الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقسيم آخر
(للحكم من حيث الحسن والقبح)
والفعل: إن نهى عنه فهو القبيح، وإلا: فهو الحسن فتناول فعله تعالى، وغير المكلف، لا المأذون فيه، فيخرجه عنه.
وقيل: ما مدح فاعله شرعًا، والقبيح: ما ذم، فلم يكن فعل غير المكلف، والمباح والمكروه منهما.
وقيل: هو ما يصح من فاعله أن علم أنه غير ممنوع عنه شرعًا. فتناول فعله تعالى: وغير المحرم، دون فعل غير المكلف، إذ الصحة لا تنافي الوجوب.
والقبح عند المعتزلة: (هو ما ليس للمتمكن منه، والعلم بحاله: أن يفعله ويتبعه، أنه يستحق الذم فاعله. و: (أنه على صفة يؤثر في استحقاق الذم). والحسن: ما يقابله.
وهو للمنع العقلي، لا الحسي والشرعي، ولا للعجز، والنفرة الطبيعية، والمشترك بينهم.
وقوله: (يستحق) هو معنى قوله: (المؤثر يستحق الأثر)، لا العكس، ولا بمعنى: يحسن للدور.
و(الذم): ما ينبئ عن اتضاع حال الغير. ثم هما عقليان، بمعنى: ملائمة الطبع، ومنافرته، وصفة النقص والكمال. وبمعنى ترتب الذم عاجلًا، والعقاب آجلًا: شرعي
عندنا خلافًا للمعتزلة، وبعض فقهاء الخنفية. والكرامية، والخوارج، والتناسخية. والبراهمة، والثنوية، ثم اختلفوا.
فالأوائل: من غير صفة، والأكثر: بصفة، وقيل: بصفة في القبيح فقط.
واتفقوا على أن: منه ما يعلم ضرورة، كحسن الصدق النافع، والكذب الضار، ونظرًا: كحسن الصدق الضار، أو قبحه، أو قبح الكذب النافع، أو حسنه، فإنه يختلف باختلاف المضرة والنفع.
ومنه ما يُعلم بواسطة الشرع: كقبح صوم يوم العيد إذ لولاه لما عرف.
لنا: أن فعل المكلف اضطراري، إن لم يتمكن من تركه، أو تمكن منه لكنه يجب لمرجح
من غير، وإلا: فاتفاقي، إذ التسلسل محال، وهما لا يقبحان عقلًا إجماعًا.
وزيف: بأن وجوبه به لا ينافي إمكانه، وقدرته عليه، وإلا: لزم نفي قدرة الله تعالى، ولا يفرق بأن مرجح فاعليته تعالى منه، لأن الكلام في فاعليته لذلك المرجح، كما في الأول، فيلزم التسلسل في أفعاله تعالى، أو الاعتراف بالمنع المذكور.
وهو ضعيف: لأنا لا ندعي منافاته، لإمكانه، بل لقدرته بمعنى: التمكن من الفعل والترك، ولا يلزم منه نفي قدرة الله تعالى للفرق المذكور، وذلك المرجح قديم غني عن الفاعل، فلا يلزم التسلسل.
وأورد: بأنه يقتضي أن لا يوصف بحسن وقبح. وسقوطه بيّن، ومنعه بمنع الثانية، إذ فعل العبد اضطراري بالمعنى المذكور، عند أبي الحسن، واتفاقي بالمعنى المذكور عند أكثرهم، مع أنهم قائلون: بحسنه وقبحه عقلًا. - وأيضًا -: لو كان ذاتيًا لما اختلف، وقد يقبح الصدق ويجب الكذب، ولكان المؤثر فيهما هما، لأن لازم الماهية معلولها، لكنه باطل، لأن مجموع الحروف لا وجود له، والآحاد ظاهر الفساد.
ونقض: باتصافه بالصدق والكذب. ولأن الكذب ليس مقتضيًا له لنفس اللفظ، وإلا: لكان غيره كذلك، ولا لعدم المطابقة، ولا لمجموعهما، وإلا: لكان العدم علة، أو جزء علة، ولا لأمر لازم له، لأن الكلام فيه كالكلام في الأوّل، ولا لمفارق وإلا: لم يكن لازمًا له، فلم يكن مقتضيًا له.
