الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَصْلٌ) في الحَضَانَةِ
مُشتقَّةٌ من الْحِضْنِ وهو: الْجَنْبُ، لضم المربي والكافل الطفل ونحوه إلى حضنه (1).
(وَتَجِبُ الحَضَانَةُ لحِفْظِ صَغيرٍ ومَجْنونٍ ومَعتُوْهٍ) -وهو مختل العقل- عما يضرهم، وتربيتهم بعمل مصالحهم من غسل بدنهم وثيابهم ودهنهم وتكحيلهم ونحو ذلك، ومستحقها رجل عصبة كأبٍ وجَدٍّ وأخٍ وعمٍّ لغير أمٍّ، أو امرأة وارثة (2) كأمٍّ وجَدَّةٍ، أو أختٍ، أو قريبةٍ مُدليةٍ بوارثٍ كخَالَةٍ وبنت أختٍ (3)، أو مدلية بعصبة كعَمَّةٍ وبنت أخٍ وبنت عمٍّ لغير أمٍّ، وذو رحم كأبي أمٍّ وأخٍ لأمٍّ، ثم حاكم؛ لأنه يلي أمور المسلمين وينوب عنهم في الأمور العامة، وحضانة الطفل ونحوه إذا لم يكن له قريب تجب على جميع المسلمين.
(1) الحِضْنُ: ما دون الإبط إلى الصدر والعضدان وما بينهما، والجمع أحْضَان، والاحْتِضَانُ: هو احتمالك الشيء وجعله في حضنك كما تحتضن المرأةُ ولدها فتحتمله في أحد شقيها، والحِضْنُ: الجنبُ، والحاضنةُ: النبي تربِّيْ الطفل، سميتْ بذلك لأنها تضمه إلى حضنها.
ينظر: المطلع ص 355، ولسان العرب 13/ 122، والقاموس المحيط 4/ 215.
(2)
في الأصل: واثه.
(3)
في الأصل: وبنت وبنت أخت، والمثبت من شرح منتهى الإرادات 3/ 263.
(والأَحَقُّ بِهَا) أي حضانة الطفل (أُمٌّ) له، لحديث ابن عمرو (1):"أن امرأةً قالت: يارسول اللَّه! إنَّ ابني هذا كان بطني له وعاءً، وثديي له سقاءً، وحِجْرِيْ له حواء، وأنَّ أباه طلقني وأراد أن ينتزعه مني، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أنت أحق به ما لم تَنْكِحِيْ" رواه أبو داود وغيره (2)، ولأنها أشفق والأب لا يلي حضانته بنفسه وإنما يدفعه لامرأته أو غيرها من النساء، وأمه أولى ممن يدفعه إليها ولو بأجرة مثلها، كرضاع حيث كانت أهلًا، (ثُمَّ) إن لم تكن أمٌّ أو لم تكن أهلًا للحضانة فـ (أُمَّهَاتُهَا القُرْبَى فالقُربى)؛ لأنهنَّ نساءٌ لهنَّ ولادةٌ مُتحققةٌ أشبهن الأمّ، (ثُمَّ) بعدهن (أبٌ)؛ لأنه الأصل وأحق بولاية المال، (ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ كَذلك) أي القربى فالقربى لإدلائهن بعصبةٍ قريبةٍ، (ثُمَّ جَدٌّ) لأبٍ لأنه في معنى الأب الأقرب فالأقرب، (ثُمَّ أمَّهاتُه كَذلك) لإدلائهنَّ بعصبةٍ، (ثُمَّ أخْتٌ لأبَوَيْنِ) لمشاركتها له في النسب وقوة قرابتها، (ثُمَّ) أختٌ (لأُمٌّ) لإدلائها بالأم كالجدات، (ثُمَّ) أخت (لأَبٍ، ثُمَّ خَالةٌ) لأبوين، ثم خالةٌ لأمٍّ ثم خالةٌ لأبٍ لإدلاء
(1) في الأصل: ابن عمر، والمثبت من كتب الحديث.
(2)
من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه مرفوعًا: أخرجه أبو داود، باب من أحق بالولد، كتاب الطلاق برقم (2276) سنن أبي داود 2/ 283، وأحمد برقم (6668) المسند 2/ 378 - 379، وعبد الرزاق، باب أي الأبوين أحق بالولد، كتاب الطلاق برقم (12597) المصنف 7/ 153، والدارقطني، باب المهر، كتاب النكاح، سنن الدارقطني 3/ 304، والحاكم، باب حضانة الولد للمرأة المطلقة ما لم تنكح، كتاب الطلاق، المستدرك 2/ 207، والبيهقي، باب الأم تتزوج فيسقط حقها من حضانة الولد. .، كتاب النفقات، السنن الكبرى 8/ 4 - 5، والحديث قالا عنه الحاكم:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني في الإرواء 7/ 244.
الخالات بالأم، (ثم عمة) كذلك لإدلائهن بالأب وهو مؤخر في الحضانة عن الأم، ثم خالة أم كذلك، ثم خالة أب، ثم عصته، (ثم بنت أخ) لأبوين، ثم لأم، ثم لأب، (و) بنت (أخت) كذلك، (ثم بنت عم) لأبوين، ثم لأم ثم لأب، (و) بنت (عمة) كذلك، (ثم بنت عم أب)(1) كذلك، (و) بنت (عمته) أي الأب (على ما فصل) سابقا، فيقدم من لأبوين ثم لأم ثم لأب، (ثم) الحضانة (لباقي العصبة)، أي عصبة المحضون (الأقرب فالأقرب)؛ لأن لهم ولاية وتعصيبا بالقرابة فثبتت لهم الحضانة كالأب، (وشرط كونه) أي الحاضن (محرما لأنثى) محضونة بلغت سبع سنين؛ لأنها محل الشهوة، ويسلمها غير محرم كابن عم تعذر غيره إلى ثقة يختارها أو يسلمها إلى محرمه؛ لأنه أولى من أجنبيٍّ وحاكم، وكذا أمٌّ تزوجت وليس لولدها غيرها فتسلم ولدها إلى ثقةٍ تختاره أو محرمها كما تقدم.
