الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب التيمم
قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ)
329 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
ــ
كتاب التيمم
التيمم في اللغة القصد يممته أي قصدته وتيممته أي تعمدته وفي الاصطلاح القصد إلى التراب لمسح الوجه واليدين بين بنية استباحة الصلاة ونحوها وهو إما مجاز لغوي أو حقيقة شرعية قال ابن السكيت "فتيمموا صعيداً طيباً" أي اقصدوا الصميد ثم كثر استعمالهم حتى صار التيمم مسح الوجه واليدين بالتراب. قوله (قول الله) مبتدأ. و (فلم تجدوا) إلى آخره خبره أي قول الله في شأن التيمم هذه الآية. اعلم أن التيمم ثابت بالكتاب والسنة والإجماع وهو خصيصة خص الله سبحانه هذه الأمة بها وأجمعوا على أن التيمم لا يكون إلا في الوجه واليدين سواء كان عن حدث
بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ - أَوْ بِذَاتِ الْجَيْشِ - انْقَطَعَ عِقْدٌ لِى، فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْتِمَاسِهِ، وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَقَالُوا أَلَا تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسِ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ. فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاضِعٌ رَاسَهُ عَلَى فَخِذِى قَدْ نَامَ فَقَالَ حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسَ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَعَاتَبَنِى أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، وَجَعَلَ يَطْعُنُنِى بِيَدِهِ فِى خَاصِرَتِى، فَلَا يَمْنَعُنِى مِنَ التَّحَرُّكِ إِلَاّ مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى فَخِذِى، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله
ــ
أصغر أو أكبر سواء تيمم عن الأعضاء كلها أو بعضها. قوله (عبد الله بن يوسف) أي التنيسي تقدم مع باقي الرواة (والبيداء) بفتح الموحدة وبالمد (وذات الجيش) بفتح الجيم وسكون التحتانية وبإعجام الشين موضعان بين المدينة ومكة وكلمة (أو) للشك من عائشة رضي الله عنها و (العقد) بكسر العين القلادة وهو كل ما يعقد ويعلق في العنق (ما صنعت عائشة) أي من إقامة رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس أسندوا إليها الفعل لأنه كان بسببها (وجعل) أي طفق و (يطمنني) بضم العين وحكى فتحها و (الخاصرة) الشاكلة وخصر الإنسان بفتح المنقطة وسكون الصاد
عليه وسلّم حِينَ أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمُوا. فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ مَا هِىَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِى بَكْرٍ. قَالَتْ فَبَعَثْنَا الْبَعِيرَ الَّذِى كُنْتُ عَلَيْهِ، فَأَصَبْنَا الْعِقْدَ تَحْتَهُ
330 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ح
ــ
وسطه و (فخذي) بفتح الفاء وسكون الخاء وكسرها وبكسر الفاء وكسر الخاء وسكونها و (أصبح) أي دخل في الصباح وليس من الأفعال الناقصة التي تحتاج إلى خبر لأنه إذا كان بمعنى الدخول في الوقت تكون تامة وسكت على مرفوعها ولفظ على غير ما متعلق بقام وأصبح على طريقة تنازع العاملين و (فتيمموا) بصيغة الماضي أي فتيمم الناس بعد نزول الآية وهو قوله تعالى: (فلم تجدوا ماء إلى آخرها) أو صيغة الأمر على ما هو لفظ القرآن ذكره بياناً أو بدلاً عن آية التيمم أي