المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌موقفه من المشركين: - موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية - جـ ٤

[المغراوي]

فهرس الكتاب

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌أبو معاذ خلف بن سليمان (241 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من ضرار بن عمرو المعتزلي

- ‌إسحاق بن سليمان الجواز (241 هـ سنة وفاة الإمام أحمد)

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌حارث بن أبي الحارث المحاسبي (243 ه

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌ذو النون المصري الصوفي (245 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌أبو تراب النخشبي عسكر بن الحصين الصوفي (245 ه

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌أحمد بن أبي الحواري الصوفي (246 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌عبد الله بن البسري (246 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌الحسين الكرابيسي أبو علي (248 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌الرواجني الرافضي المبتدع عباد بن يعقوب أبو سعيد الأسدي (250 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌أبو الحسن السري السقطي الصوفي (251 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من محمد بن كرام (255 ه

- ‌موقف السلف من الجاحظ المعتزلي وبيان سوء عقيدته (255 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة والمشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة والقدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة والجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من يعقوب بن شيبة (262 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌أبو حفص الحداد الصوفي (264 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة والصوفية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌شاه الكرماني الصوفي (270 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌الحسن بن زيد الداعي (270 ه

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقف السلف من خبيث الزنج (270 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من إمام المسلمين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌هشام بن عبيد (277 هـ سنة وفاة أبي حاتم)

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌أبو عقيل المروزي (277 هـ سنة وفاة أبي حاتم)

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقف السلف من أبي سعيد أحمد بن عيسى الخراز (279 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌سهل بن عبد الله التستري الصوفي (283 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌ابن خراش الرافضي (283 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من التثويب:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة والرافضة والجهمية والخوارج والمرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من الجنيد (289 ه

- ‌موقف السلف من أبي حمزة الحلولي (289 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌عباد بن بشار (290 هـ سنة وفاة محمد بن زكريا الغلابي)

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من القاسم بن عبيد الله الوزير الزنديق (291 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقف السلف من زكرويه القرمطي (294 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من ابن الراوندي الزنديق الكبير (298 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌ موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقف السلف من الجبائي المعتزلي (303 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقف السلف من الحلاّج (309 ه

الفصل: ‌موقفه من المشركين:

نودي ببغداد أن لا يمكن أحد من القصاص والطرقية والمنجمين ومن أشبههم من الجلوس في المساجد ولا في الطرقات، وأن لا تباع كتب الكلام والفلسفة والجدل بين الناس. وذلك بهمة أبي العباس المعتضد سلطان الإسلام. (1)

" التعليق:

جزى الله خيرا هذا الخليفة الذي أعطى هذا الأمر السامي الذي قضى به على كتب البدع. وأما اليوم فقد حظيت هذه الكتب بالتعظيم والتقدير والرواج الكبير. إذ لا توجد مكتبة صغيرة ولا كبيرة، عامة أو خاصة إلا وهي مليئة بهذه الكتب إلا ما شاء الله، بل اتخذت منهجا يدرس للناشئة الغافلة. وأما القرآن وعلومه فخص بأصحاب القبور والتمائم والحروز. وأما الحديث وعلومه فلا ذكر له بين الناس. هذا هو الواقع السائد الآن في العالم الإسلامي إلا ما شاء الله.

‌موقفه من المشركين:

- جاء في البداية والنهاية: وقد أورد ابن الجوزي بإسناده أن المعتضد اجتاز في بعض أسفاره بقرية فيها مقثاة فوقف صاحبها صائحا مستصرخا بالخليفة، فاستدعى به فسأله عن أمره فقال: إن بعض الجيش أخذوا لي شيئا من القثاء وهم من غلمانك. فقال: أتعرفهم؟ فقال نعم. فعرضهم عليه فعرف منهم ثلاثة فأمر الخليفة بتقييدهم وحبسهم، فلما كان الصباح نظر الناس ثلاثة أنفس مصلوبين على جادة الطريق، فاستعظم الناس ذلك واستنكروه

(1) البداية والنهاية (11/ 69).

