الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شيخ. روى عنه الكثير جاوز المائة منهم من روى الصحيح وغيره. فروى عنه الترمذي، وإبراهيم الحربي، والحسين المحاملي وأبو حاتم الرازي وابن خزيمة وأبو أحمد محمد بن سليمان بن فارس راوية 'التاريخ الكبير' والنسائي وغيرهم كثير، وروى عنه مسلم في غير الصحيح. أثنى عليه كل العلماء في جميع البلدان وقدموه على أنفسهم. وكان شيخا نحيف الجسم ليس بالطويل ولا بالقصير ولد يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر شوال سنة أربع وتسعين ومائة، وتوفي ليلة السبت عند صلاة العشاء ليلة الفطر، ودفن يوم الفطر بعد صلاة الظهر يوم السبت لغرة شوال من سنة ست وخمسين ومائتين، عاش اثنتين وستين سنة إلا ثلاثة عشر يوما. قال أحمد بن سيار: أبو عبد الله طلب العلم وجالس الناس ورحل في الحديث ومهر فيه وأبصر وكان حسن المعرفة حسن الحفظ وكان يتفقه. ألف التاريخ والصحيح والأجزاء منها: القراءة خلف الإمام، خلق أفعال العباد، الأدب المفرد، وغيرها. قال يعقوب الدورقي: محمد ابن إسماعيل فقيه هذه الأمة. قال حاتم بن مالك الوراق: سمعت علماء مكة يقولون: محمد بن إسماعيل إمامنا وفقيهنا وفقيه خراسان. قال أبو بكر ابن خزيمة: ما رأيت تحت أديم السماء أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحفظ له من محمد ابن إسماعيل.
نالته محنة في أواخر أيامه، وقصته مع محمد بن يحيى الذهلي مشهورة ومعروفة، رحم الله الجميع، وغفر لنا ولهم.
موقفه من المبتدعة:
من قرأ كتب أبي عبد الله الإمام البخاري رضي الله عنه، يحس بنفس
قوي، وعزيمة عظيمة، مع ما أوتيه من العلم الواسع والنظر الدقيق تجاه مبتدعة أهل زمانه. فالقارئ له يحس أن الإمام يكاد قلبه يتفطر من كثرة تلبيساتهم وتلاعبهم بدين الله.
وقد ترك رحمه الله تراثا عظيما خالدا يعرفه أهل المشرق والمغرب.
ألف البخاري كتابه 'الصحيح'، ولم يخله من بيان العقيدة السلفية الصحيحة، والرد على المبتدعة على اختلاف أنواعهم. فعقد ثاني كتاب من صحيحه وهو 'كتاب الإيمان'، للرد على المرجئة، وجعله مكونا من اثنين وأربعين بابا فيها من الأحاديث والآثار السلفية والاستنباطات الفقهية ما يدل على علم غزير، واطلاع واسع وفهم ثاقب.
بين دخول الأعمال في الإيمان، ولولا خشية الإطالة لذكرتها بابا بابا، ملخصا لذلك، وموضحا. وأكتفي بالإشارة إلى ذلك. والكتاب الثاني، وهو السادس والتسعون من كتب البخاري وهو كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، جعله مكونا من ثمانية وعشرين بابا، وهذا الكتاب وما يحتوي عليه من الأبواب يصلح ردا على جميع المبتدعة. وقد أبان فيه البخاري على غزارة علم، واستنباط عجيب، مما لو قرأه طالب الحق لوجد منشودته فيه ولكن المبتدعة لا يقرءون مثل هذه الكتب، وإن قرءوها فعلى سبيل التبرك وان وجد منهم من عنده بعض العلم حرفها.
وأما الكتاب الثالث فهو الكتاب السابع والتسعون من كتاب البخاري وهو الأخير من كتب صحيح البخاري سماه 'كتاب التوحيد والرد على الجهمية'، مكونا من ثمانية وخمسين بابا رد فيها على جميع شبه الجهمية
وفروخهم، وقد لخصه العلامة ابن القيم في كتابه العظيم: 'اجتماع الجيوش الإسلامية'.
وهذه الطريقة الحميدة، لم يتفرد بها البخاري رحمه الله وحده، بل شاركه إخوانه من المحدثين، من أصحاب الكتب الستة وغيرهم، ما من أحد منهم إلا وساق في كتابه من الأحاديث، ما يرد به على المبتدعة، فمنهم من أفرد كتبا خاصة، ومنهم من ساقها تبعا. وسنبين عند ذكر كل واحد منهم مقدار دفاعه عن العقيدة السلفية ووقوفه ضد المبتدعة.
وأما كتاب 'خلق أفعال العباد'، فهو كتاب عظيم جليل، اتخذه الناس مرجعا لهم في كتبهم، وقد نقل البيهقي في الأسماء والصفات معظمه، وغيره ممن جاء بعده، وقد طبع الكتاب، ولله الحمد طبعات متعددة، إما منفردا أو مع مجموعة من عقائد السلف.
من أقواله رضي الله عنه في الرد على المبتدعة:
- جاء في السير: وقال محمد بن أبي حاتم: سمعته يقول: لا أعلم شيئا يحتاج إليه إلا وهو في الكتاب والسنة. فقلت له: يمكن معرفة ذلك كله؟ قال نعم. (1)
" التعليق:
وقد حاول الإمام البخاري تطبيق هذه القولة في كتابه الصحيح، فقد حاول أن يذكر فيه أغرب المسائل التي اختلف فيها الفقهاء، واستعملوا في
(1) السير (12/ 412).
أدلتها غير نصي القرآن والسنة، فجذب لها هو من الأدلة والآثار السلفية ما يراه حجة، وبوب أبوابا حيرت قرونا كثيرة، طبقها على القرآن والسنة، وقد صرح ابن خلدون في مقدمته، أن كتاب البخاري ما يزال دينا على المسلمين - يعني شرحه والكشف عن غوامضه. وقد خصت تراجم كتابه بمؤلفات مستقلة، لأهميتها الفقهية ولغموضها في الاستنباط من الكتاب والسنة. ومحاولة الحافظ ابن حجر كانت موفقة جدا، ساعده سعة اطلاعه والاستنارة بشروح غيره. وقد حمل لواء هذا القول: الحافظ الإمام الكبير أبو محمد بن حزم في كتابه الإيصال. ومختصره المحلى نموذج لذلك.
جاء في كتاب الاعتصام من صحيح البخاري:
(باب ما يكره من التعمق والتنازع والغلو في الدين والبدع). (1)
- وفيه: باب: {وكذلك جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وسطًا} (2): وما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلزوم الجماعة وهم أهل العلم. (3)
- وفي شرف أصحاب الحديث: بالسند إلى محمد بن إسماعيل البخاري وذكر حديث موسى بن عقبة عن أبي الزبير عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تزال طائفة من أمتي
…
" (4) فقال البخاري يعني أصحاب الحديث. (5)
(1) الفتح (13/ 275).
(2)
البقرة الآية (143).
(3)
الفتح (13/ 316).
(4)
أحمد (4/ 244) والبخاري (13/ 542/7459) ومسلم (3/ 1523/1921) من حديث المغيرة بن شعبة. وفي الباب عن ثوبان ومعاوية وجابر بن سمرة وجابر بن عبد الله وعقبة بن عامر وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين.
(5)
شرف أصحاب الحديث (27).