المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌موقف السلف من ابن الراوندي الزنديق الكبير (298 ه - موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية - جـ ٤

[المغراوي]

فهرس الكتاب

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌أبو معاذ خلف بن سليمان (241 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من ضرار بن عمرو المعتزلي

- ‌إسحاق بن سليمان الجواز (241 هـ سنة وفاة الإمام أحمد)

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌حارث بن أبي الحارث المحاسبي (243 ه

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌ذو النون المصري الصوفي (245 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌أبو تراب النخشبي عسكر بن الحصين الصوفي (245 ه

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌أحمد بن أبي الحواري الصوفي (246 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌عبد الله بن البسري (246 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌الحسين الكرابيسي أبو علي (248 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌الرواجني الرافضي المبتدع عباد بن يعقوب أبو سعيد الأسدي (250 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌أبو الحسن السري السقطي الصوفي (251 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من محمد بن كرام (255 ه

- ‌موقف السلف من الجاحظ المعتزلي وبيان سوء عقيدته (255 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة والمشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة والقدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة والجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من يعقوب بن شيبة (262 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌أبو حفص الحداد الصوفي (264 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة والصوفية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌شاه الكرماني الصوفي (270 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌الحسن بن زيد الداعي (270 ه

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقف السلف من خبيث الزنج (270 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من إمام المسلمين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌هشام بن عبيد (277 هـ سنة وفاة أبي حاتم)

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌أبو عقيل المروزي (277 هـ سنة وفاة أبي حاتم)

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقف السلف من أبي سعيد أحمد بن عيسى الخراز (279 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌سهل بن عبد الله التستري الصوفي (283 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌ابن خراش الرافضي (283 ه

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من التثويب:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة والرافضة والجهمية والخوارج والمرجئة:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من الجنيد (289 ه

- ‌موقف السلف من أبي حمزة الحلولي (289 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌عباد بن بشار (290 هـ سنة وفاة محمد بن زكريا الغلابي)

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقف السلف من القاسم بن عبيد الله الوزير الزنديق (291 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقف السلف من زكرويه القرمطي (294 ه

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الصوفية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقف السلف من ابن الراوندي الزنديق الكبير (298 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌ موقفه من القدرية:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الخوارج:

- ‌موقفه من المرجئة:

- ‌موقفه من المشركين:

- ‌موقف السلف من الجبائي المعتزلي (303 ه

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من المبتدعة:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الجهمية:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقفه من الرافضة:

- ‌موقف السلف من الحلاّج (309 ه

الفصل: ‌موقف السلف من ابن الراوندي الزنديق الكبير (298 ه

سبيل اللَّهِ} (1).

‌موقف السلف من ابن الراوندي الزنديق الكبير (298 ه

ـ)

بيان زندقته:

-جاء في البداية والنهاية: أحد مشاهير الزنادقة، كان أبوه يهوديا فأظهر الإسلام، ويقال إنه حرف التوراة كما عادى ابنه القرآن بالقرآن، وألحد فيه، وصنف كتابا في الرد على القرآن سماه 'الدامغ'. وكتابا في الرد على الشريعة والاعتراض عليها سماه 'الزمردة'، وكتابا يقال له 'التاج' في معنى ذلك وله كتاب 'الفريد' وكتاب 'إمامة المفضول الفاضل' وقد انتصب للرد على كتبه هذه جماعة منهم: الشيخ أبو علي محمد بن عبد الوهاب الجبائي، شيخ المعتزلة في زمانه وقد أجاد في ذلك وكذلك ولده أبو هاشم عبد السلام ابن أبي علي، قال الشيخ أبو علي: قرأت كتاب هذا الملحد الجاهل السفيه ابن الراوندي، فلم أجد فيه إلا السفه والكذب والافتراء قال: وقد وضع كتابا في قدم العالم ونفي الصانع وتصحيح مذهب الدهرية والرد على أهل التوحيد، ووضع كتابا في الرد على محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعة عشر موضعا، ونسبه إلى الكذب يعني النبي صلى الله عليه وسلم وطعن على القرآن ووضع كتابا لليهود والنصارى وفضل دينهم على المسلمين والإسلام، يحتج لهم فيها على إبطال نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، إلى غير ذلك من الكتب التي تبين خروجه عن

(1) ص الآية (26).