ص: 422

وعابوا ذلك على الخليفة وقالوا: قتل ثلاثة بسبب قثاء أخذوه؟ فلما كان بعد قليل أمر الخواص -وهو مسامره- أن ينكر عليه ذلك ويتلطف في مخاطبته في ذلك والأمراء حضور، فدخل عليه ليلة وقد عزم على ذلك ففهم الخليفة ما في نفسه من كلام يريد أن يبديه، فقال له: إني أعرف أن في نفسك كلاما فما هو؟ فقال: يا أمير المؤمنين وأنا آمن؟ قال: نعم. قلت له: فإن الناس ينكرون عليك تسرعك في سفك الدماء. فقال: والله ما سفكت دما حراما منذ وليت الخلافة إلا بحقه. فقلت له: فعلام قتلت أحمد بن الطيب وقد كان خادمك ولم يظهر له خيانة؟ فقال: ويحك إنه دعاني إلى الإلحاد والكفر بالله فيما بيني وبينه، فلما دعاني إلى ذلك قلت له: يا هذا أنا ابن عم صاحب الشريعة، وأنا منتصب في منصبه فأكفر حتى أكون من غير قبيلته. فقتلته على الكفر والزندقة. فقلت له: فما بال الثلاثة الذين قتلتهم على القثاء؟ فقال: والله ما كان هؤلاء الذين أخذوا القثاء، وإنما كانوا لصوصا قد قتلوا وأخذوا المال فوجب قتلهم، فبعثت فجئت بهم من السجن فقتلتهم وأريت الناس أنهم الذين أخذوا القثاء، وأردت بذلك أن أرهب الجيش لئلا يفسدوا في الأرض ويتعدوا على الناس ويكفوا عن الأذى. ثم أمر بإخراج أولئك الذين أخذوا القثاء فأطلقهم بعدما استتابهم وخلع عليهم وردهم إلى أرزاقهم. (1)

- روى أبو العباس بن سريج، عن إسماعيل القاضي قال: دخلت مرة على المعتضد، فدفع إلي كتابا، فنظرت فيه، فإذا قد جمع له فيه الرخص من

(1) البداية (11/ 92 - 93) والسير (13/ 464)، وأصل الخبر في المنتظم (12/ 307 - 308).

ص: 423

زلل العلماء، فقلت: مصنف هذا زنديق. فقال: ألم تصح هذه الأحاديث؟ قلت: بلى، ولكن من أباح المسكر لم يبح المتعة، ومن أباح المتعة لم يبح الغناء، وما من عالم إلا وله زلة، ومن أخذ بكل زلل العلماء ذهب دينه. فأمر بالكتاب فأحرق. (1)

الذهبي يحكي أخبار الفتن من عهد الصحابة إلى عهد المعتضد: وفي سنة ثمان وسبعين: كان أول شأن القرامطة.

ولا ريب أن أول وهن على الأمة قتل خليفتها عثمان صبرا، فهاجت الفتنة، وجرت وقعة الجمل بسببها، ثم وقعة صفين، وجرت سيول الدماء في ذلك. ثم خرجت الخوارج، وكفرت عثمان وعليا، وحاربوا، ودامت حروب الخوارج سنين عدة. ثم هاجت المسودة بخراسان، ومازالوا حتى قلعوا دولة بني أمية، وقامت الدولة الهاشمية بعد قتل أمم لا يحصيهم إلا الله. ثم اقتتل المنصور وعمه عبد الله. ثم خذل عبد الله، وقتل أبو مسلم صاحب الدعوة. ثم خرج ابنا حسن، وكادا أن يتملكا، فقتلا. ثم كان حرب كبير بين الأمين والمأمون، إلى أن قتل الأمين. وفي أثناء ذلك قام غير واحد يطلب الإمامة: فظهر بعد المئتين بابك الخرمي زنديق بأذربيجان، وكان يضرب بفرط شجاعته الأمثال، فأخذ عدة مدائن، وهزم الجيوش إلى أن أسر بحيلة، وقتل.

ولما قتل المتوكل غيلة، ثم قتل المعتز، ثم المستعين والمهتدي، وضعف شأن الخلافة توثب ابنا الصفار إلى أن أخذا خراسان، بعد أن كانا يعملان في

(1) السير (13/ 465).

