الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كضرب وفرض وقام فلو كان دالا على صدوره منه، لما كان حقيقة في الثلاثة.
ولأنه يصح أن يقال: السواد يضاد البياض، والجسم الجمادي يشغل الحيز وينتقل إلى المكان الطبيعي، ويقبل العرض، والأصل في الاستعمال الحقيقة الواحدة. ولأن: أخرج القادر ليس تكرارًا، وغيره نقصا.
ولأنها: لو دلت على القادر، لكنها لا تدل على خصوصيته، وإلا: لزم الاشتراك بحسب القادرين، وهو خلاف الأصل.
فإذا أسند إلى غير ذلك الذي صدر عنه، لم يكن مجازا لغويا، بل عقليا، لأنه حصل التعبير في الحكم العقلي لا اللغوي.
وجواب الاستدلال: يمنع أن صحة النفي من خواص المجاز اللغوي.
وأما الثاني: فلأن كون الفعل حقيقة لغوية فيها، لا ينافي أن يكون مجازا عقليا، فيمن لم تصدر عنه، ولا نسلم اتحاد الجهة وهذا لأن جهة الحقيقة العقلية أن يكون مسندا إلى من صدر منه الفعل، وجهة التجوز أن يكون مستندا إلى غيره.
مسألة
وجوه المجاز اللغوي
المجاز اللغوي على وجوه:
أحدهما: إطلاق اسم السبب على المسبب.
سواء كان السبب فعليا حقيقيا، كإطلاق اسم الفاعل على المفعول. كقوله تعالى:{عيشة راضية} [القارعة: آية 7].
أو وهميا كإطلاق اسم السماء على المطر، وقابليا كقولهم: سال الوادي، أو صوريا كتسمية القدرة باليد، والعقل والفهم بالقلب أو غائيا كتسمية العنب بالخمر.
وعكسه كقوله تعالى: {حجابا مستورا} [الإسراء: آية 45] أي ساترًا.
وكتسمية المرض الشديد بالموت وإذا وقع التعارض بين هذين: فالأول أولى، لأن العلم بها عينا يفيد بعينه، ولمسببه، من غير عكس وإذا وقع التعارض بين العلل الأربعة؛
كانت العلل الغائية أولى لوجود جهتي العلية والمعلولية فيها، فإنه مشترك بين كلها، ضوررة أن العلية والمعلولية متلازمة، بل لعليتها في الذهن، مع أن دلالة اللفظ على ما في الذهن بالذات، وعلى غيره بالعرض.
وثانيها: إطلاق اسم اللازم على الملزوم.
كإطلاق المس على الجماع، وخصه قوم بالكتابة، إذ عدوا كثير الرماد للمضياف، وطويل النجاد، لطول القامة- منها وهو منه.
وعكسه: كقوله تعالى: {أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون} [الروم: آية 35].
أي: يدل، وخصه قوم بالاستعارة، والصحيح: أنها غيره. وإذا وقع التعارض بينهما كان الثاني أولى، لاستلزامه إياه من غير عكس، فلو تساويا، وفيه نظر.
وثالثها: تسمية الشيء باسم ما يشابهه صورة أو معنى كالفرس، على المصور بصورته، والأسد على الشجاع، ويخص بالاستعارة. وعند التعارض بينه وبين ما سبق: الثلاثة التي فيها اللزوم أولى منه، وهو أولى من الرابع، لكونه أكثر.
ورابعها: إطلاق اسم الكل على الجزء.
وعكسه: كالزنجي أسود، واليد على الكوع، والرأس على الشخص وعند التعارض: الأول أولى، وإن كان الجزء مساويا له لأن التزامه له النفس الكلية ودلالته بالتضمن دونه، ويقرب منها: المقيد والمطلق.
وخامسها: تسمية الشيء باسم ضده.
كقوله تعالى: {وجزاؤ سيئة سيئة مثلها} [الشورى: آية 40].
وعند التعارض بينه وبين ما سبق: فكل ما فيه اللزوم والاستعارة راجع عليه، وما ليس به ذلك ففيه نظر.
وسادسها: تسمية ما بالقوة باسم ما بالفعل، سواء كان بالقوة القريبة إلى الفعل، كتسمية الخمر في الدن بالمسكر، والعالم بالكتابة مع عدم مباشرتها بالكاتب، أو البعيدة عنه، كتسمية الصبي به، والعنب بالخمر، وهو أولى من تسمية الضد بضده، لأنه أكثر.
وسابعها: تسمية الشيء باسم ما يجاوره.
كالمزادة بـ"الراوية" والشراب بالكأس إذا جعل الكأس اسم الوعاء وتسمية ما بالقوة بالفعل أولى منه، عند التعارض، لأنه يصير حقيقة عند وجوده.
وثامنها: تمسية الشيء باسم ما كان عليه.
وعكسه: كالمعتق بالعبد، والضارب لمن يوجد منه عند البعض أو وإن يكن كذلك لكنه كان حقيقة فيه.
وتاسعها: المجاز بالزيادة والنقصان، وقد سبقا.
والثاني راجع على الأول عند التعارض، لكونه من باب الفصاحة.
وعاشرها: تسمية المتعلق باسم المتعلق كتسمية المعلوم علمًا.
وعكسه: كقوله عليه السلام: "تحيضي في علم الله ستا أو سبعا".
معناه: تحيضي ستا أو سبعًا، وهو معلوم الله تعالى، وأريد: فيما أعلم الله، فأطلق المتعلق وأراد به المتعلِّق. وإذا تعارضا: كان الأول أولى، لأنه مستلزم، وأكثر، وهو مرجوح بالنسبة إلى أكثر ما سبق.
وحادي عشرها: تسمية الحالي باسم المحلى.
وعكسه: كتسمية الخارج المستقذر بالغائط، ومنه: لا فض فوك، أي: أسنانك، وتسمية الجنة بالرحمة في قوله تعالى:{وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون} [آل عمران: آية 107].
ومنه ما يقال في العرف: في سخط الله أي في النار وعند التعارض: الثاني أولى، لأن الحال يستلزم المحل من غير عكس.
وثاني عشرها: تسمية البدل باسم مبدله.
وعكسه: كتسمية الدية بالدم في قولهم: أكل فلان دم فلان، أي: ديته.
ومنه قوله: "يَأكُلنَ كُلَّ ليلةٍ أَكافا".
أي: ثمنه، وكتسميته الأداء بالقضاء. كقوله تعالى:{فإذا قضيتم الصلاة} [النساء: آية 103] أي. أديتم.
والأول: راجح عند التعارض، للاستلزام والكثرة.
وثالث عشرها: إطلاق المنكر وإرادة المعين.
وعكسه: كقوله: {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة} [البقرة: آية 67] عند من يقول بتعينها و {ادخلوا الباب سجدا} [النساء: أية 154]، عند من لا يقول بتعينها وإبذا تعارضا: كان الثاني أولى، لأنه كالكل، وهو كالجزء، وفيه نظر.
ورابع عشرها: إطلاق النكرة وإرادة الجنس.