الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة
لا حكم قبل الشرع مطلقًا
واختلفت القدرية فيما لا يقضي العقل فيه بحسن وقبح بخصوصيته: فمعتزلة البصرة، وبعض الفقهاء - منا - ومن الحنفية: على الإباحة.
ومعتزلة بغداد، وبعض الإمامية، وابن أبي هريرة - منَّا - على الحظر.
ومنهم من توقف عن الحكم وعدمه، ولو قدر فعن أنواعه.
وقيل: بالإباحة بطريق التبيين بأدلة شرعية.
أدلة القائلين بأنه لا حكم قبل ورود الشرع
لنا: ما سبق.
وبأنه عبارة عن الخطاب، ولا خطاب قبل الشرع فلا حكم.
للمبيح: أنه انتفاع خال عن أمارة المفسدة، لا يضر المالك، فيباح كالاستظلال بحائط الغير، ونحوه، وعليته بالدوران، واحتمال المفسدة بدون الأمارة لا يضر، إذ لا يترتب عليها حكم.
وجوابه:
منع أن الدوران يفيد العلية، سلمناه لكن لا يفيد قطعها، والمسألة علمية، سلمناه لكنها شرعية، لأنها مستنبطة من الحكم الشرعي.
- وأيضًا - خلق الله تعالى الطعوم، مع إمكان أن لا يخلقها لمنفعة العبد وإلا: لزم العبث، أو عود النفع إليه تعالى، أو خلاف الإجماع، وهو بإدراكها، أو باستحقاق الثواب على اجتنابها، لكون تناولها يفيد مفسدة، أو الاستدلال بها الموقوفين على إدراكها، فالإدراك مطلوب.
وأجيب: بمنع الإمكان، ثم بمنع امتناع العبث، ثم بمنع الحصر، ثم بمنع لزوم الإدراك حالة التكليف، ثم بالنقض بالطعوم المهلكة.
ودفع: بأنه يمكن الانتفاع بالمؤذي مع ما يصلحه.
وأجيب: بمنع إمكان ذلك في الكل.
- وأيضًا - لو لم تكن مباحة لكانت محظورة، فلو فرضنا ضدين لكلف بالمحال.
وأجيب: بمنع الملازمة، ثم بإمكان الخلو عن الضدين، فلو فرضنا كالحركة والسكون، فبمنع مثلهما فيما نحن فيه، ثم بمنع امتناع اللازم، كما في لبث وخروج من توسط أرضًا مغصوبة - على رأي بعضهم - وأما على رأينا فهو ظاهر.
و- أيضًا - إذ ملك جواد بحرًا لا ينزف، وأحب مملوكة فطرة، فإنه يقبح منه المنع، فكذا في حقه تعالى، بل أولى.
وأجيب: بأنه قياس الغائب على الشاهد، ثم بمنع لزوم الإباحة، لعدم المنع، ثم بالفرق. إذ قد يقبح منا ما لم يقبح منه تعالى.
- وأيضًا - خلق الله تعالى الشفع، وخلق فينا الشهوة له، والقدرة على الانتفاع به مع العلم بنفعه وأنه لا يتضرر، وهو قرينة الإذن.
وأجيب: بمنعه إذ يجوز أن يكون الابتلاء للصبر، ثم إنه معارض بأنه ملك غيره، وهو دليل عدم جواز التصرف.
للحظر:
بأنه تصرف في ملك الغير بغير إذنه، فحرم كما في الشاهد.
وأجيب: بأنه سمعي، ثم بأنه يتضرر، أو في مظنته.
ولا يزيف: بأنه لو كان كذلك، لما جاز وأذن، لأنه مشروط به، ثم بمنع عدم الإذن من جهة العقل، وبأنه قياس الغائب على الشاهد.
واحتجا على فساد الثالث: بأن التصرف إن كان ممنوعًا عنه فحظر، وإلا: فبماح.
وأجيب: بمنع لزوم الإباحة، على تقدير عدم المنع.
واحتجوا على فساد قولنا: لا حكم بأنه حكم، فكان متناقضا.
وأجيب: بأنه لا تناقض بين نفي الخاص، وإثبات العام.
للمبيح بطريق التبيين:
قوله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا} [البقرة: آية 29].
واللام للاختصاص بجهة النفع.
وقوله تعالى: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق} [الأعراف: آية 32].