الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خلافا لبعضهم.
أدلة جمهور الفقهاء
لنا:
{تبيانا لكل شيء} [النحل: آية 89]، والمعقول المتقدم.
قالوا:
{لتبين للناس} [النحل: آية 44]، (وقد سبق جوابه).
ولأن المخصص بيان، وهو يوهم التبعية، وموهم القبيح قبيح.
وأجيب: بمنع إيهامه ذلك، وسنده:{تبيانا لكل شيء} [النحل: آية 89] ثم هو زائل بالدلالة القاطعة.
مسألة:
يجوز تخصيص عموم الكتاب بخبر الواحد عند الأئمة الأربعة وأكثر المتكلمين.
وقيل: لا.
وقيل: إن خص بقاطع.
وقيل: بمنفصل.
وتوقف القاضي فيه.
لنا:
إجماع الصحابة، إذ خصوا قوله:{يوصيكم الله في أولادكم} [النساء: آية 11].
بقوله صلى الله عليه وسلم: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة".
وقوله: "القاتل لا يرث".
وقوله: "لا يتوارث أهل ملتين"
وخصوا: {وأحل لكم ما رواء ذلكم} [النساء: آية 24]
بقوله: "لا تنكح المرأة على عمتها
…
"
وخصصوا قوله تعالى: {حتى تنكح زوجا غيره} [البقرة: آية 230]
بقوله عليه السلام: "لا حتى تذوقي عسيلته، ويذوق عسيلتك".
وخصوا قوله تعالى: {وأحل الله البيع} [البقرة: آية 275] بنهيه عليه السلام عن "بيع الدرهم بالدرهمين".
وفي هذه الصورة نظر.
وخصوا قوله تعالى: {وقاتلوا المشركين كافة} [التوبة: آية 36] بقوله عليه السلام في المجوس: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب".
وخصوا: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} [المائدة: آية 38] بقوله: "لا قطع إلا في ربع دينار".
فلم ينكر عليهم، فكان إجماعا.
وأورد:
(اعتراض الإمام الرازي على دليل الجمهور من الإجماع).
(أ) بأن الإجماع إن حصل فالتخصيص به، وإلا: سقط، ولا يجب ظهور مستنده.
(ب) ثم الأخبار لعلها كانت متواترة.
وأجيب:
وعن (أ) أنه فرق بين الإجماع على التخصيص، وبين التخصيص بالإجماع، واللازم هو الأول.
وعن (ب) أن الأصل عدم التغيير، سلمناه، لكنه معلوم الانتفاء في بعضها، كخبر المجوس، ثم إنه آت في كل باب، كخبر الواحد، مع أن المعترض تمسك به فيه، ولأنهما دليلان، فيقدم الخاص، لئلا يلزم إلغاؤه.
له:
(أ) رد عمر خبر فاطمة بنت قيس في أنه لم يجعل لها سكنى، ولا نفقة - لما كان
مخصصا لقوله تعالى: {أسكنوهن} [الطلاق: آية 6] وقال: (ندع كتاب ربنا وسنة نبينا، بقول امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت) ولم ينكر عليه فكان إجماعا.
(ب) قوله عليه السلام: "إذا روي لكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله فإن وافق فاقبلوه، وإن خالف فردوه".
(ج) الكتاب قطعي والخبر ظني.
(د) المخصص بيان، وهو مقارن للمبين، فوجب أن يبلغه الرسول إلى أهل التواتر، لتقوم الحجة به.
(هـ) القياس على النسخ.
وأجيب:
عن (أ) أنه رد للتهمة بالكذب، ولو كان كونه مخصصا للكتاب موجبا للرد، لما علل به، إذ لا يعلل بالمفارق مع وجود اللازم، (فهو) بأن تكون حجة لنا أولى من أن تكون حجة
علينا.
وبأنه إنما رد لأنه يرفع حكم الكتاب بالكلية، وهو إنما يستقيم لو كان الضمير في قوله:{أسكنوهن} [الطلاق: 6] خاصا بالمبتوتات، وهو ممنوع بل هو راجع إلى المطلقات كلها، وقوله تعالى:{وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن} [الطلاق: آية 6] إنما يدل على أن لو قيل بمفهوم الشرط، وبتخصيص العام بتعقيب حكم يختص ببعضه.
وعن (ب) النقض بالمتواتر.
