الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عثمان ابن بشار الأنماطي الشافعي صاحب المزني. سمع من الحسن بن محمد الزعفراني تلميذ الشافعي، ومن علي بن إشكاب وأحمد بن منصور الرمادي وأبي داود السجستاني وغيرهم. وحدث عنه أبو القاسم الطبراني، وأبو الوليد حسان بن محمد الفقيه وأبو أحمد بن الغطريف الجرجاني وغيرهم. قال أبو الوليد الفقيه: سمعت ابن سريج يقول: قل ما رأيت من المتفقهة من اشتغل بالكلام فأفلح، يفوته الفقه ولا يصل إلى معرفة الكلام. كان ابن سريج يلقب بالباز الأشهب، ولي قضاء شيراز وله من المصنفات أربعمائة مصنف. كان يناظر أبا بكر محمد بن داود الظاهري، وحكي أنه قال له أبو بكر يوماً: أبلعني ريقي. فقال له: أبلعتك دجلة، وقال له يوماً: أمهلني ساعة. قال: أمهلتك من الساعة إلى قيام الساعة. وقال له يوماً: أكلمك من الرجل فتجيبني من الرأس. فقال له: هكذا البقر إذا جفت أظلافها دهنت قرونها. توفي سنة ست وثلاث مائة، وله سبع وخمسون سنة وستة أشهر.
موقفه من الجهمية:
هذا الإمام وأمثاله من الأئمة الذين تشرفوا بنسبتهم إلى الدفاع عن العقيدة السلفية، كان ينبغي أن يكون الاقتداء بهم في هذا الطريق لا بالمتأخرين الذين بعدوا عن السنة، وأصبحت عقائدهم مبنية على طرق كلامية فلسفية وبهؤلاء اقتدى السبكي وابنه عبد الوهاب، حتى أعماهم هذا التقليد العفن وجعلهم يتوهمون ما هم عليه أنه عقيدة أهل الحديث والسلف. ولذا أبرز عبد الوهاب أسنانه في طبقاته وحاول أن يجعل كل سلفي خلفياً كما فعل في ترجمة الإمام الكرجي وغيره وحملاته على الإمام الذهبي في كثير
من المواضع. ونحن بصدد الحديث على هذا الإمام، فنذكر مواقفه:
- جاء في ذم الكلام: قيل لأبي العباس بن سريج: ما التوحيد؟ فقال: توحيد أهل العلم وجماعة المسلمين: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتوحيد أهل الباطل: الخوض في الأعراض والأجسام وإنما بعث النبي صلى الله عليه وسلم بإنكار ذلك. (1)
" التعليق:
رحمك الله يا إمام الشافعية في وقته فهذا الذي تقوله أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث لمحاربته هو التوحيد الذي يعترف به علماء اليوم ويَدْرُسُونَه ويُدَرِّسُونَه في مدارسهم والله المستعان.
- وجاء في اجتماع الجيوش: ذكر أبو القاسم سعد بن علي بن محمد الزنجاني في جوابات المسائل التي سئل عنها بمكة فقال: الحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً وعلى كل حال وصلى الله على محمد المصطفى وعلى الأخيار الطيبين من الأصحاب والآل، سألت أيدك الله تعالى بتوفيقه بيان ما صح لدي، وتأدى حقيقته إلى من سلك مذهب السلف وصالحي الخلف في الصفات الواردة في الكتاب المنزل والسنة المنقولة بالطرق الصحيحة برواية الثقات الأثبات عن النبي صلى الله عليه وسلم بوجيز من القول واقتصار في الجواب.
فاستخرت الله سبحانه وتعالى وأجبت عنه بجواب بعض الأئمة الفقهاء
(1) ذم الكلام (274).
وهو: أبو العباس أحمد بن عمر بن سريج رحمه الله تعالى. وقد سئل عن مثل هذا السؤال فقال:
أقول وبالله التوفيق: حرام على العقول أن تمثل الله سبحانه وتعالى وعلى الأوهام أن تحده وعلى الظنون أن تقع وعلى الضمائر أن تعمق وعلى النفوس أن تفكر وعلى الأفكار أن تحيط وعلى الألباب أن تصف إلا ما وصف به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم. وقد صح وتقرر واتضح عند جميع أهل الديانة والسنة والجماعة من السلف الماضين والصحابة والتابعين من الأئمة المهتدين الراشدين المشهورين، إلى زماننا هذا، أن جميع الآي الواردة عن الله تعالى في ذاته وصفاته، والأخبار الصادقة الصادرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الله وفي صفاته التي صححها أهل النقل، وقبلها النقاد الأثبات؛ يجب على المرء المسلم المؤمن الموفق الإيمان بكل واحد منه كما ورد، وتسليم أمره إلى الله سبحانه وتعالى كما أمر، وذلك مثل قوله تعالى:{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} (1)، وقوله تعالى:{وَجَاءَ ربك وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} (2)، وقوله تعالى:{الرحمن على العرش استوى} (3)، وقوله تعالى: {والأرض جميعًا
(1) البقرة الآية (210).
(2)
الفجر الآية (22).
(3)
طه الآية (5).
قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} (1)،ونظائرها مما نطق به القرآن كالفوقية والنفس واليدين والسمع والبصر والكلام والعين والنظر والإرادة والرضا والغضب والمحبة والكرامة والعناية والقرب والبعد والسخط والاستحياء، والدنوّ كقاب قوسين أو أدنى وصعود الكلام الطيب إليه، وعروج الملائكة والروح إليه، ونزول القرآن منه، وندائه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وقوله للملائكة، وقبضه وبسطه وعلمه ووحدانيته وقدرته ومشيئته وصمدانيته وفردانيته وأوليته وآخريته وظاهريته وباطنيته وحياته وبقائه وأزليته وأبديته ونوره وتجليه والوجه، وخلق آدم عليه السلام بيده ونحو قوله تعالى:{أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ} (2)، وقوله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} (3)، وسماعه من غيره وسماع غيره منه وغير ذلك من صفاته المتعلقة به المذكورة في الكتاب المنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم وجميع ما لفظ به المصطفى صلى الله عليه وسلم من صفاته، كغرسه جنته الفردوس بيده، وشجرة طوبى بيده، وخط التوراة بيده، والضحك والتعجب ووضعه القدم على النار فتقول قط قط، وذكر الأصابع والنزول كل ليلة إلى سماء الدنيا، وليلة الجمعة وليلة النصف من شعبان وليلة القدر، وغيرته وفرحه بتوبة العبد واحتجابه بالنور وبرداء الكبرياء، وأنه ليس
(1) الزمر الآية (67) ..
(2)
الملك الآية (16).
(3)
الزخرف الآية (84) ..
بأعور، وأنه يعرض عما يكره ولا ينظر إليه، وأن كلتا يديه يمين، واختيار آدم قبضة اليمنى وحديث القبضة، وله كل يوم كذا وكذا نظرة في اللوح المحفوظ، وأنه يوم القيامة يحثو ثلاث حثيات من جهنم فيدخلهم الجنة، ولما خلق آدم عليه الصلاة والسلام مسح ظهره بيمينه، فقبض قبضة، فقال: هؤلاء للجنة ولا أبالي أصحاب اليمين وقبض قبضة أخرى وقال: هذه للنار ولا أبالي أصحاب الشمال، ثم ردهم في صلب آدم (1). وحديث القبضة التي يخرج بها من النار قوماً لم يعملوا خيراً قط، عادوا حمماً فيلقون في نهر من الجنة يقال له نهر الحياة (2) وحديث خلق آدم على صورته وقوله:"لا تقبحوا الوجه فإن الله خلق آدم على صورة الرحمن"(3)
وإثبات الكلام بالحرف والصوت وباللغات وبالكلمات وبالسورن وكلامه تعالى لجبريل والملائكة ولملك الأرحام والرحم ولملك الموت ولرضوان ولمالك ولآدم ولموسى ولمحمد صلى الله عليه وسلم وللشهداء وللمؤمنين عند الحساب، وفي الجنة ونزول القرآن إلى سماء الدنيا وكون القرآن في المصاحف وما أذن الله لشيء كأَذنه لنبي يتغنى بالقرآن
(1) أخرجه: أحمد (4/ 186) من حديث عبد الرحمن بن قتادة، وصححه ابن حبان (2/ 50/338) والحاكم (1/ 31) ووافقه الذهبي، وذكره الهيثمي (7/ 186) وقال:"رواه أحمد ورجاله ثقات وفي الباب عن عدة من الصحابة كأنس وأبي موسى وحكيم بن حزام وأبي سعيد وابن عمر ومعاذ وغيرهم".
(2)
جزء من حديث طويل أخرجه: أحمد (3/ 16 - 17و94 - 95) والبخاري (13/ 517 - 519/ 7439) ومسلم (1/ 167 - 171/ 183) والترمذي (4/ 615/2598) مختصراً، والنسائي (8/ 486 - 487/ 5025) وابن ماجه (1/ 23/60) من طرق عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(3)
سيأتي تخريجه في مواقف البربهاري سنة (329هـ) ..
المتفقهة من اشتغل بالكلام فأفلح، يفوته الفقه ولا يصل إلى معرفة الكلام. قال: وكنا نأتي مجلس ابن سريج سنة ثلاث وثلاث مائة فقام إليه شيخ من أهل العلم فقال: أبشر أيها القاضي فإن الله يبعث على كل مائة سنة من يجدد للأمة دينها، والله تعالى بعث على رأس المائة عمر بن عبد العزيز، وعلى رأس المائتين الشافعي، وبعثك على رأس الثلاث مائة ثم أنشأ يقول:
اثنان قد مضيا وبورك فيهما
…
عمر الخليفة ثم خلف السودد
الشافعي الألمعي محمد
…
إرث النبوة وابن عم محمد
أبشر أبا العباس إنك ثالث
…
من بعدهم سقيا لنوبة أحمد
فصاح أبو العباس وبكى وقال: لقد نعى إلي نفسي. قال حسان: فمات القاضي أبو العباس في تلك السنة. كذا في النسخة سنة ثلاث وكأنها سنة ست تصحفت. وقد كان على رأس المائة الرابعة الإمام أبو حامد الإسفراييني ببغداد. (1)
أبو يحيى السَّاجي (2)(307 هـ)
الإمام الثبت، الحافظ، محدث البصرة وشيخها ومفتيها، أبو يحيى زكريا ابن يحيى بن عبد الرحمن بن بحر بن عدي. البصري الشافعي. سمع أبا الربيع الزهراني وعبيد الله بن معاذ العنبري وهدبة بن خالد القيسي وخلقا بالبصرة
(1) التذكرة (3/ 812).
(2)
الجرح والتعديل (3/ 601) وتذكرة الحفاظ (2/ 709 - 710) وميزان الاعتدال (2/ 79) واللسان (2/ 488 - 489) والبداية والنهاية (11/ 140) وتهذيب التهذيب (3/ 334) وشذرات الذهب (2/ 250 - 251) والسير (14/ 197 - 200).