهم أعلم بتأويله منكم. وليس فيكم منهم أحد. وذكر تمام الكتاب بطوله. (1)
- قال المروذي: قلت لأبي عبد الله -يعني إمامنا أحمد- ترى للرجل أن يشتغل بالصوم والصلاة، ويسكت عن الكلام في أهل البدع؟ فكلح وجهه، وقال: إذا هو صام وصلى واعتزل الناس، أليس إنما هو لنفسه؟ قلت: بلى. قال: فإذا تكلم كان له ولغيره. يتكلم أفضل. (2)
(1) طبقات الحنابلة (2/ 65).
(2)
طبقات الحنابلة (2/ 216).
- عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: قلت لأبي: ما تقول في أصحاب الحديث يأتون الشيخ لعله أن يكون مرجئا أو شيعيا أو فيه شيء من خلاف السنة، أيسعني أن أسكت عنه أم أحذر عنه؟ فقال أبي: إن كان يدعو إلى بدعة وهو إمام فيها ويدعو إليها قال: نعم تحذر عنه. (1)
- عن محمد بن أحمد بن أبي الثلج، قال حدثني جدي قال: سألت أحمد ابن حنبل، قلت: يا أبا عبد الله أيهما أحب إليك: الرجل يكتب الحديث أو يصوم ويصلي؟ قال: يكتب الحديث. قلت: فمن أين فضلت كتابة الحديث على الصوم والصلاة؟ قال: لئلا يقول قائل: إني رأيت قوما على شيء فاتبعتهم.
" التعليق:
قال الخطيب قلت: طلب الحديث في هذا الزمان أفضل من سائر أنواع التطوع لأجل دروس السنن وخمولها، وظهور البدع واستعلاء أهلها. (2)
هذا التعليق من إمام المحدثين الخطيب البغدادي يدل على حراسة كبيرة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومراقبة لسيرها وانتشارها وكثرة وقلة حملتها وبروز أئمة في علومها، وظهور ما يضادها من مخالفين ومدافعين لها ومزاحمين لها بمناهج ضالة واسعة تستغرق الأعمار والأجيال، ويرى في ظاهرها اللمعان والانجذاب، ويرى رحمه الله أن الغفلة عن هذا التصوير الصحيح يعرض الإسلام تماما للزوال، إلا أن الله ضمن بقاءه على يد الطائفة المنصورة،
(1) الكفاية (46).
(2)
شرف أصحاب الحديث (85 - 86).
ويعرض الإسلام إلى كثير من التلبيسات والتحريفات المقصودة وذوبانه باسمه وتحت شعاره هذا في زمن الخطيب، فكيف بزماننا نحن الذي انتشرت فيه كل المذاهب الهدامة الكفرية الخارجة عن دائرة الإسلام، ولها أنصار ودول تعضدها وتنفق عليها وتخصص لها أعظم الميزانيات المالية. وأما المخالفون في دائرة الإسلام، فلا تسأل عن تمردهم عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وازدراء أهلها واحتقارهم ووصفهم بكل الأوصاف المشينة ومتابعتهم في كل خطواتهم للزج في كل متاهة سوء لعلهم ينحرفون عن منهاجهم ويرتدون عن أصولهم، ويوافقون كل منافق وناعق في كل ما يريده من انحراف وتحريف. اللهم هيئ للأمة الإسلامية أمر رشد يعز فيها أهل السنة ويذل فيها أهل البدعة والضلالة.
- قال يحيى بن منده في مناقب الإمام: وجدت بخط المؤتمن البغدادي الشيخ الصالح الثقة المتدين رحمه الله، قال: قال أبو يعلى الحنبلي البغدادي: أخرج إلي أبو الفتح عبد الوهاب بن أحمد الحراني صاحبنا هذه الأبيات، قال: وجدتها في كتاب المصباح، قال: أنشدني أبو منصور الفقيه لأحمد بن محمد ابن حنبل رحمه الله:
يا طالب العلم، صارم كل بطال
…
وكل غاد إلى الأهواء ميال
واعمل بعلمك سرا أو علانية
…
ينفعك يوما على حال من الحال
ولا تميلن -يا هذا- إلى بدع
…
تضل أصحابها بالقيل والقال
خذ ما أتاك به ما جاء من أثر
…
شبها بشبه وأمثالا بأمثال
ألا فكن أثريا خالصا فهما
…
تعش حميدا ودع آراء ضلال (1)
- عن أحمد بن حنبل قال: أصول الإيمان ثلاثة: دال، ودليل، ومستدل. فالدال: الله تبارك وتعالى، والدليل: القرآن، والمستدل: المؤمن. فمن طعن على حرف من القرآن فقد طعن على الله تعالى وعلى كتابه وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم. (2)
- وقال أبو عمر بن عبد البر: أنشدني عبد الرحمن بن يحيى قال: أنشدني أبو علي الحسن بن الخضر الأسيوطي بمكة قال: أنشدنا أبو القاسم محمد بن جعفر الأخباري قال: أنشدنا عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه:
دين النبي محمد أخبار
…
نعم المطية للفتى الآثار
لا ترغبن عن الحديث وأهله
…
فالرأي ليل والحديث نهار
ولربما جهل الفتى أثر الهدى
…
والشمس بازغة لها أنوار (3)
- قال الإمام أحمد في خطبته فيما صنفه من 'الرد على الزنادقة والجهمية فيما شكت فيه من متشابه القرآن وتأولته على غير تأويله'، قال: الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس
(1) طبقات الحنابلة (3/ 44).
(2)
طبقات الحنابلة (3/ 135).
(3)
جامع بيان العلم (1/ 782).
عليهم، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدع، وأطلقوا عنان الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مخالفون على مفارقة الكتاب، يقولون على الله، وفي الله، وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم، فنعوذ بالله من فتن الضالين. (1)
- عن أبي عبد الرحمن عبيد الله بن أحمد الحلبي قال: سألت أحمد بن حنبل عن محدث كذب في حديث واحد ثم تاب ورجع، قال توبته فيما بينه وبين الله تعالى، ولا يكتب حديثه أبدا. (2)
- عن الحسين بن منصورقال: سئل أحمد بن حنبل عمن يكتب العلم؟ فقال عن الناس كلهم، إلا عن ثلاثة، صاحب هوى يدعو إليه، أو كذاب فإنه لا يكتب عنه قليل ولا كثير، أو عن رجل يغلط فيرد عليه فلا يقبل. (3)
- قال أحمد: أصول السنة عندنا هي التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهم وترك البدع، وكل بدعة فهي ضلالة، وترك الخصومات، والجلوس مع أصحاب الأهواء، وترك المراء والجدال والخصومات في الدين والسنة عندنا آثار
…
وترك الهوى. (4)
- وكان يقول: لا تقلدوني ولا تقلدوا مالكا ولا الشافعي ولا الثوري،
(1) الرد على الجهمية والزنادقة (ص.85).
(2)
الكفاية (117).
(3)
الكفاية (144).
(4)
أصول الاعتقاد (1/ 176/317).