الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب السّير
بَاب الارتداد واللحاق بدار الْحَرْب
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة رضي الله عنهم رجل وَامْرَأَته ارتدا ولحقا بدار الْحَرْب فَحملت فِي دَار الْحَرْب وَولدت ولدا وَولد لولدها ولد فَظهر عَلَيْهِم جَمِيعًا قَالَ الْولدَان فَيْء وَيجْبر الْوَلَد الأول على الْإِسْلَام وَلَا يجْبر ولد الْوَلَد قوم عرب من أهل الْحَرْب من أهل الْكتاب أَرَادوا أَن يؤدوا الْخراج ويكونوا ذمَّة فَلَا بَأْس بذلك وَإِن ظهر
ــ
بَاب الارتداد واللحاق بدار الْحَرْب
قَوْله الْولدَان فَيْء وَلِأَن الْمُرْتَدَّة تسبى وَالْولد يتبع الْأُم فِي الرّقّ وَالْملك
قَوْله وَيجْبر لِأَنَّهُ قد كَانَ أصل الْإِسْلَام لِأَبَوَيْهِ وَالْولد تَابع لِلْأَبَوَيْنِ فِي الْإِسْلَام وَلَو كَانَ لَهُ أصل الْإِسْلَام بِنَفسِهِ كَانَ مجبرا على الْإِسْلَام إِذا سبي فَهَذَا مثله
قَوْله وَلَا يجْبر لِأَن أصل الْإِسْلَام إِنَّمَا كَانَ لجده وَقد بَينا أَن النَّافِلَة لَا
عَلَيْهِم قبل ذَلِك فهم ونساءهم وصبيانهم فَيْء وَإِن أَرَادَ مُشْرِكُوا الْعَرَب أَن يصيروا ذمَّة ويعطوا الْخراج لم يفعل ذَلِك وَإِن ظهر عَلَيْهِم فنساءهم وصبيانهم فَيْء وَمن لم يسلم من رِجَالهمْ قتل وَلم يَكُونُوا فَيْئا وَكَذَلِكَ إِن ارْتَدَّ قوم ونساءهم فصاروا أهل حَرْب إِلَّا أَن نِسَاءَهُمْ وصبيانهم يجبرون على الْإِسْلَام وَإِن رأى الإِمَام موادعة أهل الْحَرْب وَأَن يَأْخُذ على ذَلِك مَالا فَلَا بَأْس وَأما المرتدون فيوادعهم حَتَّى ينْظرُوا فِي أَمرهم وَلَا يَأْخُذ عَلَيْهِم مَالا فَإِن أَخذه لم يردهُ
رجل ارْتَدَّ وَلحق بدار الْحَرْب فَإِنَّهُ يقْضِي يعْتق أُمَّهَات أَوْلَاده وَيعتق مدبروه من الثُّلُث وَيحل مَا عَلَيْهِ من الدّين وَيَقْضِي عَنهُ
ــ
يكون مُسلما بِإِسْلَام الْجد فَلهَذَا لَا يجْبر على الْإِسْلَام وَيكون حكمه كَحكم سَائِر الْكفَّار
قَوْله فَلَا بَأْس لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم صَالح بني نَجْرَان على ألف ومائتي حلَّة وهم نَصَارَى الْعَرَب
قَوْله فَيْء لِأَنَّهُ لما صَحَّ تقريرهم على الْكفْر بالجزية يَصح تقريرهم بِضَرْب الرّقّ عَلَيْهِم لِأَنَّهُمَا سَوَاء فى الْمَعْنى
قَوْله لم يفعل ذَلِك لقَوْله عليه الصلاة والسلام لَا يقبل من مُشْركي الْعَرَب إِلَّا الْإِسْلَام أَو السَّيْف
قَوْله فنساؤهم وصبيانهم فَيْء لما وري أَنه صلى الله عليه وسلم سبى ذُرِّيَّة أَوْطَاس وَلِأَن قتل هَؤُلَاءِ حرَام فصح استرقاقهم
