الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
ومن بيده عبد ادعى أنه اشتراه من زيد وادعى العبد أن زيدا أعتقه وأقام كل بينة صححنا أسبق التصرفين إن علم التاريخ، أو ادعى شخص أن زيدا باعه العبد أو وهبه له وادعى آخر مثله وأقام كل منهما بينة بدعواه صححنا أسبق التصرفين إن علم التاريخ لمصادفة التصرف الثاني ملك غيره فوجب بطلانه، وإلا يعلم التاريخ أو اتفق تساقطتا لتعارضهما وعدم المرجح، وكذا إن كان العبد بيد نفسه نصا (1) إلغاء لهذه اليد للعلم بمستندها وهو الدعوى ولم تثبت، كمن بيده عبد ادعى أنه اشتراه من زيد وأنكره زيد فلا يحكم بهذه اليد.
ولو ادعيا زوجية امرأة فأنكرتهما أو أحدهما دون الآخر وأقام كل منهما بينة بدعواه ولو كانت المرأة بيد أحدهما سقطتا لتعارضهما واليد لا تثبت على الحر (2)، وإن أقرت لأحدهما لم تقبل؛ لأنها متهمة، وإن كان لأحدهما بينة وحده حكم له بها، وإن ادعاها واحد فصدقته قبل إقرارها؛ لأنها غير متهمة إذن.
ولو أقام كل ممن العين بيده بينة بشرائها من زيد وهي ملكه بكذا واتحد تاريخهما
(1) كتاب الفروع 6/ 529، والمبدع 10/ 169، والإنصاف 29/ 196، وغاية المنتهى 3/ 459.
(2)
هذه قاعدة فقهية ذكرها الإمام السيوطي في كتابه "الأشباه والنظائر" ص 124، وهي القاعدة السابعة ونصها:"الحر لا يدخل تحت اليد".
تحالفا وتناصفاها؛ لأن بينة كل منهما داخلة في أحد النصفين خارجة في الآخر، ولكل منهما أن يرجع على زيد بنصف الثمن الذي دفعه له؛ لأنه لم يسلم له سوى نصف المبيع، ولكل منهما أن يفسخ البيع لتبعض الصفقة عليه ويرجع من فسخ منهما بكل الثمن، ولكل منهما أن يأخذ كل العين بكل الثمن مع فسخ الآخر، وإن سبق تاريخ سنة إحداهما فهي له لصحة عقده بسبقه وللثاني على بائعه الثمن إن كان قبضه منه لتبين بطلان بيعه، وإن أطلق بينتاهما أو أطلقت إحداهما تعارضتا في ملك إذن لا في شراء لجواز تعدد بخلاف الملك، فيقبل من البائع لهما دعواهما لنفسه بيمين واحدة لهما أن العين لم تخرج عن ملكه.
وإن ادعى اثنان ثمن عين بيد ثالث كل منهما يقول: أنه أشتراها منه بثمن سماه فمن صدقه منهما أو أقاء بينة أخذ ما ادعاه من الثمن، وإلا يصدق واحدا منهما ولا أقام واحد منهما بينة حلف لكل منهما يمينا لجواز تعدد العقد، وإن أقاما بينتين وهو منكر دعواهما فإن اتحدا تاريخا تعارضتا وتساقطتا لعدم إمكان الجمع بينهما، ويكون كما لو ادعيا عينا بحد ثالث وأقاما بينتين، وإن اختلف تاريخهما أو أطلقتا أو احداهما عمل بالبينتين؛ لأن الظاهر أنهما عقدان شهد بهما بينتان في عين واحدة على مشتر واحد، وعقد الشراء فيه دليل على اعتراف المشتري للبائع بالملك، ومن الجائز أن يكون اشتراه من الأول، ثم انتقل منه ببيع أو هبة إلى الثاني، ثم اشتراه من الثاني فلا تعارض، ويلزمه الثمنان المدعى بهما.
وإن كانت عين بيد إنسان فادعاها اثنان فقال أحدهما: غصبنيها، وقال
الآخر: ملكنيها أو أقر لي بها وأقاما بينتين فهي لمغصوب منه؛ لأن مع بينته زيادة علم وهو سبب ثبوت اليد، والبينة الأخرى إنما تشهد بتصرفه فيها فلا تعارضها، ولا يغرم المدعى عليه للآخر شيئا لعدم مقتضيه، إذ بطلان التمليك أو الإقرار بثبوت ملك الغير بغير فعله لا يوجب عوضا بخلاف البيع فإنه يوجب رد الثمن؛ لأنه أخذه بغير حق، وإن قال كل من المدعيين: غصبنيها وأقاما بينتين فكما لو ادعى كل منهما أنه اشتراهما منه على ما سبق.
وإن ادعى رب دار أنه أجره بيتا معينا من الدار بعشرة فقال المستأجر: بل أجرتني كل الدار بعشرة، وأقاما بينتين تعارضتا ولا يقتسمان بقية منفعة الدار، قال الشيخ منصور:"قلت: والظاهر أن القول قول المؤجر بيمنه؛ لأنه ينكر إجارة غير البيت". انتهى (1).
(1) شرح منتهى الإرادات 3/ 529.