الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الْوَصَايَا
بَاب الْوَصِيَّة بِثلث المَال
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي حنيفَة رضي الله عنهم فِي رجل أوصى لأمهات أَوْلَاده بِثلث مَاله (وَهن ثَلَاث) وللفقراء وَالْمَسَاكِين فَلَهُنَّ ثَلَاثَة أسْهم من خَمْسَة أسْهم وللفقراء سهم وللمساكين سهم وَإِن أوصى بِثُلثِهِ لفُلَان وللمساكين فنصفه لفُلَان وَنصفه للْمَسَاكِين رجل أوصى لرجل بِمِائَة وَلآخر بِمِائَة ثمَّ قَالَ لآخر قد أَشْرَكتك مَعَهُمَا فَلهُ ثلث كل مائَة
ــ
بَاب الْوَصِيَّة بِثلث المَال
قَوْله فَلَهُنَّ ثَلَاثَة أسْهم لِأَن الصِّيغَة وَإِن كَانَت للْجمع إِلَّا أَنَّهَا صَارَت مجَازًا عَن الْجِنْس لتعذر الْعلم بِالْعُمُومِ وَاسم الْجِنْس يَقع على الْأَدْنَى وَيحْتَمل الْكل
قَوْله فَلهُ ثلث كل مائَة لِأَن مُطلق الشّركَة تَقْتَضِي التَّسْوِيَة وَذَلِكَ فِي مَا قُلْنَا
قَوْله فَلهُ نصف مَا لكل إِلَخ لِأَن مُطلق الشّركَة تَقْتَضِي التَّسْوِيَة لَكِن بِقدر الْإِمْكَان فَفِي الْفَصْل الأول أمكن التَّسْوِيَة من كل وَجه بَينهم جَمِيعًا وَفِي الْفَصْل الثَّانِي لم يُمكن التَّسْوِيَة بَينهم على اعْتِبَار الْجُمْلَة فَوَجَبَ الاسْتوَاء على طَرِيق الِانْفِرَاد فَانْصَرف إِلَى التَّسْوِيَة مَعَ كل مِنْهُمَا
وَقَالَ يَعْقُوب وَمُحَمّد (رَحمهَا الله) إِن أوصى بأربعمائة لرجل وَلآخر بمائتين ثمَّ قَالَ لآخر قد أَشْرَكتك مَعَهُمَا فَلهُ نصف مَا لكل وَاحِد مِنْهُمَا رجل قَالَ سدس مَالِي لفُلَان ثمَّ قَالَ فِي ذَلِك الْمجْلس أَو فِي مجْلِس آخر لَهُ ثلث مَالِي وأجازت الْوَرَثَة فَلهُ ثلث المَال وَلَو قَالَ سدس مَالِي لفُلَان ثمَّ قَالَ فِي ذَلِك الْمجْلس أَو فِي مجْلِس آخر سدس مَالِي لفُلَان فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا سدس وَاحِد
رجل أوصى لرجل بِجُزْء من مَاله فَإِن الْوَرَثَة يعطونه مَا شاؤوا وَإِن أوصى بِسَهْم من مَاله فَلهُ مثل نصيب أحد الْوَرَثَة وَلَا يُزَاد على السُّدس
ــ
قَوْله فَلهُ ثلث المَال لِأَن الثُّلُث يتَضَمَّن السُّدس فجعلناه مخبرا عَن السُّدس الأول منشأ للسدس الآخر لِأَنَّهُ مهما أمكن جعله إِخْبَارًا لَا يَجْعَل إنْشَاء لِأَن فِيهِ شكا والإخبار مُتَيَقن
قَوْله إِلَّا سدس وَاحِد لِأَنَّهُ ذكر السُّدس مُعَرفا بِالْإِضَافَة مرَّتَيْنِ لِأَنَّهَا من أَسبَاب التَّعْرِيف والمعرفة إِذا أُعِيدَت معرفَة أَو النكرَة إِذا أُعِيدَت على سَبِيل التَّعْرِيف كَانَ الثَّانِي عين الأول
قَوْله لَا يُزَاد على الثُّلُث لِأَنَّهَا وَصِيَّة بِأَقَلّ الْأَنْصِبَاء فَإِذا زَاد لَا يُجَاوز عَن الثُّلُث وَلأبي حنيفَة رحمه الله أَن السهْم اسْم للسدس وَهُوَ اسْم لنصيب وَاحِد من الْوَرَثَة أَيْضا فَينْظر أَيهمَا كَانَ أقل فَلهُ ذَلِك وَهَذَا فِي عرفهم فَأَما فِي عرفنَا فالسهم والجزء سَوَاء لِأَنَّهُ لَيْسَ باسم لنصيب أحد الْوَرَثَة وَلَا للسدس