أنزل الله تعالى فتيمموا الآية. قوله (أسيد) تصغير أسد (بن حضير) بإهمال الحاء المضمومة وفتح المعجمة وإسكان التحتانية وبالراء وفي بعضها الحضير باللام التعريفية وهو نحو الحادث من الأعلام التي تدخلها لام التعريف جوازاً وهو أبو يحيى الأنصاري الأشهلي الأويسي أحد النقباء ليلة العقبة الثانية مات بالمدينة سنة عشرين وحمل عمر رضي الله عنه جنازته مع من حملها وصلى عليه ودفن بالبقيع. قوله (ما هي) أي ليست هذه البركة أول بركتكم والبركة هي كثرة الخير والآل هو الأهل والعيال والآل أيضاً الأتباع ولا يطلق إلا على أهل بيت الأكابر لا يقال آل الحجام بل يقال آل السلطان وفي بعضها بأل أبي بكر بحذف الهمزة والألف من الآل تخفيفاً. قوله (كنت) أي راكبة عند السير (عليه فأصبنا) أي فوجدنا قال ابن بطال فيه جواز السفر بالنساء والنهي عن إضاعة المال لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقام على تفتيش العقد ليلة وروى أن ثمنه كان اثنى عشر درهماً وفيه شكوى المرأة إلى أبيها وإن كان لها زوج وفيه أن للأب أن يدخل على ابنته وزوجها معها إذا علم أنه في غير خلوة مباشرة وأن له أن يعاتبها في أمر الله وأن يضربها عليه وفيه أنه يعاتب من نسب إلى ذنب أو جريمة كما عاتب أبو بكر ابنته رضي الله عنهما وفيه نسبة الفعل إلى من هو سببه وإن لم يفعله وفيه دليل على أن الوضوء قد كان لازماً لهم قبل ذلك وأنهم لم يكونوا يصلون بغير وضوء قبل نزول آية التيمم وفيه أن الذي طرأ عليهم من العلم في ذلك حكم التيمم لا حكم الوضوء وذلك رفق من الله تعالى بعباده أن أباح لهم التيمم بالصعيد عنه عدم الماء ولذلك قال أسيد ما هي بأول بركتكم. النووي:
قَالَ وَحَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ النَّضْرِ قَالَ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ - هُوَ ابْنُ صُهَيْبٍ الْفَقِيرُ - قَالَ أَخْبَرَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «أُعْطِيتُ خَمْساً لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِى نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِىَ الأَرْضُ مَسْجِداً وَطَهُوراً، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِى أَدْرَكَتْهُ
ــ
وفيه جواز اتخاذ النساء القلائد وفيه الاعتناء بحفظ حقوق المسلمين وأموالهم وإن كانت قليلة وجواز الإقامة بموضع لا ماء فيه وتأديب الرجل ابنته بالقول والفعل والضرب وإن كانت كبيرة ومتزوجة خارجة عن بيته. قوله (محمد بن سنان) بإهمال المكسورة وبخفة النون الأولى العوقي بالمهملة وبالواو المفتوحتين وبالقاف الباهلي البصري مر في أول كتاب العلم تفرد به البخاري و (هشيم) بضم الهاء وفتح المعجمة وسكون التحتانية ابن بشير بفتح الموحدة وكسر المنقطة أبو معاوية الواسطي وكنية بشير أبو خازم بالمعجمة وبالزاي جاء رجل من العراق يذاكر مالكاً بحديث فقال مالك وهل بالعراق رجل يحسن أن يحدث إلا ذاك الواسطي يعني هشيماً وهو أحد أئمة الحديث وقال ابن عون مكث هشيم يصلي الفجر بوضوء العشاء الآخرة قبل أن يموت بعشر سنين مات سنة ثلاث وثمانين ومائة ببغداد. قوله (سعيد بن النضر) بفتح النون وسكون المنقطة أبو عثمان البغدادي مات بآمل جيحون سنة أربع وثلاثين ومائتين وفي بعضها وجد قبله صورة ح إشارة إلى التحويل من إسناد إلى إسناد يعني يروي البخاري عن هشيم بواسطة شيخين. قوله (سيار) بفتح المهملة وتشديد التحتانية وبالراء ابن أبي سيار وردان بفتح الواو