فإن قلت: إنه ليس على خلاف الكتاب.
قلنا: كذلك - هاهنا - يؤكده: أن التخصيص بيان، وهو لا يوصف به.
وعن (ج) أن الكتاب مقطوع المتن، دون الدلالة، والخبر بالعكس فاستويا من جهة القطع، فترجع الخبر بخصوصية، ولأن القاطع لما دل على وجوب العمل به، كان وجوب العمل به قطعيا، فاستويا.
وعن (د) منع وجوب مقارنة البيان للمبين، ومنع وجوب إبلاغه إلى أهل التواتر.
وعن (هـ) بمنع حكم الأصل، سلمناه لكن الفرق (أن) التخصيص أهون.
للقاضي:
أنهما يتساويان في القطع، فيجب التوقف.
وعرف جوابه.
ولهما:
أن دلالة العام قبل التخصيص قطعية، فكان راجحا على الخبر، كقطع المتن والدلالة، وبعده تصير ظنية، فجاز تخصيص به، وهو مبني على أن دلالة العام قطعية، وضعفه بين.
مسألة:
وفي بناء العام على الخاص إذا تعارض نصان: عام، وخاص، فإن تقارنا فالخاص يخصص العام:
(أ) لبطلان الأقسام الثلاثة.
(ب) الخاص أقوى دلالة، إذ يجوز إطلاق العام بدون إرادة ذلك الخاص، بخلافه.
(ت) إذا قال السيد: (اشتر كل ما في السوق من اللحم) ثم قال عقيبه: (لا تشتر لحم الجمل) فهم إخراجه منه.
وقيل: بتعارضهما في قدر الخاص، كما إذا تعارض نصان.
وأجيب: بأنه للتساوي.
فإن قلت: يحمل أحدهما على الندب، والآخر على الوجوب.
قلت: لا يتأتى ذلك في نحو قوله: "فيما سقت السماء يجب العشر"، وقوله:"لا زكاة فيما دون خمسة أوسق" لأن فيه ترك الظاهر في غير محل الضرورة.
وإن تأخر الخاص:
فإن ورد قبل وقت العمل به كان مخصصا.
وعن بعض الحنفية: أن التأخر عن وقت اعتقاد عمومه كالتأخر عن وقت العمل.
وعمن لم يجوز تأخير بيان التخصيص والنسخ عن وقت الخطاب أحال المسألة.
وإن ورد بعد حضور وقت العمل بالعام فهو ناسخ لذلك القدر من العام وفاقا.
وإن تأخر العام:
فيبنى عليه - عندنا - وأهل الظاهر، وبعض الحنفية، والبصري. وقال أبو حنفية وأكثر أصحابه، وعبد الجبار: إنه ناسخ له.
فالإطلاق يدل على أنه لا فرق بين أن يكون بعد حضور وقت العمل به، أو قبله فلا يليق بأصل من لم يجوز النسخ قبل حضور وقت العمل "به" فيقيد به، ولعله يقول: بالبناء قبله.
لنا:
(أ) ما تقدم.
(ب) البناء أقل مفسدة من النسخ.
(ت) الخاص أقوى دلالة، كما تقدم.
لهم:
(أ) ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه: "كنا نأخذ بالأحدث فالأحدث".
(ب) العام كخبرين بالنسبة إلى مدلول الخاص، وما عداه ولو كان كذلك كان المتأخر ناسخًا فكذا العام.
(ج) لفظان تعارضا، فقدم الأخير كما في عكسه.
(د) الخاص المتقدم دائر بين أن يكون مخصصا ومنسوخا، فلا يكون مخصصا، إذ البيان لا يحتاج إلى بيان آخر.
وأجيب:
عن (أ) بأنه محمول على ما إذا كان خاصا، جمعا بين الدليلين.
وعن (ب) بمنع أنه كذلك، فإن العام يقبل التخصيص والاستثناء والخاص ليس كذلك.
وعن (ج) المعارضة: لفظان تعارضا، فيكون المتقدم مخصصا للمتأخر، دفعا للتناقض فإنه مندفع - أيضا - على هذا، ثم الفرق.
وعن (د) منع كونه دائرا على السوية، والظهور كاف في البيان، ثم منع امتناع كون البيان قد يحتاج إلى بيان آخر.
