الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
باب مَنِ اغْتَسَلَ عُرْيَاناً وَحْدَهُ فِى الْخَلْوَةِ، وَمَنْ تَسَتَّرَ فَالتَّسَتُّرُ أَفْضَلُ
.
وَقَالَ بَهْزٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم «اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنَ النَّاسِ» .
276 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً، يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، وَكَانَ مُوسَى
ــ
الترتيب فلا يلزم تقديم الأيمن. قلت لفظ الأخرى دالة على أن لها أولى وهي متأخرة عنها. فإن قلت حاصله بعد تسليم المقدمات تقديم الأيمن من الشخص لا من الرأس الذي هو مدلول الترجمة. قلت المراد من أيمن الشخص أيمنه من رأسه إلى قدمه فيدل على الترجمة ولله در البخاري وحسن تعقلاته ودقة استنباطه. (باب من اغتسل عرياناً وحده في الخلوة) أي عن الناس وهذا تأكيد لقوله وحده وهما لفظان بحسب المعنى متلازمان قال العلماء كشف العورة في حال الخلوة بحيث لا يراه آدمي إن كان لحاجة جاز وإن كان لغير حاجة ففيه خلاف في كراهته وتحريمه والأصح عند الشافعي أنه حرام. قوله (بهز) بفتح الموحدة وسكون الهاء وبالزاي ابن حكيم بفتح المهملة وكسر الكاف ابن معاوية القشيري بضم القاف وفتح المعجمة البصري قال الحاكم أبو عبد الله بهز كان من الثقات ممن يجمع حديثه وإنما سقط من الصحيح روايته عن أبيه عن جده لاماً شاذة ولا متابع له فيها وقال الخطيب حدث عنه الزهري ومحمد بن عبد الله الأنصاري وبين وفاتيهما إحدى وتسعون سنة وحكيم تابعي ثقة ومعاوية قال صاحب الكمال أنه صحابي وظاهر لفظ البخاري أيضاً مشعر بذلك. قوله (من الناس) متعلق بقوله أحق وفي بعضها بدل أن يستحيا منه أن يستتر منه وهذا تعليق من البخاري. قوله (اسحق ابن نصر) بفتح النون وسكون المهملة السعدي البخاري وقد يذكره تارةً في هذا الصحيح بالنسبة إلى أبيه بأن يقول إسحق بن إبراهيم بن نصر وتارة بالنسبة إلى جده أي نصر مر ذكره في باب فصل من علم وعلم و (عبد الرزاق) أي الصنعاني و (معمر) بفتح الميمين و (همام) بفتح الهاء وشدة الميم (ومنبه) بكسر الموحدة تقدموا في باب حسن إسلام المرء. قوله (بنو إسرائيل) أي بنو يعقوب النبي صلوات
يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ، فَقَالُوا وَاللَّهِ مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إِلَاّ أَنَّهُ آدَرُ، فَذَهَبَ مَرَّةً يَغْتَسِلُ، فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ، فَفَرَّ الْحَجَرُ بِثَوْبِهِ، فَخَرَجَ مُوسَى فِى إِثْرِهِ يَقُولُ ثَوْبِى يَا حَجَرُ. حَتَّى نَظَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى مُوسَى، فَقَالُوا وَاللَّهِ مَا بِمُوسَى مِنْ بَاسٍ. وَأَخَذَ ثَوْبَهُ، فَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْباً». فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَنَدَبٌ بِالْحَجَرِ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ ضَرْباً بِالْحَجَرِ
277 -
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم
ــ
الله وسلامه عليه ولفظ بنو هو جمع السلامة لكنه على خلاف القياس لوقوع التغير في مفرده. فإن قلت فلم أنت الفعل المسند إليه. قلت عند من قال حكم ظاهر الجمع مطلقاً حكم ظاهر غير الحقيقي فلا إشكال وأما من قال كل جمع مؤنث إلا جمع السلامة المذكر فتأنيثه أيضاً عنده على خلاف القياس أو باعتبار القبيلة ويحتمل أن النظر كان سائغاً في شرعهم وكان موسى يختار الخلوة تنزهاً واستحباباً وحياء ومروءة أو أنه كان حراماً في شرعهم أيضاً وكانوا يتساهلون فيه. قوله (إلا أنه آدر) استثناء مفرغ والمستثنى منه مقدر وهو لأمر من الأمور وآدر بمد الهمزة وفتح المهملة أفعل الصفة ومعناه عظيم الخصيتين منتفخهما. قوله (فخرج) وفي بعضها فجمح بتخفيف الميم أي أسرع وجرى أشد الجري و (في إثره) بكسر