(ثُمَّ) الحضانة (لذِي رَحِمٍ) ذكرًا وأنثى غير من تقدم؛ لأن لهم رحمًا وقرابةً يرثون بها عند عدم من تقدم أشبهوا البعيد من العصبات، وأولاهم بحضانة أبو أمٍّ فأمَّهاته فأخٌ لأمٍّ فخال (2)، (ثُمَّ) بعد من ذكر الحضانة لـ (لحَاكِمٍ)؛ لأن له ولاية على من لا أب له ولا وَصِيَّ والحضانة ولايةٌ، وتنتقل حضانة مع امتناع مستحقها أو عدم أهليته إلى مَنْ بعده.
(ولا تَثْبُتُ) الحضانة (لمَنْ فِيْهِ رِقٌّ) وإن قَلَّ؛ لأنها ولايةٌ كولاية النكاح، (ولا) تثبت (لكافِرٍ عَلى مُسلمٍ)؛ لأن ضرره عظيمٌ؛ لأنه يفتنه عن دينه
(1) في الأصل: لأب، والمثبت من أخصر المختصرات المطبوع ص 243.
(2)
في الأصل: فخالة، والمثبت من شرح منتهى الإرادات 3/ 264.
ويخرجه عن الإسلام بتعليمه الكفر وتربيته عليه، وفي ذلك كله ضرر، (ولا) تثبت (لفاسق) ظاهر الفسق؛ لأنه لا وثوق به في أداء واجب الحضانة، ولاحظ للمحضون في حضانته، لأنه ربما نشأ على أحواله ولا سيما إن كان من أهل البدع، (ولا) تثبت (لمزوجة بأجنبي من محضون من زمن (1) عقد) لقوله صلى الله عليه وسلم:"أنت أحق به ما لم تنكحي"؛ ولأن الزوج يملك منافعها بمجرد العقد، ويستحق منعها من الحضانة أشبه ما لو دخل بها، فإن تزوجت بقريب محضونها ولو غير محرم له لم تسقط حضانتها، ولو رضي زوج بحضانة ولدها من غيره لم تستحق الحضانة بذلك، بخلاف رضاع كما تقدم، وبمجرد زوال مانع ولو بطلاق رجعي ولم تنقض عدتها، وبمجرد رجوع ممتنع من حضانة يعود الحق له في الحضانة لقيام سببها مع زوال المانع.
(وإن (2) أراد أحد أبويه) أي المحضون (نقله إلى بلد آمن وطريقه) أي البلد (مسافة قصر فأكثر ليسكنه) وكان الطريق أيضًا آمنا (فأب أحق)؛ لأنه الذي يقوم عادة بتأديبه وتخريجه وحفظ نسبه، فإذا لم يكن ببلد أبيه ضاع، ومتى اجتمع الأبوان عادت (3) الحضانة للأم، (أو) أراد أحد أبويه نقله (إلى) بلد (قريب) دون المسافة من بلد الآخر (للسكنى فأم) فتبقى على حضانتها؛ لأنها أتم شفقة كما لو لم يسافر أحدهما، (و) إن أراد أحد أبويه سفرا (لحاجة) ويعود (مع بعد)
(1) في أخصر المختصرات المطبوع ص 243: من حين.
(2)
في الأصل: ومتى، والمثبت من أخصر المختصرات المطبوع ص 243.
(3)
في الأصل: عادة.
البلد الذي أراده (أو لا) أي مع عدم بعده (1)(فمقيم) من أبويه أحق بحضانته إزالة لضرر السفر، وهذا كله إن لم يقصد المسافر به مضارة الآخر وإلا فأم أحق كما ذكره في "الهدي"(2) وقواه غيره (3).
(1) في الأصل: بعده عدم، فيه تقديم وتأخير.
(2)
5/ 463.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله في هذه المسألة: "الصواب النظر والاحتياط للطفل في الأصلح له والأنفع من الإقامة أو النقلة، فأيهما كان أنفع له وأصون وأحفظ رُوعي، ولا تأثير لإقامةٍ ولا نقلةٍ، هذا كله ما لم يُرِدْ أحدهما بالنقلة مضارّة الآخر وانتزاع الولد منه فإن أراد ذلك لم يُجب إليه، واللَّه الموفق". ا. هـ. زاد المعاد 5/ 463.
والهدي كتاب اسمه: "زاد المعاد في هدي خير العباد" للعلامة، الإمام، شمس الدين، أبي عبد اللَّه، محمد بن أبي بكر الدمشقي، المعروف بابن قيم الجوزيّة، وهو كتابٌ مشهورٌ مطبوعٌ في خمسة مجلدات من مطبوعات مؤسسة الرسالة بتحقيق: شعيب وعبد القادر الأرنؤوط.
(3)
كتاب الفروع 5/ 619، والإنصاف 24/ 482، وغاية المنتهى 3/ 240 - 241.