ولابن العارض على التوقف:
(أ) أن الخاص أخص في الأعيان وأعم في الأزمان، لتناوله ما بين وروده والعام، فاستويا.
(ب) ولأن خصوصه يوجب الرجحان، وتقدمه المرجوحية فاستويا.
وأجيب:
عن (أ) بأنه لا يصح فيما إذا كان الخاص أمرا، والعام نهيا.
فإنه عام مطلقا، إذ الأمر لا يفيد التكرار، ثم بمنع الاستواء، فإن الخصوص راجح.
وعن (ب) بمنع أن التقدم يوجب المرجوحية مطلقا، بل بشرط تساوي الدلالة.
وإن لم يعلم التاريخ:
فالعام يبنى عليه - عندنا - وعبد الجبار، وبعض الحنفية - وتوقف فيه أبو حنيفة إلى ظهور التاريخ أو المرجوح، إذ الخاص منسوخ أو مخصص أو ناسخ، مقبول، أو مردود، إن كان آحادا، والعام متواترا.
وهذا الاحتمال بين ضعف ما تمسك به أصحابنا: من أنه يبنى عليه في الأحوال الثلاثة، فكذا في حالة الجهل.
وتمسكوا - أيضا - بأنه يجوز التخصيص بالقياس مطلقا، فخبر الواحد أولى.
وهو ضعيف، إذ الأول: ممنوع، وأن أصله إن كان مقدما على العام (أو جهل ذلك لم يصح على القياس وغيره).
فالمعتمد: أن علماء الأمصار في الأعصار، يقدمون الخاص على العام (مع الجهل بالتاريخ).
ولا يدفع بعدم تخصيص ابن عمر قوله تعالى: {ولا تنكحوا المشركات} [البقرة: آية 221]، وقوله تعالى:{وأمهاتكم التي أرضعنكم} [النساء: آية 23] بقوله: {والمحصنات من الذين
أوتوا الكتاب} [المائدة: آية 5] وقوله عليه السلام: "لا تحرم الرضعة والرضعتان" مع خصوصهما - لاحتمال أن يكون لغير الجهل بالتاريخ، نحو النسخ ولو سلم فقد حصل الإجماع بعده، والإجماع بعد الخلاف حجة.
فرع:
من توقف إلى وجود المرجع، قال: إن عمل الأمة بأحدهما، أو أكثرهم مع عيبهم على من لم يعمل به - وشهرة روايته، وكونه بيانا للآخر، أو متضمنا الحكم الشرعي - مرجح.
قال البصري: هذه الأمور أمارة تأخيره.
مسألة:
يجوز تخصيص الكتاب والسنة بالإجماع:
(أ) للإجماع عليه.
(ب) وقوعه في آية القذف والزنا، إذ هو دليل الجواز وزيادة.
(ت) دليل قاطع، فجاز تخصيصه به كالسنة المتواترة، بل أولى لأنه غير قابل للتأويل. وتخصيص الإجماع بهما غير جائز، لامتناع كونه خطأ.
مسألة:
يجوز تخصيص الكتاب والسنة المتواترة بفعله عليه السلام.
وتحقيقه: أن العام إن تناوله كان فعله مخصصا له ولغيره، إن دل دليل على تسويته له فيه، إن بقي من مدلول العام شيء، وإلا: فنسخ، فيعتبر في ذلك الدليل، والفعل ما يعتبر في الناسخ، إذ الناسخ والمخصص هو مجموعهما، وإلا: اختص بالأمة.
فإن دل دليل على تسوية غيره له فيه: كان تخصيصا، أو نسخا على ما سبق.
ومنهم من منع التخصيص والنسخ به مطلقا، لأن المخصص هو ما يوجب متابعته، وهو أعم من العام.
وأجيب: بأنه هو والفعل، وهما أخص منه، وهو غير آت في النسخ، إذ نسخ العام بما هو أعم منه جائز.
وقيل: إن ثبت اتباعه في ذلك الفعل بخاص كان نسخا، وإن ثبت بعام كان تخصيصا.
وقيل: بالوقف.
مسألة:
علمه عليه السلام بفعل مخالف لمقتضى عام مع عدم إنكاره على فاعله - تخصيص له عنه.
فإن كان بعد وقت العمل به كان نسخا في حقه، وإن ثبت مساواة غيره له كان نسخا مطلقا.
لنا:
أنه لا يسكت عن منكر، والإنكار السابق إنما يكفي لو لم يكن محتملا للتخصيص والنسخ كالعام.