وَيقسم مَاله بَين ورثته فَإِن جَاءَ مُسلما بعد ذَلِك نفذ ذَلِك كُله فَإِن وجد شَيْئا من مَاله بِعَيْنِه فِي يَد ورثته أَخذه وَإِن جَاءَ مُسلما قبل أَن يقْضِي بذلك فَكَأَنَّهُ لم يزل مُسلما مُرْتَد لحق بِمَالِه ثمَّ ظهر على ذَلِك المَال فَهُوَ فَيْء فَإِن لحق ثمَّ رَجَعَ وَأخذ مَالا ثمَّ ظهر على المَال فَوَجَدته الْوَرَثَة قبل أَن يقسم رد عَلَيْهِم مُرْتَد أعتق أَو وهب أَو بَاعَ أَو اشْترى ثمَّ أسلم جَازَ مَا صنع وَإِن لحق أَو مَاتَ على ردته بَطل ذَلِك كُله وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) يجوز مَا صنع فِي الْوَجْهَيْنِ وَقَالَ مُحَمَّد رحمه الله هُوَ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْمَرِيض
ــ
قَوْله قتل لِأَنَّهُ لما لم يجز تقريرهم على الْكفْر بالجزية لم يجر تقريرهم عَلَيْهِ بالاسترقاق أَيْضا
قَوْله فلابأس لِأَنَّهَا ثَابِتَة بِالسنةِ لَكِن إِنَّمَا يجوز ذَلِك عِنْد الْحَاجة إِلَى استعداد الْقِتَال
قَوْله قتل لِأَنَّهُ لم يجز تقريرهم على الْكفْر بالجزية لم يَجْزِي تقريرهم عَلَيْهِ بالاسترقاق أَيْضا
قَوْله فَلَا بَأْس لِأَنَّهَا ثَابِتَة بِالنِّسْبَةِ لَكِن إِنَّمَا يجوز ذَلِك عِنْد الْحَاجة إِلَى استعداد الْقِتَال
قَوْله حَتَّى ينْظرُوا إِلَخ لِأَنَّهُ وَقع مِنْهُم رَجَاء الْإِسْلَام لَكِن لَا يَأْخُذُوا على ذَلِك مَالا لِأَنَّهُ يشبه الْجِزْيَة فَإِن أَخذه لم يردهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَالا لَا عصمَة لَهُ
قَوْله فَإِنَّهُ يقْضِي إِلَخ بَعْدَمَا قضى القَاضِي بلحاق الْمُرْتَد بدار الْحَرْب يعْتق أُمَّهَات أَوْلَاده ومدبروه والمؤجل من الدُّيُون عَلَيْهِ يصير حَالا لِأَنَّهُ ذَلِك بِمَنْزِلَة مَوته فَمَا ثَبت من الحكم إِذا مَاتَ حَقِيقَة يثبت هَهُنَا
قَوْله أَخذه أَي إِن جَاءَ مُسلما بعد ذَلِك فَمَا كَانَ قَائِما من مَاله فِي يَد ورثته لَهُ أَن يَأْخُذ مِنْهُم لِأَن الْوَارِث خلف الْمَيِّت لاستغنائه عَنهُ فَإِذا جَاءَ مُسلما فقد
ويعرض على الْمُرْتَد حرا أَو عبدا الْإِسْلَام فَإِن أَبى قتل وتجبر الْمُرْتَدَّة على الْإِسْلَام وَلَا تقتل حرَّة أَو أمة وَالْأمة يجبرها مَوْلَاهَا
وارتداد الصَّبِي الَّذِي يعقل ارتداد عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) وَيجْبر على الْإِسْلَام وَلَا يقتل وإسلامه إِسْلَام وَلَا يَرث أَبَوَيْهِ إِن كَانَا كَافِرين وَهُوَ قَول مُحَمَّد رحمه الله وَقَالَ أَبُو يُوسُف رحمه الله ارتداده لَيْسَ بارتداد وإسلامه إِسْلَام ذمِّي نقض الْعَهْد وَلحق فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْمُرْتَد مُرْتَد لحق وَله عبد فَقضى بِهِ لِابْنِهِ فكاتبه ثمَّ جَاءَ الْمُرْتَد مُسلما فالكتابة جَائِزَة وَالْوَلَاء للمرتد الَّذِي أسلم