قَوْله يصدق إِلَى الثُّلُث يَعْنِي إِذا ادّعى أَكثر من الثُّلُث فكذبته الْوَرَثَة لَا يعْطى إِلَّا ثلث المَال لِأَن قَوْله على دين إِقْرَار بِمَجْهُول لَا يَصح الحكم بِهِ
وَقَالَ يَعْقُوب وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) مثل نصيب أحدهم لَا يُزَاد على الثُّلُث إِلَّا أَن يُجِيزهُ الْوَرَثَة رجل قَالَ لفُلَان عَليّ دين فصدقوه فَإِنَّهُ يصدق إِلَى الثُّلُث فَإِن أوصى بوصايا غير ذَلِك عزلت الثُّلُث لأَصْحَاب الْوَصَايَا والثلثين للْوَرَثَة فَإِذا أفرزنا وَقد علمنَا أَن فِي التَّرِكَة دينا شَائِعا أمروا بِالْبَيَانِ فَقيل لأَصْحَاب الْوَصَايَا صدقوه فِيمَا شِئْتُم وللورثة صدقوه فِيمَا شِئْتُم وَمَا بَقِي من الثُّلُث فأصحاب الْوَصَايَا أَحَق بِهِ
رجل أوصى لوَارث ولأجنبي فَإِنَّهُ للْأَجْنَبِيّ نصف الْوَصِيَّة وَتبطل وَصِيَّة الْوَارِث رجل لَهُ ثَلَاثَة أَثوَاب جيد ووسط وردي فأوصى بِكُل
ــ
وَقَوله فصدقوه مُخَالف لحكم الشَّرْع لِأَن الْمُدَّعِي لَا يصدق من غير حجَّة فَبَطل لَكِن قَصده من هَذَا تَقْدِيمه على الْوَرَثَة وَفِي الْوَصِيَّة ذَلِك فَكَانَ وَصِيَّة فَلَا يُزَاد على الثُّلُث
قَوْله نصف الْوَصِيَّة لِأَن الْوَصِيَّة ابْتِدَاء إِيجَاب وَقد أضيف إِلَى مَا يملك وَإِلَى مَا لَا يملك فَبَطل فِي مَا لَا يملك
قَوْله وَالْوَرَثَة تجحد يُرِيد أَن الْوَرَثَة يجحدون بَقَاء حق كل وَاحِد مِنْهُم بِعَيْنِه وَيَقُولُونَ حق كل وَاحِد مِنْكُم بَطل وَلَا يدْرِي من بَطل حَقه وَمن بقى فَلَا نسلم إِلَيْك شَيْئا فَالْوَصِيَّة بَاطِلَة لِأَن الْمُسْتَحق مَجْهُول وجهالة الْمُسْتَحق يمْنَع الْقَضَاء
قَوْله فَإِن سلمُوا وَقَالُوا اقتسموها بَيْنكُم على قدر وصاياكم فَالْآن يقسم بَينهم لصَاحب الْجيد ثلثا الثَّوْب الأجود لِأَنَّهُ لَا حق لَهُ فِي الردي بِيَقِين وَلِصَاحِب الردى ثلثا الثَّوْب الردي لِأَنَّهُ لَا حق لَهُ فى الْجيد بِيَقِين وَلِصَاحِب الْوسط ثلث الأجود وَثلث الأدون لِأَن حَقه دائر فيهمَا تَحْقِيقا للتسوية بَينهم
قَوْله لَهُ مثل ذرع نصف الْبَيْت لِأَن الْوَصِيَّة أضيفت إِلَى الْمَمْلُوك وَغير الْمَمْلُوك فصح فى الْمَمْلُوك دون الآخر وَلَهُمَا أَن الْقِسْمَة إِفْرَاز النَّصِيب وَالتَّعْيِين فَإِذا وَقع الْبَيْت فى سَهْمه صَار الْبَيْت عين حَقه فَينفذ إِيجَابه فى ذَلِك
وَاحِد لرجل فَضَاعَ ثوب لَا يدْرِي أَيهَا هُوَ وَالْوَرَثَة تجحد فَالْوَصِيَّة بَاطِلَة إِلَّا أَن تسلم لَهُم الْوَرَثَة الثَّوْبَيْنِ الباقيين فَإِن سلمُوا فَلصَاحِب الْجيد ثلثا الثَّوْب الأجود وَلِصَاحِب الْوسط ثلث الأجود وَثلث الأدون وَلِصَاحِب الأدون ثلثا الثَّوْب الأدون دَار بَين رجلَيْنِ أوصى أَحدهمَا بِبَيْت مِنْهَا بِعَيْنِه لرجل فَإِنَّهَا تقسم فَإِن وَقع الْبَيْت فِي نصيب الْمُوصي فَهُوَ للْمُوصى لَهُ وَإِن وَقع فِي نصيب الآخر فلموصى لَهُ مثل ذرع الْبَيْت وَهُوَ قَول أبي يُوسُف رحمه الله وَقَالَ مُحَمَّد رحمه الله لَهُ مثل ذرع نصف الْبَيْت
