الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
وتوبة مرتد وكل كافر إتيانه بالشهادتين أي قوله: أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأشهد أن محمدا رسول اللَّه، لحديث ابن مسعود:"أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الكنيسة، فإذا هو بيهودي يقرأ عليهم التوراة، فقرأ حتى إذا أتى على صفة النبي صلى الله عليه وسلم وأمته فقال: هذه صفتك وصفة أمتك، أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأنك رسول اللَّه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لوا أخاكم"(1)، ولحديث:"أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدا رسول اللَّه"(2)، وإذا ثبت بها إسلام الكافر الأصلي فكذا المرتد، ولا يلزم من جعل الإسلام اسما للخمسة في
(1) أخرجه الإمام أحمد برقم (3941) المسند 1/ 686 - 687، والطبراني برقم (10295) المعجم الكبير 10/ 190، من طريق حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبي عبيدة بن عبد اللَّه ابن مسعود عن أبيه ابن مسعود به. والحديث أورده الهيثمي في مجمع الزوائد 8/ 231، وقال:"رواه أحمد والطبراني وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط". قال الألباني في الإرواء 8/ 320: "وهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الأولى: الانقطاع، فإن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، والأخرى: اختلاط عطاء بن السائب، وبه أعله الهيثمي".
(2)
من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أخرجه البخاري، باب:{فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} كتاب الإيمان برقم (25) صحيح البخاري 1/ 11، ومسلم، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا اللَّه محمد رسول اللَّه. . .، كتاب الإيمان برقم (22) صحيح مسلم 1/ 53.
حديث: "أخبرني عن الإسلام"(1) أن لا يكون مسلما إلا بفعل الجميع لجواز أن يعرف الشارع حقيقة ويجعل بعض أجزائها بمنزلتها في الحكم، ففرق بين النظر في الشيء من حيث بيان حقيقته والنظر فيه من حيث معرفة ما يجزئ منه مع إقرار جاحد لفرض أو لتحليل حلال أو لتحريم حرام أو لنبي أو لكتاب أو رسالة محمد صلى الله عليه وسلم إلى غير العرب بما جحده من ذلك؛ لأن كفره بجحده من حيث التكذيب فلا بد من إتيانه بما يدل على رجوعه عنه.
أو قوله: أنا مسلم فهو توبة أيضا للمرتد ولكل كافر وإن لم يأت بالشهادتين؛ لأنه إذا اخبر عن نفسه بما تضمن الشهادتين كان مخبرا بها، قال في "المغني" (2):"ويحتمل أن هذا في الكافر الأصلي أو من جحد الوحدانية، أما من كفر بجحد نبي أو كتاب أو فريضة ونحو هذا فلا يصير مسلما بذلك؛ لأنه ربما (3) اعتقد أن الإسلام ما هو عليه، فإن أهل البدع كلهم يعتقدون أنهم هم المسلمون ومنهم من هو كافرا".
ولا يغني قوله: محمد رسول اللَّه عن شهادة أن لا إله إلا اللَّه ولو من مقر بالتوحيد؛ لأن الشهادة بأن محمدا رسول اللَّه لا تتضمن الشهادة بالتوحيد كعكسه
(1) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أخرجه البخاري، باب سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان والإسلام والإحسان، كتاب الإيمان برقم (50) صحيح البخاري 1/ 151، ومسلم، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان. .، كتاب الإيمان برقم (9) صحيح مسلم 1/ 39.
(2)
12/ 290.
(3)
في الأصل: ولأنه ربما أنه، والمثبت من المغني 90/ 12.
فلا يكفي لا إله إلا اللَّه، وأما قوله صلى الله عليه وسلم:"قل: لا إله إلا اللَّه كلمة أشهد لك بها عند اللَّه"(1) فالظاهر أنها كناية عن الشهادتين جمعا بين الأخبار.
ومن شهد عليه بردة ولو بجحد تحليل حلال أو تحريم حرام فأتى بالشهادتين ولم ينكر ما شهد به عليه لم يكشف عن شيء لعدم الحاجة -مع ثبوت إسلامه- إلى الكشف عن صحة ردته، فلا يعتبر إقراره بما شهد به عليه من الردة لصحة الشهادتين من مسلم ومرتد، بخلاف توبته من بدعة فيعتبر إقراره بها؛ لأن أهل البدع لا يعتقدون ما هم عليه بدعة.
ويكفي جحده لردة أقر بها ولم يشهد بها عليه كرجوعه عن إقراره بحد، وإن شهد على مسلم أنه كفر فادعى الإكراه قبل منه مع قرينة فقط.
وإن شهد عليه بكلمة كفر فادعاه قبل مطلقا، وإن أكره ذمي على إقرار بإسلام لم يصح إقراره، وإن كتب كافر الشهادتين صار مسلما؛ لأن الخط كاللفظ، وإن قال: أسلمت أو أنا مسلم أو أنا مؤمن صار مسلما بذلك وإن لم يتلفظ بالشهادتين لما تقدم، ولا يبطل إحصان مرتد ولا عبادة فعلها قبل ردته ولا صحبته عليه السلام إذا تاب، لمفهوم قوله تعالى:{وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} (2).
(1) عن المسيب بن حزن: أخرجه البخاري، باب إذا قال المشرك عند الموت: لا إله إلا اللَّه، كتاب الجنائز برقم (1360) صحيح البخاري 2/ 83، ومسلم، باب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت ما لم يشرع في النزع. . .، كتاب الإيمان برقم (24) صحيح مسلم 1/ 54.
(2)
سورة البقرة من الآية (217).