المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌موقف السلف من خبيث الزنج (270 ه - موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية - جـ ٤

[المغراوي]

فهرس الكتاب

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌أبو معاذ خلف بن سليمان (241 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من ضرار بن عمرو المعتزلي

- ‌إسحاق بن سليمان الجواز (241 هـ سنة وفاة الإمام أحمد)

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌حارث بن أبي الحارث المحاسبي (243 ه

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌ذو النون المصري الصوفي (245 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌أبو تراب النخشبي عسكر بن الحصين الصوفي (245 ه

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌أحمد بن أبي الحواري الصوفي (246 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌عبد الله بن البسري (246 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌الحسين الكرابيسي أبو علي (248 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌الرواجني الرافضي المبتدع عباد بن يعقوب أبو سعيد الأسدي (250 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌أبو الحسن السري السقطي الصوفي (251 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من محمد بن كرام (255 ه

- ‌موقف السلف من الجاحظ المعتزلي وبيان سوء عقيدته (255 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة والمشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة والقدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة والجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من يعقوب بن شيبة (262 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌أبو حفص الحداد الصوفي (264 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة والصوفية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌شاه الكرماني الصوفي (270 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌الحسن بن زيد الداعي (270 ه

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقف السلف من خبيث الزنج (270 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من إمام المسلمين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌هشام بن عبيد (277 هـ سنة وفاة أبي حاتم)

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌أبو عقيل المروزي (277 هـ سنة وفاة أبي حاتم)

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقف السلف من أبي سعيد أحمد بن عيسى الخراز (279 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌سهل بن عبد الله التستري الصوفي (283 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌ابن خراش الرافضي (283 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من التثويب:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة والرافضة والجهمية والخوارج والمرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من الجنيد (289 ه

- ‌موقف السلف من أبي حمزة الحلولي (289 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌عباد بن بشار (290 هـ سنة وفاة محمد بن زكريا الغلابي)

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من القاسم بن عبيد الله الوزير الزنديق (291 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقف السلف من زكرويه القرمطي (294 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من ابن الراوندي الزنديق الكبير (298 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌ موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقف السلف من الجبائي المعتزلي (303 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقف السلف من الحلاّج (309 ه

الفصل: ‌موقف السلف من خبيث الزنج (270 ه

دينار إلى مدينة السلام تفرق على صغاير ولد الصحابة وكان بحضرته رجل ذكر عائشة بذكر قبيح من الفاحشة فقال: يا غلام اضرب عنقه فقال له العلويون هذا رجل من شيعتنا فقال: معاذ الله هذا رجل طعن على النبي صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} (1) فإن كانت عائشة خبيثة فالنبي صلى الله عليه وسلم خبيث فهو كافر فاضربوا عنقه فضربوا عنقه وأنا حاضر. (2)

‌موقف السلف من خبيث الزنج (270 ه

ـ)

بيان فتنته:

قال الذهبي: وكاد الخبيث أن يملك الدنيا، وكان كذابا ممخرقا ماكرا شجاعا داهية، ادعى أنه بعث إلى الخلق، فرد الرسالة. وكان يدعي علم الغيب، لعنه الله.

ودخلت سنة تسع، فعرض الموفق جيشه بواسط، وأما الخبيث فدخل البطائح، وبثق حوله الأنهار وتحصن، فهجم عليه الموفق، وأحرق وقتل فيهم، واستنقذ من السبايا، ورد إلى بغداد، فسار خبيث الزنج إلى الأهواز، فوضع

(1) النور الآية (26).

(2)

أصول الاعتقاد (7/ 1345/2402).

ص: 300

السيف، وقتل نحوا من خمسين ألفا، وسبى أربعين ألفا، فسار لحربه موسى بن بغا فتحاربا بضعة عشر شهرا، وذهب تحت السيف خلائق من الفريقين. فإنا لله، وإنا إليه راجعون (1).

قتال الموفق له:

وفي سنة سبع كروا على واسط وعثروا أهلها، فجهز الموفق ولده أبا العباس الذي صار خليفة، فقتل وأسر، وغرق سفنهم. ثم تجمع جيش الخبيث، والتقوا بالعباس فهزمهم، ثم التقوا ثالثا فهزمهم، ودام القتال شهرين، ورغبوا في أبي العباس، واستأمن إليه خلق منهم، ثم حاربهم حتى دوخ فيهم، ورد سالما غانما، وبقي له وقع في النفوس، وسار إليهم الموفق في جيش كثيف في الماء والبر، ولقيه ولده، والتقوا الزنج، فهزموهم أيضا. وخارت قوى الخبيث، وألح الموفق في حربهم، ونازل طهثيا، وكان عليها خمسة أسوار، فأخذها، واستخلص من أسر الخبثاء عشرة آلاف مسلمة، وهدمها. وكان المهلبي القائد مقيما بالأهواز في ثلاثين ألفا من الزنج، فسار الموفق لحربه، فانهزم وتفرق عسكره، وطلب خلق منهم الأمان، فأمنهم، ورفق بهم، وخلع عليهم، ونزل الموفق بتستر، وأنفق في الجيش، ومهد البلاد، وجهز ابنه المعتضد أبا العباس لحرب الخبيث، فجهز له سفنا فاقتتلوا، وانتصر أبو العباس، وكتب كتابا إلى الخبيث يهدده، ويدعوه إلى التوبة مما فعل، فعتا وتمرد، وقتل الرسول، فسار الموفق إلى مدينة الخبيث بنهر أبي الخصيب،

(1) السير (12/ 542).

ص: 301

ونصب السلالم ودخلوها، وملكوا السور، فانهزمت الزنج، ولما رأى الموفق حصانتها اندهش، واسمها المختارة، وهاله كثرة المقاتلة بها، لكن استأمن إليه عدة، فأكرمهم.

ونقلت تفاصيل حروب الزنج في 'تاريخ الإسلام' فمن ذلك لما كان في شعبان سنة سبع برز الخبيث وعسكره فيما قيل في ثلاث مئة ألف ما بين فارس وراجل، فركب الموفق في خمسين ألفا، وحجز بينهم النهر، ونادى الموفق بالأمان، فاستأمن إليه خلق، ثم إن الموفق بنى بإزاء المختارة مدينة على دجلة سماها الموفقية، وبنى بها الجامع والأسواق، وسكنها الخلق، واستأمن إليه في شهرٍ خمسة آلاف. وتمت ملحمة في شوال، ونصر الموفق.

وفي ذي الحجة عبر الموفق بجيشه إلى ناحية المختارة، وهرب الخبيث، لكنه رجع، وأزال الموفق عنها. واستولى أحمد الخجستاني على خراسان وكرمان وسجستان، وعزم على قصد العراق.

وفي سنة ثمان وستين تتابع أجناد الخبيث في الخروج إلى الموفق، وهو يحسن إليهم. وأتاه جعفر السجان صاحب سر الخبيث، فأعطاه ذهبا كثيرا، فركب في سفينة حتى حاذى قصر الخبيث فصاح إلى متى تصبرون على الخبيث الكذاب؟ وحدثهم بما اطلع عليه من كذبه وكفره، فاستأمن خلق. ثم زحف الموفق على البلد، وهد من السور أماكن، ودخل العسكر من أقطارها، واغتروا، فكر عليهم الزنج، فأصابوا منهم، وغرق خلق. ورد الموفق إلى بلده حتى رم شعثه، وقطع الجلب عن الخبيث، حتى أكل أصحابه الكلاب والميتة، وهرب خلق، فسألهم الموفق، فقالوا: لنا سنة لم نر الخبز،

ص: 302

وقتل بهبود أكبر أمراء الخبيث، وقتل الخبيث ولده لكونه هم أن يخرج إلى الموفق، وشد على أحمد الخجستاني غلمانه فقتلوه، وغزا الناس مع خلف التركي، فقتلوا من الروم بضعة عشر ألفا.

وفي سنة تسع دخل الموفق المختارة عنوة، ونادى الأمان، وقاتل حاشية الخبيث دونه أشد قتال، وحاز الموفق خزائن الخبيث، وألقى النار في جوانب المدينة، وجرح الموفق بسهم، فأصبح على الحرب، وآلمه جرحه، وخافوا، فخرجوا حتى عوفي، ورمَّ الخبيث بلده.

وفي السنة خرج المعتمد من سامراء ليلحق بصاحب مصر أحمد بن طولون، وكان بدمشق، فبلغ ذلك الموفق، فأغرى بأخيه إسحاق بن كنداج، فلقي المعتمد بين الموصل والحديثة، وقال: يا أمير المؤمنين، ما هذا؟ فأخوك في وجه العدو وأنت تخرج من مقر عزك، ومتى علم بهذا ترك مقاومة عدوك، وتغلب الخارجي على ديار آبائك. وهذا كتاب أخيك يأمرني بردك. فقال: أنت غلامي أو غلامه؟ قال: كلنا غلمانك ما أطعت الله، وقد عصيت بخروجك وتسليطك عدوك على المسلمين. ثم قام، ووكل به جماعة، ثم إنه بعث إليه يطلب منه ابن خاقان وجماعة ليناظرهم، فبعث بهم، فقال لهم: ما جنى أحد على الإمام والإسلام جنايتكم. أخرجتموه من دار ملكه في عدة يسيرة، وهذا هارون الشاري بإزائكم في جمع كثير، فلو ظفر بالخليفة، لكان عارا على الإسلام، ثم رسم أيضا عليهم، وأمر المعتمد بالرجوع، فقال: فاحلف لي أنك تنحدر معي ولا تسلمني، فحلف، وانحدر إلى سامراء. فتلقاه كاتب الموفق صاعد، فأنزله في دار أحمد بن الخصيب، ومنعه من نزول دار