ص: 424

النحاس، وأقبلا لأخذ العراق وقلع المعتمد.

وتوثب طرقي داهية بالزنج على البصرة، وأباد العباد ومزق الجيوش، وحاربوه بضع عشرة سنة إلى أن قتل. وكان مارقا، بلغ جنده مئة ألف. فبقي يتشبه بهؤلاء كل من في رأسه رئاسة، ويتحيل على الأمة ليرديهم في دينهم ودنياهم، فتحرك بقرى الكوفة رجل أظهر التعبد والتزهد، وكان يسف الخوص ويؤثر، ويدعو إلى إمام أهل البيت، فتلفق له خلق وتألهوه إلى سنة ست وثمانين، فظهر بالبحرين أبو سعيد الجنابي، وكان قماحا، فصار معه عسكر كبير، ونهبوا وفعلوا القبائح، وتزندقوا، وذهب الأخوان يدعوان إلى المهدي بالمغرب، فثار معهما البربر، إلى أن ملك عبد الله الملقب بالمهدي غالب المغرب، وأظهر الرفض، وأبطن الزندقة، وقام بعده ابنه، ثم ابن ابنه، ثم تملك المعز وأولاده مصر والمغرب واليمن والشام دهرا طويلا فلا حول ولا قوة إلا بالله.

وفي سنة ثمانين: أخذ المعتضد محمد بن سهل من قواد الزنج فبلغه أنه يدعو إلى هاشمي، فقرره، فقال: لو كان تحت قدمي ما رفعتها عنه. فقتله.

وعاثت بنو شيبان، فسار المعتضد، فلحقهم بالسن، فقتل وغرق، ومزقهم، وغنم العسكر من مواشيهم ما لا يوصف، حتى أبيع الجمل بخمسة دراهم، وصان نساءهم وذراريهم، ودخل الموصل، فجاءته بنو شيبان، وذلوا فأخذ منهم رهائن، وأعطاهم نساءهم، ومات في السجن المفوض إلى الله، وقيل: كان المعتضد ينادمه في السر.

قيل: كان لتاجر على أمير مال، فمطله ثم جحده، فقال له صاحب له: قم معي، فأتى بي خياطا في مسجد. فقام معنا إلى الأمير، فلما رآه، هابه،

ص: 425

ووفاني المال، فقلت للخياط: خذ مني ما تريد، فغضب، فقلت له: فحدثني عن سبب خوفه منك، قال: خرجت ليلة، فإذا بتركي قد صاد امرأة مليحة، وهي تتمنع منه وتستغيث، فأنكرت عليه، فضربني، فلما صليت العشاء جمعت أصحابي، وجئت بابه، فخرج في غلمانه، وعرفني، فضربني وشجني، وحملت إلى بيتي، فلما تنصف الليل، قمت فأذنت في المنارة، لكي يظن أن الفجر طلع، فيخلي المرأة، لأنها قالت: زوجي حالف علي بالطلاق أنني لا أبيت عن بيتي، فما نزلت حتى أحاط بي بدر وأعوانه، فأدخلت على المعتضد، فقال: ما هذا الأذان؟ فحدثته بالقصة، فطلب التركي، وجهز المرأة إلى بيتها، وضرب التركي في جوالق حتى مات، ثم قال لي: أنكر المنكر، وما جرى عليك فأذن كما أذنت، فدعوت له، وشاع الخبر، فما خاطبت أحدا في خصمه إلا أطاعني وخاف.

وفيها: ولد بسلمية القائم محمد بن المهدي العبيدي، الذي تملك هو وأبوه المغرب

وفيها: سار المعتضد إلى الدينور ورجع. ثم قصد الموصل لحرب حمدان ابن حمدون، جد بني حمدان، وكانت الأعراب والأكراد قد تحالفوا وخرجوا، فالتقاهم المعتضد، فهزمهم، فكان من غرق أكثر. ثم قصد ماردين، فهرب منه حمدان، فحاصر ماردين، وتسلمها، ثم ظفر بحمدان، فسجنه، ثم حاصر قلعة للأكراد وأميرهم شداد، فظفر به، وهدمها. وهدم دار الندوة بمكة، وصيرها مسجدا.