ص: 481

الإسلام. نقل ذلك ابن الجوزي عنه.

وقد أورد ابن الجوزي في منتظمه طرفا من كلامه وزندقته، وطعنه على الآيات والشريعة، ورد عليه في ذلك وهو أقل وأخس وأذل من أن يلتفت إليه وإلى جهله وكلامه وهذيانه وسفهه وتمويهه. وقد أسند إليه حكايات من المسخرة والاستهتار والكفر والكبائر، منها ما هو صحيح عنه ومنها ما هو مفتعل عليه ممن هو مثله، وعلى طريقه ومسلكه في الكفر والتستر في المسخرة يخرجونها في قوالب مسخرة وقلوبهم مشحونة بالكفر والزندقة، وهذا كثير موجود فيمن يدعي الإسلام وهو منافق، يتمسخرون بالرسول ودينه وكتابه، وهؤلاء ممن قال الله تعالى فيهم:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (1).

وقد كان أبو عيسى الوراق مصاحبا لابن الراوندي قبحهما الله، فلما علم الناس بأمرهما طلب السلطان أبا عيسى فأودع السجن حتى مات، وأما ابن الراوندي فهرب، فلجأ إلى ابن لاوي اليهودي، وصنف له في مدة مقامه عنده كتابه الذي سماه 'الدامغ للقرآن' فلم يلبث بعده إلا أياما يسيرة حتى مات لعنه الله. ويقال إنه أخذ وصلب. قال أبو الوفاء بن عقيل: ورأيت في كتاب محقق أنه عاش ستا وثلاثين سنة مع ما انتهى إليه من التوغل في

(1) التوبة الآيتان (65و66).

ص: 482

المخازي في هذا العمر القصير لعنه الله وقبحه، ولا رحم عظامه. (1)

جاء في السير في ترجمته: الملحد، عدو الدين، أبو الحسين أحمد بن يحيى ابن إسحاق الريوندي، صاحب التصانيف في الحط على الملة، وكان يلازم الرافضة والملاحدة، فإذا عوتب قال: إنما أريد أن أعرف أقوالهم. ثم إنه كاشف وناظر، وأبرز الشبه والشكوك. (2)

قال ابن الجوزي: وقد كنت أسمع عنه بالعظائم حتى رأيت ما لم يخطر مثله على قلب أن يقوله عاقل، ووقعت على كتبه فمنها: كتاب 'نعت الحكمة'، وكتاب 'قضيب الذهب'، وكتاب 'الزمرد' وكتاب 'التاج'، وكتاب 'الدامغ'، وكتاب 'الفريد'، وكتاب 'إمامة المفضول'.

وقد نقض عليه هذه الكتب جماعة فأما كتاب نعت الحكمة، وكتاب قضيب الذهب، وكتاب التاج، وكتاب الزمرد والدامغ فنقضها عليه أبو علي محمد بن عبد الوهاب الجبائي، وقد نقض عليه أيضا كتاب الزمرد أبو الحسين عبد الرحيم بن محمد الخياط، ونقض عليه أيضا كتاب إمامة المفضول. (3)

- قال ابن عقيل: عجبي كيف لم يقتل وقد صنف الدامغ يدمغ به القرآن، والزمردة يزري فيه على النبوات. (4)

- قال ابن الجوزي: وقد نظرت في كتاب الزمرد فرأيت فيه من

(1) البداية والنهاية (11/ 120 - 121).

(2)

السير (14/ 59).

(3)

المنتظم (13/ 108 - 109).

(4)

السير (14/ 60).

