الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ كَانَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِىُّ يُشَدِّدُ فِى الْبَوْلِ وَيَقُولُ إِنَّ بَنِى إِسْرَائِيلَ كَانَ إِذَا أَصَابَ ثَوْبَ أَحَدِهِمْ قَرَضَهُ. فَقَالَ حُذَيْفَةُ لَيْتَهُ أَمْسَكَ، أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِماً.
باب غسل الدم
227 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَتْنِى فَاطِمَةُ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ جَاءَتِ امْرَأَةٌ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ أَرَأَيْتَ إِحْدَانَا تَحِيضُ فِى الثَّوْبِ كَيْفَ تَصْنَعُ قَالَ «تَحُتُّهُ، ثُمَّ تَقْرُصُهُ
ــ
عرعرة) بفتح المهملتين وبالبراء المكررة تقدم في باب خوف المؤمن أن يحبط عمله و (أبو موسى) في باب أي الإسلام أفضل. قوله (يشدد) أي كان يحتاط عظيما في الاحتراز عن رشاشاته حتى كان يبول في القارورة و (بنو إسرائيل) بنو يعقوب وإسرائيل لقب يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل صلوات الله عليهم. فإن قلت بنو جمع فلم أفرد ضمير كان الراجع إليه. قلت أن فيه ضمير الشأن والجملة الشرطية خبر هو فاعل أصاب ضمير البول (وقرضه) بالضاد المعجمة أي قطعه ومنه المقراض قوله (ليته) أي ليت أبا موسى أمسك نفسه عن هذا التشديد أو لسانه عن هذا القول أو كليهما عن كليهما ومقصوده أن هذا التشديد خلاف السنة فان النبي صلى الله عليه وسلم بال قائما ولاشك في كون القائم معرضا للرشاش ولم يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا الاحتمال ولم يتكلف البول في القارورة. قال ابن بطال هو حجة لمن رخص في يسير البول لأن المعهود ممن بال قائما أن يتطاير إليه مثل رؤوس الإبر وفيه يسر وسماحة على هذه الأمة حيث لم يوجب القرض كما أوجب على بني إسرائيل واختلفوا في مقدار رؤوس الإبر فقال مالك يغسلها استحسانا وتنزها وقال الشافعي يغسلها وجوبا وأبو حنيفة سهل فيها كما في يسير كل النجاسات وقال الثوري كانوا يرخصون في القليل من البول (باب غسل الدم) قوله (محمد بن المثني) بفتح النون أي المعروف بالزمن و (يحيى) أي القطان و (هشام) أي ابن عروة بن الزبير وتقدموا في باب أحب الدين إلى الله أدومه و (فاطمة) أي
بِالْمَاءِ، وَتَنْضَحُهُ وَتُصَلِّى فِيهِ»
228 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا هِشَامُ
ــ
بنت المنذر بن الزبير زوجة هشام المذكور تروي عن جدتها أم أبيها أسماء المشهورة بذات النطاقين بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهم تقدمتا في باب من أجاب الفتيا بإشارة اليد. قوله (أرأيت) أي أخبرني قاله الزمخشري وفيه تجوزان إطلاق الرؤية وإرادة الإخبار لأن الرؤية سبب الإخبار وجعل الاستفهام بمعنى الأمر بجامع الطلب (وكيف تصنع) متعلق بالاستخبار. قوله (تحيض في الثوب) أي يصل دم الحيض إلى الثوب و (تحته) بضم الحاء المهملة مشتق من الحت وهو الحك (وتقرصه) بضم الراء وبالصاد المهملة من القرص وهو القطع بالظفر أو بالأصابع وفي بعضها تقرصه بالراء المشددة المكسورة. الجوهري: وفي الحديث أن امرأة سألته صلى الله عليه وسلم عن دم الحيض فقال اقرصيه أي اغسليه بأطراف أصابعك يقال التقريص التقطيع وقرصه أي قطعه (وتنضحه) بكسر الضاد قال صاحب النهاية القرص الدلك بأطراف الأصابع والأظفار مع صب الماء عليه حتى يذهب أثره والنضح الرش وقد