وفي سنة اثنتين وثمانين: أبطل المعتضد وقيد النيران وشعار النيروز

ص: 426

وفيها: قتل خمارويه صاحب مصر والشام غلمانه، لأنه راودهم، ثم أخذوا، وصلبوا، وتملك ابنه جيش، فقتلوه بعد يسير، وملكوا أخاه هارون، وقرر على نفسه أن يحمل إلى المعتضد في العام ألف ألف دينار، وخمس مئة ألف دينار.

وفيها: قتل المعتضد عمه محمدا، لأنه بلغه أنه يكاتب خمارويه.

وفي سنة ثلاث وثمانين ومئتين: سار المعتضد إلى الموصل، لأجل هارون الشاري، وكان قد عاث وأفسد، وامتدت أيامه، فقال الحسين بن حمدان للمعتضد: إن جئتك به فلي ثلاث حوائج. قال: سمها. قال: تطلق أبي، والحاجتان: أذكرهما إذا أتيت به. قال: لك ذلك، قال: وأريد أن أنتقي ثلاث مئة بطل. قال: نعم. ثم خرج الحسين في طلب هارون، فضايقه في مخاضةٍ، والتقوا، فانهزم أصحاب هارون، واختفى هو، ثم دل عليه أعراب، فأسره الحسين وقدم به، وخلع المعتضد على الحسين، وطوقه وسوره، وعملت الزينة، وأركب هارون فيلا، وازدحم الخلق، حتى سقط كرسي جسر بغداد، وغرق خلق ووصلت تقادم الصفار منها مئتا حمل مال، وكتبت الكتب إلى الأمصار بتوريث ذوي الأرحام.

وفيها: غلب رافع بن هرثمة على نيسابور، وخطب بها لمحمد بن زيد العلوي، فأقبل الصفار، وحاصره، ثم التقوا، فهزمه الصفار، وساق خلفه إلى خوارزم، فأسر رافعا، وقتله، وبعث برأسه إلى المعتضد، وليس هو بولد لهرثمة ابن أعين، بل ابن زوجته.

من زلاته:

قال ابن جرير: وفي سنة أربع وثمانين ومائتين: عزم المعتضد على لعنة

ص: 427

معاوية على المنابر، فخوفه الوزير، فلم يلتفت، وحسم مادة اجتماع الشيعة وأهل البيت، ومنع القصاص من الكلام جملة، وتجمع الخلق يوم الجمعة لقراءة ما كتب في ذلك، وكان من إنشاء الوزير، فقال يوسف القاضي: راجع أمير المؤمنين. فقال: يا أمير المؤمنين تخاف الفتنة؟ فقال: إن تحركت العامة وضعت السيف فيهم. قال: فما تصنع بالعلوية الذين هم في كل قطر قد خرجوا عليك؟ فإذا سمع الناس هذا من مناقبهم كانوا إليهم أميل وأبسط ألسنة. فأعرض المعتضد عن ذلك. وعقد المعتضد لابنه علي المكتفي، فصلى بالناس يوم النحر.

وفي سنة ست: سار المعتضد بجيوشه، فنازل آمد، وقد عصى بها ابن الشيخ، فطلب الأمان، فآمنه وفي وسط العام جاء الحمل من الصفار، فمن ذلك أربعة آلاف ألف درهم.

وفيها: تحارب الصفار وابن أسد صاحب سمرقند، وجرت أمور ثم ظفر ابن أسد بالصفار أسيرا فرفق به، واحترمه، وجاءت رسل المعتضد تحث في إنفاذه، فنفذ، وأدخل بغداد أسيرا على جمل، وسجن بعد مملكة العجم عشرين سنة. ومبدؤه: كان هو وأخوه يعقوب صانعين في ضرب النحاس، وقيل: بل كان عمرو يكري الحمير، فلم يزل مكاريا حتى عظم شأن أخيه يعقوب، فترك الحمير، ولحق به، وكان الصفار يقول: لو شئت أن أعمل على نهر جيحون جسرا من ذهب لفعلت، وكان مطبخي يحمل على ست مئة جمل، وأركب في مئة ألف، ثم صيرني الدهر إلى القيد والذل. فيقال: إنه خنق عند وفاة المعتضد. وبنى المعتضد على البصرة سورا وحصنها.

