المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل) في حكم المرتد - الفوائد المنتخبات في شرح أخصر المختصرات - جـ ٤

[عثمان ابن جامع]

فهرس الكتاب

- ‌(باب النفقات)

- ‌فصل في نفقة الأقارب والمماليك

- ‌فصل

- ‌فَصْلُ

- ‌(فَصْلٌ) في الحَضَانَةِ

- ‌فصل

- ‌(كِتَابُ الجِنَايَاتِ)

- ‌(والخَطَأُ) ضربان:

- ‌فَصْلٌ

- ‌(فَصْلٌ) في شُرُوْطِ وُجُوْبِ القِصَاصِ

- ‌فصل فى استيفاء القصاص في النفس وما دونها

- ‌(فصل)

- ‌فصل في الجراح فيما دون النفس

- ‌(فصل) في الديات

- ‌(فَصْلٌ) في مَقَادِيْرِ دِيَاتِ النَّفْسِ

- ‌فصل

- ‌(فصل) فى دية الأعضاء ومنافعها

- ‌فصل

- ‌فصل في الشجاج وكسر العظام

- ‌فصل

- ‌(فصل) في العاقلة وما تحمله من الدية

- ‌فصل في كفارة القتل

- ‌فصل في القسامة

- ‌(كتاب الحدود)

- ‌فصل

- ‌فصل في حد الزنى

- ‌فصل في حد القذف

- ‌فصل

- ‌فصل في التعزير

- ‌فصل في حد المسكر

- ‌فصل في القطع في السرقة

- ‌فصل

- ‌(فصل) في حد قطاع الطريق

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌(فصل) في حكم المرتد

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل في السحر وما يتعلق به

- ‌(فصل) في الأطعمة

- ‌فَصْلٌ في الذَّكَاةِ

- ‌فَصْلٌ في الصَّيْدِ

- ‌بَابُ الأَيْمَانِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ في النَّذْرِ

- ‌(كِتَابُ القَضَاءِ)

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ في شُروطِ القَاضِي

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ في آدَابِ القَاضِي

- ‌فَصْلٌ فِي طَرِيْق الحُكْمِ وَصِفَتِهِ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل في كتاب القاضي إلى القاضي

- ‌فصل

- ‌(فصل) في القسمة

- ‌فصل في الدعاوي والبينات

- ‌فصل

- ‌فصل في تعارض البينتين

- ‌(كتاب الشهادات)

- ‌فصل في شروط من تقبل شهادته

- ‌فصل في موانع الشهادة

- ‌فصل

- ‌(فَصْلٌ) في الشَّهادةِ على الشهادةِ والرجوع عنها وأدائها

- ‌فَصْلٌ في أَداءِ الشَّهادةِ

- ‌فَصْلٌ في اليَمِينِ في الدَّعاوي

- ‌(كِتَابُ الإِقْرَارِ)

- ‌فَصْلٌ فيْمَا يَحْصلُ بهِ الإِقْرَارُ ومَا يُغَيِّرهُ

- ‌فَصْلٌ فيمَا إذا وصَلَ بإِقْرَارِهِ ما يُغَيِّرهُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ في الإِقْرَارِ بالْمُجْمَلِ

الفصل: ‌(فصل) في حكم المرتد

(فصل) في حكم المرتد

وهو لغة: الراجع (1)، قال تعالى:{وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ} (2).

(والمرتد) شرعًا: (من كفر) بنطق أو اعتقاد أو فعل أو شك (طوعا ولو) كان (مميزًا) أو هازلا (بعد إسلامه)(3) ولو كان إسلامه كرها بحق، كما لا تقبل منه الجزية إذا قوتل على الإسلام فأسلم ثم ارتد.

وأجمعوا على وجوب قتل المرتد إن لم يتب (4)، لحديث ابن عباس مرفوعًا:"من بدل دينه فاقتلوه" رواه الجماعة إلا مسلمًا (5)، وروي عن

(1) ينظر: معجم مقاييس اللغة 2/ 386، والمطلع ص 378، ولسان العرب 3/ 172 - 173، والقاموس المحيط 1/ 294.