وسكون الراء أبو الحكم بفتح الكاف الواسطي مات بواسط سنة اثنتين وعشرين ومائة و (يزيد) من الزيادة (ابن صهيب) مصغراً مخففاً (الفقير) ضد الغني قيل شكا فقار ظهره فقالوا الفقير أبو عثمان الكوفي شيخ الإسلام شيخ أبي حنيفة رضي الله عنه وجابر تقدم في كتاب الوحي. قوله (خمساً) أي خمس خصال و (الرعب) بضم الراء الخوف و (الطهور) بفتح الطاء على اللغة المشهورة. فإن قلت التيمم مبيح للصلاة لا مطهر ولا رافع للحدث. قلت مطهر ما دام عاجزاً عن استعمال الماء. قوله (فأيما رجل) زيدت ما على أي لزيادة التعميم وفي بعضها بعد لفظ رجل من أمتي. قوله (فليصل) أي حيث أدركته الصلاة إذ الأرض كلها مساجد وقيل معناه فليتيمم وليصل
الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِىَ الْمَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِى، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِىُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً»
ــ
ليناسب الأمرين المسجد والطهور و (الغنائم) جمع الغنيمة وهي مال حصل من الكفار بإيجاف خيل وركاب وفي بعضها المغانم الجوهري؛ الغنيمة والمغنم بمعنى واحد. قوله (الشفاعة) وهو سؤال فعل الخير وترك الضر عن الغير على سبيل الضراعة. فإن قلت الشفاعة ثابتة لسائر الأنبياء والأولياء. قلت المراد بها الشفاعة العظمى وهي المراد بالمقام المحمود وهي شفاعة عامة تكون في أهل المحشر حين يفزع الخلائق إليه صلى الله عليه وسلم. النووي: الشفاعة خمسة أقسام أولها مختصة بنبينا صلى الله عليه وسلم وهي الإراحة من هول الموقف وطول الوقوف والثانية في إدخال قوم الجنة بغير حساب والثالثة الشفاعة لقوم استوجبوا النار والرابعة فيمن دخل النار من المذنبين والخامسة الشفاعة في زيادة الدرجات في الجنة لأهلها. قوله (عامة) أي لقومه وغيره من العرب والعجم والأسود والأحمر قال تعالى: (وما أرسلناك إلا كافة للناس) قال ابن بطال: فيه دليل على أن الحجة تلزم بالخير كما تلزم بالمشاهدة وذلك أن المعجزة باقية مساعدة للخير مبينة له رافعة لما يخشى من آفات الأخبار وهي القرآن الباقي وخص الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم ببقاء معجزته لبقاء دعوته ووجوب قبولها على من بلغته إلى آخر الزمان وفيه ما خصه الله به من الشفاعة وهو أنه لا يشفع في أحد يوم القيامة إلا شفع فيه كما ورد قل يسمع اشفع تشفع ولم يعط ذلك من قبله من الأنبياء وأما الأرض فالذي خص به منها أنها جعلت طهوراً بالتيمم ولم يكن ذلك للأنبياء قبله وأما كونها مسجداً فلم يأت في أثر أنها منعت من غيره وكان عيسى عليه السلام يسبح في الأرض ويصلي حيث أدركته الصلاة فكأنه قال جعلت لي مسجداً وطهوراً وجعلت لغيري مسجداً ولم تجعل له طهوراً وفيه حيث قال فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل يعني يتيمم ويصلي دليل على تيمم الحضري إذا عدم الماء وخاف فوت الصلاة وعلى أنه لا يشترط التراب إذ قد تدركه في موضع من الأرض لا تراب عليها بل رمل أو جص أو غيرها النووي: احتج به أبو حنيفة ومالك في جواز التيمم بجميع أجزاء الأرض واحتج الشافعي وأحمد بالرواية الأخرى وهي وجعلت تربتها لنا طهوراً في أنه لا يجوز إلا بالتراب خاصةً وحملا ذلك المطلق على هذا المقيد وقال معنى جعلت مسجداً أن من كان قبلنا إنما أبيح لهم الصلوات في مواضع مخصوصة كالبيع والكنائس وقيل الذين كانوا قبلنا كانوا لا يصلون إلا فيما تيقنوا طهارته من الأرض وخصصنا نحن