ــ
احْتَاجَ إِلَيْهِ وَمَا أزاله الْوَارِث عَن ملكه لَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهِ لأَنهم أزالوا فِي وَقت كَانَ لَهُم ولَايَة الْإِزَالَة وَلَا على أُمَّهَات أَوْلَاده ومدبريه لِأَن القَاضِي قضى بعتقهن فِي وَقت كَانَ الْقَضَاء جَائِزا فِيهِ فنفذ قَضَاؤُهُ
قَوْله فَكَأَنَّهُ لم يزل مُسلما فالمرتد وَإِن لحق بدار الْحَرْب لَا يعْتق أُمَّهَات أَوْلَاده مالم يقْضِي القَاضِي بلحاقه لِأَن ذَلِك لَا يثبت بِنَفس الرِّدَّة بل بِالْمَوْتِ وَإِنَّمَا يكون للردة حكم الْمَوْت إِذا اتَّصل بهَا قَضَاء القَاضِي
قَوْله فَهُوَ فَيْء وَلَا يكون للْوَرَثَة لِأَن هَذَا مَال حَرْبِيّ وَحقّ الْوَرَثَة إِنَّمَا يثبت فِي المَال الَّذِي خَلفه فِي دَار الْإِسْلَام فَأَما مَا لحق بِهِ بدار الْحَرْب فَلَا يثبت فِيهِ حق الوراثة وَإِن كَانَ لحق بدار الْحَرْب ثمَّ رَجَعَ وَأخذ مَالا وَأدْخلهُ فِي مَال دَار الْحَرْب ثمَّ ظهرنا على ذَلِك المَال رددناه إِلَى الْوَرَثَة فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ مُحَمَّد إِن رَجَعَ قبل قَضَاء القَاضِي بلحاقه فَلَا سَبِيل للْوَرَثَة على هَذَا المَال وَإِن رَجَعَ بعد قَضَاء القَاضِي بلحاقه كَانَ للْوَرَثَة أَن يأخذوه إِذا وجدوه فِي الْغَنِيمَة قبل الْقِسْمَة بِغَيْر شَيْء وَبعدهَا بِالْقيمَةِ وَلَا خلاف بَينهمَا بِالْحَقِيقَةِ لَكِن أطلق أَبُو
مُرْتَد لَهُ مَال اكْتَسبهُ فِي حَال الْإِسْلَام وَمَال اكْتَسبهُ فِي حَال الرِّدَّة فَأسلم فَهُوَ لَهُ وَإِن لحق بدار الْحَرْب أَو مَاتَ على ردته فَمَا كَانَ لَهُ حَال الْإِسْلَام فَهُوَ لوَرثَته وَمَا كَانَ فِي حَال الرِّدَّة فَهُوَ فَيْء وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) جَمِيع ذَلِك لوَرثَته مُرْتَد وطئ جَارِيَة نَصْرَانِيَّة كَانَت لَهُ فِي الْإِسْلَام فَجَاءَت بِولد لأكْثر من سِتَّة أشهر بَعْدَمَا ارْتَدَّ فَادَّعَاهُ فَهِيَ أم ولد لَهُ وَالْولد حر وَهُوَ ابْنه وَلَا يَرِثهُ وَإِن كَانَت الْجَارِيَة مسلمة ورثت الإبن مَاتَ على ردته أَو لحق
ــ