(2)

سورة المائدة من الآية (21)، وفي الأصل: على أعقابكم، والمثبت من المصحف.

(3)

ينظر: المطلع ص 378.

(4)

ينظر: المبسوط 10/ 98، والهداية شرح بداية المبتدي 2/ 164، وبداية المجتهد 2/ 459، وعقد الجواهر الثمينة 3/ 297 - 298، والأم 6/ 168 - 169، وروضة الطالبين 10/ 75، والهداية 2/ 110، والإفصاح 2/ 228، والمغني 12/ 264.

(5)

أخرجه البخاري، باب حكم المرتد والمرتدة، كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم برقم (6922) صحيح البخاري 9/ 13، وأبو داود، باب الحكم فيمن ارتد، كتاب الحدود برقم (4351) سنن أبي داود 4/ 126، والترمذي، باب ما جاء في المرتد، كتاب الحدود برقم (1458) الجامع الصحيح 4/ 48، والنسائي، باب الحكم في المرتد، كتاب تحريم الدم برقم (4059 - =

ص: 924

أبي بكر وعمر (1) وعثمان (2) وعلي (3) ومعاذ بن جبل (4) وخالد بن الوليد (5) وغيرهم، وسواء الرجل والمرأة لعموم الخبر، وروى الدارقطني:"أن امرأة يقال لها؛ أم مروان ارتدت عن الإسلام، فبلغ أمرها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر أن تستتاب، فإن تابت، وإلا قتلت"(6) وحديث النهي عن قتل المرأة الكافرة (7)[فالمراد به الأصلية](8)؛ لأنه

= 4065) المجتبى 7/ 104 - 105، وابن ماجة، باب المرتد عن دينه، كتاب الحدود برقم 2535، سنن ابن ماجة 2/ 848، وأحمد برقم 1874، المسند 1/ 358.

(1)

ما روي عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما: أخرجه البخاري برقم (6924) صحيح البخاري 9/ 14، ومسلم، برقم (20) صحيح مسلم 1/ 51 - 52.

(2)

أخرجه عبد الرزاق برقم (18692) المصنف 10/ 164، والبيهقي في السنن الكبرى 8/ 206.

(3)

أخرجه عبد الرزاق برقم (18691) المصنف 10/ 164، وابن أبي شيبة برقم (9035) الكتاب المصنف 10/ 138، والبيهقي في السنن الكبرى 8/ 207.

(4)

أخرجه البخاري برقم (6923) صحيح البخاري 9/ 13 - 14، ومسلم برقم (1824) صحيح مسلم 3/ 1456 - 1457.

(5)

أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 8/ 203.

(6)

من حديث جابر رضي الله عنه: أخرجه الدارقطني، كتاب الحدود والديات وغيره، سنن الدارقطني 3/ 118 - 119، والبيهقي، باب قتل من ارتد عن الإسلام إذا ثبت عليه. .، كتاب المرتد، السنن الكبرى 8/ 203، والحديث ضعفه الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 4/ 49، وكذا الألباني في الإرواء 8/ 126.

(7)

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فنهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان" أخرجه البخاري، باب قتل النساء في الحرب، كتاب الجهاد والسير برقم (3015) صحيح البخاري 4/ 49، ومسلم، باب تحريم قتل النساء والصبيان في الحرب، كتاب الجهاد والسير برقم (1744) صحيح مسلم 3/ 1364.

(8)

ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، والمثبت من شرح منتهى الإرادات 3/ 386.

ص: 925

قاله حين رأى امرأة مقتولة وكانت كافرة أصلية، ويخالف الكفر الأصلي الطارئ إذ المرأة لا تجبر على ترك الكفر الأصلي بضرب ولا حبس بخلاف المرتدة.

