الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة
لا يعقل بوجوب بدون ترجيح يترتب الذم أو العقاب على تركه لما تقدم.
وقال القاضي: إذا أوجب الله شيئًا وجب، وإن لم يتوعد عليه، إذ الوجوب بإيجابه - تعالى - لا بالعقاب.
وهو: إن أراد به خصوصية التوعد والعقاب فمسلم، وإن أراد به نفي عموم الترجيح - إذ قوله: الوجوب بإيجابه مشعر به - فممنوع لما مرّ.
مسألة
الأمر بواحد من أشياء محصورة، (كإعتاق رقبة) يقتضي:
1 -
وجوب واحد لا بعينه.
2 -
وقيل: الكل.
2 -
وقيل: الكل على التخيير، وهو أثبت.
4 -
قال إمام الحرمين، وأبو الحسين: (اتفق الفريقان على أنه لا يجب الإتيان بكل واحد منهما، ولا يجوز تركه كذلك، وأنه إذا أتى بأي واحد منها. سقط التكليف.
5 -
وقيل: هو ما اختاره المكلف، واختاره معرف لكونه واجبًا.
6 -
وقيل: مصيره.
لنا:
القطع بجوازه عقلًا. والنص دلَّ على وقوعه شرعًا. فإن جميع الخصال المذكورة في الكفارة غير واجب إجماعًا، ولأنه يقتضي التجوز في (أو)، وهو خلاف الأصل، ولأنه لو أتى الجميع لا يثاب عليه ثواب الواجب، ولا يعاقب على تركه وفاقًا، ولأنه لو وجب عتق جميع العبد.
ولا أن شيئًا منها غير واجب، وهو - أيضًا - إجماعي، ولأنه تعطيل للنص، ولأنه خلاف المفروض، إذ المفروض أنه أوجب شيئًا من الأشياء.
ولا أن الواجب منها ما يختاره المكلف، لأنه يقتضي عدم الوجوب قبل الاختيار، وهو خلاف الإجماع، وظاهر النص.
ولا أن الواجب واحد معين في علم الله تعالى، لأنه يقتضي عدم جواز تركه عينًا، وهو خلاف الإجماع، إذ الإجماع منعقد على جواز ترك كل واحد منهم بشرط الإتيان بالآخرن وهو ظاهر النص.
وعند هذا، لم يبق إلا: أن الواجب واحد لا بعينه.
فإن قيل: يمكن حمل النص على إيجابها بالنسبة إلى مجموع الأمة فلم يلزم ما ذكرتم، سلمناه لكن بفعل بعضها سقط الباقي. كالكفاية.
ثم هو مُعارض: بأن الحكم عبارة عن الخطاب المتعلق، وتعلقه باقتضاء أحد الأمرين المبهمين ممتنع، كتعلقه بالإيجاب على أحد الشخصين لا بعينه. وبأن الواجب مطلوب، وكل مطلوب معين، فما ليس بمعين لا يكون واجبًا.
وأجيب عن الأوّل: -
بأنه خلاف الإجماع، إذ لم يفهم أحد من السلف ذلك منه، ولأنه يقتضي التجوز في (أو)، والإضمارات الكثيرة ..
وعن الثاني: أنه يقتضي أن يثاب على كل منها ثواب الواجب لو فعل الكل، وكذا العقاب، وهو باطل إجماعًا، وبهذا فارق الكفاية، فإن كلًّا منهم يثاب ثواب الواجب، وأن ينوي أداء الواجب في كلها، وهو - أيضًا - خلاف الإجماع.
وعن الثالث: بمنع استحالته، وهو بين، والقياس على ما بذكر غير صحيح، لقيام الفرق، وهو أن ذم واحد لا بعينه، وإثابته غير ممكن، فلا يمكن الإيجاب عليه، بخلاف النطق فإنه يمكن تعلقه به.
وعن الرابع: أن المطلوب متعين، من حيث هو مطلوب، وهو واحد من الثلاثة، لا من كل الوجوه.
أدلة موجب الكل
واحتج موجب الكل:
(أ) بأنها إذا تساوت فيما يقتضي الوجوب لزوم وجوب كلها، وإلا: لم يجز التخيير بينهما.
(ب) وبأن عدم وجوب شيء منها باطل وفاقًا، وكذا وجوب واحد معين، بالتخيير، وكذا غير معين، لأنه إن لم يكن لتعيينه طريق فباطل وفاقًا، أو يكون، وليس هو غير اختيار المكلف وفاقًا - فهو - إذا - لكنه باطل، قياسًا على غيره من الواجبات ولأن نظر العبد وعقله قاصر عن معرفة المصالح الموجبة، فلا يفوض إلى اختياره تعيينه كأصله.
وإذا بطلت هذه الأقسام تعين وجوب كلها.
(ج) لو كان الواحد - لا بعينه - واجبًا، لكان ما عداه غير واجب، فلو كفر ثلاثة بثلاثة، لكان الواحد هو المكفر دون غيره. وهو خلاف الإجماع، فكان باطلًا.
(د) لو كان الواجب واحدًا - لا بعينه - فالتخيير إن كان فيه وجب أن لا يكون واجبًا، وإن كان بينه، وبين غيره لزم التخيير بين الواجب وغيره.
وأجيب:
عن (أ) بأنه مبني على قاعدة التحسين والتقبيح، سلمناه لكنه منقوض بالصالحين