ص: 428

وظهر بالبحرين رأس القرامطة أبو سعيد الجنابي، وكثرت جموعه، وانضاف إليه بقايا الزنج، وكان كيالا بالبصرة، فقيرا يرفوا الأعدال، وهم يستخفون به، ويسخرون منه، فآل أمره إلى ما آل، وهزم عساكر المعتضد مرات، وفعل العظائم، ثم ذبح في حمام قصره. فخلفه ابنه سليمان الذي أخذ الحجر الأسود، وقتل الحجيج حول الكعبة، وهو جد أبي علي الذي غلب على الشام، وهلك بالرملة في سنة خمس وستين وثلاث مئة.

وفي سنة سبع: استفحل شأن القرامطة، وأسرفوا في القتل والسبي، والتقى الجنابي وعباس الأمير، فأسره الجنابي، وأسر عامة عسكره، ثم قتل الجميع سوى عباس، فجاء إلى المعتضد وحده في أسوء حال.

ووقع الفناء بأذربيجان، حتى عدمت الأكفان جملة، فكفنوا في اللبود.

واعتل المعتضد في ربيع الآخر، ثم تماثل، وانتكس، فمات في الشهر، وقام المكتفي لثمان بقين من الشهر، وكان غائبا بالرقة، فنهض بالبيعة له الوزير القاسم بن عبيد الله.

وعن وصيف الخادم، قال: سمعت المعتضد يقول عند موته:

تمتع من الدنيا فإنك لا تبقى

وخذ صفوها ما إن صفت ودع الرنقا

ولا تأمنن الدهر إني أمنته

فلم يبق لي حالا ولم يرع لي حقا

قتلت صناديد الرجال فلم أدع

عدوا ولم أمهل على ظنة خلقا

وأخليت دور الملك من كل بازل

وشتتهم غربا ومزقتهم شرقا

فلما بلغت النجم عزا ورفعة

ودانت رقاب الخلق أجمع لي رقا

رماني الردى سهما فأخمد جمرتي

فها أنا ذا في حفرتي عاجلا ملقى

ص: 429

فأفسدت دنياي وديني سفاهة

فمن ذا الذي مني بمصرعه أشقى

فيا ليت شعري بعد موتي ما أرى

إلى رحمة لله أم ناره ألقى؟ (1)

" التعليق:

قال جامعه: هذا الخليفة كان سيفا مسلولا على الزنادقة بجميع أنواعهم، ففي عهده كانت وقائع الزنج والقرامطة الذين تصدى لهم، والشيعة على اختلاف ألوانهم والجهمية وغيرهم من المبتدعة.

- جاء في السير: السرخسي المسمى أحمد بن محمد، كان مؤدب المعتضد، ثم صار نديمه وصاحب سره ومشورته، وله رئاسة وجلالة كبيرة

ثم إن المعتضد انتخى لله، وقتل السرخسي لفلسفته وخبث معتقده، فقيل: إنه تنصل إليه وقال: قد بعت كتب الفلسفة والنجوم والكلام وما عندي سوى كتب الفقه والحديث. فلما خرج، قال المعتضد: والله إني لأعلم أنه زنديق فعل ما زعم رياء. (2)

" التعليق:

هكذا كان يفعل خلفاء بني العباس بالزنادقة الذين زندقتهم الفلسفة وعلومها. وأما بعض أهل هذا الزمان فأمثال هؤلاء الزنادقة هم أحبابهم وأصدقاؤهم، بل بنوا لهذا الإلحاد كليات، وأعطوا لمن تخرج منها شهادات عليا. برزتهم لنشر إلحادهم في كل مكان باسم أنهم دكاترة وأساتذة

(1) السير (13/ 468 - 477).

(2)

السير (13/ 449).

ص: 430