ص: 483

الهذيان البارد الذي لا يتعلق بشبهه، حتى أنه لعنه الله قال فيه: نجد في كلام أكثم بن صيفي أحسن من {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَرَ} (1) في نظائر لهذا. وفيه أن الأنبياء وقعوا بطلسمات. (2)

- قال أبو العباس ابن القاص الفقيه: كان ابن الراوندي لا يستقر على مذهب ولا نحلة، حتى صنف لليهود كتاب النصرة على المسلمين لدراهم أعطيها من يهود. فلما أخذ المال، رام نقضها، فأعطوه مئتي درهم حتى سكت. (3)

قال البلخي: لم يكن في نظراء ابن الراوندي مثله في المعقول، وكان أول أمره حسن السيرة، كثير الحياء، ثم انسلخ من ذلك لأسباب، وكان علمه فوق عقله. (4)

قال ابن الجوزي: وقد ذكر في كتاب 'الدامغ' من الكفر أشياء تقشعر منها الجلود، غير أني آثرت أن أذكر منها طرفا ليعرف مكان هذا الملحد من الكفر، ويستعاذ بالله سبحانه من الخذلان فمن ذلك أنه قال عن الخالق تعالى عن ذلك: من ليس عنده من الدواء إلا القتل فعل العدو الحنق الغضوب، فما حاجته إلى كتاب ورسول؟ وهذا قول جاهل بالله سبحانه لأنه لا يوصف بالحنق ولا بالحاجة وما عاقب حتى أنذر. وقال لعنه الله ووجدناه يزعم أنه

(1) الكوثر الآية (1).

(2)

المنتظم (13/ 110).

(3)

السير (14/ 61).

(4)

السير (14/ 61).

ص: 484

يعلم الغيب، فيقول:{وَمَا تَسْقُطُ مِنْ ورقةٍ إِلًّا يعلمها} (1) ثم يقول: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عليها إِلًّا لِنَعْلَمَ} (2). وهذا جهل منه بالتفسير ولغة العرب، وإنما المعنى ليظهر ما علمناه، ومثله:{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ} (3) أي نعلم ذلك واقعا. وقال بعض العلماء: حتى يعلم أنبياؤنا والمؤمنون به. وقال في قوله: {إِنَّ كيد الشيطان كَانَ ضعيفًا} (4) أي أضعف له، وقد أخرج آدم وأزل خلقا. وهذا تغفل منه، لأن كيد إبليس تسويل بلا حجة والحجج ترده، ولهذا كان ضعيفا، فلما مالت الطباع إليه آثر وفعل. وقال: من لم يقم بحساب ستة تكلم بها في الجملة فلما صار إلى التفاريق وجدناه قد غلط فيها باثنين وهو قوله: {خَلَقَ الأرض في يومين} (5) ثم قال: {وقدر فيها أَقْوَاتَهَا في أربعة أيامٍ} (6) ثم قال: {فقضاهن سبع سموات في يومين} (7)، فعدها هذا المغفل ثمانية ولو نظر في أقوال العلماء لعلم أن المعنى في تتمة أربعة أيام. وقال: في قوله: {إِنَّ لَكَ ألا تَجُوعَ ولا تعرى} (8) وقد جاع

(1) الأنعام الآية (59).

(2)

البقرة الآية (143).

(3)

محمد الآية (31).

(4)

النساء الآية (76).

(5)

فصلت الآية (9).

(6)

فصلت الآية (10).

(7)

فصلت الآية (12).

(8)

طه الآية (118) ..