(فمتى ادعى النبوة) أو صدق من ادعاها كفر؛ لأنه مكذب للَّه تعالى في قوله: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (1)، ولحديث:"لا نبي بعدي"(2)، وفي الخبر:"لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا، كلهم يزعم أنه رسول اللَّه"(3)، (أو سب اللَّه) تعالى، (أو) سب (رسوله) كفر؛ لأنه لا يسبه إلا وهو جاحد به، (أو جحده) أي جحد ربوبيته أو وحدانيته، (أو) جحد (صفة من صفاته) ذاتية له كالعلم والحياة كفر، (أو) جحد (كتابًا) للَّه تعالى، (أو رسولا) مجمعًا عليه، أو ثبت بتواتر الآحاد كخالد بن سنان (4)، (أو) جحد (ملكًا) للَّه

(1) سورة الأحزاب من الآية (40).

(2)

من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: أخرجه البخاري، باب ما ذكر عن بني إسرائيل كتاب أحاديث الأنبياء برقم (3455) صحيح البخاري 4/ 135، ومسلم، باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول، كتاب الإمارة برقم (157) صحيح مسلم 3/ 1471.

(3)

من حديث أبي هريرة: أخرجه البخاري، باب علامات النبوة في الإسلام، كتاب المناقب برقم (3609) صحيح البخاري 4/ 159، ومسلم، باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيتمنى أن يكون مكان الميت من البلاء، كتاب الفتن وأشراط الساعة برقم (157) صحيح مسلم 4/ 2239 - 2240.

(4)

أخرج الحاكم في المستدرك 2/ 599 - كتاب التاريخ، باب ذكر خالد بن سنان- من طريق أبي يونس عن عكرمة عن ابن عباس في حديث طويل، وفيه: فقال أبو يونس: قال سماك بن حرب: سأل =

ص: 926

تعالى، (أو) جحد وجوب (إحدى أبي في أن الخمس) المشار إليها بقوله:"بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدًا رسول اللَّه، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا"(1)، ومثلها الطهارة فيكفر من جحد وجوبها وضوءا كان أو غسلا أو تيمما.

(أو) جحد (حكمًا ظاهرا) بين المسلمين، بخلاف فرض السدس لبنت الابن مع بنت الصلب (مجمعًا عليه) إجماعًا قطعيا لا سكوتيا؛ لأن فيه شبهة، كجحد تحريم زنا أو لحم خنزير، وكجحد (2) حل خبز ونحوه كلحم مذكاة بهيمة الأنعام والدجاج، أو شك في ذلك، ومثله لا لمجهله لكونه نشأ بين المسلمين أو كان يجهل مثله وعرف وأصر (كفر) لمعاندته للإسلام وامتاعه من قبول الأحكام.

= عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ذاك نبي أضاعه قومه". قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه، فإن أبا يونس الذي روى عن عكرمة هو حاتم بن أبي صغيرة، وقد احتجا جميعا به". وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 8/ 214 عن ابن عباس قال: (ذكر خالد بن سنان عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ذاك بني ضيعه قومه) وعزاه للبزار والطبراني، ثم قال الهيثمي:"وفيه قيس بن الربيع وقد وثقه شعبة والثوري، لكن ضعفه أحمد مع ورعه وابن معين".

قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية 2/ 215 - 216: خالد بن سنان: العبسي، كان رجلا صالحا له أحوال وكرامات قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم.

(1)

من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أخرجه البخاري، باب دعاؤكم إيمانكم، كتاب الإيمان برقم (8) صحيح البخاري 1/ 8، ومسلم، باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام، كتاب الإيمان برقم (16) صحيح مسلم 1/ 45.

(2)

في الأصل: وكتحريم، والمثبت من شرح منتهى الإرادات 3/ 386.

ص: 927

أو سجد لكوكب أو صنم كفر؛ لأنه مشرك باللَّه تعالى، أو أتى بقول أو فعل صريح بالاستهزاء بالدين كفر لقوله تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ. . (66)} (1).

أو استهزأ بالقرآن، أو ادعى اختلافه، أو اختلاقه، أو القدرة على مثله، أو أسقط حرمته كفر لقوله تعالى:{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82)} (2).

وكذا من اعتقد قدم العالم أو حدوث الصانع، أو سخر بوعد أو وعيد أو لم يكفر من وإن بغير الإسلام، أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم كفر.

