المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الإسلام والعالم: - السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي

[عبد الشافى محمد عبد اللطيف]

فهرس الكتاب

- ‌[بحوث في السيرة النبوية والتأريخ الإسلامي]

- ‌مقدّمة

- ‌[البحث الأول] أوائل المؤلفين في السيرة النبوية

- ‌ مقدمة

- ‌ دوافع المسلمين للاهتمام بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم:

- ‌ بداية التأليف في السيرة النبوية:

- ‌طبقات كتّاب السيرة

- ‌ رجال الطبقة الأولى من كتّاب المغازي والسير:

- ‌1- أبان بن عثمان:

- ‌2- عروة بن الزبير:

- ‌3- شرحبيل بن سعد:

- ‌4- وهب بن منبه:

- ‌ رجال الطبقة الثانية من كتّاب المغازي والسير:

- ‌1- محمد بن مسلم بن شهاب الزهري

- ‌2- عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري

- ‌3- عاصم بن عمر بن قتادة:

- ‌ رجال الطبقة الثالثة من كتّاب المغازي والسير:

- ‌1- موسى بن عقبة:

- ‌2- معمر بن راشد:

- ‌3- محمد بن إسحاق المطلبي

- ‌ رحلته إلى العراق:

- ‌ مكانة ابن إسحاق العلمية:

- ‌ متى ألف ابن إسحاق

- ‌أ- التاريخ الجاهلي:

- ‌ب- المبعث:

- ‌ج- المغازي:

- ‌ عمرو بن حزم الأنصاري:

- ‌ الواقدي

- ‌ محمد بن سعد:

- ‌[البحث الثاني] صدى الدعوة في مدن الحجاز غير مكة- كالطائف والمدينة

- ‌ الحالة الدينية في الحجاز قبيل ظهور الإسلام:

- ‌ الحالة الدينية في المدينة قبيل البعثة:

- ‌ صدى الدعوة في يثرب:

- ‌ صدى الدعوة لدى اليهود في يثرب:

- ‌ اثر اليهود في تطور موقف عرب يثرب من الدعوة:

- ‌ صدى الدعوة في يثرب بعد اتصالاتها المباشرة بالنبي صلى الله عليه وسلم:

- ‌ التحول الكبير في موقف عرب يثرب:

- ‌ صدى رحلة مصعب بن عمير:

- ‌ اهل يثرب والتحدي الكبير:

- ‌ صدى الدعوة في خيبر:

- ‌[البحث الثالث] العلاقات بين المسلمين وقريش من الهجرة إلى بدر

- ‌العلاقات بين المسلمين وقريش من الهجرة إلى بدر

- ‌ قريش تستمر في إلحاق الأذى بالمهاجرين:

- ‌ قريش تصادر ديار المهاجرين واموالهم:

- ‌ المهاجرون في سجون مكّة:

- ‌ الدولة الإسلامية تقوم في المدينة لتحمي الدعوة:

- ‌ التحديات الكبرى أمام الدولة الوليدة:

- ‌ النشاط العسكري الإسلامي قبل بدر:

- ‌ أهداف السرايا والغزوات الأولى:

- ‌ سرية عبد الله بن جحش

- ‌[البحث الرابع] العلاقات بين المسلمين والروم في ضوء غزوة تبوك

- ‌ تمهيد:

- ‌ المسلمون قبل اتصالهم بالروم:

- ‌ اتصال المسلمين بالروم:

- ‌ المقدمات التي أدّت إلى غزوة مؤتة:

- ‌ تدخل الروم في مؤتة إعلان حرب على الإسلام:

- ‌ من مؤتة إلى تبوك:

- ‌ الأسباب المباشرة لغزوة تبوك:

- ‌ ماذا صنع النبي في تبوك

- ‌ نتائج غزوة تبوك:

- ‌[البحث الخامس] الإدارة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ المقصود بالإدارة هنا:

- ‌ طبيعة الدعوة الإسلامية:

- ‌ قيام الدولة الإسلامية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم:

- ‌ أول رئيس للدولة الإسلامية:

- ‌ هيئة الحكومة النبوية:

- ‌ صاحب السر:

- ‌ صاحب الشرطة:

- ‌ حراس الرسول صلى الله عليه وسلم:

- ‌ حراس المدينة أو شرطة المدينة:

- ‌ المنفذون للحدود بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم:

- ‌ حجّاب الرسول صلى الله عليه وسلم:

- ‌ حاملوا خاتم الرسول صلى الله عليه وسلم:

- ‌ بيت الضيافة:

- ‌ مراقبة الأسواق:

