الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الْهِبَة
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة رضي الله عنهم فِي رجل وهب لرجل عبدا على أَن يهب لَهُ عبدا فَلَيْسَ بِشَيْء حَتَّى يتقابضا ثمَّ هُوَ كَالْبيع يردان بِالْعَيْبِ رجل وهب لرجل دَارا فَعوضهُ عَن نصفهَا عبدا فَلهُ أَن يرجع فِي النّصْف الَّذِي لم يعوضه رجل وهب لرجل دَارا أَو تصدق عَلَيْهِ بدار على أَن يرد عَلَيْهِ شَيْئا مِنْهَا أَو يعوضه شَيْئا مِنْهَا أَو وهب لَهُ جَارِيَة على أَن
ــ
كتاب الْهِبَة
قَوْله حَتَّى يتقابضا أَصله أَن الْهِبَة بِشَرْط الْعِوَض ينْعَقد تَبَرعا عندنَا حَتَّى لَا يتم إِلَّا بالتقابض وَتبطل بالشيوع وَلَا يجب بِهِ الشُّفْعَة فِي الْعقار وَإِذا اتَّصل الْقَبْض صاربيعا فَحِينَئِذٍ يجب بِهِ الشُّفْعَة فِي الْعقار وَيرد بِالْعَيْبِ
قَوْله فَلهُ أَن يرجع إِلَخ لِأَن الْمَانِع عَن الرُّجُوع خَاص فَامْتنعَ فِيهِ دون غَيره وَتَفْسِير التعويض أَن يَأْتِي الْمَوْهُوب لَهُ بِلَفْظ يعلم الْوَاهِب أَنه عوض هِبته بِأَن يَقُول هَذَا عوض هِبتك أَو مكافآت هِبتك أَو ثَوَاب هِبتك أَو بدل هِبتك أَو جَزَاء هِبتك أما إِذا وهب الْوَاهِب شَيْئا وَهُوَ لم يعلم بِأَن هَذَا عوض هِبته فَلِكُل وَاحِد أَن يرجع فِي هِبته
قَوْله وَالشّرط بَاطِل لِأَنَّهُ يُخَالف مُوجب العقد وَالْهِبَة لَا تفْسد بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَة
يردهَا عَلَيْهِ أَو على أَن يعتقها أَو على أَن يتخذها أم ولد فالهبة جَائِزَة وَالشّرط بَاطِل رجل وهب لرجل أَرضًا بَيْضَاء فأنبت فِي نَاحيَة مِنْهَا نخلا أَو بنى بَيْتا أَو دكاناً أَو أرياً وَكَانَ ذَلِك زِيَادَة فِيهَا فَلَيْسَ لَهُ أَن يرجع فِي شَيْء مِنْهَا وَإِن بَاعَ نصفهَا غير مقسوم فَلهُ أَن يرجع فِي الْبَاقِي وَإِن لم يبع شَيْئا مِنْهَا فَلهُ أَن يرجع فِي نصفهَا
رجل قَالَ لآخر دَاري لَك هبة سُكْنى أَو سكني هبة فَهُوَ
ــ
قَوْله فَلَيْسَ لَهُ أَن يرجع فِي شَيْء مِنْهَا لِأَن الزِّيَادَة الْمُتَّصِلَة فِي الْمَوْهُوب يمْنَع الرُّجُوع وَالشَّجر وَالْبناء فِي بعض النَّاحِيَة يعد زِيَادَة فِي الْكل وَكَذَلِكَ الدّكان ولآرى يعد فِي زِيَادَة فِي لكل وَهَذَا إِذا كَانَ الدّكان كَبِيرا بِحَيْثُ يعد زِيَادَة أما إِذا كَانَ صَغِيرا حَقِيرًا بِحَيْثُ لَا يعد زِيَادَة فَلَا عِبْرَة وَلَو كَانَت الأَرْض كَبِيرَة لَا يعد فِي الْكل وَإِنَّمَا يعد زِيَادَة فِي تِلْكَ الْقطعَة فَيرجع فِي غَيرهَا
قَوْله فَلهُ أَن يرجع فِي نصفهَا لِأَنَّهُ صَحَّ الرُّجُوع فِي الْكل فَفِي النّصْف أَحَق