ولا يكفر من حكى كفرًا سمعه ولم يعتقده، ومن تزيا بزي كفر حرم ولم يكفر، وإن ترك مكلف عبادة من العبادات الخمس تهاونًا مع إقراره بوجوبها لم يكفر سواء عزم على أنه لا يفعلها أبدا أو على تأخيرها إلى زمن يغلب على ظنه أنه لا يعيش إليه، لحديث معاذ مرفوعًا:"ما من عبد يشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأن محمدا رسول اللَّه إلا حرمه اللَّه على النار. قال معاذ: يا رسول اللَّه! ألا أخبر بها الناس فيستبشروا؟ قال: إذا يتكلوا، فأخبر بها معاذ عند موته تأثما" متفق

(1) سورة التوبة من الآيتين (65 - 66).

(2)

سورة النساء الآية (82).

ص: 928

عليه (1)، وعن عبادة بن الصامت مرفوعًا:"خمس صلوات كتبهن اللَّه على العباد، من أتى بهن لم يضيع منهن شيئًا استخفافًا بحقهن كان له عند اللَّه عهدا بأن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند اللَّه عهد إن شاء عذبه وإن شاء غفر له" رواه الخمسة إلا الترمذي (2)، ولو كفر بذلك لم يدخل في مشيئة الغفران؛ لأن الكفر لا يغفر إلا بالصلاة.

أو شرط أو ركن لها مجمع عليه إذا دعاه الإِمام أو نائبه إلى شيء من ذلك وامتنع حتى تضايق وقت التي بعد الصلاة (3) فيكفر لما تقدم توضيحه في كتاب الصلاة، ويستتاب كمرتد ثلاثة أيام وجوبًا، فإن تاب بفعلها خلي سبيله، وإن أصر قتل كفرًا بشرطه، ويقتل في غير الصلاة وشروطها وأركانها المجمع عليها

(1) أخرجه البخاري، باب من خص بالعلم قومًا دون قوم كراهية أن لا يفهموا، كتاب العلم برقم (128) صحيح البخاري 1/ 31، ومسلم، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا، كتاب الإيمان برقم (32) صحيح مسلم 1/ 61.

(2)

أخرجه أبو داود، باب فيمن لم يوتر، كتاب الصلاة برقم (1420) سنن أبي داود 2/ 62، والنسائي، باب المحافظة على الصلوات الخمس، كتاب الصلاة برقم (461) المجتبى 1/ 230، وابن ماجة، باب ما جاء في فرض الصلوات الخمس والمحافظة عليها، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها برقم (1401) سنن ابن ماجة 1/ 449، وأحمد برقم (22185) المسند 6/ 430، ومالك، باب الأمر بالوتر، كتاب صلاة الليل برقم (270) الموطأ ص 77، والدارمي، باب في الوتر، كتاب الصلاة برقم (1577) سنن الدارمي 1/ 446 - 447، وابن حبان، باب ذكر البيان بأن الحق الذي في هذا الخبر قصد به الإيجاب، كتاب الصلاة برقم (1732) الإحسان 5/ 23، والحديث صححه الألباني في صحيح الجامع الصغير 3/ 114، وفي صحيح سنن أبي داود 1/ 266.

(3)

أي: النبي دعي إليها.

ص: 929

كالزكاة والصوم والحج حدا لما تقدم.

فمن ارتد مكلفا مختارا ولو أنثى رعي إلى الإسلام (فيستتاب ثلاثة أيام) وجوبا، لحديث أم مروان وتقدم (1)، وينبغي أن يضيق عليه مدة الاستتابة ويحبس، (فإن) تاب لم يعزر ولو بعد مدة الاستتابة؛ لأن فيه تنفيرًا له عن الإسلام، وإن أصر و (لم يتب قتل) بالسيف ولا يحرق بالنار، لحديث:"إن اللَّه كتب الإحسان على كل شيء"(2)، وحديث:"من بدل دينه فاقتلوه، ولا تعذبوا بعذاب اللَّه يعني النار" رواه البخاري (3)، ولا يقتل رسول كفار ولو

(1) ص 817.

