الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأجيب: بأنه كذلك، لكن بالمعنى المتنازع فيه. وأيضًا - ما لا يعلم قبل الشرع، لا يرد به الشرع.
وأجيب: تصورًا لا تصديقًا بهما، بطل: ولم يجب شكر المنعم، ولا حكم قبل الشرع لكن زيف: مأخذهم فيهما بناء عليه.
مسألة
شكر المنعم: لا يجب عقلًا.
خلافًا للمعتزلة، وبعض الحنفية.
قيل: المراد منه: تجنب المستقبحات، وفعل المستحسنات العقليتين، ولا يبعد أن يراد منه ما يراد منه في الشرع.
لنا: {وما كُنَّا} [الإسراء: آية 5].
وأورد: بأنه لا يلزم من نفي التعذيب: نفي الوجوب، إذ ليس من لوازم تركه، سلمناه لكن ما نفي مطلقًا، بل إلى البعثة، فيقع بعدها، وإن استحق قبلها، سلمناه لكنه محمول على ما لا يعلم عقلًا.
وأجيب: بأن صحة وقوعه من لوازمه، فلو صح، وفرض وقوعه لزم خلاف النص فلم يصح.
وعن الثاني: بأنه خلاف ما فهم من الأمة، وظاهره، وبأنه حمل معنى غير مناسب، إذ
البعثة لا تناسب وقوع العذاب بعدها بسبب استحقاق قبلها.
وعن الثالث: أنه تخصيص، خلاف الأصل.
و- أيضًا - قوله تعالى: {رسلا مبشرين ومنذرين} [النساء: آية 165]، ولأن وجوبه لا لفائدة ممتنع، لأنه عبث، ويحل معناه، فكذا الفائدة لله تعالى، لتنزهه عنها، وللعبد، لأنها: -
إما جلب نفع: وهو غير واجب عقلًا، فوسيلته أولى، ولأن أداء الواجب لا يقتضي غيره، ولأن توسطه عبث، لإمكان نفعه في جميع المنافع بدونه.
أو دفع ضرر عاجل؛ لأنه ضرر عاجل، فلا يزال به، أو آجل، والله تعالى لا يضره تركه، ولا يسره فعله، فلا يقطع به، بل يحتمل العقاب على فعله: -
لأنه تصرف في ملك الغير بغير إذنه بلا ضرورة.
ومكافأة للمولى على نعمه. وشكر لنعمه، هي بالنسبة إلى خزانة الله تعالى أقل من كسرة بالنسبة إلى خزانة ملك. ولأنه قد لا يليق به تعالى.
واستدلوا بوجه آخر:
وهو أنه لا يجب لفائدة آجلة، لأنه لا طريق إلى معرفتها إلا: بأخبار الشارع، ولا العاجلة، لأنه مشقة، ولا حظ للنفس في.
فإن قلت الثلاث الأوّل ممنوعة، إذ المنافع تختلف في الوجوب، فإن عنى به الزائد على الضروري منعنا الحصر، وأداء الواجب يقتضي الثواب، وهو غيره، وتلك المنفعة قد تكون نفس الشكر، لأن وجوب الشيء قد يكون لنفسه، وإلا: لزم التسلسل، و - حينئذ - يمتنع حصولها بدونه.
وكذا الرابع:
إذ العاجل قد يدفع عاجليا فوقه، وضرر خوف العقاب لدفعه، والعقاب: على تركه ربما يترجح على ضرر فعله، وضرر خوف العقاب عليه.
وكذا الخامس:
فإنه، وإن لم يقطع به لكنه يظن أو يحتمل فيجب لدفعه، والعقاب: وإن احتمل على الفعل لما ذكرتم، لكنه احتمال مرجوح إذ الشاكر أحسن حالًا من تاركه.
وأما الطريقة الثانية:
فضعيفة، لأنا نمنع أنه لا طريق إلى معرفة الفائدة الآجلة إلا: بأخبار الشارع، إذ العقل يقضي بحصول الثواب على ما يوجبه في الجملة، وإن لم ندركه مفصلًا، وكونه مشقة لا حظ للنفس فيه لا يقتضي عدم وجوبها لفائدة عاجلة، لما سبق، ثم إنه ينفي وجوبه شرعًا، وهو في مقابلة ما علم بالبديهة.
وأجيب:
عن الأول: بأن تاركه لا يذم وفاقًا، والضروري - وإن وجب تحصيله لكنه غير متوقف على الشكر، فلا يجب له.
والثاني: منقدح، لا جواب له.
وعن الثالث: أن علة الشيء غيره، والتسلسل مندفع، لوجوب الانتهاء إلى الحكم المطلوبة لذاتها، وإلا: لزم التسلسل.
وعن الرابع: الأصل أنه لا يزال بمثله، إلا: إذا ثبت أن المزال فوقه، وهو ممنوع.
وعن الخامس: منع، ورجحانه على احتمال العقاب على فعله بالنسبة إلى الله تعالى.
وضعف الطريقة الثانية حق.
وعن النقص: بمنعه، وأنه غير آت بعينة في نفس الوجوب الشرعي يعرف بأدنى تأمل، سلمناه لكن المدعى أن التقبيح العقلي ينفي الوجوب العقلي، وإن نفى معه الشرعي.
وعن الأخير:
بمنعه، سلمناه لكن بالنسبة إلى من يسرّه الشرك، ويسوؤه الكفران، لا مطلقًا.
وعورض: بأنه طريق آمن، فاقتضى العقل وجوب سلوكه.
وأجيب: بمنعه، لما سبق، سلمناه لكن إذا لم يكن فيه مشقة، أما مطلقًا فممنوع.
وبأنه لو لم يجب عقلًا، لما وجب النظر كذلك وفاقًا، وفيه إفحام الأنبياء عليهم السلام، إذ يقول: لا أنظر ما لم يجب، ولا يجب إلا: بنظري.
وأجيب:
بأنه لازم عليكم، لأن وجوبه نظري - أيضًا - عندكم، لتوقفه على وجوب معرفة الله تعالى، وأنه طريق إليها، وأنه متعين لذلك، وأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وهي نظرية، فيقول: ذلك.
وأورد: بأنه غير لازم، لإمكان معرفة وجوبه قبل دعوى النبوة بخلاف ما إذا كان شرعيًّا.
وأجيب: بأنه قادح في الإفهام عمومًا، لا في أصله، فيعود المحظور بالنسبة إلى البعض الآخر.
وبمنع أنه لا يجب إلا: بالنظر، فإن وجوب الشيء لا يتوقف على العلم به، وإلا: لزم الدور، بل التمكن منه، وهو حاصل، وهو عناد لا إفحام، كما لو قيل: اتق الأسد وارءك، فيقول: مثله، فإنه يعد عنادًا.
والأصح: أن المسألة كأصلها.
وقيل: ظنية.