يستعمل في الصب شيئا فشيئا وهو المراد به ههنا. الخطابى: تحته يريد المتجمد من الدم ليتحات وينقطع عن وجه الثوب ثم تقرصه وهو أن تقبض عليه بأصابعها ثم تغمزه غمزا جيدا وتدلكه حتى ينحل ما يبس به من الدم (ثم تنضحه بالماء) أي تصبه عليه والنضح ههنا بمعنى الغسل. قال وفي الحديث دليل على أن النجاسات إنما تزال بالماء دون غيره من المائعات إذ سائر النجاسات بمثابة الدم لا فرق بينهما إجماعا وإنما أمر بحكه لينقلع منه المستجسد اللاصق الثوب ثم إتباع الماء ليزيل الأثر أي الأول لإزالة العين والثاني لإزالة الأثر. قال ابن بطال: حديث أسماء أصل عند العلماء في غسل النجاسات من الثياب ومعنى تحته تفركه ومعنى تقرصه تقطعه بالماء وهذا الحديث محمول عندهم على الدم الكثير لأن الله تعالى شرط في نجاسته أن يكون دما مسفوحا وكني به عن الكثير الجاري إلا أن الفقهاء اختلفوا في مقدار ما يتجاوز عنه من الدم فاعتبر الكوفيون فيه وفي سائر النجاسات دون الدرهم في الفرق بين قليله وكثبره. وقال مالك قليل الدم معفو عنه ويغسل قليل سائر النجاسات ورى عنه ابن وهب أن قليل دم الحيض ككثيره وكسائر الأنجاس بخلاف سائر الدماء والحجة في أن اليسير من دم الحيض كالكثير. قول الرسول صلى الله عليه وسلم لأسماء حتيه ثم اقرصيه حيث لم يفرق بين قليله وكثيره ولا سألها عن مقداره ولم يحد فيه مقدار الدرهم ولا دونه ووجه الرواية الأخرى أن قليل الدم معفو عنه هو أن قليله موضع ضرورة لان الإنسان لا يخلو في غالب حاله من بثرة أو دمل أو برغوث فعفي عنه ولهذا حرم الله المسفوح منه فدل أن غيره
ابْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ جَاءَتْ فَاطِمَةُ ابْنَةُ أَبِى حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «لَا، إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَيْسَ بِحَيْضٍ
ــ
ليس بمحرم ولم يقيد في سائر النجاسات بأن تكون مسفوحة وعند الشافعي أن يسير الدم يغسل كسائر النجاسات إلا دم البراغيث فإنه لا يمكن التحرز منه وكان أبو هريرة لا يرى بالقطرة والقطرتين بأسا في الصلاة وعصر ابن عمر بثرة فخرج منها دم فمسحه بيده وصلى أقول عند الشافعي ليس المستثنى منحصرا في دم البراغيث بل قليل دم القرح والقمل والفصد ونحوه كذلك ثم عبارته مشعرة بان الخطاب في حتيه لأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما رواية هذا الحديث وليس كذلك إلا أن يريد به أسماء بنت شكل بالشين المنقطة والكاف المفتوحتين أو أسماء بنت يزيد التي يقال لها خطيبة النساء إن ثبت أن السائلة إحداهما على ما عليه بعض أصحاب الحديث والله اعلم. قوله (محمد) أي ابن سلام البيكندي بتخفيف اللام تقدم في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم انا اعلمكم بالله و (أبو معاوية) أي الضرير مر في باب ما جاء في غسل البول بالاسم وهو محمد بن خازم وذكره ههنا بالكنية رعاية للفظ الشيوخ و (هشام) هو أبو المنذر بن عروة روى عن أبيه عروة بن الزبير الراوي عن خالته عائشة الصديقة رضي الله عنها تقدموا في كتاب الوحي. قوله (بنت أبي حييش) بضم المهملة وفتح الموحدة وسكون التحتانية وبالشين المنقطة القرشية الأسدية. قوله (أستحاض) بضم الهمزة. الجوهري: استحيضت المرأة أي استمر بها الدم بعد أيامها فهي مستحاضة والاستحاضة هي جريان الدم من فرج المرأة في غير أواته ويخرج من عرق يقال له العاذل بالعين المهملة وبالذال المعجمة المكسورة بخلاف دم