- ‌ جهاز جمع المعلومات «المخابرات» :

- ‌ كتّاب الرسول صلى الله عليه وسلم:

- ‌ جهاز الإعلام:

- ‌ خلفاء الرسول على المدينة أثناء غيابه عنها في غزو أو غيره:

- ‌ اتساع نفوذ الدولة الإسلامية:

- ‌ اليمن أول إقليم عربي يدخل تحت سيادة الدولة الإسلامية:

- ‌ ولاية مكة:

- ‌ ولاية الطائف:

- ‌ إسلام البحرين:

- ‌ إسلام اهل عمان:

- ‌[البحث لسادس] دولة الإسلام وعلاقاتها الدولية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ قيام دولة الإسلام: * في عهد النبي:

- ‌ الإسلام دين عالمي:

- ‌ السلام أساس العلاقات الدولية في الإسلام:

- ‌ الحرب المشروعة في الإسلام:

- ‌الحالة الأولى: الدفاع عن النفس

- ‌الحالة الثانية: الدفاع عن المظلومين

- ‌الحالة الثالثة: الدفاع عن حرية نشر العقيدة

- ‌ آداب الحرب في الإسلام

- ‌ مبادئ القانون الدولي في الإسلام:

- ‌ الإسلام يحترم مبعوثي الأعداء وحاملي رسائلهم:

- ‌ معاهدة الحديبية في ميزان العلاقات الدولية:

- ‌ الإسلام والعالم:

- ‌ خاتمة البحث:

- ‌[البحث السابع] قراءة تاريخية جديدة في موقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه من الفتوحات الإسلامية

- ‌ موقف عمر بن الخطاب من الفتوحات

- ‌[البحث الثامن] دور المصريين في إنشاء البحرية الإسلامية من كتاب «مصر والإسلام»

- ‌ تمهيد:

- ‌ بداية التفكير في إنشاء قوة بحرية إسلامية:

- ‌ معارضة عمر بن الخطاب لمشروع معاوية:

- ‌ التجربة الأولى:

- ‌ التجربة الفاشلة الثانية:

- ‌ معاوية ينجح في أخذ موافقة عثمان بن عفان:

- ‌ الارتباط الأمني بين مصر والشام:

- ‌ دور الصناعة في مصر وأثرها في إنشاء الأساطيل الإسلامية

- ‌ دار الصناعة في الإسكندرية:

- ‌ دور صناعة السفن في رشيد ودمياط وتنيس:

- ‌ دار صناعة السفن بالقلزم- السويس

- ‌ دار صناعة السفن بجزيرة الروضة:

- ‌ المصريون يبنون أساطيل الشام:

- ‌ دور المصريين في إنشاء أسطول المغرب العربي:

- ‌[البحث التاسع] الفتح الإسلامي لبلاد ما وراء النهر وانتشار الإسلام هناك

- ‌ تمهيد:

- ‌ المسلمون والفرس:

- ‌ ردة الفرس بعد وفاة عمر بن الخطاب:

- ‌ سياسة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما تجاه البلاد المفتوحة:

- ‌ بلاد ما وراء النهر قبيل الفتح الإسلامي:

- ‌ المراحل التمهيدية لفتح بلاد ما وراء النهر:

- ‌ فتوحات قتيبة بن مسلم فيما وراء النهر:

- ‌ خطوات الفتح ومراحله:

- ‌المرحلة الأولى: استغرقت عاما واحدا تقريبا (86- 87 ه

- ‌المرحلة الثانية (87- 90 ه

- ‌المرحلة الثالثة (90- 93 ه

- ‌المرحلة الرابعة (93- 96 ه

- ‌ موقف الخليفة الوليد من قتيبة:

- ‌ بلاد ما وراء النهر بعد قتيبة:

- ‌ العباسيون وبلاد ما وراء النهر:

- ‌ انتشار الإسلام في بلاد ما وراء النهر:

- ‌تمهيد:

- ‌ العباسيون وانتشار الإسلام فيما وراء النهر:

- ‌[البحث العاشر] تبادل الوفود والهدايا بين خلفاء المسلمين والأباطرة البيزنطيين

- ‌ مقدمة:

- ‌ العلاقات الإسلامية البيزنطية في عهد النبي والخلفاء الراشدين:

- ‌ العلاقات الإسلامية البيزنطية في العهدين الأموي والعباسي:

- ‌ تبادل الوفود لعقد معاهدات الصلح:

- ‌ الوفود والبعثات العلمية:

- ‌ التعاون بين الدولتين في المجالات العمرانية:

- ‌ تبادل الهدايا بين الخلفاء والأباطرة:

- ‌[البحث الحادي عشر] الأمويون ودورهم في نقل الحضارة العربية الإسلامية إلى الأندلس

- ‌ملخص البحث

- ‌ بنو أمية في التاريخ:

- ‌ الأمويون والحضارة الإنسانية:

- ‌ الأمويون والترجمة:

- ‌ الفتح الإسلامي للأندلس:

- ‌ الدولة الأموية في الأندلس:

- ‌ مجمل الأوضاع السياسية والعسكرية والاقتصادية في الأندلس الأموية:

- ‌ الجيش:

- ‌ الأوضاع الاقتصادية في الأندلس الأموية:

- ‌ ازدهار الصناعة:

- ‌ دور الأمويين في نقل الحضارة العربية الإسلامية إلى الأندلس:

- ‌[البحث الثاني عشر] واقع الإنسان في المجتمعات الإسلامية المعاصرة

- ‌ جر العالم الإسلامي إلى أحلاف تخدم الأهداف الاستعمارية:

- ‌ الأحلاف الغربية الإسلامية:

- ‌ حربا الخليج الأولى والثانية وتدمير العراق:

- ‌ حرب الخليج الأولى (1980- 1988 م) :

- ‌ حرب الخليج الثانية:

- ‌ الإسلام العدو الأول للغرب:

- ‌ أهم المشكلات التي يعانيها المسلم المعاصر:

- ‌1- الظاهرة الأولى: العلاقات الإسلامية

- ‌2- الظاهرة الثانية: [غياب الديمقراطية]

- ‌[البحث الثالث عشر] نشأة الاستشراق وتطوره إلى نهاية الحروب الصليبية

- ‌ الخلفية التاريخية للاستشراق:

- ‌ دور المستشرقين المتعصبين في تشويه صورة الإسلام في الغرب:

- ‌ بداية الاستشراق:

- ‌ تطور الحركة الاستشراقية:

- ‌ الاستشراق والحروب الصليبية:

- ‌الفهرس

- ‌السيرة الذاتية للمؤلف

الفصل: ‌ الإسلام والعالم:

وانقلبت مكاسب قريش- أو التي ظنتها مكاسب- خسارة كبرى عليها ومكسبا رائعا للإسلام. وبصفة خاصة الشرط الأخير من شروط المعاهدة الذي اعتبرته قريش مكسبا ضخما، ولكنها هي نفسها التي طلبت من النبي تنازلها عن هذا الشرط. فقد جاء أحد مسلمي مكة وهو أبو بصير إلى النبي بعد الحديبية، وطلبت قريش- رده إليها طبقا لشروط المعاهدة، فرده إليهم صاحب الوفاء النادر بالعهد. وقال لأبي بصير:

«اصبر واحتسب، وسوف يجعل الله لك ولمن معك فرجا ومخرجا» ولكن أبا بصير استطاع الإفلات من مندوبي قريش، ولجأ إلى ساحل البحر الأحمر، والتف حوله نحو سبعين من مسلمي مكة الفارّين من ظلم قريش. وصمموا على الانتقام من قريش، وقطعوا عليها طريق تجارتها إلى الشام، مما جعلها تتوسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يضم هؤلاء المسلمين إليه، وأنها تنازلت عن الشرط الخاص بهم في المعاهدة.

هذه هي معاهدة الحديبية، ألست معي في أنها دليل قاطع على أن السلم هو هدف المسلمين الأسمى، وأنه أصل العلاقات الدولية في دولة الإسلام؟

*‌

‌ الإسلام والعالم:

عرفنا فيما سبق أن الإسلام دين عالمي، وعرفنا معنى هذه العالمية، وعرفنا أن رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم مكلف بتبليغ رسالته إلى الناس كافة. وعرفنا ما هو الأسلوب الذي حدّده القرآن الكريم للنبي في مجال الدعوة إلى دينه في الأحوال الطبيعية ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ [النحل: 125] .