حنيفَة الْجَواب وَقسم مُحَمَّد وَهُوَ على التَّقْسِيم فَإِنَّهُ كَانَ عوده قبل قَضَاء القَاضِي بلحاقه فاللحاق الأول فِي حكم الْغَنِيمَة وَإِنَّمَا الْمُعْتَبر اللحاق الثَّانِي وَالْمَال فِيهِ مَعَه وَكَأَنَّهُ لحق بدار الْحَرْب بِمَالِه وَأما إِذا قضى القَاضِي بلحاقه فقد صَار المَال مِيرَاثا لوَرثَته وَهُوَ حَرْبِيّ خرج فاستولى على مَال الْوَرَثَة وأحرزه وَلَو وَقع غَيره على هَذَا المَال ثمَّ وَقع فِي الْغَنِيمَة كَانَ لَهُم أَن يأخذوه قبل الْقِسْمَة بِغَيْر شَيْء وَبعدهَا بِالْقيمَةِ فَهَذَا مثله
قَوْله جَازَ مَا صنع تَصَرُّفَات الْمُرْتَد على أَرْبَعَة أَقسَام نَافِذ بالِاتِّفَاقِ كَالطَّلَاقِ وَالِاسْتِيلَاد ودعوة الْوَلَد وَتَسْلِيم الشُّفْعَة وباطل بالإتفاق كَالنِّكَاحِ والذبيحة لِأَنَّهُمَا يعتمدان لملة لَا مِلَّة لَهُ وَمَوْقُوف بالِاتِّفَاقِ كالمفاوضة وَالْإِرْث لِأَنَّهُمَا يعتمدان الْمُسَاوَاة وَلَا مُسَاوَاة بَين الْمُسلم وَالْمُرْتَدّ مالم يسلم ومختلف فِيهِ كَالْعِتْقِ وَالْهِبَة وَالْكِتَابَة وَقبض الدُّيُون وَالْإِجَارَة وَالْبيع وَالشِّرَاء
قَوْله فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَن الصِّحَّة تعتمد الْأَهْلِيَّة والنفاذ يعْتَمد الْملك وَقد وجد فَوَجَبَ أَن ينفذ وَلأبي حنيفَة أَن المرتدي حَرْبِيّ مقهور تَحت أَيْدِينَا وَالْحَرْبِيّ مَتى قهر توقف يَده حَتَّى توقف تَصَرُّفَاته بِالْإِجْمَاع كَذَا هَهُنَا
قَوْله فَإِن أَبى قتل لقَوْله صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فَاقْتُلُوهُ قَوْله وتجبر الْمُرْتَدَّة إِن كَانَت حرَّة وَإِن كَانَت أمة وَأَهْلهَا يَحْتَاجُونَ إِلَى مُرْتَد لَهُ مَال اكْتَسبهُ فِي حَال الْإِسْلَام وَمَال اكْتَسبهُ فِي حَال الرِّدَّة فَأسلم فَهُوَ لَهُ وَإِن لحق بدار الْحَرْب أَو مَاتَ على ردته فَمَا كَانَ لَهُ حَال الْإِسْلَام فَهُوَ لوَرثَته وَمَا كَانَ فِي حَال الرِّدَّة فَهُوَ فَيْء وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) جَمِيع ذَلِك لوَرثَته مُرْتَد وطئ جَارِيَة نَصْرَانِيَّة كَانَت لَهُ فِي الْإِسْلَام فَجَاءَت بِولد لأكْثر من سِتَّة أشهر بَعْدَمَا ارْتَدَّ فَادَّعَاهُ فَهِيَ أم ولد لَهُ وَالْولد حر وَهُوَ ابْنه وَلَا يَرِثهُ وَإِن كَانَت الْجَارِيَة مسلمة ورثت الإبن مَاتَ على ردته أَو لحق
ــ
قَوْله دخل اللَّيْل فِي ذَلِك حَتَّى لَو ردَّتْ الْأَمر فِي يَوْمهَا لم يبْق الْأَمر فِي يَدهَا فِي الْغَد لِأَن فِي الْفَصْل الأول جعل الْأَمر فِي يَدهَا فِي وَقْتَيْنِ منفصلين فَلَا يَصح أَن يجعلا كوقت وَاحِد لتخلل مَا يُوجب الْفَصْل وَهُوَ الْيَوْم وَاللَّيْلَة وَعند اخْتِلَاف الْوَقْت لَا يُمكن القَوْل باتحاد الْأَمر فإبطال أَحدهمَا لَا يتَعَدَّى إِلَى الآخر وَلَا يدْخل اللَّيْل فِي الْأَمر لِأَن كل وَاحِد من الْأَمريْنِ ذكره مُنْفَردا وَفِي الْفَصْل الثَّانِي الْأَمر مُتحد لِأَن تخَلّل اللَّيْل فِي يَوْمَيْنِ لَا يجعلهما مدتين لِأَن الْقَوْم قد يَجْلِسُونَ للمشورة فَيبقى الْمجْلس إِلَى الْغَد فَإِذا ردَّتْ الامر فِي الْيَوْم الا يبْقى الْأَمر فِي يَدهَا فِي الْغَد