الحيض فإنه يخرج من قعر الرحم. فإن قلت ما موقع أن في أنى أستحاض ولا تستعمل هي إلا عند إنكار المخاطب لمدخوله أو التردد فيه وما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنكار لاستحاضتها ولا تردد فيها. قلت قد يذكر أيضا لتحقيق نفس القضية إذا كانت بعيدة الوقوع نادرة الوجود وههنا كذلك قوله (أفأدع) أي أفأترك. فإن قلت الهمزة تقتضي عدم المسبوقية بالغير والقاء تقتضي المسبوقية فكيف يجتمعان. قلت هو عطف على مقدر أي أيكون لي حكم الحائض فأدع الصلاة أو الهمزة مقحمة أو توسطها جائز بين المعطوفين إذا كان عطف الجملة على الجملة لعدم انسحاب حكم الأول على الثاني أو الهمزة ليست باقية على استفهاميتها
فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِى الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِى عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّى»
ــ
لأنها للتقرير هنا فلا تقتضي الصدارة. قوله (لا) أي لا تدعي الصلاة و (ذلك) بكسر الكاف و (عرق) هو بكسر العين هو إشارة إلى المسمى بالعاذل. قوله (حيضتك) يجوز فيه كسر الحاء وفتحها وفيه نهي عن الصلاة في زمن الحيض وهو نهي تحريم ويقتضي فساد الصلاة هنا بإجماع المسلمين. قوله (أدبرت) المراد بالإدبار انقطاع دم الحيض وعلامة انقطاعه انقطاع خروج الدم والصفرة والكدرة سواء خرجت رطوبة بيضاء أو لم يخرج شيء أصلا وإذا انقطع وجب عليها أن تغتسل في الحال لأول صلاة تدركها وقال مالك في رواية أنها تستطهر بالإمساك عن الصلاة ونحوها ثلاثة أيام بعد عادتها. قال القاضي البيضاوي يحتمل أن يكون المراد به الحالة التي كانت تحيض فيها فيكون ردا إلى العادة أو الحالة التي تكون للحيض من قوة الدم في اللون والقوام فيكون ردا إلى التمييز وقال إنما معنى ذلك عرق أنه دم عرق انشق وليس بحيض فإنه دم تميزه القوة المولدة هيأه الله من أجل الجنين ويدفعه إلى الرحم في بحار مخصوصة فيجتمع فيه ولذلك سمي حيضا من قولهم استحيض الماء إذا اجتمع فإذا كثر وامتلأ الرحم ولم يكن فيه جنين أو كان أكثر مما يحتمله ينصب منه. قوله (فاغسلي) فان قلت أهذا أمر بغسل الدم فقط أو هو كناية عن الغسل المشروع للحيض. قلت الظاهر الأول وأما وجوب الغسل فمستفاد من موضع أخر وذلك يختلف باختلاف أحوال المستحاضات وأحكامها مبسوطة في الكتب الفقهيات وفي الحديث الأمر بإزالة النجاسة وأن الدم نجس وأن الصلاة تجب بمجرد انقضاء الحيض وفيه أن إزالة النجاسة لا يشترط فيها العدد يكفي فيها الإنقاء. الخطابي: احتج بالحديث بعض فقهاء أهل العراق في إيجاب الوضوء من خروج الدم من غير السبيلين فزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم علل نقص الطهارة بخروج الدم من العرق وكل دم برز من البدن فإنما يبرز عن عرق لان العروق هي مجاري الدم من الجسد. قال قلت وليس معنى الحديث ما ذهب إليه وليس مراد الرسول صلى الله عليه وسلم من ذلك ما توهمه وإنما أراد أن هذه العلة إنما حدثت بها من تصدع العرق وتصدع العرق علة معروفة عند الأطباء يحدث ذلك عن غلبة الدم فتتصدع العروق إذا امتلأت تلك الأوعية وإنما أشار صلى الله عليه وسلم بهذا القول إلى فرق مابين الحيض والاستحاضة فإن الحيض خروجه مصحة للبدن لأنه يجري مجرى خروج سائر الأثقال من البول والغائط التي تستغني عنها الطبيعة فيجد له البدن خفة وأن الاستحاضة مسقمة كسائر العلل التي يخاف معها الهلاك والتلف وفيه أنها كانت تميز دم الاستحاضة من