مسألة:
مفهوم الموافقة يخص وفاقا.
وكذا المخالفة على الأظهر، وإن ضعف دلالته، للجمع بين الدليلين.
مسألة:
يجوز تخصيص العموم بالقياس عند الأئمة الأربعة، والأشعري، وأكثر المعتزلة: كأبي هاشم - في رواية - والبصري، والقاضي وقيل: لا.
وقيل: بالجلي وهو: ما تتبادر علته إلى الفهم (كما في) قوله عليه السلام: "لا يقضي القاضي وهو غضبان".
والخفي ضده، وقيل:(هو قياس المعنى، والخفي قياس الشبه)، وقيل ما ينقض القضاء وهو بخلافه، والخفي: ضده) وهو دور.
الغزالي: إن تعادلا توقف، وإلا: رجح القوي.
عيسى بن أبان: إن خص بغيره جاز.
الكرخي: إن خص بمنفصل.
وقيل: التوقف، هو كالتخصيص من حيث إنه لا يحكم بمقتضى العموم فيه، وبيانه من حيث إنه لا يحكم فيه بمقتضى القياس. ثم إن كان أصل القياس مخالفا للعام في القوة والضعف، فالخلاف في جوازه وعدمه مرتب على المساوي.
لنا:
أنه خاص، فوجب أن يقدم، لما سبق.
لهم: حديث معاذ.
(ب) العلة: إما راجحة، أو مساوية أو مرجوحة، وعلى الآخرين لا مخصص، ووقوع واحد من أمرين أقرب من وقوع واحد بعينه، ويمكن تقريره من جهة العام أيضا.
(ج) العام معلوم، والقياس مظنون، فلم يقدم عليه.
(د) القياس فرع النص، فلا يقدم عليه.
(هـ) شرطه أن لا يرده النص إجماعا.
(و) جهة الضعف في القياس أكثر، فكان مرجوحا.
(ز) قياس التخصيص على النسخ.
وجواب:
(أ) النقض بالسنة. ودفع: بأنه لدليل يخصها.
وأجيب: بأنه للجمع بين الدليلين: لئلا يلزم الترك، وفيه التعارض.
وعن (ب) بمنع ذلك مطلقا، بل في المتساوية، أما إنه آت في كل تخصيص.
وعن (ج) أنه - أيضا - مقطوع المتن، مظنون الدلالة، كالعام وزاد عليه بالخصوص، سلمناه لكن الجمع بين الدليلين أولى من إلغاء المظنون.
وعن (د) أنه فرع نص آخر.
فإن قلت: النصوص متساوية المقدمات، واختص القياس بزيادة
قلتك نمنع الأولى.
وعن (هـ) أن ذلك حيث يدفع كل مقتضاه.
وعن (و) بمنعه، فإن كميات المقدمات قد تصير معارضة بكيفياتها، سلمناه، لكن الجمع بين الدليلين أولى من ترك الضعيف بالكلية، ثم إنه منقوض بتخصيص المقطوع بخبر الواحد.
وعن (ز) بالفرق.
لمن فرق بين الجلي والخفي:
أن الجلي أقوى لتبادر فهم العلة، والعموم غير متبادر منه، لكثرة تطرق التخصيص إلى العمومات، فوجب التقديم.
ولمن توقف:
أن مقتضى الدليل التوقف في خبر الواحد - كما تقدم في حجة القاضي - لكن ترك العمل به للإجماع، وهو غير حاصل في القياس فوجب التوقف.
وأجيب: بأن ما لأجله أجمعوا - وهو الجمع بين الدليلين - حاصل.
مسألة:
عطف الخاص على العام لا يخصصه.
خلافا للحنفية.
وقيل: بالتوقف.
كقوله عليه السلام: "لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده".
أي: بكافر - والمراد منه: الحربي وفاقا، فكذا الأول.
قلنا: نمنع أن معناه ذلك، إذ هو كلام تام، فلا يضمر مع الاستغناء عنه.
قالوا: فيمتنع قتله مطلقا.
قلنا: تخصيص: للدليل، وهو خير من الإضمار، سلمناه لكن العطف لا يقتضي الاشتراك من كل الوجوه.
