الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فصل)
(ويجب بعمد) عدوان (القود أو الدية فيخير ولى) جناية بينهما لحديث أبي هريرة مرفوعا: "من قتل له قتيل فهو بخير النظرين: إما أن يودي، وإما أن يقاد" رواه الجماعة إلا الترمذي (1)، وعن أبي شريح الخزاعي (2) مرفوعا:"من أصيب بدم أو خبل فهو بالخيار بين إحدى ثلاث: إما أن يقتص، أو يأخذ العقل، أو يعفو، فإن أراد رابعة فخذوا على يديه"، رواه أحمد وغيره (3)، والخبل -بخاء معجمة وباء موحدة-: الجراح، (والعفو مجانا) أي
(1) أخرجه البخاري، باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين، كتاب الديات برقم (6880) صحيح البخاري 5/ 9 - 6، ومسلم، باب تحريم مكة، كتاب الحج برقم (1355) صحيح مسلم 2/ 988 - 989، وأبو داود، باب ولي العمد يرضى بالدية، كتاب الديات برقم (4505) سنن أبي داود 4/ 172، والنسائي، باب هل يؤخذ من قاتل العمد الدية. .، كتاب القسامة برقم (4785 - 4786) المجتبى 8/ 38، وابن ماجة، باب من قتل له قتيل فهو بالخيار. .، كتاب الديات برقم (2624) سنن ابن ماجة 2/ 876، وأحمد برقم (7201) المسند 2/ 472.
(2)
أبو شريح الخزاعي: ثم الكعبي، اختلف في اسمه، قيل: خويلد بن عمرو، وقيل: عمرو بن خويلد، وقيل: هانئ، وقيل: غير ذلك، والأول أشهر، أسلم قبل فتح مكة، وكان يحمل أحد ألوية بني كعب بن خزاعة يوم الفتح، توفي بالمدينة سنة 68 هـ.
ينظر: أسد الغابة 6/ 164 - 165، والإصابة 7/ 173.
(3)
أخرجه الإمام أحمد برقم (15940) المسند 4/ 614، وأبو داود، باب الإمام يأمر بالعفو في الدم، كتاب الديات برقم (4496) سنن أبي داود 4/ 169، وابن ماجة، باب من قتل له قتيل فهو بالخيار. .، كتاب الديات برقم (2623) سنن ابن ماجة 2/ 876، والدارمي، باب الدية في =
من غير أخذ شيء (أفضل)[لقوله تعالى](1): {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (2) ولحديث أبي هريرة مرفوعا: "ما عفا رجل عن مظلمة إلا زاده اللَّه تعالى بها عزا"، رواه أحمد ومسلم (3)، ويصح عفوه بلفظ الصدقة وكل ما أدى معناه لأنه إسقاط.
(ومتى اختار) الودي (الدية) أو الصلح على أكثر منها تعينت، فلو قتله ولي الجناية بعد اختياره الدية قتل به لسقوط حقه من القصاص بعفوه عنه.
(أو عفا مطلقا) فلم يقيد بقصاص ولا دية فله الدية، أو عفا عن القود فله الدية لانصراف العفو إلى القصاص دون الدية؛ لأن العفو عن القصاص هو المطلوب الأعظم في باب القود، إذ المقصود منه التشفي فانصرف العفو المطلق
= قتل العمد، كتاب الديات برقم (2351) سنن الدارمي 2/ 247، والدارقطني، كتاب الحدود والديات وغيره، سنن الدارقطني 3/ 96، والبيهقي، باب الخيار في القصاص. .، كتاب الجنايات 8/ 52، وضعفه الألباني وضعيف الجامع الصغير وزياداته 5/ 168.
(1)
ما بين المعقوفين ليست في الأصل.
(2)
سورة البقرة من الآية (237). وقوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} سورة البقرة من الآية (178)، وقوله تعالى:{فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} سورة المائدة من الآية (45)، فهما نص في المسالة.