قَوْله وَلَو قَالَ فِي الْيَوْم إِلَخ هَذَا يُوَافق مَا تقدم قَوْله أَنْت طَالِق غَدا أَو أَنْت طَالِق فِي الْغَد
قَوْله حنث لِأَن الشَّرْع جعل الْيَوْم فِي النِّكَاح وَاقعا على الْوَقْت الْمُطلق وَفِي الْأَمر بِالْيَدِ يَقع على بَيَاض النَّهَار لَان الْيَوْم بطلق على مُطلق الْوَقْت وَيسْتَعْمل لبياض النَّهَار قَالَ الله (تَعَالَى){وَمن يولهم يَوْمئِذٍ دبره} وَأَرَادَ بِهِ مُطلق الْوَقْت وَقَالَ الله (تَعَالَى){إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة} وَأَرَادَ بِهِ
مُرْتَدا قتل رجل خطأ ثمَّ قتل على ردته أَو لحق فَالدِّيَة فِيمَا اكْتَسبهُ فِي حَال الْإِسْلَام خَاصَّة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) فِيمَا اكْتَسبهُ فِي حَال الْإِسْلَام وَالرِّدَّة مُسلم قطعت يَده ثمَّ ارْتَدَّ فَمَاتَ من ذَلِك على ردته أَو لحق ثمَّ جَاءَ مُسلما فَمَاتَ من ذَلِك فعلى الْقَاطِع نصف الدِّيَة فِي مَاله لوَرثَته وَإِن لم يلْحق فَأسلم ثمَّ مَاتَ فَعَلَيهِ الدِّيَة كَامِلَة وَقَالَ
ــ
خدمتها رفعت إِلَيْهِم يستخدمونها ويجبرونها على الْإِسْلَام لِأَن حَبسهَا لحق الله (تَعَالَى) وَحقّ الْمولى فِي خدمتها يقدم على حق الله فِي حَبسهَا
قَوْله بِمَنْزِلَة الْمُرْتَد إِلَّا أَنه إِذا أسر صَار فَيْئا بِخِلَاف الْمُرْتَد لِأَن تَقْرِيره على الْكفْر جَائِز فَجَاز تَقْرِيره بِضَرْب الرّقّ لِأَنَّهُ لم يلْتَزم الْإِسْلَام
قَوْله وَالْوَلَاء للمرتد لِأَنَّهُ لما ثَبت لَهُ حكم الْأَحْيَاء فَصَارَ الإبن بِمَنْزِلَة وَكيله بِحكم الْخلَافَة فِيمَا تصرف من مَاله
قَوْله جَمِيع ذَلِك لوَرثَته لِأَنَّهُ لما صَحَّ تصرفه عِنْدهمَا بِلَا توفق صَحَّ تملكه فَوَجَبَ النَّقْل إِلَى الوراث وَلأبي حنيفَة أَن الْإِرْث وَقع مُسْتَندا إِلَى حَالَة الْإِسْلَام من أول زمَان الرِّدَّة لَا بعد الرِّدَّة ليَكُون فِيهِ تَوْرِيث الْمُسلم من الْمُسلم وَهَذَا لَا يُنَافِي فِي مَا اكْتَسبهُ بعد الرِّدَّة
قَوْله ولايرثه لِأَن الْأمة إِذا كَانَت نَصْرَانِيَّة كَانَ الْوَلَد مُرْتَدا تبعا لِأَبِيهِ لِأَنَّهُ أقرب إِلَى الْإِسْلَام لِأَنَّهُ يجْبر على الْإِسْلَام وَالأُم لَا يجْبر فَالْوَلَد يتبع خير الْأَبَوَيْنِ دينا وَالْأَب كَذَلِك لما ذكرنَا فيتبعه وَالْمُرْتَدّ لَا يَرث وَلَيْسَ بِأَهْل للإرث وَإِن كَانَت الْجَارِيَة مسلمة كَانَ الْوَلَد مُسلما تبعا لَهَا وَالْمُسلم أهل للإرث
