الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
13 - باب الْمُكْثِرُونَ هُمُ الْمُقِلُّونَ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلَاّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
6443 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِى ذَرٍّ - رضى الله عنه - قَالَ خَرَجْتُ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِى فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْشِى وَحْدَهُ، وَلَيْسَ مَعَهُ إِنْسَانٌ - قَالَ - فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَكْرَهُ أَنْ يَمْشِىَ مَعَهُ أَحَدٌ - قَالَ - فَجَعَلْتُ أَمْشِى فِي ظِلِّ الْقَمَرِ فَالْتَفَتَ فَرَآنِى فَقَالَ «مَنْ هَذَا» . قُلْتُ أَبُو ذَرٍّ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ «يَا أَبَا ذَرٍّ تَعَالَهْ» . قَالَ فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً فَقَالَ «إِنَّ الْمُكْثِرِينَ هُمُ الْمُقِلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلَاّ مَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ خَيْرًا، فَنَفَحَ فِيهِ يَمِينَهُ وَشِمَالَهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ وَوَرَاءَهُ، وَعَمِلَ فِيهِ خَيْرًا» . قَالَ فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً فَقَالَ لِى «اجْلِسْ هَا هُنَا» . قَالَ فَأَجْلَسَنِى فِي قَاعٍ حَوْلَهُ حِجَارَةٌ فَقَالَ لِى «اجْلِسْ هَا هُنَا حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ» . قَالَ فَانْطَلَقَ فِي الْحَرَّةِ حَتَّى لَا أَرَاهُ فَلَبِثَ عَنِّى فَأَطَالَ اللُّبْثَ، ثُمَّ إِنِّى سَمِعْتُهُ
ــ
باب المكثرون هم المقلون
استدل عليه بقوله تعالى: ({مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ} [هود: 15]).
فإن قلت: هذه الآية في حق الكفار. قلت: ولكن إنما لم يكن للكافر خلاق في الآخرة لإيثاره الدنيا فكذلك نقصان المؤمن بقدر ميله إلى الدنيا.
ثم روى حديث أبي ذرٍ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: (المكثرون هم المقلون يوم القيامة إلا من أعطاه الله خيرًا) أي: مالًا كثير (فنفخ فيه يمينه وشماله وبين يديه) بالحاء المهملة من النفخ وهو العطاء وذكر اليمين والشمال والخلف والقدام مجاز عن جهات الخير.
6443 -
(قتيبة) بضم القاف مصغر، وكذلك (رُفيع) (في ظل القمر) أي: موضع لم يكن فيه قمر (فداءك) بكسر الكاف مع المدِّ والفتح مع القصر. أصله في فكاك الأسير في أمثال هذه المواضع يريد أن تكون نفسه فداءً له من كلِّ سوء (فأجلسني في قاع) أي: مكان مستورٍ (فانطلق في الحرّة) أي: حرَّة المدينة وهي في الأصل كلّ أرض ذات حجارة سود
وَهْوَ مُقْبِلٌ وَهْوَ يَقُولُ «وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى» . قَالَ فَلَمَّا جَاءَ لَمْ أَصْبِرْ حَتَّى قُلْتُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاءَكَ مَنْ تُكَلِّمُ فِي جَانِبِ الْحَرَّةِ مَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَرْجِعُ إِلَيْكَ شَيْئًا. قَالَ «ذَلِكَ جِبْرِيلُ عليه السلام عَرَضَ لِى فِي جَانِبِ الْحَرَّةِ، قَالَ بَشِّرْ أُمَّتَكَ أَنَّهُ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، قُلْتُ يَا جِبْرِيلُ وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى قَالَ نَعَمْ. قَالَ قُلْتُ وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى قَالَ نَعَمْ، وَإِنْ شَرِبَ الْخَمْرَ» . قَالَ النَّضْرُ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ وَحَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِى ثَابِتٍ وَالأَعْمَشُ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ بِهَذَا. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَدِيثُ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ مُرْسَلٌ، لَا يَصِحُّ، إِنَّمَا أَرَدْنَا لِلْمَعْرِفَةِ، وَالصَّحِيحُ حَدِيثُ أَبِى ذَرٍّ. قِيلَ لأَبِى عَبْدِ اللَّهِ حَدِيثُ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ قَالَ مُرْسَلٌ أَيْضًا لَا يَصِحُّ، وَالصَّحِيحُ حَدِيثُ أَبِى ذَرٍّ. وَقَالَ اضْرِبُوا عَلَى حَدِيثِ أَبِى الدَّرْدَاءِ هَذَا. إِذَا مَاتَ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ. عِنْدَ الْمَوْتِ. طرفه 1237
ــ
(من تُكلِم) بضم التاء وكسر اللام. ويروى "تَكلم" بفتح التاء فعل ماض.
(قال النضر) هو ابن شميل شيخ شيوخ البخاري فالرواية فيه تعليق. قال الإسماعيلي: ليس في رواية النضر عن شعبة ذكر المكثر والمقل والعجب من أبي عبد الله كيف أطلق.
قلت: هذا وهم منه وليس في كلام البخاري إطلاق لأنَّ لفظ "هذا" يدل على القريب وهو ما رواه أبو ذرٍّ مقدِّمًا رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من جانب الحرة فإن حديث المقل والمكثر قد تم عند قوله: "فأجلسني في قاع. فانطلق في الحرة" قال البخاري: حديث أبي صالح عن أبي الدرداء مرسل إنما أوردنا للمعرفة ليعلم أنه مرسل. وقال: اضربوا على حديث أبي الدرداء.
فإن قلت: إذا أورده للمعرفة فلِمَ قال: اضربوا عليه؟
قلت: بعدما عرّفهم أنه مرسل خاف أن يظن به الاتصال. هذا وحديث أبي الدرداء رواه النسائي بإسناد صحيح متصلًا. وقال الدارقطني الحديث عن أبي ذر وأبي الدرداء صحيح، هذا إذا قال: لا إله إلا الله أو تاب عند الموت فإنه يدخل الجنة من غير عذاب، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وأمَّا غيره في المشيئة إن شاء الله لكن يدخل الجنة البتة.