(2)

من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه: أخرجه مسلم، باب الأمر بإحسان الذبح والقتل. . . كتاب الصيد والذبائح برقم (1955) صحيح مسلم 3/ 1548، وأبو داود، باب في النهي أن تصبر البهائم والرفق بالذبيحة، كتاب الأضاحي برقم (2815) سنن أبي داود 3/ 100، والترمذي، باب ما جاء في النهي عن المثلة، كتاب الديات برقم (1409) الجامع الصحيح 4/ 16، والنسائي، باب الأمر بإحداد الشفرة، كتاب الضحايا برقم (4405) المجتبى 7/ 227، وابن ماجة، باب إذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، كتاب الذبائح برقم (3170) سنن ابن ماجة 2/ 1808، وأحمد برقم (16664) المسند 5/ 103، والدارمي، باب في حسن الذبيحة، كتاب الأضاحي برقم (1970) سنن الدارمي 2/ 112.

(3)

بنحوه، في باب حكم المرتد والمرتدة، كتاب استتابة المرتدين برقم (6922) صحيح البخاري 9/ 13، وبهذا اللفظ أخرجه أبو داود، باب الحكم فيمن ارتد، كتاب الحدود برقم (4351) سنن أبي داود 4/ 126، والترمذي، باب ما جاء في المرتد، كتاب الحدود برقم (1458) الجامع الصحيح 4/ 48، والنسائي، باب الحكم في المرتد، كتاب تحريم الدم برقم (4060) المجتبى 7/ 104، وأحمد برقم (1874) المسند 1/ 358.

ص: 930

مرتدا بدليل رسولي مسيلمة (1).

ولا يقتل المرتد إلا الإِمام أو نائبه كرجم الزاني المحصن، فإن قتله غيرهما بلا إذن أساء وعزر لافتياته على ولي الأمر، ولا ضمان بقتل مرتد ولو قبل استتابته؛ لأنه مهدر الدم، وردته أباحت دمه في الجملة، ولا يلزم من تحريم القتل الضمان.

ومن أطلق الشارع كفره كدعواه لغير أبيه، ومن أتى عرافا -وهو الذي يحدس ويتخرس- فصدقه فهو تشديد وتأكيد. نقل حنبل: كفر دون كفر لا يخرج به عن الإسلام، وقيل: كفر نعمة، وقيل: قارب الكفر (2).

(1) عن ابن مسعود قال: "جاء ابن النواحة وابن أثال رسولين لمسيلمة الكذاب إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال لهما رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: تشهدان أني رسول اللَّه؟ فقالا: نشهد أن مسيلمة رسول اللَّه، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: آمنت باللَّه ورسوله، ولو كنت قاتلا رسولا لقتلتكما" أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده 1/ 238، وبنحوه عن سلمة بن نعيم بن مسعود عن أبيه عند أبي داود، باب في الرسل، كتاب الجهاد برقم (2761) سنن أبي داود 3/ 83 - 84، وأحمد برقم (15559) المسند 4/ 540.

ومسيلمة: بن حبيب، الحنفي، الكذاب، أبو ثمامة، من بني حنيفة، أسلم في العام التاسع للهجرة، ثم عاد إلى اليمامة فارتد عن الإسلام، وقتل في حروب الردة في عهد أبي بكر الصديق، على يد جيش خالد بن الوليد سنة 11 هـ.

ينظر: تاريخ الطبري 2/ 199، والسيرة النبوية لابن هشام 5/ 270، ومعجم البلدان 5/ 394.

(2)

ينظر: كتاب الفروع 6/ 181، والمبدع 9/ 192، والإقناع 4/ 297، وغاية المنتهى 3/ 340، وكشاف القناع 6/ 169، قال في تصحيح الفروع 6/ 181:"والصواب رواية حنبل، وأنه إنما أتى به تشديدا وتأكيدا، وقد بوب على ذلك البخاري في صحيحه بابا ونص أن بعض الكفر دون بعض، ونص عليهما أئمة الحديث" اهـ.

