الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ في شُروطِ القَاضِي
وهي عشرة كما ذكرها المصنف قال: (وشُرِطَ كُونُ قاضٍ بَالغًا، عاقلًا) أي مكلفًا؛ لأن غير المكلف تحت ولاية غيره فلا يكون وليا على غيره.
الثالث: كونه (ذكرًا) لحديث: "ما أفلح قومٌ وَلَّوْا أمرهم امرأةً"(1)، ولأنها ضعيفة الرأي، ناقصة العقل، ليست أهلًا للخُطُوب ومحافل الرجال، ولم يُوَلِّ عليه السلام ولا أحد من خُلَفائه امرأة قضاء.
الرابع: كونه (حُرًّا) كله؛ لأن غيره منقوص بالرق مشغول بحقوق سيده.
الخامس والسادس: كونه (مسلمًا، عدلًا) ولو تائبًا من قذف نصًّا (2)، فلا يجوز
(1) من حديث أبي بكرة رضي الله عنه: أخرجه البخاري، باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر، كتاب الغازي برقم (4425) صحيح البخاري 6/ 8، والترمذي، كتاب الفتن برقم (2262) الجامع الصحيح 4/ 457، والنسائي، باب النهي عن استعمال النساء في الحكم، كتاب آداب القضاة برقم (5388) المجتبى 8/ 227، وأحمد برقم (19994) المسند 6/ 37 - 38، وابن حبان، باب ذكر الإخبار عن نفي الفلاح عن أقوام تكون أمورهم منوطة بالنساء، كتاب السير برقم (4516) الإحسان 10/ 375، والحاكم، باب لن يفلح قومٌ ولَّوا أمرهم امرأة، كتاب معرفة الصحابة، المستدرك 3/ 119، والبيهقي، باب لا يولي الوالي امرأة ولا فاسقًا. . .، كتاب آداب القاضي، السنن الكبرى 10/ 117 - 118 وجميعهم بلفظ:"لن يفلح. . ".
(2)
ينظر: كتاب الفروع 6/ 421، والمبدع 10/ 19، والإنصاف 28/ 300، وغاية المنتهى 3/ 412، وكشاف القناع 6/ 295.
تولية من فيه نقص يمنع قبول شهادته لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} (1)، ولا يجوز أن يكون الحاكم ممن لا يقبل قوله.
السابع: كونه (سميعًا)، لأن الأصم لا يسمع كلام الخصمين.
الثامن: كونه (بصرًا)؛ لأن الأعمى لا يميز المدعي من المدعى عليه، ولا المُقِرِّ من المُقَرِّ له.
التاسع: كونه (مُتَكَلِّمًا)؛ لأن الأخرس لا يمكنه النطق بالحكم، ولا يفهم جميع الناس إشارته.
العاشر: كونه (مُجْتَهدًا) ذكرره ابن حزمٍ إجماعًا (2) لقوله تعالى: {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} (3)(ولو) كان اجتهاده (في مَذْهَبِ إمَامِهِ) لضرورة بأن لم يوجد مطلق، واختار في "الإفصاح" (4) و"الرِّعَاية": أو
(1) سورة الحجرات من الآية (6).
(2)
ينظر: مراتب الإجماع ص 85.
(3)
سورة النساء من الآية (105).
(4)
2/ 343 - 344، "الإفصاح عن معاني الصحاح"، تأليف الوزير عون الدين أبي المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة الحنبلي المتوفى سنة 560 هـ، صنَّفه في عدة مجلدات وهو شرح صَحِيْحَيْ البخاري ومسلم، ولما بلغ فيه إلى حديث:"من يرد اللَّه به خيرًا يفقهه في الدين" شرح الحديث وتكلم على معنى الفقه وآل به الكلام إلى أن ذكر مسائل الفقه المتفق عليها والمختلف فيها بين الأئمة الأربعة، وقد أفرد من الكتاب =
مقلدًا. (1) وفي "الإنصاف"(2): قلت: وعليه العمل من مدة طويلة وإلا لتعطلت أحكام الناس". انتهى. وفي "الإفصاح" (3): "الإجماع انعقد على تقليد كل من المذاهب الأربعة وأنَّ الحق لا يخرج عنهم". وفي خطبة "المغني" (4): "النسبة إلى إمام في الفروع كالأئمة الأربعة ليست بمذمومة، فإن اختلافهم رحمة، واتفاقهم حجة قاطعة". فيراعي المجتهد في مذهب إمام ألفاظ إمامه ومتأخرها، ويقلد كبار مذهبه في ذلك ويحكم به ولو اعتقد خلافه؛ لأنه مقلد، ولا يخرج عن الظاهر منه، ويحرم الحكم والفتوى بالهوى إجماعًا، وبقولٍ أو وجهٍ من [غير] (5) نظر في الترجيح إجماعًا، ويجب أن يعمل بموجب اعتقاده في ما له أو عليه إجماعًا ذكره في "الفروع" (6) وقال الشيخ تقي الدين: "هذه الشروط تعتبر حسب الإمكان، ويجب
= قطعة منه، وهذا الكتاب صنفه في ولاية الوزارة واعتنى به وجمع أئمة المذاهب وأوفدهم من البلدان إليه لأجله. ينظر: الذيل 1/ 251 - 252، وسير أعلام النبلاء 20/ 430. وكتاب الإفصاح مطبوع في مجلدين طبع ونشر المؤسسة السعيدية بالرياض.
(1)
ينظر: كتاب الفروع 6/ 422، والمبدع 10/ 20، والإنصاف 18/ 302، والإقناع 4/ 398.
(2)
28/ 302.
(3)
2/ 343.
(4)
1/ 4.
(5)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، والمثبت من كتاب الفروع 6/ 423.
(6)
6/ 423، وقاله الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله. ينظر: الاختيارات ص 570، والإنصاف 28/ 304، والإقناع 4/ 369، وغاية المنتهى 3/ 399.
تولية الأمثل فالأمثل وإن على هذا يدل كلام أحمد وغيره فيولى لعدم أنفع الفاسقين وأقلهما شرًّا وأعدل المقلدين وأعرفهما بالتقليد". انتهى (1).
ولا يشترط كون القاضي كاتبًا؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان أمِّيًا وهو سيد الحكام و [ليس](2) من ضرورة الحكم الكتابة، ولا كونه ورعا أو زاهدا أو يقظًا أو مثبتا للقياس أو حسن الخلق؛ لأن ذلك ليس من ضرورة الحكم، والأولى كونه كذلك؛ لأنه أكمل كالأسَنِّ إذا ساوى الشاب في جميج الصفات، وما يمنع التولية ابتداء يمنعها دوامًا، لا فقدهما (3) ليس من مقدمات الاجتهاد، والحكم يستند إلى حال السمع والبصر، وقد ثبت الحكم عنده في حال يسمع فيها كلام الخصمين ويميز أحدهما عن الآخر، بخلاف غيرهما من الفسق والجنون والردة وغيرها، ويتعين عزله مع مرض يمنعه القضاء لدعاء الحاجة إلى إقامة غيره، ويصح أن يولى عبد إمارةَ سريَّةٍ وقسم صدقة، وفي إمامة صلاة غير جمعة وعيد.
(1) الاختيارات ص 571.
(2)
ما بين المعقوفين ليست في الأصل.
(3)
يعني السمع والبصر.