(3)
أخرجه الإمام أحمد -واللفظ له- برقم (7165) المسند 2/ 467، ومسلم، باب استحباب العفو والتواضع، كتاب البر والصلة والآداب برقم (2588) صحيح مسلم 4/ 2001، والترمذي، باب ما جاء في التواضع، كتاب البر والصمة برقم (2029) الجامع الصحيح 4/ 330، والدارمي، باب في فضل الصدقة، كتاب الزكاة برقم (1676) سنن الدارمي 1/ 486.
إليه؛ لأنه في مقابلة الانتقام (1)، وهو إنما يكون بالقتل لا بالمال، فتبقى الدكة على أصلها؛ لأنها ثبتت في كل موضع امتنع فيه القتل.
(أو هلك جان) عمدا (تعينت الدية) في ماله لتعذر استيفاء القود.
ومن قطع طرفا عمدا كإصبع فعفى عمه المجني عليه، ثم سرت الجناية إلى عضو آخر كبقية اليد، أو سرت إلى النفس والعفو على مال أو على غير مال فلا قصاص، وله تمام دية ما سرت إليه ولو مع موت جان فيلقى أرش ما عفي عنه من دية ما سرت إليه ويجب الباقي؛ لأن حق المجني عليه فيما سرت إليه الجناية لا فيما عفا عنه.
(ومن وكل) في استيفاء قود (ثم عفا) موكل عن قود وكل فيه (ولم يعلم وكيل) بعفوه (حتى اقتص فلا شيء عليهما)، أما الوكيل فلأنه لا تفريط منه لحصول العفو على وجه لا ممكن الوكيل استدراكه، أشبه ما لو عفا بعد ما رماه، وأما الموكل فلأنه محسن بالعفو، وقال تعالى {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} (2) فإن علم الوكيل فعليه القصاص.
وإن عفا مجروح عمدا أو خطأ عن قود نفسه أو ديتها صح عفوه لإسقاطه حقه بعد انعقاد سببه، ولأن الجناية عليه فصح عفوه عنها كسائر حقوقه، وكعفو وأرثه عن ذلك، فلو قال: عفوت عن هذا الجرح وعن هذه الضربة فلا شيء في سرايتها
(1) في الأصل: الانقام.
(2)
سورة التوبة من الآية (91).
ولو لم يقل وما يحدث منها إذ السراية تبع للجناية، فحيث لم يجب بها شيء لم يجب بسرايتها بالأولى، كما لو قال: عفوت عن الجناية فلا شيء في سرايتها، ولو قال: أردت بالجناية الجراحة دون سرايتها؛ لأن لفظ الجناية يدخل فيه الجراحة وسرايتها لأنها جناية واحدة بخلاف عفوه على مال وعن القود فقط، فلا يبرأ جان من السراية لعدم ما يقتضي براءته منها.
ويصح قول مجروح: أبرأتك من دمي أو قتلي، أو وهبتك ذلك معلقا بموته لأنه وصية، فإن مات من الجراحة برئ منه، ولو عوفي بقي حقه من قصاص أو دية؛ لأن لفظه لم يتضمن الجراح ولم يتعرض له وإنما اقتضى موجب القتل، فبقي موجب الجرح بحاله، بخلاف: عفوت عنك ونحوه لتضمنه الجناية وسرايتها.
ولا يصح عفوت عن قود شجة لا قود فيها كالمنقلة والمأمومة (1) لأنه عفو عما لا يجب ولا انعقد سبب وجويه، أشبه الإبراء من الدين قبل وجويه، فلوليه مع سرايتها القود أو الدية كما لو لم يعف.
(وإن وجب لقن قود أو) وجب له (تعزير قذف) ونحوه (فطلبه) أي القود أو التعزير [وإسقاطه](2)(له) أي القن لاختصاصه (3) به دون سيده، لأنه لا يستحقه ما دام القن حيا، وليس له إسقاط المال، (وإن مات) القن (فلسيده) طلبه وإسقاطه كالوارث؛ لأنه أحق به ممن ليس له فيه ملك.
(1) المنقلة والمأمومة: يأتي بيانهما في فصل الشجاج -إن شاء اللَّه- ص 707، 708.
(2)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، والمثبت من أخصر المختصرات المطبوع ص 246.
(3)
في الأصل: لاختصابه.