ولأن جعله مخصصا يقتضي الاشتراك، أو المجاز، لأنه استعمل في غيره كما في قوله تعالى:{والمطلقات} [البقرة: آية 228]، فوجب جعله حقيقة في القدر المشترك.
ولأنه لو أفاد فحيث لا يفيد يلزم الترك بالدليل، وعكسه لا يستلزم ذلك، فكان أولى.
لهم:
أن حرف العطف يجعلهما كالشيء الواحد، وهو يقتضي التسوية لا الحكم، وتفاصيله.
ولأنه لا بد في المعطوف من إضمار، فإن أضمر ما تقدم - وهو فيه خاص - فوجب أن يكون في الأول كذلك، وإن أضمر غيره، أو بعضه المعين أو غير المعين - فباطل، وعلته ظاهرة.
وأجيب:
عن (أ) بمنع أن ذلك يقتضي ما ذكرتم.
وعن (ب) بمنع أنه لا بد من الإضمار، سلمناه لكن بعض المذكور، ولا نسلم عدم الدلالة عليه.
مسألة:
لا يخص الخبر بمذهب الراوي الصحابي.
خلافا للحنفية والحنابلة.
عبد الجبار: إن وجد ما يقتضي تخصيصه به، لم يخص بمذهب الصحابي، بل به، وإلا: خص بمذهبه.
إمام الحرمين: إن احتمل النسيان، أو الاحتياط لم يخص، وإلا: لم يجز التعلق بالحديث.
مثال قوله عليه السلام: "من بدل دينه فاقتلوه".
مذهب ابن عباس - وهو رواية - أن المرتدة لا تقتل.
فلذلك اختلفوا فيه، وخبر أبي هريرة لا يصح مثاله، إذ العدد نص فلا يقبله.
العموم ظاهر، وفعله محتمل، فلا يترك به.
لهم:
مخالفته لا عن طريق يقدح في عدالته، وعن طريق ظني يوجب بيانه، إزالة للتهمة، والشبهة، وعن قطعي يوجب اتباعه.
وأجيب:
بأنه لو كان لقطعي لبينه، لئلا يخالف، ولوجب على مثله موافقته، ولم يخف عن غيره، ثم الظني يجب إظهاره لو اتفق فيه الكلام، فلعله لم يتفق، ثم لا يلزم من إظهاره اشتهاره.
فإن لم يخصص بفعل الراوي، فبفعل غيره أولى، فإن خص به: فإن قيل بعدم حجية قول الصحابي لم يخص به، وإلا: فيحتمل الأمرين، والأظهر: التخصيص للجمع بين الدليلين.
مسألة:
الجواب: إن لم يستقل دون السؤال للمادة أو غيرها - تبعه في عمومه، وخصوصه.
وإن استقل فالمساوي ظاهر.
والخاص جائز إن نبه في المذكور على حكم غيره، والسائل مجتهد، لا يفوت باجتهاده الوقت، وحكمه - حينئذ - كحكم السؤال، لكن لا يسمى عاما لدلالة التنبيه.
والأعم في غير ما سئل عنه لا خلاف فيه، كقوله عليه السلام "هو الطهور ماؤه الحل
ميتته".
وفيما سئل عنه كقوله عليه السلام: - "خلق الماء
…
" الحديث لا يخص به عند المعظم.
خلافا للشافعي - فيما نسب إليه - والمزني، وأبي ثور، والقفال،
والدقاق.
وعلى الخلاف: العام الوارد على سبب خاص، من غير سؤال، كقوله عليه السلام "أي إهاب دبغ
…
" الحديث.
لنا:
(أ) ظاهر العموم، وخصوص السبب لا يعارضه، لجواز التصريح به معه.
(ب) لو كان خصوصه مانعا لزم التعارض، وأنه خلاف الأصل.
(ج) لو كان خصوصه مخصصا: فحيث لم يخصص - كما في أكثر العمومات - لزم الترك بمقتضى الدليل، وعكسه لا يستلزم ذلك، فكان أولى.
لهم:
(أ) لو كان عاما لجاز تخصيص السبب كغيره، ليساوي دلالة العام على مدلوله، واللازم باطل، فالملزوم مثله.
(ب) لو كان الحكم عاما لما تأخر البيان إلى ذلك الوقت ظاهرا.
(ج) قياسه على غير المستقل، بجامع عدم إلغاء فائدة السؤال.
(د) لو كان عاما لما كان مطابقا للسؤال، فكان غير جائز كالخاص.
