الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عنهن. (1)
" التعليق:
رحمك الله يا خليفة المسلمين، لقد عرفت خبث الروافض وما انطووا عليه من الشر والكفر، وعلمت أن هؤلاء المجوس لم يكن قصدهم كما يدعون حب آل البيت، ولكنه هدم الإسلام بكامله، وإقامة الحكومة الفرسية المجوسية مكانه.
موقفه من الجهمية:
مر معنا في هذا البحث المبارك ما لقيه علماء السلف من المأمون والمعتصم والواثق من المحن التي نرجو الله أن تغفر بها ذنوبهم وترفع بها درجاتهم، وكما قال الله تعالى:{فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} (2) وبعد الشدة يأتي الفرج سنة الله في ذلك، هذا وقد ادخر الله هذه الحسنة لجعفر المتوكل، فرفع المحنة، وأطلق من كان مسجونا بالظلم، وجزى الظلمة بما يستحقون.
- جاء في سير أعلام النبلاء: وفي سنة أربع وثلاثين ومائتين أظهر المتوكل السنة، وزجر عن القول بخلق القرآن وكتب بذلك إلى الأمصار، واستقدم المحدثين إلى سامراء وأجزل صِلاتِهم، ورووا أحاديث الرؤية
(1) البداية والنهاية (10/ 338).
(2)
الشرح الآيتان (5و6).
والصفات. (1)
- ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: وكان في أيام المتوكل قد عز الإسلام، حتى ألزم أهل الذمة بالشروط العمرية وألزموا الصغار، فعزت السنة والجماعة، وقمعت الجهمية والرافضة ونحوهم. وكذلك في أيام المعتضد، والمهدي والقادر وغيرهم من الخلفاء الذين كانوا أحمد سيرة، وأحسن طريقة من غيرهم، وكان الإسلام في زمنهم أعز، وكانت السنة بحسب ذلك. (2)
- وقال أيضا: ثم إن الله تعالى كشف الغمة عن الأمة، في ولاية المتوكل على الله، الذي جعل الله عامة خلفاء بني العباس من ذريته دون ذرية الذين أقاموا المحنة لأهل السنة. فأمر المتوكل برفع المحنة وإظهار الكتاب والسنة، وأن يُروى ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين، من الإثبات النافي للتعطيل. (3)
- وفي السير: وغضب المتوكل على أحمد بن أبي دؤاد، وصادره، وسجن أصحابه، وحمل ستة عشر ألف ألف درهم وافتقر هو وآله. وولى يحيى بن أكثم القضاء، وأطلق من تبقى في الاعتقال ممن امتنع من القول بخلق القرآن، وأنزلت عظام أحمد بن نصر الشهيد ودفنها أقاربه. (4)
- وفيها: قال إبراهيم نفطويه: في سنة أربع وثلاثين ومئتين أشخص
(1) السير (12/ 34).
(2)
الفتاوى (4/ 21 - 22).
(3)
مجموع الفتاوى (11/ 479).
(4)
السير (12/ 36) والبداية (10/ 329).
المتوكل الفقهاء والمحدثين، فكان فيهم مصعب بن عبد الله الزبيري، وإسحاق ابن أبي إسرائيل، وإبراهيم بن عبد الله الهروي، وأبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة، وكانا من الحفاظ، فقسمت بينهم الجوائز، وأمرهم المتوكل أن يحدثوا بالأحاديث التي فيها الرد على المعتزلة والجهمية، قال: فجلس عثمان في مدينة المنصور، واجتمع عليه نحو من ثلاثين ألفا، وجلس أبو بكر في مسجد الرصافة، وكان أشد تقدما من أخيه، اجتمع عليه نحو من ثلاثين ألفا. (1)
- وفيها: وأخذ القاضي الأصم، وحلقت لحيته، وضرب بالسياط، وطيف به على حمار. وكان جهميا ظلوما. (2)
- قال ابن كثير في البداية: وفي عيد الفطر منها -سنة سبع وثلاثين ومائتين- أمر المتوكل بإنزال جثة أحمد بن نصر الخزاعي والجمع بين رأسه وجسده وأن يسلم إلى أوليائه، ففرح الناس بذلك فرحا شديدا، واجتمع في جنازته خلق كثير جدا، وجعلوا يتمسحون بها وبأعواد نعشه، وكان يوما مشهودا. ثم أتوا إلى الجذع الذي صلب عليه فجعلوا يتمسحون به، وأرهج العامة بذلك فرحا وسرورا، فكتب المتوكل إلى نائبه يأمره بردعهم عن تعاطي مثل هذا وعن المغالاة في البشر، ثم كتب المتوكل إلى الآفاق بالمنع من الكلام في مسألة الكلام والكف عن القول بخلق القرآن، وأن من تعلم علم الكلام لو تكلم فيه فالمطبق مأواه إلى أن يموت. وأمر الناس أن لا يشتغل أحد إلا بالكتاب والسنة لا غير، ثم أظهر إكرام الإمام أحمد بن حنبل واستدعاه
(1) السير (11/ 125).
(2)
السير (11/ 163).
من بغداد إليه، فاجتمع به فأكرمه وأمر له بجائزة سنية فلم يقبلها، وخلع عليه خلعة سنية من ملابسه فاستحيا منه أحمد كثيرا فلبسها إلى الموضع الذي كان نازلا فيه ثم نزعها نزعا عنيفا وهو يبكي رحمه الله تعالى. وجعل المتوكل في كل يوم يرسل إليه من طعامه الخاص ويظن أنه يأكل منه، وكان أحمد لا يأكل لهم طعاما بل كان صائما مواصلا طاويا تلك الأيام، لأنه لم يتيسر له شيء يرضى أكله، ولكن كان ابنه صالح وعبد الله يقبلان تلك الجوائز وهو لا يشعر بشيء من ذلك، ولولا أنهم أسرعوا الأوبة إلى بغداد لخشي على أحمد أن يموت جوعا، وارتفعت السنة جدا في أيام المتوكل عفا الله عنه، وكان لا يولي أحدا إلا بعد مشورة الإمام أحمد، وكان ولاية يحيى بن أكثم قضاء القضاة موضع ابن أبي دؤاد عن مشورته، وقد كان يحيى بن أكثم هذا من أئمة السنة، وعلماء الناس، ومن المعظمين للفقه والحديث واتباع الأثر. (1)
أحمد بن صالح (2)(248 هـ)
أحمد بن صالح الإمام الكبير، حافظ زمانه بالديار المصرية أبو جعفر المصري المعروف بابن الطبري، ولد بمصر سنة سبعين ومائة. روى عن ابن وهب وسفيان ابن عيينة وعبد الرزاق وأبي نعيم وعفان وخلق سواهم. روى عنه البخاري، وأبو داود، وأبو زرعة الرازي، والدمشقي، والدارمي،
(1) البداية (10/ 329 - 330).
(2)
السير (12/ 160 - 177) وتهذيب الكمال (1/ 340 - 354) وتهذيب التهذيب (1/ 39 - 42) وتاريخ بغداد (4/ 195 - 202) وتذكرة الحفاظ (2/ 495 - 496) والوافي بالوفيات (6/ 424) وشذرات الذهب (2/ 117).