قَوْله فَهُوَ سُكْنى لِأَن قَوْله دَاري لَك هبة ظَاهِرَة لتمليك الرَّقَبَة وَهُوَ يحْتَمل تمْلِيك الْمَنْفَعَة لِأَن الْإِضَافَة بلام التَّمْلِيك يحْتَمل الْإِجَارَة وَالْعَارِية وَلِهَذَا حمل عَلَيْهِ فِي بَاب الْيَمين إِذا حلف لَا يدْخل دَار فلَان فَدَخلَهَا وَهُوَ سَاكن فِيهَا بِإِجَارَة أَو بإعارة فَإِنَّهُ يَحْنَث فَثَبت أَن لَام التَّمْلِيك يحْتَمل ملك السُّكْنَى وَإِن كَانَ أَصله ملك الرَّقَبَة فَصَارَ ذَلِك كلَاما مختملا وَقَوله سُكْنى مُحكم لملك الْمَنْفَعَة فَجعل الْمُحكم قَاضِيا عَلَيْهِ كَمَا قُلْنَا فِي الرجل يَقُول لامْرَأَة تَزَوَّجتك شهرا إِن التَّزَوُّج مُحْتَمل للمتعة والشهر مُحكم فِي حق الْمُتْعَة فَجعل الْمُحكم
سُكْنى وَإِن قَالَ هبة تسكنها فَهِيَ هبة رجل تصدق على مُحْتَاجين بِعشْرَة دَرَاهِم أَو وَهبهَا لَهما جَازَ وَإِن تصدق بهَا على غَنِيَّيْنِ أَو وَهبهَا لَهما لم يجز وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) يجوز للغنيين أَيْضا رجل لَهُ على آخر ألف دِرْهَم قَالَ إِذا جَاءَ غَد فَهِيَ لَك أَو أَنْت مِنْهَا بَرِيء أَو قَالَ إِذا أدّيت إِلَى نصفهَا أَو أَنْت بَرِيء من نصفهَا فَهُوَ بَاطِل وَالله أعلم
ــ
قَاضِيا على الْمُحْتَمل حَتَّى صَارَت مُتْعَة فَصَارَ ذَلِك بِمَنْزِلَة قَوْله لفُلَان عَليّ ألف دِرْهَم وَدِيعَة إِن ذَلِك أَمَانَة
قَوْله فَهِيَ هبة لِأَن قَوْله تسكنها لَا يصلح مغيراً لصدر الْكَلَام لِأَنَّهُ فعل وَلَيْسَ بِصفة فَبَقيَ مشورة أَو شرطا فَاسِدا فَوَجَبَ الْعَمَل بِظَاهِر الْكَلَام الأول كَأَنَّهُ قَالَ دَاري لَك هبة فَسكت
قَوْله لم يجز فَالْحَاصِل أَن أَبَا حنيفَة أجَاز الصَّدَقَة على اثْنَيْنِ وَلم يجز الْهِبَة لَكِن جعل الْهِبَة عبارَة عَن الصَّدَقَة إِذا صادفت الْفَقِير وَالصَّدَََقَة عبارَة عَن الْهِبَة إِذا صادفت الْغَنِيّ وَذكر فِي كتاب الْهِبَة أَن الصَّدَقَة على اثْنَيْنِ بَاطِل عِنْد أَبى حنيفَة كَالْهِبَةِ فَصَارَ عَن أبي حنيفَة فِي جَوَاز الصَّدَقَة على اثْنَيْنِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَة هَذَا الْكتاب يجوز وَفِي رِوَايَة كتاب الْهِبَة لَا يجوز والحجج تعرف فِي الْمُخْتَلف
قَوْله فَهُوَ بَاطِل لِأَن تمْلِيك الدّين فِيهِ معنى الْإِسْقَاط من وَجه وإبراء الدّين إِسْقَاط فِيهِ معنى التَّمْلِيك فَصَارَ التَّصَرُّف فِي دين تَمْلِيكًا من وَجه وإسقاطاً من وَجه وَلِهَذَا تمّ الْإِبْرَاء من غير قبُول وارتد بِالرَّدِّ وَالتَّعْلِيق بِالشّرطِ مَشْرُوع فِي الْإِسْقَاط الْمَحْض أما فِيمَا فِيهِ شُبْهَة التَّمْلِيك فَلَيْسَ بمشروع