رجل أوصى فِي مَال رجل لرجل بِأَلف دِرْهَم فَأجَاز صَاحب المَال بعد موت الْمُوصي فَإِن دَفعه فَهُوَ جَائِز وَله أَن يمْنَع ابْنَانِ اقْتَسمَا تَرِكَة الْأَب
ــ
قَوْله وَله أَن يمْنَع لِأَن تبرع الْمُوصي يتَوَقَّف على إجَازَة صَاحب المَال فَإِذا أجَاز فَكَأَنَّهُ تبرع والتبرع لَا يُفِيد الْملك قبل التَّسْلِيم فَلهُ أَن يمْنَع
قَوْله ثلث مَا فِي يَده لِأَن الْمُوصى لَهُ شريك الْوَرَثَة وَلَيْسَ بِمقدم عَلَيْهِ فَصَارَ مقرا أَنه شَرِيكه
قَوْله فَلهُ الدِّرْهَم كُله لِأَن الْوَصِيَّة بِثلث ثَلَاثَة دَرَاهِم وَالْوَصِيَّة بالدرهم سَوَاء وَلَو كَانَت بِصِيغَة الدِّرْهَم بقيت الْوَصِيَّة بكمالها فَكَذَا هَذَا
قَوْله بَاطِل لِأَن الْإِيصَاء فِي الحكم لَا ينزل إِلَّا عِنْد الْمَوْت فَيكون كَأَنَّهُ عقد عِنْد الْمَوْت
قَوْله وَتجوز الْوَصِيَّة لما فِي الْبَطن لِأَن الْإِيصَاء اسْتِخْلَاف فَإِن الْمُوصي يسْتَخْلف الْمُوصى لَهُ فِي بعض مَاله ويلحقه بالوارث وَخِلَافَة الْجَنِين صَحِيحَة شرعا فِي الْمِيرَاث إِذا علم حَيَاته وَلَا كَذَلِك الْهِبَة لِأَنَّهُ تمْلِيك مَحْض وَلَا ولَايَة لأحد على مَا فِي الْبَطن
ألفا ثمَّ أقرّ أَحدهمَا لرجل أَن الْأَب أوصى لَهُ بِثلث مَاله فَإِن الْمقر يُعْطِيهِ ثلث مَا فِي يَده رجل أوصى بِثلث ثَلَاثَة دَرَاهِم لرجل فَهَلَك دِرْهَمَانِ وَبَقِي دِرْهَم وَهُوَ يخرج من الثُّلُث فَلهُ الدِّرْهَم كُله وَكَذَلِكَ الثِّيَاب من صنف وَاحِد رجل أوصى بِثلث ثَلَاثَة من رَقِيقه فَمَاتَ اثْنَان لم يكن لَهُ إِلَّا ثلث الْبَاقِي وَكَذَلِكَ الدّور الْمُخْتَلفَة
رجل أوصى لرجل فقبوله ورده فى حَيَاة الْمُوصي بَاطِل وَتجوز الْوَصِيَّة لما فِي الْبَطن وَلَا تجوز لَهُ الْهِبَة وَالْوَصِيَّة لأهل الْحَرْب بَاطِلَة فَإِن دخل حَرْبِيّ دَار الْإِسْلَام بِأَمَان فأوصى لمُسلم أَو ذمِّي جَازَ رجل لَهُ سِتّمائَة دِرْهَم وَأمة تَسَاوِي ثَلَاث مائَة فأوصى بالجارية لرجل ثمَّ مَاتَ فَولدت ولدا يُسَاوِي ثَلَاث مائَة قبل الْقِسْمَة فللموصى لَهُ الْأُم وَثلث الْوَلَد وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (رحمهمَا الله) لَهُ ثلثا كل وَاحِد مِنْهُمَا وَإِن ولدت بعد الْقِسْمَة فَهُوَ للْمُوصى لَهُ وَالله أعلم
ــ
قَوْله بَاطِلَة لِأَنَّهَا نهينَا بِالْبرِّ إِلَيْهِم
قَوْله جَازَ لِأَن امْتنَاع الْوَصِيَّة بِكُل المَال لحق الْوَرَثَة حَتَّى جَازَ بإجازتهم وَحقّ وَرَثَة الْحَرْبِيّ غير مراعى
قَوْله لَهُ ثلثا كل وَاحِد مِنْهُمَا لِأَنَّهَا لما حبلت صَار الْوَلَد موصى بِهِ تبعا للْأُم فَيدْخل الْوَلَد تَحت الْوَصِيَّة كَمَا يدْخل تَحت الْعتْق وَالْبيع فَبَقيَ كل وَاحِد مِنْهُمَا موصى بِهِ وهما أَكثر من الثُّلُث فيعطي لَهُ ثلثا كل مِنْهُمَا وَله أَن الْوَصِيَّة قد صحت بِالْأُمِّ فَلَو جعل الْوَلَد شَرِيكا لَهَا انْتقض بعض الْوَصِيَّة فى الْأُم فَلَا يجوز نقض الأَصْل بالتبع
قَوْله فَهُوَ للْمُوصى لَهُ لِأَن التَّرِكَة بِالْقِسْمَةِ خرجت عَن حكم ملك الْمَيِّت فَحدث الزِّيَادَة على خَالص ملك الْمُوصى لَهُ