(هـ) السبب كالعلة، لأنه المثير للحكم، فيختص به، ولو (لم) يختص به لم يكن في معرفته ونقله فائدة، فكان يمتنع إطباق الأمة على جوازه.
وجواب:
(أ) بمنع الملازمة، والتساوي ممنوع، وسنده العام المشكك، ثم بمنع امتناع اللازم، إذ نقل عن الحنفية جوازه، إذ لم يثبت للأمة فراشا مع ورود قوله عليه السلام "الولد للفراش" فيها - وإحالته إلى عدم معفرفة صحة الحديث، وصحته - بعيدة.
(ب) بمنع الملازمة - أيضا - إذ الحاجة ربما لم تتفق قبله، ثم هو منقوض بذلك الشخص والزمان والمكان.
(ج) بالفرق.
(د) بمنع الملازمة، وإذ المعنى منها أن لا يعدل عن السؤال إلى غيره، ولا يغادر منه شيئا كما في الخاص، لا أنه لا يزيد عليه، لا سيما من جنسه، وإلا: لما صح "هو الطهور ماؤه الحل مستته".
(هـ) بمنعه، إذ الجامع وصف طردي، ثم بالفرق، ثم هو منقوض بالسائل، فإنه مشير له، مع أنه لا يختص به وفاقا.
(و) بمنعه إذ الفائدة غير منحصرة في الاختصاص، إذ نفس العلم فائدة، كيف وفيه
فائدة عدم جواز تخصيصه.
مسألة:
لا يخص العام بذكر بعضه.
خلافا لأبي ثور.
لحديث: (الإهاب، وشاة ميمونة)، لأن المخصص مناف، وذكر البعض غير مناف.
له: أن تخصيص الشيء بالذكر يدل على نفي الحكم عما عداه.
وجوابه: منعه، فإن مفهوم اللقب ليس بحجة، سلمناه، لكنه ضعيف جدا، فالعموم أولى.
مسألة:
(جواز التخصيص بالعادات)
لا يخص بالعادة، إلا: إذا علم وجودها في زمن الرسول، وعدم إنكاره لها، أن يكون مجمعا عليها، لكن المخصص إنما هو تقرير الرسول أو الإجماع.
ونقل عن الحنفية التخصيص بها مطلقا.
وهو ضعيف، إذ أفعال الناس ليست بحجة على الشارع.
ومنه: ما إذا نهى الرسول عن أكل الطعام مثلا، وكانت العادة جارية بأكل الطعام معين.
والفرق في اللفظ مؤثر في التخصيص وفاقا، وليس هو مما نحن فيه في شيء.
مسألة:
قصد المدح والذم من العام لا يخصصه، لأنه غير مناف له، إذ التصريح به معه لا يعد منفيا، فيجب التعميم.
وكونه سيق لقصد المبالغة في الحث أو الزجر، لا ينافي أن يقصد معه العموم، بل ثبوته بصفة العموم أبلغ.
مسألة:
إذا عقب عام باستثناء، أو صفة، أو حكم - لا يتأتى في كله: - فعام عند المعظم، وعبد الجبار.
وخاص عند الحنفية.
وتوقف فيه إمام الحرمين، والبصري، والإمام.
كقوله: {إلا أن يعفون} [البقرة: آية 237]، وقوله:{لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا} [الطلاق: آية 1] أي: الرغبة في مراجعتهن، قوله:{وبعولتهن أحق بردهن} [البقرة: آية 228].
للمعمم:
أن اللفظ عام: وكون الضمير عائدا إلى بعضه لا ينفيه، فوجب إجراؤه على العموم، و - أيضا - لفظان فلا يلزم من مجازاته أحدهما مجازاته لآخر.
ولمن خص:
الأصل مطابقة الكناية للمكنى.
وأجيب: بأنه إذا لم يستلزم مخالفة أصل آخر.
ولمن توقف:
أن تخصيص الكناية لإعمال العموم، ليس أولى من العكس فوجب التوقف.
وأجيب: بمنعه، فإن أعمال العموم أولى، لكونه مسوغا، وأظهر دلالة.
ولا يجاب: بأن تخصيص الأول يوجب تخصيصهما من غير عكس
- لأن الثاني - حينئذ - ليس بمخصص، لعوده إلى ما تقدم، وهو معنى عمومه.