الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ
ومن أمسك إنسانًا لآخر يعلم أنه يقتله حتى قتله، أو حتى قطع طرفه فمات، أو فتح فمه حتى سقاه آخر سما فمات قُتِلَ قَاتِلٌ لقتله عمدًا من يكافئه بغير حق، وحُبسَ ممسك حتى يموت، لحديث الدارقطني عن ابن عمر مرفوعًا:"إذا أمسك الرجل وقتله الآخر يُقتَلُ الذي قَتَلَ، ويُحبس الذي أمسك"(1)، ولأنه حبسه إلى الموت فيحبس الآخر إليه ولا يمنع من الطعام والشراب، فإن قتل الوَلِيُّ
(1) أخرجه الدارقطني، كتاب الحدود والديات، سنن الدارقطني 3/ 139، والبيهقي، باب الرجل يحبس الرجل للآخر فيقتله، كتاب الجنايات، السنن الكبرى 8/ 50، وقال:"هذا غير محفوظ". وعقب عليه ابن التركماني في الجوهر النقي فقال: "صحّح ابن القطان رفعه وقال إسماعيل -راويه- من الثقات فلا يعد رفعه مرة وإرساله أخرى اضطرابًا إذ يجوز للحافظ أن يرسل الحديث عند الذاكرة فإذا أراد التحميل أسنده". ا. هـ. وأورده الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام برقم 1202 ص 206: وقال: "صحّحه ابن القطان ورجاله ثقات إلا أن البيهقي رجح المرسل" ا. هـ.
والمرسل رواه عبد الرزاق، باب الذي يمسك الرجل على الرجل فيقتله، كتاب العقول برقم (17892) المصنف 9/ 427، وابن أبي شيبة، باب الرجل يقتل الرجل ويمسكه آخر، كتاب الديات برقم (7845) المصنف 9/ 372، والدارقطني في الموضع السابق، والبيهقي في الموضع السابق، من طرق عن إسماعيل بن أمية قال: قضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في رجل أمسك رجلا وقتله الآخر فقال: (يقتل القاتل ويحبس الممسك). قال البيهقي: "هذا هو الصواب". -يعني المرسل-، وأورده ابن حزم في المحلى 10/ 513 - 514 وقال:"هذا مرسلٌ من أحسن المراسيل" ا. هـ.
الممسك فقال القاضي: "عليه القصاص" وناقش فيه المجد، وصحّح سقوطه لشبهة الخلاف (1).
ومن قطع طرف هارب من قتل فحبس حتى أدركه قاتله فقتله أقيد منه في الطرف الذي قطعه، سواء حبسه ليقتله الآخر أو لا، وهو فيما يجب عليه في النفس كممسك إنسانا لآخر حتى قتله؛ لأنه حبسه للقتل فكانه أمسكه حتى قتله، وإن لم يقصد حبسه فعليه القطع فقط، كمن أمسك إنسانا لآخر لا يعلم أنه يقتله بخلاف الجارح فلا يعتبر فيه قصد الموت لموته من سراية الجرح وأثره فاعتبر فيه قصد الجرح الذي هو السبب دون قصد الأثر، وأما مسألة الإمساك فالموت فيها بأمرٍ غير السراية، والفعل ممكن له، فاعتبر قصده لذلك الفعل كما لو أمسكه.
وإن اشترك عدد في قتل لا يقاد به البعض لو انفرد كحُرٍّ وقِنٍّ اشتركا في قتل قن، وكأب وأجنبي اشتركا في قتل ولده، وكخاطئ وعامد ومكلف وغير مكلف، فالقود على القن شريك الحر، ومثله ذمي اشترك مع مسلم في قتل ذمي؛ لأن القصاص سقط عن الحر والمسلم لعدم مكافأة المقتول له، وهذا المعنى لا يتعدى إلى فعل شريكه فلم يسقط القصاص عنه، والقود أيضًا على شريك أب في قتل ولده لمشاركته في القتل العمد العدوان فيمن يقتل به لو انفرد، وإنما امتنع في حق الأب لمعنى يختص بالمحل (2) لا لقصور في السبب الموجب فلا يمنع عمله في
(1) ينظر: كتاب الروايتين 2/ 258 - 259، والإنصاف 25/ 64، وغاية المنتهى 3/ 250، وكشاف القناع 5/ 519.
(2)
في الأصل: المحل.
المحل الذي لا مانع فيه.
ومثل الأب الأم والجد والجدة وإن علوا.
وعلى حر شريك قن في قتل قن [نصف ديته، وفي قتل قن](1) نصف قيمة القن المقتول لمشاركته في إتلافه فلزمه بقسطه، وعلى شريك غير قن وأب في قتل حر نصف ديته، وفي قتل [قنٍّ](2) نصف قيمته كالشريك في إتلاف مال.
ومن جُرِحَ عمدًا فداوى جرحه بسم فمات فلا قود على جارحه لقتله نفسه، أشبه ما لو جرح فذبح نفسه، لكن إن أوجب الجرح قصاصا [استوفي وإلا](3) أخذ الوارث أرشه إن شاء لأن [الحق](4) له فيه دون غيره.
(1) ما بين المعقوفين يستقيم الكلام بدونها.
(2)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، والمثبت من شرح منتهى الإرادات 3/ 276.
(3)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، والمثبت من شرح منتهى الإرادات 3/ 277.
(4)
ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، والمثبت من شرح منتهى الإرادات 3/ 277.