وكان النبي صلى الله عليه وسلم ينتظر الفرصة المواتية ليخرج بالدعوة الإسلامية من نطاق الجزيرة العربية إلى النطاق العالمي. وقد جاءت هذه الفرصة بعد صلح الحديبية- الآنف ذكره- فنتيجة لهذا الصلح، أصبح النبي صلى الله عليه وسلم آمنا من ناحية قريش، أقوى أعدائه، كما أنه تخلص من خطر اليهود ومكرهم وكيدهم، بفتح خيبر. وعلى الجملة؛ فمع بداية العام السابع الهجري ساد شبه الجزيرة العربية جو من الهدوء النسبي مكن النبي صلى الله عليه وسلم من توجيه دعوته الخالدة إلى أكبر عدد ممكن من ملوك وزعماء العالم المعاصرين. فأعد عددا من جلة صحابته- رضوان الله عليهم- وحملهم رسائل إلى هرقل- عاهل الروم- وكسرى- عاهل الفرس- والنجاشي- عاهل الحبشة- والمقوقس- حاكم مصر- كما أرسل إلى عدد من أمراء العرب في شبه الجزيرة العربية، مثل أمراء البحرين وعمان واليمن، بالإضافة إلى أمراء الغساسنة

ص: 191

بالشام «1» . ولا نستطيع في هذا البحث أن نناقش كل رسالة على حدة- بطبيعة الحال- ويكفي أن نلقي الضوء على بعض رسائل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك خارج شبه الجزيرة العربية. فهذه الرسائل تعتبر نقطة تحول كبيرة في تاريخ ومستقبل الإسلام، ونقطة البداية في علاقات الإسلام بالعالم، وعلى أساس هذه الرسائل، وعلى ضوء ردود الفعل عنها عند من أرسلت إليهم من الملوك، تشكلت علاقات المسلمين الدولية مع الأمم الآخرى. وسوف نكتفي هنا- لضيق المكان- بذكر واحدة من هذه الرسائل، كأنموذج لها جميعا. وهي كافية لإلقاء الضوء على موضوعنا الأساسي في هذا البحث، وهو علاقات المسلمين الدولية، وسنعرف من خلال ملابسات الرسالة ونتائجها أن السلام كان هو أصل العلاقات الدولية في الإسلام. ونلفت النظر إلى أن الرسائل كلها متشابهة تقريبا في صياغتها ومضمونها والرسالة التي نقدمها هنا هي رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل- إمبراطور الروم- ونصها كما جاء في أوثق المصادر الإسلامية كالآتي:«بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى. أما بعد؛ فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فعليك إثم الأريسيّين «2» . قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ «3» . هذا هو نص رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل. وهي كما ترى دعوة سلمية إلى الإسلام من رسول الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة ولم يرد في الرسالة أي تهديد بالحرب أو استخدام القوة لإجبار الآخرين على اعتناق الإسلام، لا تصريحا ولا تلميحا؛ بل بدأت الرسالة بالسلام، ومن منطلق السلام الذي هو القاعدة الأساسية لعلاقات الإسلام بالأمم الآخرى. إلا إذا رفض الطرف الآخر السلام، وأصر على موقف عدائي. فعندئذ يصبح للإسلام موقف آخر يتناسب مع مواقف الآخرين. فماذا كان رد هرقل وغيره على رسائل النبي صلى الله عليه وسلم؟ وما هي النتائج التي ترتبت على هذه الردود؟

(1) انظر في موضوع رسائل النبي إلى الملوك والرؤساء: ابن حجر- فتح الباري بشرح صحيح البخاري (1/ 32) وما بعدها، (8/ 172) وصحيح مسلم بشرح النووي (12/ 107، 108) .

(2)

الأريسيين- وجاء مكانها في بعض الروايات الأكارين أو الفلاحين- ويبدو أن المقصود بالكلمة رعايا هرقل.

(3)

راجع نص الرسالة في المصادر المذكورة آنفا.

ص: 192

بالنسبة لهرقل؛ تفيد مصادرنا الإسلامية أنه رد على الرسالة ردّا جميلا «1» . بل وتذهب بعض المصادر إلى أنه مال إلى الإسلام، إلا أن الروم لم يطاوعوه على ذلك، مما جعله يعتذر للنبي صلى الله عليه وسلم عن عدم قبول الإسلام، بسبب موقف رجال الدين المسيحي، أما غالبية مصادرنا الإسلامية فلا تشير مطلقا إلى رد هرقل. وتطور العلاقات بين المسلمين والروم في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي عهد الخلفاء الراشدين يجعلنا نميل إلى ما أخذت به غالبية المصادر، وهو عدم ورود ردّ من هرقل إلى النبي.