قَوْله فِيمَا اكْتَسبهُ لِأَن الْعَاقِلَة لَا تعقل عَن الْمُرْتَد وَإِنَّمَا يجب الدِّيَة فِي مَاله لَكِن عِنْد أبي حنيفَة مَاله الَّذِي كسب فِي الْإِسْلَام وَعِنْدَهُمَا الكسبان جَمِيعًا مَاله
مُحَمَّد وَزفر (رَحمهَا الله) عَلَيْهِ فِي جَمِيع ذَلِك نصف الدِّيَة مكَاتب ارْتَدَّ وَلحق وَكسب مَالا فَأخذ مَعَ المَال فَأبى أَن يسلم فَقتل فَإِنَّهُ يُوفي مَوْلَاهُ كِتَابَته وَمَا بَقِي فللورثة
رجل وَامْرَأَته ارتدا مَعًا وأسلما مَعًا فهما على نِكَاحهمَا وَإِن ارْتَدَّ أَحدهمَا قبل الآخر فسد النِّكَاح وَإِن ارْتَدَّ الزَّوْج وَحده فَهُوَ فرقة بِغَيْر طَلَاق وَإِن أسلمت نَصْرَانِيَّة وأبى زَوجهَا أَن يسلم فرق بَينهمَا وَهِي تَطْلِيقَة بَائِنَة
ــ
قَوْله نصف الدِّيَة لِأَن اعْتِرَاض الرِّدَّة أوجب إهدار الْجِنَايَة لحصوله فِي مَحل غير مَعْصُوم فَإِذا أسلم وَجب أَن لَا ينْتَقل وَلأبي حنيفَة وَأبي يُوسُف أَن الْجِنَايَة وَقعت فى مَحل مَعْصُوم وتمت فِي مَحل مَعْصُوم فَوَجَبَ الضَّمَان كَمَا لَو لم يتَحَلَّل الرِّدَّة فِي الْبَين
قَوْله وَمَا بَقِي فَهُوَ للْوَرَثَة هَذَا لَا يشكل على أَصلهمَا لِأَن عِنْدهمَا أكساب الرِّدَّة تكون ملكا للمرتد كأكساب الْإِسْلَام وَإِنَّمَا يشكل على أصل أبي حنيفَة لِأَن أكساب الرِّدَّة عِنْده لَا يكون للمرتد وَهَهُنَا جعله ملكا للْمكَاتب وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِك لِأَن الْمكَاتب إِنَّمَا يملك أكسابه بِسَبَب الْكِتَابَة وَالْكِتَابَة لَا تتَوَقَّف بِالرّدَّةِ فَكَذَلِك الْملك لَا يتَوَقَّف
قَوْله فهما على نِكَاحهمَا وَقَالَ زفر يبطل النِّكَاح لِأَن الْمُرْتَد لَيْسَ من أهل النِّكَاح وَبَقَاء الشَّيْء بِغَيْر الْأَهْل مُسْتَحِيل وَلنَا إِجْمَاع الصَّحَابَة لما روى أَن بني حنيفَة ارْتَدُّوا ثمَّ أَسْلمُوا وَلم يَأْمُرهُم الصَّحَابَة أَنهم يفرقون
قَوْله فسد النِّكَاح وَكَذَلِكَ إِن ارْتَدَّ مَعًا وَأسلم أَحدهمَا قبل الآخر إِلَّا أَن فِي الرِّدَّة يتعجل الْفساد قبل الدُّخُول وَبعده وَفِي إِسْلَام أحد الزَّوْجَيْنِ لَا يتعجل قبل الدُّخُول وَبعده غير أَنه إِن كَانَ فِي دَار الْإِسْلَام يتَوَقَّف على قَضَاء القَاضِي أَيهمَا أسلم وَإِن كَانَ فِي دَار الْحَرْب يتَوَقَّف على مُضِيّ ثَلَاث حيض
قَوْله هِيَ فرقة بِغَيْر طَلَاق إِلَخ لأبي يُوسُف أَن هَذِه فرقة بِسَبَب يشْتَرك فِيهِ