ص: 931

ويصح إسلام مميز يعقل الإسلام؛ لأن عليا أسلم وهو ابن ثماني سنين، أخرجه البخاري (1)، قال رضي الله عنه:

سبقتكموا إلى الإسلام طرا

صبيا ما بلغت أوان حلمي (2)

ولأن الإسلام عبادة محضة فصحت من الصبي كالصلاة والصوم، وتصح ردة المميز كإسلامه، ولا يقتل هو ولا سكران ارتدا حتى يستتابا بعد بلوغ وصحو ثلاثة أيام، وإن مات قبل بلوغ أو في سكر مات كافرا.

(ولا تقبل ظاهرا) توية (ممن سب اللَّه) تعالى صريحا لعظم ذنبه جدا، فيدل على فساد عقيدته، (أو) سب (رسولا)(3) له، أو ملكا له صريحا أو تنقصه أو أحدا من رسله أو ملائكته لما تقدم، (أو تكررت ردته) فلا تقبل توبته في الدنيا، لقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} (4) وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ} (5) ولأن تكرار ردته يدل على فساد عقيدته وقلة مبالاته بالإسلام.

(1) معلقا في التاريخ الكبير 6/ 259، وأخرجه موصولا الطبراني برقم (162) المعجم الكبير 1/ 95، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 103 وقال:"رواه الطبراني وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح". ا. هـ.

(2)

أورده الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية 8/ 9.

(3)

في أخصر المختصرات المطبوع ص 254: رسوله.

(4)

سورة النساء من الآية (137).

(5)

سورة آل عمران من الآية (90).

ص: 932

(ولا) تقبل في أحكام الدنيا توبة (من منافق) أي زنديق وهو الذي يظهر الإسلام ويخفي الكفر، لقوله تعالى:{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا} (1)، والزنديق لا يعلم تبين رجوعه وتوبته؛ لأنه لا يظهر منه بالتوبة خلاف ما كان عليه، فإنه كان ينفي الكفر عن نفسه قبل ذلك، وقلبه لا يطلع عليه.

(و) لا تقبل توبة (ساحر) مكفر بسحره كالذي يركب المكنسة فتسير به في الهواء، لحديث جندب بن عبد اللَّه (2) مرفوعا:"حد الساحر ضربة بالسيف" رواه الدارقطني (3)، فسماه حدا، والحد بعد ثبوته لا يسقط بالتوبة، ولأنه لا

(1) سورة البقرة من الآية (160).

(2)

جندب بن عبد اللَّه: بن سفيان، البجلي، ثم العلقي، أبو عبد اللَّه، وقد ينسب إلى جده فيقال: جندب بن سفيان، سكن الكوفة ثم البصرة، قدمها مع مصعب بن الزبير، له صحبة، توفي سنة 70 هـ.

ينظر: أسد الغابة 1/ 360 - 361، والإصابة 1/ 613 - 614، وسير أعلام النبلاء 3/ 174 - 175.

(3)

في كتاب الحدود والديات وغيره، سنن الدارقطني 3/ 114، والترمذي، باب ما جاء في حد الساحر، كتاب الحدود برقم 1460، الجامع الصحيح 4/ 49، والحاكم، باب حد الساحر ضربة بالسيف، كتاب الحدود، المستدرك 4/ 360، والبيهقي، باب تكفير الساحر وقتله. . .، كتاب القسامة، السنن الكبرى 8/ 136، من طرق عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن جندب به. والحديث قال عنه الترمذي:"لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه، وإسماعيل بن جندب يضعف في الحديث. . . والصحيح عن جندب موقوف". ا. هـ، وكذا ضعفه البيهقي، وقال الحاكم: "صحيح الإسناد وإن كان الشيخان تركا حديث إسماعيل بن مسلم فإنه غريب =

ص: 933

طريق لنا في علم إخلاصه في توبته؛ لأنه يضمر السحر ولا يجهر به، وقوله: في أحكام الدنيا علم منه أنه من مات منهم مخلصا قبلت توبته في الآخرة لعموم حديث: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له"(1).

= صحيح" ووافقه الذهبي، وضعف الحديث الألباني في ضعيف سنن الترمذي ص 167 - 168، وفي سلسلة الأحاديث الضعيفة 3/ 641.

(1)

سبق تخريجه ص 803.

ص: 934