فهرقل عند ما وصلته رسالة النبي كان عائدا لتوّه من حربه مع الفرس تلك الحرب التي انتصر فيها عليهم انتصارا ساحقا، ويبدو أنه كان عائدا معتدّا بنفسه وبما حققه من إعادة الصليب الأكبر إلى بيت المقدس، ومن رده الاعتبار إلى بيزنطة التي كان الفرس قد مرغوا أنفها في التراب، يبدو أن هرقل كان مزهوّا بهذا كله. فلما جاءته رسالة النبي صلى الله عليه وسلم وكان بالشام وقتها كما تذكر بعض المصادر- وهو على هذه الحالة لم يهتم بها ولم يرد عليها. ودلّت تصرفاته وسلوكه في الفترة التالية لوصول الرسالة على أنه في البداية- ربما- لم يقدر خطورة الرسالة ولا صاحبها ولا الدعوة التي دعاه إليها. فلما تنبه إلى خطورة الموقف، وأدرك أن الإسلام قد أصبح قوة ضخمة، وتصور أنه أصبح خطرا على ملكه، وأراد أن يقاومه كان الوقت متأخرا جدّا. فلم يعد في مقدور أحد- كائنا من كان- أن ينال من الإسلام أو يوقف زحفه.

والسؤال هنا هو: إذا كانت رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل سلمية، وخالية من التهديد بالحرب، لا حالا ولا مستقبلا؛ حيث لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم لهرقل: إذا لم تسلم أقاتلك أو سأقاتلك- إذا كان الأمر كذلك فمن المسؤول إذن عن الحروب التي نشبت بين المسلمين والروم سواء في حياة الرسول أو بعد وفاته؟

المسؤولية هنا- وبدون تعصب أو تحيز- تقع كاملة على هرقل والروم معه؛ فهم الذين بدؤوا بالعدوان ضد المسلمين؛ إليك الوقائع الآتية:

في العام الثامن للهجرة أرسل النبي صلى الله عليه وسلم، سرية مؤتة- الشهيرة- والتي كانت مكونة من ثلاثة آلاف جندي مسلم- لتأديب القبائل العربية القاطنة في مناطق التخوم بين بلاد العرب والشام، على جرائم وحماقات ارتكبوها في حق المسلمين،

(1) انظر تاريخ اليعقوبي (2/ 67) .

ص: 193

ولم يكن ممكنا السكوت عليها، بل كان لا بد من إشعارهم بهيبة الإسلام وأنه لا يستباح حماه. فقد قتل في هذه المناطق خمسة عشر رجلا من الصحابة كانوا يدعون إلى الإسلام، كما قتل الحارث بن عمير، مبعوث النبي صلى الله عليه وسلم إلى أمير بصرى الخاضع لسلطان الروم، وكانت هذه كلها جرائم خطيرة استوجبت العقاب «1» . مما جعل النبي يجهز سرية مؤتة لتحقيق هذا الهدف، فماذا حدث؟

لقد توجهت الحملة إلى وجهتها، لأداء مهمتها المحدودة، وعلى رأسها قواد ثلاثة عقد لهم النبي بالتتابع، وهم زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن راوحة. وما أن وصلت السريّة إلى مناطق الحدود- وفي حسبانها أنها ستواجه بعض القبائل العربية- حتي وجدت أن هرقل قد حشد لها عشرات الألوف من جند الروم.

وفوجئ قواد الحملة المسلمون بهذا الموقف الذي لم يكن في الحسبان، وعقدوا مجلسا حربيّا لتدارس الموقف على ضوء هذا الواقع، وبرزت عدة اقتراحات؛ منها أن يعودوا إلى المدينة ليخبروا النبي صلى الله عليه وسلم ليقرر ما يراه ومنها أن يعسكروا في موقعهم، ويطلبوا من الرسول مددا. وأخيرا تحدث أحد قواد الحملة وهو عبد الله بن رواحة، فقال:

«يا قوم؛ نحن لا نقاتل بقوة ولا بكثرة، ولكن بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، وما نريد إلا إحدى الحسنيين، الظهور أو الشهادة» سرت كلمات ابن رواحة في نفوس المسلمين وارتفعت روحهم المعنوية وصمموا على القتال.

ودارت المعركة- قرب مؤتة- بين الثلاثة آلاف مسلم وبين قوات الروم الضخمة ومن يدور في فلكها من القبائل العربية، وبطبيعة الحال لم تكن القوتان متكافئتين، وكانت معركة ضارية استشهد فيها عدد من جند الله وقوادهم الثلاثة. وهنا كان من الضروري تغيير خطة المسلمين لمواجهة هذا الموقف الخطير. وتسلم القيادة عبقري الحرب- سيف الله- خالد بن الوليد، الذي قدر الموقف العسكري تقديرا دقيقا يدل على بعد نظره العسكري واعتقد أن واجبه كقائد للمسلمين يحتم عليه أن يضع خطة للانسحاب، وقد نجح ابن الوليد نجاحا باهرا في إنقاذ من بقي من جيش المسلمين وهذا الموضوع وحده يحتاج إلى بحث خاص، والمهم هنا هو العبرة والدرس الذي استفاده المسلمون من موقعة مؤتة، فأكثر ما كان يتميز به أسلافنا العظام أنهم كانوا يستفيدون من كل موقف، ولا يتركون حادثة تمر دون أن يكون لهم عندها وقفة

(1) د. هيكل- حياة محمد (ص 404، 405) .

