الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طلحة والزبير الجنة. قلت: ويلك. ولم؟ قال: لأنهما قاتلا عليا بعد أن بايعاه. (1)
محمد بن نصر المروزي (2)(294 هـ)
الإمام الحافظ محمد بن نصر بن الحجاج، أبو عبد الله المروزي. ولد ببغداد سنة اثنتين ومائتين، ونشأ بنيسابور، ومسكنه سمرقند. سمع من يحيى بن يحيى وإسحاق بن راهويه وعلي بن حجر ومحمد بن عبد الله بن نمير وهدبة ومحمد بن مهران، وجماعة. وحدث عنه ولده إسماعيل بن محمد بن نصر ومحمد بن إسحاق السمرقندي وأبو العباس السراج وأبو عبد الله محمد بن الأخرم، وخلق كثير. قال الحاكم: هو الفقيه العابد العالم، إمام أهل الحديث في عصره بلا مدافعة. وقال الخطيب: كان من أعلم الناس باختلاف الصحابة ومن بعدهم. وقال ابن حزم: أعلم الناس من كان أجمعهم للسنن، وأضبطهم لها وأذكرهم لمعانيها ولأحوال الصحابة، ولا نعلم هذه الصفة أتم منها في محمد بن نصر المروزي. فلو قال قائل: ليس لرسول الله صلى الله عليه وسلم حديث ولا لأصحابه إلا وهو عند محمد بن نصر، لما بعد عن الصدق. وقال الحافظ ابن حجر: ثقة حافظ، إمام جبل. توفي رحمه الله بسمرقند في المحرم سنة أربع وتسعين ومائتين.
موقفه من المبتدعة:
(1) السير (14/ 29).
(2)
تاريخ بغداد (3/ 315 - 318) وطبقات الشافعية (2/ 20 - 23) وسير أعلام النبلاء (14/ 33 - 40) وتهذيب التهذيب (9/ 489 - 490) وشذرات الذهب (2/ 216 - 217).
- قال رحمه الله معلقا على حديث أبي رقية تميم بن أوس الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الدين النصيحة، قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم"(1): وأما النصيحة لكتاب الله: فشدة حبه، وتعظيم قدره إذ هو كلام الخالق، وشدة الرغبة في فهمه، ثم شدة العناية في تدبره، والوقوف عند تلاوته لطلب معاني ما أحب مولاه أن يفهمه عنه، ويقوم له به بعد ما يفهمه، وكذلك الناصح من القلب، يتفهم وصية من ينصحه، وإن ورد عليه كتاب منه عُنِيَ بفهمه، ليقوم عليه بما كتب به فيه إليه، فكذلك الناصح لكتاب الله يعني يفهمه ليقوم لله بما أمر به كما يحب ويرضى، ثم ينشر ما فهم من العباد، ويديم دراسته بالمحبة له، والتخلق بأخلاقه، والتأدب بآدابه.
وأما النصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم في حياته: فبذل المجهود في طاعته، ونصرته، ومعاونته، وبذل المال إذا أراده، والمسارعة إلى محبته.
وأما بعد وفاته فالعناية بطلب سنته، والبحث عن أخلاقه، وآدابه وتعظيم أمره، ولزوم القيام به، وشدة الغضب والإعراض عن من يدين بخلاف سنته، والغضب على من ضيعها لأثرة دنيا، وإن كان متدينا بها، وحب من كان منه بسبيل من قرابة أو صهر أو هجرة، أو نصرة أو صحبة ساعة من ليل أو نهار على الإسلام والتشبه به في زيه، ولباسه. (2)
- وقال رحمه الله في كتابه 'السنة' في معرض كلامه عن مسألة النسخ،
(1) أخرجه: أحمد (4/ 102) ومسلم (1/ 55) وأبو داود (5/ 233 - 234/ 4944) والنسائي (7/ 176/4208) عن تميم الداري. والحديث ذكره البخاري تعليقا (1/ 182).
(2)
تعظيم قدر الصلاة (2/ 693).
وذكر أقوال أهل العلم: فقالت هذه الطائفة: بين الله تبارك وتعالى أنه أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعلم الناس الكتاب والحكمة، فالحكمة غير الكتاب، وهي: ما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما لم يذكر في الكتاب، وكل فرض لا افتراق بينهما، لأن مجيئهما واحد، وكل أمر الله نبيه بتعليمه الخلق، فأوجب عليه الأخذ بالسنة والعمل بها، كما أوجب عليهم العمل بالكتاب فكان معنى كل واحد منهما معنى الآخر، وقد أوجب الله عز وجل طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، فجعلها مفترضة على خلقه كافتراض طاعته عليهم لا فرقان بينهما في الوجوب، فما أنكرتم أن ينسخ أحدهما بالآخر، لأنه إذا نسخ القرآن بالقرآن، فإنما نسخ ما أمر به بأمره، وكذلك إذا نسخ حكما في القرآن بالسنة، فإنما ينسخ ما أمر به في كتابه بأمره على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم.
ومن فرق بين ذلك، فقد قصر علمه فإن كان إنما يحملهم على ذلك تعظيم القرآن أن ينسخ أحكامه بالسنة، فالقرآن عظيم أعظم من كل شيء، لأنه كلام الله، وليس ينسخ الله كلامه فيبطله، جل عن ذلك، وإنما ينسخ المأمور به بكلامه بمأمور به في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فالمأمور بهما متساويان، لأنهما حكمان، والقرآن أعظم من السنة، ولو جاز لمن عظم القرآن، وهو أهل أن يعظم، أن ينكر أن ينسخ الله حكما فيه بحكم في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، لجاز له أن ينكر أن يفسر القرآن بالسنة، ويوجب أنه لا يجوز أن يترجم القرآن إلا بقرآن منزل مثله، فإن جاز هذا جاز هذا، ففي إقرارهم أن النبي صلى الله عليه وسلم ترجم القرآن وفسره بسنته، حجة عليهم أنهم ساووا بين القرآن والسنة في هذا المعنى، بل جعلوا السنة أعلى منه وأرفع في قياسهم، إذ كان القرآن لا يعلم بنفسه، وإنما يعلم بالسنة، لأن السنة لا تحتاج أن تفسر