الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن الحداد المغربي (1)(302 هـ)
الإمام شيخ المالكية، أبو عثمان، سعيد بن محمد بن صبيح بن الحداد المغربي، صاحب سحنون، وهو أحد المجتهدين، وكان بحراً في الفروع ورأساً في لسان العرب بصيراً بالسنن. كان يذم التقليد، ويقول: هو من نقص العقول، أو دناءة الهمم وكان من رؤوس السنة. قال عنه المالكي: كان عالماً في الفقه والكلام والذب عن الدين والرد على فرق المخالفين للجماعة، من أذهن الناس وأعلمهم بما قاله الناس. وله مع شيخ المعتزلة الفراء مناظرات بالقيروان، رجع بها عدد من المبتدعة. مال إلى مذهب الشافعي من غير تقليد، وأخذ يسمي المدونة "المدودة" فهجره المالكية ثم أحبوه لما قام على أبي عبد الله الشيعي وناظره ونصر السنة. قال موسى بن عبد الرحمن القطان: لو سمعتم سعيد بن الحداد في تلك المحافل -يعني مناظرته للشيعي- وقد اجتمع له جهارة الصوت، وفخامة المنطق وفصاحة اللسان، وصواب المعاني، لتمنيتم أن لا يسكت. ومن كلامه: قال: من طالت صحبته للدنيا وللناس فقد ثقل ظهره، خاب السالون عن الله المتنعمون بالدنيا، من تحبب إلى العباد بالمعاصي بغضه الله إليهم. وقال: ما صد عن الله مثل طلب المحامد، وطلب الرفعة.
مات سنة اثنتين وثلاثمائة. وله ثلاث وثمانون سنة رحمه الله.
موقفه من المبتدعة:
- هذا الإمام الكبير كانت له مواقف مشرفة مع أكثر المبتدعة الذين
(1) الوافي بالوفيات (15/ 179 - 180) والشذرات (2/ 238) والسير (14/ 205 - 214) ومعالم الإيمان (2/ 295 - 315) ورياض النفوس (2/ 57 - 115).
كانوا في عصره، واجههم مواجهة العالم الشجاع بالحجة القاطعة الدامغة، ولم يكن بالضعيف الخائر الخائف، بل كان لا يخاف في الله لومة لائم. وقد ذكر ترجمته ومواقفه غير واحد من المؤرخين والمترجمين، كالقاضي عياض في المدارك وابن خلكان في الوفيات وابن فرحون في الديباج والدباغ في معالم الإيمان والذهبي في كتبه عامة والسير خاصة، فمواقفه من المبتدعة والمقلدة -الذين عششت العنكبوت على عقولهم وفكروا برأي غيرهم- مشرفة نموذجية وإليك بعض ذلك:
- مع المقلدة:
قال الذهبي: وكان يذم التقليد ويقول: هو من نقص العقول أو دناءة الهمم، وقيل إنه صنف في الرد على المدونة. (1)
- كلمة عن الشيخ في محاربة البدع في معالم الإيمان:
قال: كان يرد على أهل البدع المخالفين للسنة، وله في ذلك مقامات مشهورة وآثار محمودة، ناب عن المسلمين فيها أحسن مناب حتى مثله أهل القيروان بأحمد بن حنبل أيام المحنة، وذلك أن بني عبيد لما ملكوا القيروان أظهروا تبديل مذهب أهل البلد وأجبروا الناس على مذهبهم بطريق المناظرة وإقامة الحجة، وقتلوا رجلين من أصحاب سحنون، فارتاع أهل البلد من ذلك ولجؤوا إلى أبي سعيد (2) وسألوه التقية فأبى من التقية وقال: قد أربيت على التسعين ومالي في العيش من حاجة، وقتيل الخوراج خير قتيل، ولا بد
(1) السير (14/ 206).
(2)
كذا في الأصل، ولعل الصواب "أبي عثمان".