ص: 194

طويلة يتأملون فيها سير الأحداث ونتائجها، يضعون خططهم مستقبلا على ضوء ذلك كله- ليتنا نقرأ تاريخهم جيدا ونتعلم منهم- كان الدرس الذي خرج به المسلمون من مؤتة هو أن الروم هم عدوهم الرئيسي في هذه الجهات. وأنهم قد أعلنوا عليهم الحرب، ولن يتركوهم يدعون إلى دينهم في سلام وأمان وحرية، بل ربما يهاجمون الإسلام في بلاد العرب نفسها. هذه واحدة. ثم ماذا بعد؟

مضى العام الثامن للهجرة، وضمّد المسلمون جراحهم، وقدر النبي صلى الله عليه وسلم ظروفهم فواساهم وعزّاهم ورفع روحهم المعنوية وطمأنهم وبشرهم.

وجاء العام التاسع للهجرة، وعندئذ تجمعت لدى النبي صلى الله عليه وسلم أخبار أن الروم- لم يكتفوا بما حدث في مؤتة- قد حشدوا قواتهم على الحدود الشمالية لمهاجمة المسلمين في عقر دارهم، وكان الوقت عسيرا وقاسيا، ولكن الموقف خطير للغاية ولا يحتمل الأنتظار، وعلى الفور وبمسؤولية القائد العظيم استطاع النبي صلى الله عليه وسلم أن يجمع ثلاثين ألفا من المسلمين، وكان هذا أكبر جيش يقوده النبي في حياته، وقد سمي جيش العسرة؛ لأن الوقت كان عصيبا حقّا، ولكن مهما تكن الصعوبات، فإذا كان الروم قد غرهم غرورهم وينوون فعلا استباحة حمى الإسلام، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لا بد أن يلقنهم درسا لن ينسوه أبدا وسينسيهم وساوس الشيطان. وصلت جحافل المسلمين بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى تبوك «1» . وأخذ القائد العظيم يرتب قواته، ويدرس الموقف، ويبث عيونه ليأتوه بالأخبار حتى تكون كل خطواته مدروسة بعناية تامة، وتجمعت لديه معلومات بأن جيش الروم قد انسحب من الميدان، لتخوفه من نتائج الصدام العسكري مع المسلمين. فماذا كان موقف النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الجيش المنسحب الفار من الميدان؟ هذا الجيش الذي حارب المسلمين بضراوة قبل عام واحد في مؤتة، وكاد يستأصلهم لولا عناية الله، الذي ألهم خالد بن الوليد بوضع خطة لانسحابهم إلى المدينة، لو أن أي قائد آخر كان في موقف النبي صلى الله عليه وسلم ماذا كان سيصنع. لا بد أنه كان سينتهز هذه الفرصة ويلاحق جيش عدوه المنسحب ويقضي عليه. ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل هذا. ومرة أخرى يقدم لنا الدليل تلو الدليل على أن الإسلام دين السلام، وليس دين حرب وسفك دماء- كما يدعي أعداء الإسلام- إذ لو كان الإسلام دين حرب، ولو كان رسول الإسلام متعطشا للدماء، ولو كان

(1) انظر- ابن هشام- السيرة النبوية (ص 515) وما بعدها.

ص: 195

من منهجه أن يحمل الناس على اعتناق دينه بالقوة؛ لما كان أسهل عليه من هذا الموقف بالذات؛ لأن الجيش الفار من الميدان- وهو جيش هرقل- لن يصمد طويلا أمام جيش المسلمين، بل إن هزيمته ستكون محققة.

ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم اعتبر انسحاب جيوش الروم من ميدان المعركة كافيا كدليل على ميلهم إلى السلام- وإن كان انسحابهم خوفا من الهزيمة- لذلك لم يلاحقهم، ولم يرم إلى القضاء عليهم؛ لأن هذا ليس هدفه.

أليس هذا دليلا كافيا على أن أصل العلاقات الدولية في الإسلام هو السلام؟!.