الهمزة وفي بعضها بفتحها وفتح المثلثة أيضاً و (ثوبي) مفعول فعل محذوف نحو رد أو أعطني و (من بأس) هو اسم كان ومن فيه زائدة (وطفق) بكسر الفاء وفتحها لغتان و (الحجر) منصوب بفعل مقدر وهو يضرب أي طفق يضرب الحجر ضرباً وفي بعضها بالحجر بزيادة الباء ومعناه جعل ملتزماً بذلك يضربه ضرباً. قوله (قال أبو هريرة) هو إما تعليق من البخاري وإما من تتمة مقول همام فيكون مسنداً. قوله (لندب) بالنون وبالمهملة المفتوحتين وهو الأثر و (ستة) أي ستة آثار وهو مرفوع بالبدلية أو نصوب على التمييز وكذلك ضرباً تمييز وستجيء هذه القصة في كتاب الأنبياء. قال النووي: يجوز أن يكون أراد موسى بضرب الحجر إظهار معجزة لقومه بأثر الضرب في الحجر أو أنه أوحى إليه أن اضربه لإظهار الإعجاز ومشى الحجر إلى بني إسرائيل بالثوب أيضاً معجزة أخرى لموسى عليه السلام وفيه ما ابتلى به الأنبياء من أذمي الجهال وصبرهم عليها وفيه أنهم منزهون عن النقائص في الخلق والخلق وعن كل ما ينفر القلوب قال ابن بطال: في حديث موسى وأيوب عليهما السلام
قَالَ «بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَاناً فَخَرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ أَيُّوبُ يَحْتَثِى فِى ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ يَا أَيُّوبُ، أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى قَالَ بَلَى وَعِزَّتِكَ
ــ
دليل على أن إباحة التعري في الخلوة للغسل وغيره بحيث يأمن أعين الناس لأنهما من الذين أمرنا الله أن نقتدي بهداهم ألا ترى أن الله عاتب أيوب على جمع الجراد ولم يعاتبه على اغتساله عرياناً ولو كلف الله سبحانه وتعالى عباده الاستئثار في الخلوة لكان في ذلك حرج على العباد إلا أنه من الآداب وفي الأول دليل على جواز النظر إلى العورة عند الضرورة الداعية إليه من مداواة أو براءة من العيوب أو إثباتها كالبرص وغيره مما يتحاكم الناس فيها مما لابد يها من رؤية أهل البصر بها وفيه التعزير على من يعقل ومن لا يعقل كما جرى من موسى عليه السلام ي ضربه الحجر وإذا أكن أن يمشي بثوبه أمكن أن يخشى الضرب أيضاً وفيه جواز الحلف على الأخبار لحلف أبي هريرة وفي الثاني دليل على جواز الحرص على المال الحلال ولفضل الغنى لأنه سماه بركة تم كلامه. فإن قلت ما موضع الدلالة على الترجمة، قلت اغتسال موسى وحده عرياناً وهذا مبني على أن شرع من قبلنا شرع لنا. قوله (وعن أبي هريرة) هذا تعليق، فإن قلت لم قال أولا قال أبو هريرة وثانياً عن أبي هريرة. قلت إشارة إلى أن الأول تعليق بصيغة التصحيح لما فيه من الجزم والثاني تعليق بصيغة التمريض. قوله (أيوب) أي النبي المبتلى الصابر من ولد روم بضم الراء ابن العيص بكسر المهملة وسكون التحتانية وبالمهملة ابن اسحق بن إبراهيم صلوات الله وسلامه عليهم وكان عمره ثلاثاً وستين سنة ومدة بلائه سبع سنين وهو مبتدأ (ويغتسل) خبره والجملة في محل الجر بإضافة بين إليه وأصل بينا بين زيدت الألف لإشباع الفتحة والعامل فيه خبر. فإن قلت ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبله لأن فيه معنى الجزائية إذ بين متضمنة للشرط. قلت لا نسلم عدم عمله سيما في الظرف إذ فيه توسع أو العامل فيه خبر مقدر والمذكور مفسر له فإن قلت المشهور وجود إذ وإذا في جوابه. قلت كما أن إذا يقوم مقام الفاء في جزاء الشرط نحو قوله تعالى (وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون) تقوم الفاء مقام إذا في جواب بين فبينهما مقارنة. قوله (جراد) هو مما يفرق بين الجنس والواحد بالتاء نحو تمر وتمرة وفي بعض الروايات رجل جراد وسيجيء في كتاب الأنبياء إن شاء الله تعالى، قوله (يحنثي) من باب الافتعال بالحاء المهملة وبالمثلثة أي يرمي و (يلي) أي أغنيتني ولو قيل في مثل هذه المواضع بدل بلى نعم لا يجوز بل يكون ذلك كفراً فإن قلت الفقهاء لم يفرقوا بين بلى ونعم في الأقارير، قلت لأن الأقارير مبناها على العرف