الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَقُلْتُ لِشَقِيقٍ فَإِنَّمَا كَرِهَ عَبْدُ اللَّهِ لِهَذَا قَالَ نَعَمْ.
باب التيمم ضربة
341 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ قَالَ كُنْتُ جَالِساً مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ فَقَالَ
ــ
أن يقال لو رخصنا لهم في ذلك لكان إذا وجد أحدهم البرد تيمم. قلت الجهة الجامعة بينهما اشتراكهما في عدم القدرة على استعمال الماء لأن عدم القدرة إما بفقد الماء أو بتعذر الاستعمال. قوله (فقلت) أي قال الأعمش قلت لشقيق و (لهذا) أي لأجل هذا المعنى وهو احتمال أن يتيمم المتبرد. فإن قلت الواو لا تدخل بين القول ومقوله فلم قال فإنما كره. قلت هو إنما عطف على سائر مقولاته المقدرة أي قلت كذا وكذا أيضاً وفي الباب جواز المناظرة وجواز الانتقال فيها من حجة إلى حجة وجواز الاجتهاد. الخطابي: هذه مناظرة والظاهرة منها يأتي على إهمال حكم الآية وأي عذر لمن ترك العمل بهذه الآية من أجل أن بعض الناس عساه يستعملها على غير وجهها وفي غير حينها وما الوجه فيما ذهب إليه عبد الله من إبطال هذه الرخصة مع ما فيه من إسقاط الصلاة عمن هو مخاطب بها ومأمور بإقامتها فالجواب أن عبد الله لم يذهب هذا المذهب الذي ظنه هذا القائل وإنما كان تأول الملامسة المذكورة في الآية على معنى غير الجماع إذ لو أراد الجماع لكان فيه مخالفة الآية صريحاً وذلك مما لا يجوز من مثله في علمه وفقهه وقد حصل من هذه القصة أن رأى عمر وعبد الله انتقاض الطهارة بملامسة البشرتين وأن عماراً حين رأى التراب بدلاً عن الماء استعمله في جميع ما يأتي عليه الماء. قال ابن بطال: فيه جواز التيمم للخائف من البرد وأجمعوا على أن المسافر إذا كان معه ماء وخاف العطش تيمم وعلى أن الجنب يتيمم إلا ما ذكر عن عمرو ابن مسعود أنهما لا يجيزان التيمم للجنب لقوله تعالى: (وإن كنتم جنباً فاطهروا) ولقوله: (ولا جنباً إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) ولما كان من رأيهما أن الملامسة هي ما دون الجماع وأن التيمم بدل من الوضوء لا من الغسل. قال وفيه الانتقال في الحجاج مما فيه الخلاف إلى ما عليه الاتفاق وذلك جائز للمتناظرين عند تعجيل القطع والإفحام للخصم كما في محاجة إبراهيم عليه السلام ونمروذ. (باب التيمم ضربة) بالنصب وفي بعضها بالرفع قوله (محمد) أي ابن سلام بتخفيف اللام البيكندي و (أبو معاوية) أي الضرير محمد بن حازم مر في
لَهُ أَبُو مُوسَى لَوْ أَنَّ رَجُلاً أَجْنَبَ، فَلَمْ يَجِدِ الْمَاءَ شَهْرًا، أَمَا كَانَ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّى فَكَيْفَ تَصْنَعُونَ بِهَذِهِ الآيَةِ فِى سُورَةِ الْمَائِدَةِ (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ رُخِّصَ لَهُمْ فِى هَذَا لأَوْشَكُوا إِذَا بَرَدَ عَلَيْهِمُ الْمَاءُ أَنْ يَتَيَمَّمُوا الصَّعِيدَ. قُلْتُ وَإِنَّمَا كَرِهْتُمْ هَذَا لِذَا قَالَ نَعَمْ. فَقَالَ أَبُو مُوسَى أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ عَمَّارٍ لِعُمَرَ بَعَثَنِى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى حَاجَةٍ فَأَجْنَبْتُ، فَلَمْ أَجِدِ الْمَاءَ، فَتَمَرَّغْتُ فِى الصَّعِيدِ كَمَا تَمَرَّغُ الدَّابَّةُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَصْنَعَ هَكَذَا» . فَضَرَبَ بِكَفِّهِ ضَرْبَةً عَلَى
ــ