وإليك دليلا آخر على أنه ليس من أهداف الإسلام إجبار الآخرين على اعتناقه بالقوة؛ فبعد أن علم الرسول بانسحاب الروم إلى داخل الشام، وقرر عدم ملاحقتهم، عسكر في منطقة تبوك عدة أيام عقد خلالها عدة معاهدات، مع عدد من أمراء المنطقة، ورؤساء المجموعات الصغيرة فيها، الذين لم يبدؤوا المسلمين بالعداء، أمنهم هم وأتباعهم على عقائدهم وأرواحهم وأموالهم. وهاك نموذجا على ذلك وهو عهد الأمان الذي أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم ليحنّة بن رؤبة صاحب أيلة، نصه كالآتي:«بسم الله الرحمن الرحيم. هذه أمنة من الله، ومحمد رسول الله، ليحنة ابن رؤبة، وأهل أيلة، سفنهم وسيارتهم في البر والبحر، لهم ذمة الله وذمة محمد النبي، ومن كان معهم من أهل الشام، أهل اليمن، وأهل البحر؛ فمن أحدث منهم حدثا، فإنه لا يحول ماله دون نفسه وإنه طيب لمن أخذه من الناس وإنه لا يحل أن يمنعوا ماء يردونه، ولا طريقا يريدونه من بر أو بحر» «1» قل لي بربك: هل الذي يصنع هذا الصنيع، مع هذه المجموعات الصغيرة الضعيفة، ويعطيها الأمان والحرية، ويبسط عليها حمايته؛ يقال عنه: إنه متعطش للدماء؟! وهل كان صعبا على النبي وهو يقود هذا الجيش الضخم، والذي خرج ليواجه به أكبر جيوش العالم وقتئذ- وهو جيش الروم- الذي انسحب من الميدان جبنا وهلعا، هل كان صعبا عليه أن يجبر يحنّة وأهل أيلة وأمثالهم على اعتناق الإسلام، لو كان ذلك هدفه؟! وهل كان في مقدورهم أن يقاوموا أو يمتنعوا؟ لكنها دعاوى الزور والبهتان من أعداء الإسلام الذين لا يبرحون أن يرددوا تلك التفاهات، ويدعون أن الإسلام دين حرب انتشر بالسيف. فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يقاتل أهل أيلة، ولم يهددهم أو يرهبهم، بل أمنهم على

(1) انظر: ابن هشام- القسم الثاني (ص 525) - ومحمد حميد الله- مجموعة الوثائق السياسية (ص 89) ، ود. هيكل- حياة محمد (ص 459) .

ص: 196

عقائدهم وأرواحهم وممتلكاتهم، وأكثر من ذلك تبسط في معاملة صاحب أيلة وأهداه «رداء من نسج اليمن، وأحاطه بكل صنوف الرعاية» «1» .

بعد أن رتب النبي صلى الله عليه وسلم أوضاع منطقة الحدود الشمالية الغربية لشبه الجزيرة العربية في ضوء تحركات الروم وسياستهم، عاد إلى المدينة بجيشه العظيم. ولم تمر حوداث تبوك بدون فائدة، ولكن استخلص المسلمون منها دروسا مفيدة، أفادتهم كثيرا في مستقبلهم، وفتحت عيونهم أكثر وأكثر على مكامن الخطر الذي ينتظرهم في مسيرتهم المقدسة. وتيقنوا أن الروم على حدودهم الشمالية هم أخطر أعدائهم وأعداء دينهم. فلا بد من الاستعداد لمواجهة الموقف واحتمالاته. وصدقت توقعات المسلمين. حين أخذت علاقاتهم مع الروم- الذين أعلنوها حربا سافرة على الإسلام والمسلمين- تتطور على طريق المواجهة العسكرية، حتى وضع الخلفاء الراشدون حدّا لغرور الروم وصلفهم، وأنزلوا هذا الجالس على عرش بيزنطة من عليائه، وطردوه من الشام إلى غير رجعة. فغادرها وقلبه يقطر دما، ولسانه يقول:«سلاما عليك يا سوريا سلاما لا لقاء بعده ونعم البلد أنت للعدو» هذا عن العلاقات بين المسلمين والروم.

أيلام المسلمون أن حملوا السلاح دفاعا عن أنفسهم أمام عدوان الروم؟!.