ص: 485

وعري وهذا المغفل الملعون ما فهم أن الأمر مشروط بالوفاء بما عوهد عليه من قوله: {ولا تَقْرَبَا هذه الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} (1) وقال في قوله: {وَجَعَلْنَا على قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يفقهوه} (2) ثم قال: {وربك الغفور ذو الرحمة} (3) فأعظم الخطوب ذكره الرحمة مضموما إلى إهلاكهم. وهذا الأبله الملعون ما علم أنه لما وصف نفسه بالمعاقبة للمذنبين فانزعجت القلوب ضم إلى ذلك ذكر الرحمة بالحلم عن العصاة والإمهال والمسامحة في أكثر الكسب

قال الملعون: ومن الكذب قوله: {ولقد خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صورناكم ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسجدوا لأدم} (4) وهذا كان قبل تصوير آدم. وهذا الأحمق الملعون لو طالع أقوال العلماء وفهم سعة اللغة علم أن المعنى خلقنا آدم وصورناه كقوله: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ} (5). وقال: من فاحش ظلمه قوله: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جلودهم بدلناهم جلودًا غيرها} (6) فعذب جلودا لم تعصه. وهذا الأحمق الملعون لا يفهم أن الجلد آلة للتعذيب، فهو كالحطب يحرق لانضاج غيره، ولا يقال أنه معذب، وقد قال العلماء:

(1) البقرة الآية (35).

(2)

الإسراء الآية (46).

(3)

الكهف الآية (58).

(4)

الأعراف الآية (11).

(5)

الحاقة الآية (11).

(6)

النساء الآية (56).

ص: 486

إن الجلود الثانية هي الأولى أعيدت كما يعاد الميت بعد البلى. قال: وقوله: {لا تَسْأَلُوا عَنْ أشياء إِنْ تبد لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} (1) وإنما يكره السؤال رديء السلعة لئلا تقع عليه عين التاجر فيفتضح.

فانظروا إلى عامية هذا الأحمق الملعون وجهله، أتراه قال: لا تسألوا عن الدليل على صحة قولي؟ إنما كانوا يسألون فيقول قائلهم: من أبي؟ فقال: {لا تَسْأَلُوا عَنْ أشياء} يعني من هذا الجنس، فربما قيل للرجل أبوك فلان وهو غير أبيه الذي يعرف فيفتضح. قال: ولما وصف الجنة، قال:{فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ} (2) وهو الحليب، ولا يكاد يشتهيه إلا الجياع، وذكر العسل ولا يطلب صرفا، والزنجبيل وليس من لذيذ الأشربة، والسندس يفرش ولا يلبس، وكذلك الاستبرق الغليظ، قال: ومن تخايل أنه في الجنة يلبس هذا الغليظ ويشرب الحليب والزنجبيل صار كعروس الأكراد والنبط. فانظروا إلى لعب هذا الملعون المستهزئ وجهله ومعلوم أن الخطاب إنما هو للعرب وهم يؤثرون ما وصف، كما قال:{فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ} (3)، ثم إنما وصف أصول الأشياء المتلذذ بها، فالقدرة قد تكون من اللبن أشياء كالمطبوخات وغيرها ومن العسل أشياء يتحلى بها، ثم قال عز وجل: {وفيها

(1) المائدة الآية (101).

(2)

محمد الآية (15).

(3)

الواقعة الآيتان (28و29).

ص: 487

ما تشتهيه الأنفس وتلذ الْأَعْيُنُ} (1) وقال: "أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر"(2) فوصف ما يعرف ويشتهى وضمن ما لا يعرف؛ وقال: إنما أهلك ثمودا لأجل ناقة، وما قدر ناقة؟ وهذا جهل منه الملعون. فإنه إنما أهلكهم لعنادهم وكفرهم في مقابلة المعجزة، لا لإهلاك ناقة. قال: وقال: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} (3) ثم قال: {لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ} (4). ولو فهم أن الإسراف الأول في الخطايا دون الشرك، والثاني في الشرك، وما يتعلق بكل آية يكشف معناها. قال: ووجدناه يفتخر بالفتنة التي ألقاها بينهم كقوله: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ} (5){ولقد فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} (6)، ثم أوجب للذين فتنوا المؤمنين عذاب الأبد. وهذا الجاهل الملعون لا يدري أن الفتنة كلمة يختلف معناها في القرآن، فالفتنة معناها: الابتلاء، كالآية الأولى، والفتنة الإحراق كقوله: {فَتَنُوا

(1) الزخرف الآية (71).