وأورد عليه: بأن القبح عدمي فيعلل به.
وأجيب: بأن العلية ثبوتية، لكونها نقيض اللا علية، فلم يجز أن تكون العلة عدمية.
ولأنه يقتضي تعليل أفعاله تعالى. وسيأتي في القياس بطلانه. ولأن حسن الفعل زائد على مفهومه، وإلا: لتعقّله من تعقله، وهو وجودي، لكونه يقتضي الأحسن المحمول على العدم، والفعل عرض فيلزم قيام العرض بالعرض، وهو ممتنع ولا ينقض باتصافه شرعًا،
لأن الحسن الشرعي أمر اعتباري، فلا يلزم ذلك.
اعترض: بإجزائه في الممتنع، وبأن الاستدلال بصورة النفي على الوجود دور، وبمنع امتناع اللازم.
ونقضه: بوجود الأعراض، وبكون الحركة بطيئة، أو سريعة. ولأنه لو كان ذاتيًا، لاجتمع النقيضان في صدق من قال: لأكذبن غدًا، وكذبه.
ولا يجاب عنه: بأنه باعتبارين، لأن الذاتي لا يختلف بالاعتبارات.
ولأنه لو كان ذاتيًا للفعل، أو لصفته: لم يكن الباري مختارًا في الحكم، إذ الحكم بالمرجوح ممتنع عقلًا.
وأجيب: بالتزامه، إذ كلهم مطبقون على امتناع صدور ذلك منه، لكن لعدم القدرة عند النظام، ولعدم الداعي عند غيره.
وادعوا: العلم الضروري بحسن الصدق النافع والإيمان، وقبح الكذب الضار، والكفران، وأنه غير مستفاد من الشرائع، لحصوله لمنكريها.
ولا يعارض: بأنه لو كان كذلك، لما كان مختلفًا فيه - لأنه لا اختلاف فيه، بل في المأخذ، ولا يبعد الالتباس فيه كما في المتواتر، وأن المقتضى له هو كونه كذلك بالدوران.
وأجيب: بمنعه بالمعنى المتنازع فيه، والدوران غير مفيد للقطع، والظن لا يفيد. إذ المسألة علمية.
ثم المفهوم من الظلم: أنه إضرار غير مستحق، والعدم لا يكون علة وجزء علة
الوجود، ولا شرطها إذ العلية دور معه، ولا سبب سواه، فيعلل به، فيكون العدم علة.
واستدلوا - أيضًا - بأن ما وجب لو لم يختص بما يقتضيه: لزم الترجيح بلا مرجح.
وأجيب: بمنعه، إذ ليس المرجح منحصرًا في صفة الفعل، ويمنع امتناع اللازم في حق المختار، وبأنه إن لم يجز لزم الجبر - كما سبق - وبطل التحسين والتقبيح العقلي، وإلا بطل الدليل.
- وأيضًا - لو لم يثبت عقلًا، لحسن من الله خلق المعجزة على يد الكاذب، والكذب، لزم التباس النبي بالمتنبي، وأن لا يعتمد على إخباره، ولحسن منه الأمر بالكفر، والنهي عن الإيمان، ولكان الوجوب متوقفًا على السمع، فيلزم إفحام الأنبياء على ما يأتي.
وأجيب:
عن الملازمة الأولى: بأنه إن وجب تعليل خلق المعجزة للتصديق، لزم الخبر، وإلا: جاز، خلقه لا لغرض، أو لغرض غير التصديق، فيرد عليكم.
وزيف: بأن توقيف فاعليته تعالى على المرجح لا يوجب الجبر على ما تقدم، بل جوابه:
أن حسن الشيء لا يوجب وقوعه، بل قد يحرم بانتفائه.
وعن الثانية: أنه وارد عليكم، لأن الكذب قد يحسن للمصلحة كما في إنقاذ الشيء والمتوعد ظلمًا، وبأنه صفة نقص ممتنع على الله تعالى.
وعن الثالثة: بمنع امتناع اللازم.
وعن الرابعة: بمنع لزومه على ما يأتي.
و- أيضًا - العاقل يختار الصدق على الكذب عند تساويهما، في غير الصدق، والكذب، لحسنه.