فماذا عن العلاقات بين المسلمين والدولة الكبرى الآخرى في عالم يومئذ؛ وهي الإمبراطورية الفارسية؟ الواقع أن كسرى فارس كان أكثر غرورا وغطرسة من هرقل. فعندما وصلته رسالة النبي صلى الله عليه وسلم؛ استشاط غضبا ومزق الرسالة، بل أكثر من ذلك طلب أن يقبضوا له على النبي ليحاكمه- وقد سبقت الإشارة إلى تلك الحادثة- ولما علم النبي بذلك الموقف المغرور من كسرى دعا عليه قائلا:«مزق الله ملكه» وقد استجاب الله دعاء رسوله، فقد قامت ثورة ضد كسرى، والمدهش أن ابنه هو الذي ثار عليه وقتله، ولكن موقف الفرس لم يتغير تجاه الإسلام نتيجة موت كسرى أبرويز الثاني الذي كان موقفه بمثابة إعلان الحرب على الإسلام. وكما أخذ الروم موقف العداء من المسلمين، وحشدوا قواتهم على الحدود لتهديد المسلمين، وحرضوا القبائل العربية المنضوية تحت نفوذهم ضد المسلمين، فقد أخذ الفرس الموقف على الحدود الشرقية، وظهر ذلك واضحا في أثناء حروب الردة في خلافة أبي بكر رضي الله عنه. وكما تطورت العلاقات مع الروم، تطورت كذلك مع الفرس على

(1) د. هيكل- حياة محمد (ص 459) .

ص: 197

طريق المواجهة، إلى أن وضع الخلفاء الراشدون حدّا لغطرسة أكاسرة الفرس، وأزالوا سلطانهم من الوجود. ورفعوا راية الإسلام على كل بلاد فارس، وخلصوا البلاد والعباد من ظلم الأكاسرة، وجعلوا شعوب المنطقة تنعم بالحرية والعدل والمساواة في ظل الإسلام ولأول مرة في تاريخها.

مرة أخرى: هل يلام المسلمون إذا حملوا السلاح للدفاع عن حرية نشر عقيدتهم وعن أنفسهم وأرضهم أمام عدوان الفرس؟ ولم يكن المسلمون راغبين في حرب الفرس ولكنهم أجبروا على ذلك. ولقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله:

«وددت لو أن بيننا وبين الفرس جبلا من نار لا يصلون إلينا ولا نصل إليهم» .

وبعد؛ فإذا كان هناك من لا يزال يتشكك في أن الفرس والروم هم الذين أجبروا المسلمين على اللجوء إلى القوة لحسم الموقف؛ فإننا نسأله هذا السؤال: لماذا لم يحارب المسلمون الحبشة كما حاربوا الروم والفرس، مع أن إمبراطور الحبشة تلقى رسالة من النبي مماثلة للرسائل التي أرسلت إلى هرقل وكسرى. فلو كان المسلمون يهدفون إلى إدخال الناس في دينهم بالقوة، لكان حرب الحبشة أسهل عليهم بكثير من حرب الفرس والروم؛ لأن الحبشة لم تكن لديها قوة الفرس والروم. وعبور قوات من بلاد العرب إلى الحبشة لم يكن صعبا، فقد سبق للأحباش أنفسهم أن عبروا البحر بقواتهم وغزو اليمن، بل وصلت قواتهم إلى مشارف مكة نفسها في عام الفيل المشهور الذي ولد فيه النبي صلى الله عليه وسلم، كما أنّ المسلمين عبروا البحر إلى الحبشة مرتين في هجرتهم إليها قبل الهجرة إلى المدينة.

نجيب نحن على السؤال المتقدم، فنقول: إن المسلمين لم يحاربوا الحبشة؛ لأن الحبشة لم تعلن عليهم الحرب، ولم تعتد عليهم أو تبدأهم بعدوان. بل بالعكس كان للحبشة وملكها موقف إنساني عظيم من المسلمين عندما هاجروا إليها بناء على تعليمات النبي صلى الله عليه وسلم. وقد مدح النبي الحبشة وسماها بلاد صدق. ومدح ملكها وقال عنه:«إنه ملك عادل لا يظلم أحد عنده» وقد كان ملك الحبشة عند حسن ظن النبي به، فقد آوى المسلمين وأكرمهم، وظلوا في كنفه خمسة عشر عاما.

وفوق ذلك فإن النجاشي رد على رسالة النبي إليه ردّا غاية في الأدب والتواضع لدرجة أن ذهب بعض المؤرخين المسلمين إلى أنه أسلم. ولكن حتى بصرف النظر عن قصة إسلامه. فقد كان موقفه وموقف بلاده من المسلمين وديّا، وحفظ المسلمون لهم جميلهم، وحافظوا على علاقات حسن الجوار معهم. ويروى أن

ص: 198

الرسول أوصى المسلمين بذلك وأنه قال: «اتركوا الأحباش ما تركوكم» «1» وهكذا لم يبدأ المسلمون الحبشة بالعداء ولم يغزوها، لأنها لم تعتد عليهم.

(1) السيرة الحلبية (3/ 248) .

ص: 199