ص: 303

الخلافة، ووكل به خمس مئة نفس، ومنع من أن يجتمع به أحد. وبعث الموفق إلى ابن كنداج بخلع وذهب عظيم.

قال الصولي: تحيل المعتمد من أخيه، فكاتب ابن طولون. ومما قال:

أليس من العجائب أن مثلي

يرى ما قل ممتنعا عليه

وتؤكل باسمه الدنيا جميعا

وما من ذاك شيء في يديه؟

ولقب الموفق صاعد بن مخلد ذا الوزارتين، ولقب ابن كنداج ذا السيفين. فلما علم ابن طولون جمع الأعيان، وقال: قد نكث الموفق بأمير المؤمنين، فاخلعوه من العهد فخلعوه سوى القاضي بكار بن قتيبة. فقال لابن طولون: أنت أريتني كتاب أمير المؤمنين بتوليته العهد، فأرني كتابه بخلعه. قال: إنه محجور عليه، قال: لا أدري. قال: أنت قد خرفت وحبسه، وأخذ منه عطاءه على القضاء عشرة آلاف دينار، وأمر الموفق بلعنة أحمد بن طولون على المنابر. وسار ابن طولون، فحاصر المصيصة، وبها خادم، فسلط الخادم على جيش أحمد بثوق النهر، فهلك منهم خلق، وترحلوا، وتخطفهم أهل المدينة، ومرض أحمد، ومات مغبونا.

وفي شوال كانت الملحمة الكبرى بين الخبيث والموفق. ثم وقعت الهزيمة على الزنج، وكانوا في جوع شديد وبلاء، لا خفف الله عنهم، وخامر عدة من قواد الخبيث وخواصه، وأدخل المعتمد في ذي القعدة إلى واسط، ثم التقى الخبيث والموفق، فانهزمت الزنج أيضا، وأحاط الجيش، فحصروا الخبيث في دار الإمارة، فانملس منها إلى دار المهلبي أحد قواده، وأسرت حرمه، فكان النساء نحو مئة، فأحسن إليهن الموفق، وأحرقت الدار، ثم جرت ملحمة بين

ص: 304

الموفق والخبيث في أول سنة سبعين، ثم وقعة أخرى قتل فيها الخبيث، لا رحمه الله. وكان قد اجتمع من الجند، ومن المطوعة مع الموفق نحو ثلاث مئة ألف. وفي آخر الأمر شد الخبيث وفرسانه، فأزالوا الناس عن مواقفهم فحمل الموفق، فهزمهم، وساق وراءهم إلى آخر النهر، فبينا الحرب تستعر إذ أتى فارس إلى الموفق وبيده رأس الخبيث، فما صدق، وعرضه على جماعة، فقالوا: هو هو فترجل الموفق والأمراء، وخروا ساجدين لله، وضجوا بالتكبير، وبادر أبو العباس بن الموفق في خواصه، ومعه رأس الخبيث على قناة إلى بغداد، وعملت قباب الزينة، وكان يوما مشهودا، وشرع الناس يتراجعون إلى المدائن التي أخذها الخبيث، وكانت أيامه خمس عشرة سنة.

قال الصولي: قد قتل من المسلمين ألف ألف وخمس مئة.

قلت: وكذا عدد قتلى بابك.

قال: وكان يصعد على منبره بمدينته، ويسب عثمان وعليا وطلحة وعائشة كمذهب الأزارقة، وكان ينادي على المسبية العلوية في عسكره بدرهمين. وكان عند الزنجي الواحد نحو عشر علويات، يفترشهن ويخدمن امرأته. وفي شعبان أعادوا المعتمد إلى سامراء في أبهة تامة.

وظهر بالصعيد أحمد بن عبد الله الحسني، فحاربه عسكر مصر غير مرة، ثم أسر وقتل.

وفيها أول ظهور دعوة العبيدية، وذلك باليمن.

وفيها نازلت الروم في مئة ألف طرسوس، فبيتهم يازمان الخادم، فقيل: قتل منهم سبعون ألفا، وقتل ملكهم، وأخذ منهم صليب الصلبوت.

ص: 305