(2)

أحمد (2/ 313) والبخاري (8/ 661/4779) ومسلم (4/ 2174/2824) والترمذي (5/ 323/3197) وابن ماجه (2/ 1447/4328) من حديث أبي هريرة.

(3)

الزمر الآية (53) ..

(4)

غافر الآية (28).

(5)

الأنعام الآية (53).

(6)

العنكبوت الآية (3).

ص: 488

الْمُؤْمِنِينَ} (1). وقال: وقوله: {وَلَهُ أسلم مَنْ في السَّمَاوَاتِ والأرض} (2) خبر محال، لأنه ليس كل الناس مسلمين، وكذلك قوله:{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلًّا يسبح بحمده} (3) وقوله: {وَلِلَّهِ يسجد ما في السَّمَاوَاتِ وَمَا في الأرض} (4) ولو أن هذا الزنديق الملعون طالع التفسير وكلام العرب لما قال هذا، إنما يتكلم بعاميته وحمقه، وإنما المعنى وله أسلم استسلم والكل منقاد لما قضى به وكل ذليل لأمره، وهو معنى السجود؛ ثم قد تطلق العرب لفظ الكل وتريد البعض كقوله:{تدمر كُلَّ شَيْءٍ} (5)

وقد ذكر الملعون أشياء من هذا الجنس مزجها بسوء الأدب، والانبساط القبيح، والذكر للخالق سبحانه وتعالى بما لا يصلح أن يذكر به أحد العوام، وما سمعنا أن أحدا عاب الخالق وانبسط كانبساط هذا اللعين قبله ويلومه، لو جحد الخالق كان أصلح له من أن يثبت وجوده، ثم يخاصمه ويعيبه وليس له في شيء مما قاله شبهة، فضلا عن حجة فتذكر ويجاب عنها، وإنما هو خذلان فضحه الله تعالى به في الدنيا، والله تعالى يقابله يوم القيامة مقابلة تزيد على مقابلة إبليس، وإن خالف، لكنه

(1) البروج الآية (10).

(2)

آل عمران الآية (83).

(3)

الإسراء الآية (44).

(4)

النحل الآية (49).

(5)

الأحقاف الآية (25) ..

ص: 489

احترم في الخطاب كقوله: {فبعزتك} (1) ولم يواجه بسوء أدب كما واجه هذا اللعين، جمع الله بينهما، وزاد هذا من العذاب. وقد حكينا عن الجبائي أن ابن الريوندي مرض ومات، ورأيت بخط ابن عقيل أنه صلبه بعض السلاطين والله أعلم. (2)

فائدة:

قال الحافظ ابن كثير: وقد ذكره ابن خلكان في الوفيات وقلس عليه ولم يجرحه بشيء، ولا كأن الكلب أكل له عجينا، على عادته في العلماء والشعراء، فالشعراء يطيل تراجمهم، والعلماء يذكر لهم ترجمة يسيرة، والزنادقة يترك ذكر زندقتهم. (3)

" التعليق:

وهذا الذي يبكي عليه الإمام ابن كثير وابن الجوزي وابن عقيل، وما فعله هذا السلطان الذي لم نحظ باسمه، وكان التقصير مني في التنقيب عليه، ولعل الله يوفق لذلك في فسحة من العمر. نحن الآن نعايشه وأصبح أهله أكثر من الذباب والحشرات المؤذية، وأكثرها من نوع الأفاعي الصحراوية المسمومة سما خاصا بطيئا فيها. ومعاملة أكثر أهل هذا الزمان -الذين يدعون أنهم حماة الإسلام- لهؤلاء الزنادقة من أحسن ما يكون، المساعدة المادية واللقاءات الشخصية المصحوبة بالابتسامة وتهليل سرائر الوجه، كأنه مذهبة

(1) ص الآية (82).

(2)

المنتظم (13/ 112 - 117).

(3)

البداية والنهاية (11/ 121).

ص: 490