باب المسلم من سلم المسلمون. قوله (أما كان) الهمزة فيه إما مقحمة وإما للتقرير وإما نافية على أصلها وعلى التقريرين الأولين وقع جواباً للو أما على تقدير الإقحام فإن وجوده كعدمه وأما على التقرير فلأنه لم يبق على معنى الاستفهام الذي هو المانع من وقوعه جزاء للشرط والقول مقدر قبل لو وحاصله يقولون لو أجنب رجل ما يتيمم فكيف تصنعون وعلى التقدير الثالث وقع جواباً للو بتقدير القول أي لو أجنب رجل يقال في حقه أما يتيمم ويحتمل أن يكون جواب لو هو فكيف تصنعون. قوله (سورة المائدة) إنما خصص بالمائدة وإن كانت مذكورة وفي سورة النساء أيضاً لأن تناولها للجنب أظهر لتقدم حكم الوضوء فيها أو لأنها آخر السور نزولاً. قوله (قلت) هو مقول شقيق و (هذا) أي تيمم الجنب و (ذا) أي احتمال تيمم صاحب البرد و (تمرغ) بضم الغين أي تتمرغ فحذف إحدى التاءين ومعناه يتقلب قوله (ضربة) اعلم أن هذه الكيفية مشكلة من جهات أولاً بما ثبت من الطرق الآخر أنه ضربتان. وقال النووي: الأصح المنصوص ضربتان وثانياً من جهة الاكتفاء بمسح ظهر كف واحدة وبالاتفاق مسح كلا ظهري الكفين واجب ولم يجوز أحد الاجتزاء بأحدهما وثالثاً من حيث أن الكف إذا استعمل ترابه في ظهر الشمال كيف مسح به الوجه وهو
الأَرْضِ ثُمَّ نَفَضَهَا، ثُمَّ مَسَحَ بِهَا ظَهْرَ كَفِّهِ بِشِمَالِهِ، أَوْ ظَهْرَ شِمَالِهِ بِكَفِّهِ، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَفَلَمْ تَرَ عُمَرَ لَمْ يَقْنَعْ بِقَوْلِ عَمَّارٍ وَزَادَ يَعْلَى عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِى مُوسَى فَقَالَ أَبُو مُوسَى أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ عَمَّارٍ لِعُمَرَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَنِى أَنَا وَأَنْتَ فَأَجْنَبْتُ
ــ
صار مستعملاً ورابعاً من جهة أنه لم يمسح الذراعين وخامساً من عدم مراعاة الترتيب وتقديم الكف على الوجه. أقول يحتمل أن يجاب بأنا لا نسلم أن هذا التيمم كان بضربة واحدة لأن الإجماع منعقد على أنه لا يجوز الاكتفاء بمسح أحد ظهري الكف بل لابد من مسح الظهرين اتفاقاً فيجب تقدير ثم ضرب ضربة أخرى ومسح بها يديه فالمذكور من مسح ظهر الكف قبل مسح الوجه ليس من جهة كونه ركناً للتيمم بل كان ذلك أمراً خارجاً عن حقيقة التيمم فعله صلى الله عليه وسلم إما لتخفيف التراب وإما لغيره كفعل النفض رداً لما فعله عمار من تغليظ الأمر حيث تمعك أو بأنا لا نسلم بأنه صلى الله عليه وسلم أراد به بيان التيمم بجميع أركانه وشرائطه بل المراد ما كان هذا إلا صورة الضرب للتعليم وتخفيف الأمر عليه أو بأنا نمنع المقدمات من إيجاب الضربتين إذ الواجب هو إيصال التراب فقط سواء كان بضربة أو بضربتين أو بضربات وإيجاب مسح الذراعين ولهذا قالوا مسح الكفين أصح في الرواية ومسح الذراعين أشبه بالأصول ومن إيجاب الترتيب كما هو مذهب الحنفية ومن استعمال التراب مع احتمال أن يقال أنه ما صار مستعملاً بأن يكون الكف للجنس حتى يتناول الكفين فمسح بأحد الكفين ظهر الشمال ثم دلك الكف المستعملة على غير المستعملة ثم مسح بهما وجهه وأما الجواب عن مسح واحدة الظهرين فهو أن يحمل أو الفاصلة على الواو الواصلة جمعاً بين الدلائل هذا آخر غاية وسعنا في تقريره ولعل عند غيرنا خيراً منه. قوله (يعلى) بفتح المثناة وسكون المهملة وفتح اللام ابن عبيد بن يوسف الطنافسي الحنفي الكوفي مات سنة سبع ومائتين. قال أبو سعيد الرازي: ما رأيت يعلى ضاحكاً قط وهذا إما داخل تحت إسناد محمد بن سلام وإما تعليق من البخاري مع احتمال سماع البخاري منه لأنه أدرك عصره. قوله (بعثني) أنا وأنت. فإن قلت أنا ضمير المرفوع فكيف وقع تأكيداً للمنصوب ثم المعطوف في حكم المعطوف عليه وهو أيضاً تأكيد له فكان القياس أن