الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن قيل: لو كان للنهي لزم الترك بالدليل، إذ حكموا بالصحة في كثير منها، ولو كان لغيره لم يلزم منه هذا، فكان أولى.
قلنا: لو كان لغيره لعرف، سيما في مثل المخابرة، وفيه التصريح بأنه للنهي، ثم هو آت حيث تمسكهم بمثل هذا الإجماع، والجواب واحد.
أوجه دليل القائلين بأنه يقتضي الفساد في المعقول
(ج) أنه لم يشرع وفاقًا، فلم يصح، ومنع ملازمة الثاني للأول إن عنى به الجواز، وإن: فليبين.
(د) المنهي راجح المفسدة، أو خالصها، وإلا: لما نهى عنه، و - حينئذ - لا يصح قياسا على المناهي الفاسدة بجامع إعدام المفسدة، ولأن ما يفضي إلى المرجوع مرجع.
ونقض: بالصلاة في الدار المغصوبة، وبالمناهي التي لا تدل على الفساد.
وأجيب:
بأن مخالفة الدليل في صورة بمعنى، لا يوجد مخالفته في غيرها.
(هـ) النهي مقابل الأمر، فيدل على الفساد، فالأمر يدل على الإجزاء، قدح بمنع لزوم ذلك، بل لو لزم فإنما يلزم أن "لا" يدل على الإجزاء، إلا: أنه يدل على الفساد.
(و) أن فعل المنهي عنه معصية، والملك نعمة، فلا يناط به، وقدح: بأنه إن أريد به أنه لا يحصل إلا: به فسلم، لكن لم يقل به أحد، وأنه يحصل به، فلا يلزم من عدم المناسبة عدمه.
(ز) أنه لم يأت بما أمر به فيبقى في العهدة، ونقض: بالصلاة في الدار المغصوبة، والتوضؤ بالماء المغصوب.
مناقشة الوجوه السابقة والرد عليها
وأجيب: بتقدير تسليم الحكم أنه للإجماع، على خلاف الدليل ولا إجماع هنا.
قالوا:
بأنه لا يدل عليه لفظًا لغة، إذ هو حكم شرعي غير معلوم له، فيمتنع الوضع له، ولأنه لا يفهم منه عند الإطلاق، ولا شرعا، لنقل، ولئلا يلزم الترك بمقتضاه، حيث لم يترتب عليه، ولا معنى، إذ الفساد غير لازم له، لأنه لو صرح بالصحة مع صريح النهي لم يعد مناقضًا.
وأجيب:
بأن النقل وترك مقتضاه، وإن كان خلاف الأصل، لكن يصار إليه عند "عدم" قيام الدلالة عليه سلمناه، لكن لا نسلم أنه مناقضة، بل قرينة دالة على إردة التجوز منه.
ولمن فصل:
أنه لم يأت بما أمر به، فيبقى في عهدة التكليف، وهو المعنى بالفساد فيها، وهو غير آت في المعاملة، ولا يفيد في المعاملة لما سبق، فإذا نقض بالعبادة أجيب باختلاف معنى الفساد فيهما.
وفيه نظر: لأن عدم تركيب ثمراته معنى واحد فيهما، وهو المعنى بالفساد، والأولى: أن يقال: إن مقتضاه عدم الفساد، "فيهما لكن الفساد" في العبادة لما يخصه، وهو ما تقدم.
وليس هو بتعارض، فإنه دليل عدم اقتضائه الفساد، لا دليل اقتضائه عدم الفساد، والتعارض إنما هو بالثاني.
فرع:
فإذا لم يدل على الفساد: فالأكثرون: أنه لا يدل على الصحة.
ونقل عن أبي حنيفة ومحمد: أنه يدل على الصحة، ولهذا قالا: بحصة صوم يوم
النحر، وانعقاد عقد الربا، للنهي الوارد فيهما.
المنافي:
أنه لو اقتضاه لزم الترك بمقتضاه في مثل: "دعي الصلاة أيام أقرائك"، وفي نهيه عن المضامين والملاقيح، وأنه محذور وإن كان لدليل، ولأنه لا يدل بلفظه وهو ظاهر، ولا بمعناه، إذ الصحة غير لازم التحريم، ولأن الصحة تضاد مقصود التحريم، والواضع حكيم، فلم يجمع بينهما قالوا: النهي "عن" غير المقدور عبث وقبيح، كقوله للأعمى:"لا تبصر"، وللزمن:"لا تمش"، فلا يجوز من الحكيم.
أجيب:
بأنه مبني على التحسين والتقبيح، ومنقوض بالمناهي المحمولة على الفساد، وبأن المراد منه المعنى اللغوي، وبأن النهي محمول على النسخ.
تنبيه:
المراد بالفساد الذي يقتضيه النهي: الفساد الذي هو مرادف الباطل، لا الذي تقوله الحنفية.
مسألة:
ما نهي عنه لوصفه فهو كما نهي عنه لعينه، فليفسر بأصله خلافًا للحنفية،
كطواف المحدث، وصوم يوم النحر، وبيع الدرهم بالدرهمين، وإنما قضوا ببطلان صلاة المحدث لمنفصل دل على شرطية الطهارة، لا بمجرد النهي.
لنا:
أنه لا فرق بين النهي عن صوم يوم العيد، وبين النهي عن إيقاعه فيه، لأنه بمعنى نهيه عن أن يصوم فيه، وهو بمعنى الأول، ولأن المقتضى لذلك هو الماهية، لما ثبت أن لازم الماهية معلولها، فيكون كالنهي عنها.
قالوا:
(أ) الماهية مأمور بها فيختص بالنهي به، فيصح نظرًا إلى الماهية، ويفسد نظرًا إلى الوصف.
(ب) ولأن التصريح غير مناقض كما في طلاق الحائض، وذبح المغصوب، ولو دل لناقض.
وأجيب:
بأنها كذلك بشرط العرا عن ذلك الوصف لا مطلقًا.
وعن (ب) أن التصريح بخلاف الظاهر ليس مناقضة، بل بيان لاحتمال مرجوع.
تنبيه:
النهي عند الشافعي رضي الله عنه مقتض للفساد، ما لم يعرف له متعلق خارج الماهية، فيدخل تحته الأقسام الأربعة: ما متعلقه العين، أو الجزء، أو الشرط، أو الصفة، أو لم يعرف له متعلق.
مسألة:
النهي على الجمع معناه: لا تفعل هذا، ولا ذاك، وعن الجمع: لا تجمع بينهما، وعلى